تفيد التقارير الاقتصادية الاسرائيلية بأن "انتعاشا طرأ في الآونة الاخيرة على فرع الصناعات التكنولوجية الرفيعة (هاي ـ تك) في اسرائيل". ولعل ابرز الـمؤشرات في هذا السياق هو تزايد كميات الاعلانات التي تنشرها الشركات الاسرائيلية في هذا الفرع في وسائل الاعلام الاسرائيلية، حول حاجتها الى عاملين في هذا الـمجال.
تفيد التقارير الاقتصادية الاسرائيلية بأن "انتعاشا طرأ في الآونة الاخيرة على فرع الصناعات التكنولوجية الرفيعة (هاي ـ تك) في اسرائيل". ولعل ابرز الـمؤشرات في هذا السياق هو تزايد كميات الاعلانات التي تنشرها الشركات الاسرائيلية في هذا الفرع في وسائل الاعلام الاسرائيلية، حول حاجتها الى عاملين في هذا الـمجال. ووفق استطلاع في هذا الـمجال أجرته شركة اسرائيلية تحمل اسم “MIT”، تبين أن طلبات تشغيل عاملين جدد ازدادت في شهر كانون الثاني الاخير وحده بنسبة 35 %، وأنه في شهر شباط ازدادت هذه النسبة بـ 8 %. اضافة الى ذلك، افادت مصادر صحافية اسرائيلية بأن 80 مندوبا لصناديق وشركات عالـمية في فرع الـ"هاي ـ تك" سوف يحضرون خلال شهر آذار الجاري الى اسرائيل بهدف البحث عن فرص جديدة للاستثمار. ويأتي ذلك بعد ان زار اسرائيل رئيس مؤشر "ناسداك"، الذي يجمع شركات الـ"هاي ـ تك" الاكبر في العالـم الـمتداولة اسهمها في البورصات العالـمية. ووفق الـمصادر ذاتها فان رئيس مؤشر "ناسداك" طالب عددا من الشركات الاسرائيلية بطرح اسهمها في البورصة، ضمن مؤشر "ناسداك". وبعد فترة من الركود في الاقتصاد الاسرائيلي عموما، وفي فرع الـهاي ـ تك" خصوصا، عاد هذا الفرع لينتعش مع تزايد الطلب على العاملين. وافادت صحيفة "هآرتس" بأن الطلب لا ينحصر على العاملين القدامى وذوي الخبرة وانما على الخريجين الجدد ايضا. كما افادت الجامعات الاسرائيلية انه في العام الدراسي الحالي طرأت زيادة كبيرة على الطلاب في فروع التكنولوجيا. ليس هذا وحسب، فقد بلغ عدد العاملين في فرع هذه الصناعات في الفترة الحالية نحو 140 ألف عامل. وللـمقارنة فان عدد العاملين في هذا الفرع في اوج ازدهاره بلغ 150 ألف عامل. ولكن الفارق بين اليوم والفترة الـماضية، التي سبقت العام 2000، هو ان الرواتب في الفترة الحالية انخفضت بنسبة تتراوح ما بين 5% و20%. الانتعاش الحاصل في هذا الفرع من الصناعات في اسرائيل ليس بالجديد، كما تظهر الصورة اعلاه. فهو نابع بالاساس من انتعاش هذا الفرع في العالـم أجمع. وقال الـمدير في شركة "الفا أوميغا"، ملهم جبالي، لـ "الـمشهد الاسرائيلي" إن 90% من منتوج الشركة التي يعمل فيها معد للسوق العالـمية وليس الاسرائيلية. الجدير بالذكر أن شركة "الفا أوميغا" هي شركة تعمل في مجال الصناعات التكنولوجية الرفيعة وتنتج اجهزة طبية تستخدم في غرف العمليات وتحديدا في مجال جراحة الدماغ. وهي شركة عربية مقرها في مدينة الناصرة. وقال جبالي ان شركة "الفا اوميغا" تأثرت بعض الشيء بالركود الاقتصادي الحاصل في اسرائيل. وينطبق تأثر الشركة بالاوضاع الاقتصادية داخل اسرائيل على سائر الشركات التي تعمل في مجال الـ"هاي- تك"، وذلك لكون جلّ منوجاتها معدة للتصدير للخارج. واضاف جبالي انه "عندما تقرر الحكومة الاسرائيلية تقليص ميزانيات الوزارات الـمختلفة، تتأثر بذلك الـميزانيات الـمخصصة للـمستشفيات، والتي هي في هذه الحالة جمهور الهدف لـ "الفا اوميغا". عندها تقلص هذه الـمستشفيات من مقتنياتها لـمنتوجات الشركة. ولذلك، يمكن القول، ان تأثر شركتنا من الركود الاقتصادي ينحصر في الـ10% الـمخصص للسوق الـمحلية. وهناك شركات تتأثر بصورة اكبر او اقل، تبعا لارتباطها بالسوق الـمحلية". وقال الخبير في شؤون صناعات الـ"هاي- تك"، عوديد حرموني، انه "اتضح لنا في السنوات الثلاث الاخيرة ان صناعات الهاي- تك الاسرائيلية التي يستثمر فيها رجال اعمال اجانب ومنتوجاتها معدة للتصدير للاسواق العالـمية بالاساس ويتم تداول اسهمها ضمن مؤشر ناسداك، اتضح انها تتأثر اكثر ما تتأثر بمجريات الامور في بورصة وول ستريت (في نيويورك)، كما تتأثر من الحرب في العراق وطلبات الـمستهلكين خصوصا في الولايات الـمتحدة