يثير اسم الكتاب "تصحيح خطأ" سؤالا بديهيا من الوهلة الأولى: أي خطأ يريد بيني موريس تصحيحه، الجواب هو أن موريس يريد تصحيح خطأ شخصي، يتمثل في عدم إعطائه أهمية كافية لنزعة الترانسفير لدى القادة الصهاينة في تفسير ما حدث فعلا في فلسطين سنة 1948، مثل هذه الأهمية متضمنة في هذا الكتاب، عبر خوضه سجالا مع جيش من المؤرخين الإسرائيليين الذين زعموا في كل ما كتبوه، أن القادة الصهاينة رفضوا فكرة الترحيل كليا، مؤكدا وجود عدد هائل من الباحثين كتبت عكس ذلك، ومعتبرا تأييد القادة الصهاينة للترانسفير أمراً طبيعيا ومنطقيا من المنظور الصهيوني.
يذكر أن بيني موريس، رائد في مجال التنقيب في تاريخ قضية اللاجئين، خاصة عبر كتاب "ولادة مشكلة اللاجئين 1947 – 1949"، والذي أهله ليعد رائدا في مجال ما أطلق عليه لاحقا بالتأريخ الجديد، المصطلح الذي صكه موريس نفسه من خلال المقال الأول في هذا الكتاب المعنون بـ التاريخ الجديد: إسرائيل تواجه ماضيها.
والكتاب يحتوي وفق ما جاء في مقدمته مجموعة دراسات تتناول جوانب مختلفة لمنظومة العلاقات بين العرب واليهود في فلسطين بين السنوات 1936 - 1956، ومنها عملية ترحيل فلسطينيي المجدل إلى غزة في 1950، ونشاطات يوسف نحماني من منظمة (هشومير) و(الكيرن كييمت) خلال حرب 1948، وكيفية تعاطي الصحافة الإسرائيلية مع مجزرة قبية في 1953، وسياسة التشريد التي انتهجتها إسرائيل حيال الجماهير الفلسطينية الباقية في الجليل خلال عملية (حيرام) في 1948.
على كل حال فإن موريس لم يخرج في تصحيح خطئه بنتيجة حاسمة مؤداها أن ترحيل الفلسطينيين تم نتيجة تصميم مسبق أو خطة مسبقة، واكتفى برؤية كون الرابط بين الفكرة (الترانسفير) وبين تنفيذها في الواقع فعلا لا يرد على تخطيط مسبق بقدر ما يرد على ما يسميه (حالة ذهنية) قبلت الترحيل حلا مشروعا، وما أن بدأ الترحيل (طوعا حسب قراءته) حتى كانت القيادة الصهيونية جاهزة ومستعدة للعملية وعبر ممارسة الطرد أحياناً...
في الحقيقة، وكما يرى مقدم ومترجم الكتاب، فإنه لا يمكن اعتبار موريس أول الهاجسين بهذا الموضوع، فقد سبقه باحثون عرب ويهود، كما أن رحبعام زئيفي (الوزير المقتول)، كان يستهجن في أحاديثه المسموعة والمرئية والمكتوبة اعتبار فكرة (الترانسفير) فكرة غير مقبولة، مؤكدا أنها فكرة صهيونية أصيلة، ما كان للصهيونية أن تنجح من دونها.