المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • اقتصاد ومجتمع
  • 845

د.شلومو سفيرسكي، في مقابلة خاصة مع "المشهد الاسرائيلي": هذا ثمن الاحتلال ومن ثمّ سياسة الحكومة التي تسحب البساط من تحت "دولة الرفاه"

 

كتب فراس خطيب:

 

مصطلح "الفقر" هو شمولي ومتأثر أولاً من "السياسة الإقتصادية" للدولة ، ولذلك تعتبر تأثيراته متشعبة في مجالات عدة. يفرض هذا التشعب حالا فقيرة في كل أرجاء الدولة، فلا يقتصر الفقر على العائلة أو على القوت اليومي أو المدخول، انما على معايير مهمة من شأنها المساهمة في دحر مستوى الحياة عامة الى الوراء. ومن ذلك المنطلق يقرر "مستوى المعيشة". وفي هذه الآونة بالذات نحن نتكلم عن إزدياد حدة الفقر في إسرائيل، لأن الفقر موجود أصلاً منذ عدة أعوام، وتحديداً منذ إندلاع الإنتفاضة الثانية، لكن التصعيد الإقتصادي (السلبي) في الدولة ساهم في إزدياد تلك الحدة، وما من أحد من المتخصصين يبشر خيراً، والسبب واضح، فمنذ العام 2000 وحتى الآن لم يطرأ ولو تحسن بسيط على مجريات الأحداث، وبقيت كما هي.

 

قامت "دائرة الإحصاء المركزية" في اسرائيل،الاسبوع الفائت، بنشر تقريرها السنوي للعام 2003، وكمثله من التقارير كان العرب في إسرائيل الحلقة الأضعف، فقد عرضت حال هذه الأقلية على أنها الأكثر سوءاً في كل المجالات قاطبة وبنسب ليست بسيطة، والحديث جارٍ عن أضعاف ما هو (سيء) مقارنة مع الوسط اليهودي.

 

عندما نتحدث عن تقرير "دائرة الإحصاء المركزية"، وهي المؤسسة المخّولة إسرائيلياً بنشر الإحصاءات، فإننا نتحدث عن إحصاءات تقترب كثيراً الى الحقيقة لكنها ليست الحقيقة كاملة والأسباب واضحة، منها غياب الشمولية الكاملة للمواطنين العرب في اسرائيل، بما معناه أن الإحصاء يتمركز في بلدات تمثل الأقلية العربية من دون الأخذ بعين الإعتبار القرى غير المعترف بها في مناطق النقب وبعض أرجاء الجليل، هذا إضافة الى الأحداث السياسية والإقتصادية اليومية منذ ثلاثة أعوام والتي تشهد تطوراً يومياً في الحالة فالإحصاء الذي يظهر حقيقة العام 2003 لا بد من أنه قد تغير كثيراً منذ ذلك الوقت وحتى هذا الوقت، إذ ان المعاناة الاقتصادية إشتدت حدّة وسوءا في الأشهر القليلة الماضية خاصة بعد التصويت على ميزانية الدولة لهذا العام. كذلك فإن التعامل مع الوسط العربي يتم باعتباره حاويًا لأوساط مختلفة، منهم المسلمون، والمسيحيون، والدروز، ويؤدي هذا التقسيم الى عدم إعتبار العرب كأقلية واحدة على الرغم من تواجد الفئات الثلاث في نفس الخندق الإقتصادي.

 

المعطيات

سنتناول فيما يلي التقرير الذي صدر عن "دائرة الإحصاء المركزية" في إسرائيل، بالإضافة إلى معطيات من تقرير مركز "مساواة"، والذي أخذنا منه بعض التفاصيل التي تحدثت عن سنوات سابقة. تركز تقرير دائرة الإحصاء في مقارنة جدية بين الوسطين العربي واليهودي في الدولة، وما ظهر من معطيات "دائرة الإحصاء المركزية" هو أن أكثر من 70% ممن يشكلون الطبقات الفقيرة إقتصادياً وثقافيا هم من العرب، ولننتبه أن نسبة العرب في إسرائيل هي 18% من مجموع المواطنين.