والصين". واضاف ان هذه الـمعطيات "تؤثر على صناعة الهاي- تك الاسرائيلية اكثر من الوضع الـمتأزم في نابلس مثلا". وتابع حرموني قائلا انه "بطبيعة الحال فان انتعاش ونمو هذه الصناعات في اسرائيل في الاشهر الاخيرة هو جزء من الانتعاش الحاصل في العالـم في فرع التكنولوجيا والاقتصاد العالـمي. ولـم تتأثر اسرائيل بصورة خاصة من الازمة الامنية في الـمنطقة. وقد بدأت عملية الانتعاش في هذا الفرع من الصناعات في النصف الاول من العام 2003، كما هي حال هذا الفرع في العالـم اجمع، وذلك بسبب الطلب الـمتزايد على الاجهزة الالكترونية الدقيقة الـمستخدمة في الاتصالات اللاسلكية والهواتف الخليوية واجهزة الحاسوب الصغيرة. وعلى سبيل الـمثال، فان شركة DSPG الاسرائيلية لـم تتأثر بتاتا بالازمة التي عصفت باسرائيل وبهذه الصناعة على نطاق العالـم". وقال جبالي ايضا ان طلبات العمل التي وصلته في الاشهر القليلة الـماضية كانت اقل من الطلبات التي كانت تصله في الفترة التي سبقتها. ورأى ان احد التفسيرات لذلك يكمن في استيعاب الذين كانوا يرسلون له هذه الطلبات في اماكن عمل في شركات اخرى في فرع الصناعات التكنولوجية الرفيعة. من جهة اخرى، اشار حرموني الى عمليات تجنيد الاموال من مستثمرين اجانب بهدف اقامة شركات "هاي- تك" جديدة يكون مقرها، او احد مقراتها، في اسرائيل. وقد ادى هذا ايضا الى انتعاش هذه الصناعات وازدياد الطلب لعاملين في الشركات الجديدة ايضا. الا أن شركات الـ"هاي- تك"، قال حرموني، اصبحت في هذه الـمرحلة اكثر حذرا، "فقد تعلـمت من تجربة السنوات الـماضية". ولذلك اصبحت اقوى من ناحية القدرة الاقتصادية التي تملكها. ولكن رغم ذلك فان عملية تجنيد الاموال واستيعاب عاملين جدد في شركات هذا النوع من الصناعات اصبحت أسرع مما كانت عليه في الـماضي. لكن الصورة ليست وردية بالكامل بالنسبة لشركات الصناعات التكنولوجيا الرفيعة. فقد اعلنت شركة "إلبيت"، كبرى شركات هذا الفرع في اسرائيل، في نهاية الاسبوع الـماضي، ان ميزانيتها اظهرت خسائر في الاشهر الثلاثة الاخيرة من السنة الـماضية. ورغم ذلك فإنها استطاعت ان تحقق ارباحا بنسبة 10% بالـمقارنة مع الربع الاخير من العام الـماضي. وقد اثارت التقارير الـمالية للشركة خيبة امل الـمستثمرين وخصوصا في بورصة تل ابيب، علـما ان "إلبيت" هي اكبر شركة "هاي- تك" يتم تداول اسهمها في بورصة تل ابيب. من جهة اخرى وعلى صعيد شركات الهواتف الخليوية العملاقة، نقلت صحيفة "غلوبس" الاسرائيلية الاقتصادية عن الخبير في اقتصاد شركات الهواتف الخليوية، اريك رالندر، قوله ان "شركات الهواتف الخليوية لا تحب العمل مع شركات صغيرة، ولذلك فان على الشركات الصغيرة ايجاد الطريق الصحيحة للوصول الى السوق. وهذا يعني ان على الشركات الصغيرة ان تبحث عن الشريك الـمناسب لتسويق منتوجاتها لشركات الهواتف الخليوية العملاقة". وأعرب رالندر عن اعتقاده بأن الوضع الاقتصادي جيد بالنسبة لشركات الـ"هاي- تك" الاسرائيلية "من دون شك". ورأى رالندر ان الشركات الكبرى بدأت تقاريرها الـمالية تظهر ارباحا عالية جدا، رغم انها لـم تستثمر في مجالات البنى التحتية منذ العام 2000، "ولذلك فان الطريقة الانسب والطبيعية جدا هي في الاستثمار لان هذه الشركات لـم تستثمر في السنوات الـماضية وفي الوقت ذاته جنت ارباحا عالية". الجدير بالذكر أن وزير الـمالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتحدث منذ اشهر عن توقف الركود الاقتصادي وبدء عملية نمو اقتصادي. وانضم هذا الاسبوع محافظ بنك اسرائيل، دافيد كلاين، الى تقديرات نتنياهو، وذلك في الوقت الذي سجل فيه مؤشر جدول غلاء الـمعيشة لشهر شباط الـماضي والذي نشر امس، جمودا بنسبة 2ر0 ، ما يعني ان الواقع يقول أمرا مختلفا عن تصريحات السياسيين. ويأتي تكريس الركود الاقتصادي، ايضا، بسبب اتساع دائرة البطالة في اسرائيل، وخصوصا بعد موجة فصل من العمل طالت مستخدمي السلطات الـمحلية في اسرائيل. وهذا الوضع يبقي الـ140 ألف عامل في مجال الصناعات التكنولوجية الرفيعة منعزلين عن بقية الـمجتمع الإسرائيلي في فقاعة يفضلون إنكار وجودها.