 

*وفيات الأطفال

تبينت أيضا،ً حسب الإحصاء الرسمي من السنوات 1992 حتى 2002 ، فوارق في غالبية المجالات إن لم تكن جميعها والتي تبدأ من وفيات الإطفال، القوت اليومي، مجال الصحة، التربية والتعليم، التعليم العالي، وتمتد الى الاشتراك في قوى العمل، البطالة، ومخصصات التأمين الوطني. فنسبة وفيات الأطفال كانت في العام 2001 (4.1) طفل لكل ألف عند اليهود، و8.2 طفل من بين كل ألف في الوسط العربي.

سجلت الأقلية العربية في عام 2000 نسبة "وفيات للأطفال" تساوي 8.6 لكل ألف طفل. ، بالمقابل وصلت النسبة الى 4.5 طفل من كل الف في الوسط اليهودي. اما في العام 2002 فقد كانت نسبة الوفيات عند الاطفال العرب تسعة أطفال من بين ألف طفل وفي الوسط االيهوي كانت 4 أطفال لكل طفل، اذ تشير المعطيات الى تحسن الوضع في الوسط اليهودي، بالمقابل إزداد الوضع سوءاً في الوسط العربي، حسبما جاء في تقرير مركز "مساواة".

 

*الأطفال الفقراء

تقع نسبة 54.4% من الأطفال العرب تحت خط الفقر، مقابل 20.4% عند اليهود. فعلى الرغم من خطورة هذه النسبة الا ان القضية حتى الآن لا تحظى بتحليلات مفصلة، وإذا قورنت النسبة بغيرها، فهذا لا يعني ان القضية تعبر عن تفرقة وحسب، لا بل أكثر، فلم يتطرق التقرير الى معطيات من سنوات سابقة والتي كانت أسهل بكثير من الوضع اليوم، ونقصد انه في العام 2002 كان في اسرائيل 556 الف طفل فقير، وهم 28.1% من سكان الدولة، وإذا عدنا الى العام 2001 نجد أن النسبة كانت أقل وهي 26.9%، وبالأرقام 530 الف طفل، بما معناه أن عدد الأطفال الفقراء إزداد في العام 2002 بـ 26 الف طفل. ومنذ أعوام والقضية على حالها، فدائما كانت النسبة (السيئة) مضاعفة عند العرب مما عند الوسط اليهودي.

 

*البطالة والعائلات الفقيرة

46.8% من العرب عاشوا في العام 2002 تحت خط الفقر، بالمقابل كانت هناك نسبة 14.9 % عند اليهود. اما نسبة البطالة عند اليهود كانت 9.1% وعند العرب 10.8 في العام 2001 .

كان عدد العائلات العربية الفقيرة في العام 2002 هو 87300 عائلة، وفي العام 2001 ، 86700. اما بالنسبة للدولة بشكل عام، فقد وصل عدد العائلات الفقيرة داخل إسرائيل الى 318 الف عائلة في العام 2002، و وتشكل العائلات العربية منهم نسبة 27% من العدد الكلي.

فيما يلي رسم بياني يعتمد على معطيات التأمين الوطني ولكن الحقيقة هي أن هذه المعطيات إزدادت في العام 2003 بشكل واضح، نتيجة تقليصات الحكومة من مخصصات التأمين الوطني بالذات.

 

النسبة المئوية للعائلات الفقيرة والاولاد الفقراء بين العرب مقارنة مع اليهود

 

 



الأطفال



العائلات

العام

كل المواطنين

العرب

كل المواطنين

العربية

21.3

41.8

16.4

37.2

1992

22.1

43.9

16.7

35.3

1993

22.8

42.9

18.0

38.5

1994

23.2

40.0

16.8

31.2

1995

21.4

32.6

16.0

28.3

1996

21.8

36.7

16.2

30.3

1997

24.9

50.0

17.8

40.6

1999

25.2

50.0

17.6

42.9

2000

26.9

52.1

17.7

41.3

2001

28.1

57.0

17.7

44.7

2002

 

 

 

*التربية والتعليم

حسب تقرير "دائرة الإحصاء" تظهر الفوارق أيضا في مجال التربية والتعليم واضحة، ففي العام 2001 تعلمت نسبة 90.2% حتى جيل 17 في المجال التعليمي العبري، بالمقابل تعلمت نسبة 68.2% من نفس طبقة الجيل في الوسط العربي. وإذا تناولنا قضية التعليم العالي، تظهر الفوارق بشكل أكبر، فنسبة الحاصلين على لقب أول عند اليهود في العام 2001 كانت 65.8 لكل 1000 مقابل 27.4 لكل الف في الوسط العربي. اما للقب الثاني فالنسة عند اليهودهي 17.8 لكل ألف، وهي أكبر بأكثر من أربعة أضعاف الحاصلين على هذا اللقب من الوسط العربي، 3.7 لكل الف عند الطلاب العرب.

 

 

د. شلومو سفيرسكي لـ "المشهد الإسرائيلي" : هذا ثمن الإحتلال

في تصريح خاص لـ "المشهد الإسرائيلي" قال د. شلومو سفيرسكي، من مركز "ادفا" (معلومات حول المساواة والعدالة الإجتماعية في إسرائيل)، والباحث في شؤون علم الإجتماع، عن المعطيات أعلاه: " ثمة سببان رئيسيان لهذا الوضع، الاول هو المأزق المالي التي تمر به الدول والمتأثر من الإحتلال، فما نشهده اليوم هو ثمن الإحتلال، ثانياً سياسة حكومة إسرائيل الإقتصادية والتي تنهج نهج "اللبرالية الجديدة"، الذي يسحب البساط من تحت أقدام دولة الرفاه. وهذا ما هو واضح جدًا من المعطيات". ويضيف: "انا سأتركز في السنوات الثلاث الاخيرة، فالأزمة المالية التي مرّت وما زالت تمر بها الدولة عامة ضربت الضعفاء أولاً، ومن هم الضعفاء؟، هم الفلسطينيون الذين يعيشون في الداخل، ففي ظل مثل هذه السياسة وعلى مدار سنوات مضت لم تكن ذات مرة خطة "تطوير إقتصادي" في الوسط العربي، ولم تنفق الحكومة على الاقتصاد العربي بشكل جدي، وعاش المواطنون العرب حتى اليوم (بطريقة او بأخرى) من دون الحاجة لهذه المشاريع الإقتصادية، واتكلوا على مستحقات التأمين الوطني، واكتفوا بها، والان قلصت ميزانيات التأمين الوطني بطريقة واضحة، ولان الحال ليست كما كانت، والعرب في اسرائيل كل الوقت إستفادوا من تلك المستحقات، فهناك خسارات، والحديث هنا عن خسارات ذات معنى، وليس العرب فقط إنما اليهود المتدينون أيضا عانوا من هذه الخطط الإقتصادية".

سألنا د. سفيرسكي عن توقعاته للفترة القريبة، فقال: "اعتقد أن الوضع القائم سيكون لوقت طويل لان الخطوات التي اتخذت على يد بنيامين نتنياهو وقبله على يد سيلفان شالوم، هي قرارات طويلة الأمد وهي دائمة وليست لفترة محددة . مثلا، إذا نظرنا الى مستحقات التأمين الوطني، فإن هذه المخصصات قد قلصت، ولا يوجد مجال للتحسين أصلاً. وعليه فالوضع سيزداد سوءا نتيجة هذه السياسة ووضع المسنين سيزداد فقراً أيضا. اي ما معناه، ان تصبح مسناً هذا يعني أن تصبح فقيراً..".

من ناحيته لا يختلف الخبير الإقتصادي، امين فارس، من مركز "مساواة"، مع د. سفيرسكي، إذ قال:

"الصورة المنقولة خطيرة نتيجة الفجوات الآخذة بالإتساع ، والحديث عن هذه الفجوات في إزدياد مستمر، فالإحصاء أظهر قسماً منها، وهناك إتساع للفجوات أيضا في العام 2004، تعود الأسباب الى تخفيض المستحقات للعاطلين عن العمل والشرائح الضعيفة، ومستحقات تأمين الأطفال".

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": الى أي مدى تنقل دائرة الإحصاء الرسمية الصورة الحقيقية؟

 

(*) على صعيد الفقر دائما نحن نشير الى الخلل الموجود في الصورة، لكن عمومًا هناك بعض الإختلالات في نقل الصورة الحقيقية. من ذلك مثلا فيما يختص بالعرب عدم ذكر قضية القرى الصغيرة أو غير المعترف بها. ولكن حتى من دون تلك القطاعات الصغيرة فإن الصورة خطيرة. وهذه الصورة هي وليدة عوامل متراكمة منذ اكثر من خمسين عاماًُ. ويعترف المسؤولون في الحكومة بالفوارق القائمة بين المجتمعين .

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات