رأى مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق، البروفيسور شلومو أفينيري، في مقابلة مع "المشهد"، أن الخاسر الأكبر من حرب لبنان الثانية هم الفلسطينيون. وقال إن "الأمر الأساسي الذي تغير هو أن الحكومة الحالية التي انتخبت على أساس خطة التجميع أصبحت الآن في وضع لم تعد فيه خطتها السياسية على جدول أعمالها"
قلبت حرب لبنان الثانية الكثير من الموازين والمبادرات والمخططات السياسية في منطقة الشرق الأوسط. وأصبح الحديث، خصوصا في إسرائيل، عن تجدّد الحرب وربما بشكل أوسع حديثا يوميا يطلقه كبار المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق، إبان حكومة إسحق رابين الأولى (1975- 1977)، البروفيسور شلومو أفينيري، أن الخاسر الأكبر من حرب لبنان الثانية هم الفلسطينيون.
وقال أفينيري لـ"المشهد الإسرائيلي" إن "الأمر الأساسي الذي تغير هو، برأيي، أن الحكومة الحالية التي انتخبت على أساس خطة التجميع أصبحت الآن في وضع لم تعد فيه خطتها السياسية على جدول أعمالها السياسي. ومن هذه الناحية فإن الخاسرين الأساسيين من حرب لبنان هم الفلسطينيون، على الرغم من أن الفلسطينيين لم يتحمسوا من تنفيذ خطة التجميع الأحادية الجانب في الضفة الغربية، لكن مع ذلك فإنه كان ثمة احتمال لأن تؤدي إلى نهاية الاحتلال الإسرائيلي للمزيد من الأراضي الفلسطينية. وعلى ما يبدو فإن هذا لن يحدث في المستقبل القريب".
(*) "المشهد الإسرائيلي": لكن وفقا لتقارير صحافية نشرت مؤخرا، وخصوصا بعد حرب لبنان، فإن هناك اتصالات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية لدفع مبادرة لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني مقابل تشكيل هذه الدول جبهة واسعة ضد إيران. ما رأيك؟
- أفينيري: "أقرأ عن هذه المبادرة في الصحف وأدرك المنطق والحافز لدفع مبادرة كهذه، لكني لم أرَ بعد أن هذا يحدث. والمشكلة الأساسية الآن هي أن كل مفاوضات جدية مع الفلسطينيين تحتم وجود سيد للبيت في الجانب الفلسطيني، ومنذ الانتخابات وفوز حماس فإن هناك وضعًا غير واضح من ناحية من الذي يحكم في السلطة الفلسطينية. قد يتغير الوضع في المستقبل لكن ما هو واضح الآن هو أنه لا يوجد سيد للبيت في الجانب الفلسطيني".
(*) يعاني الفلسطينيون من ضائقة كبيرة جدا بسبب الممارسات الإسرائيلية وبينها إغلاق المعابر وعدم السماح بإدخال مواد تموينية للقطاع إضافة إلى نسبة البطالة العالية جدا وتحويل قطاع غزة إلى سجن كبير. وتسعى إسرائيل من وراء الحصار الخانق على الفلسطينيين إلى إسقاط الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس، لكن من جهة أخرى هناك توقعات في إسرائيل بأنه حتى في حال سقوط حكومة حماس فإنه ستسود الأراضي الفلسطينية حالة فوضى عارمة. ألا تؤثر مثل هذه التوقعات والتحليلات على عملية اتخاذ القرارات في إسرائيل باتجاه عملية سياسية أو خطوات لتهدئة الوضع لدى الفلسطينيين؟
- أفينيري: "كل حكومة إسرائيلية تريد أن ترى في الجانب الفلسطيني جهة واحدة تملك صلاحيات ليكون بالإمكان التحدث معها حتى وإن لم يتم التوصل معها إلى اتفاق. وخيبة الأمل الكبيرة في الجانب الإسرائيلي، وأنا أتحدث عن أولئك الذين أيدوا فك الارتباط الأحادي الجانب في قطاع غزة، نابعة من أنه بعد تنفيذ فك الارتباط كانت لدى الجانب الفلسطيني فرصة لمحاولة إنشاء جهاز سلطوي منظم وأيضا جهاز ترميم وطني، وهذا على الرغم من كل الإدعاءات ضد إسرائيل بخصوص المعابر وغيرها والتي قد تكون ادعاءات صادقة. لكن هذا لم يحدث، وخسارة أنه لم يحدث لأنه سنحت من خلال فك الارتباط فرصة تاريخية للفلسطينيين لإظهار كيف أن الشعب الفلسطيني يسيطر على منطقة معينة ويدير شؤونه".
(*) هل ترى أن ثمة إمكانية لإخلاء بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، كما قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" في نهاية الأسبوع الماضي؟
- أفينيري: "البؤر الاستيطانية هي أمر رمزي، لكنها ليست مهمة من الناحية الجوهرية. ولولا أنه وقعت حرب لبنان لكان بالإمكان أن تقوم الحكومة الإسرائيلية الحالية بإعداد الجهاز السياسي والعسكري أيضا لإخلاء بؤر استيطانية بشكل كبير في الضفة الغربية. وهذا لن يحدث، لأسفي، بسبب الحرب".
(*) هل تضررت مكانة إسرائيل العسكرية في الشرق الأوسط في أعقاب حرب لبنان؟
- أفينيري: "أعتقد أنه يتوجب النظر إلى هذا الأمر من خلال الواقع وبشكل موضوعي. من الناحية العسكرية الصرفة، واضح أن مكانة إسرائيل لم تتغير. ففي وضع يحارب فيه جيش نظامي حركة أنصار، واضح أنه تم في هذه الحالة إثبات محدودية القوة الإسرائيلية، تماما مثلما يحدث في العراق. نحن متأكدون من أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الأكبر في العالم، ونتوقع أن تنتصر الولايات المتحدة في كل صدام عسكري حقيقي (حرب بين جيشين نظاميين)، لكن مقابل حركة مقاومة أو حركة أنصار أو منظمة إرهابية فإنه حتى الجيش الأميركي لا ينجح. هناك أمثلة أخرى مثل عدم نجاح الجيش الروسي في الشيشان والجيش السوفياتي في أفغانستان. ولذلك يتوجب التمييز بين هذين النوعين من الحرب".
(*) هل يمكن للولايات المتحدة أن تفرض على إسرائيل اتفاقا معينا، في السياق الفلسطيني، أي فرض مفاوضات مع الفلسطينيين حتى لو كانت حماس مشاركة في الحكومة الفلسطينية، أو التفاوض مع سورية؟ هل إسرائيل ستستجيب لمطالب الولايات المتحدة؟
- أفينيري: "أعتقد أن هناك وهما فيما يتعلق بقوة الولايات المتحدة، ليس عندنا فقط وإنما أيضا في حالات مثل البوسنة أو كوسوفو. لا يمكن للقوة العظمى الأكبر في العالم، أي الولايات المتحدة، فرض سلام عندما يكون كلا جانبي الصراع غير مستعدين الآن لذلك. تماما مثلما لم ينجح الرئيس الأميركي (بيل كلينتون) في كامب ديفيد في أن يجعل (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات يوافق على مقترحات كلينتون. وأنا لا أتطرق هنا إلى من المحق، لكن لدينا هنا حقيقة وهي أن كلينتون أراد شيئا وعرفات قال لا ولم يحدث شيء. ثمة فرضية بأن مفتاح الحل هو في أيدي الولايات المتحدة، لكن الولايات المتحدة لم تنجح في حل أي صراع بين حركتين قوميتين في أي مكان في العالم رغم كل قوتها. ويجدر بنا أن نذكر أن ثمة حدودًا للقوة".
(*) لكن في كامب ديفيد الأولى، بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، نجحت الولايات المتحدة، أليس كذلك؟
- أفينيري: "أعتقد أن ثمة فرقًا هنا. ففي كامب ديفيد الأولى كان وضع أقدمت فيه مصر وإسرائيل على تنفيذ خطوات كبيرة وهامة للغاية، فالسادات زار القدس وأبدى بيغن استعدادا للانسحاب من سيناء وتم هذا الأمر من خلال مفاوضات ثنائية بين الجانبين طوال عام كامل وليس بوساطة الولايات المتحدة. وتوصل الجانبان المصري والإسرائيلي في المفاوضات الثنائية إلى توافق بنسبة 95% وبقيت 5% من القضايا التي لم يتم الاتفاق حولها وعندها الولايات المتحدة سدت فجوة الـ5%. لكن في كامب ديفيد الثانية في العام 2000 كانت تنقص الرغبة السياسية في التوصل إلى اتفاق وهنا الولايات المتحدة لا يمكنها التوصل إلى حل. المفتاح هو في أيدي إسرائيل وأيدي الفلسطينيين. ولذلك ثمة أهمية لما هي سياسة الحكومة الإسرائيلية وما هي سياسة الحكومة الفلسطينية، وخصوصا بالنسبة للفلسطينيين أن يكون لديهم سيد للبيت لنعرف مع من يتوجب الاتصال".
(*) ولا يهم ما إذا كانت إسرائيل تثق باستعداد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للتوصل إلى تسوية؟
- أفينيري: "بتقديري، وأنا لا أتحدث هنا باسم الحكومة الإسرائيلية، أن أبو مازن يقول الأمور الصحيحة وهو يريد تحقيق ما يقول، لكن الاختبار هل هو سيد البيت وهل هو المسؤول القادر على اتخاذ قرارات وتنفيذها أيضا. وفي هذا الصدد هناك شكوك لدى الأميركيين والأوروبيين والإسرائيليين. في الأراضي الفلسطينية لا يوجد سيد للبيت وهناك صدامات بين الفرقاء الفلسطينيين وأحيانا تكون عنيفة للغاية حول من يسيطر في الجانب الفلسطيني. من الجهة الأخرى فإن أحد المطالب لقيام سلطة وطنية فلسطينية، وأبو مازن يعبر عنه جيدا، هو وجود قانون واحد وسلطة واحدة وسلاح واحد. وهذا لم يحدث في الجانب الفلسطيني. وهناك مثال إسرائيلي، وأنا لا أقول هنا أن على الفلسطينيين تبنيه أو الاقتداء به، وهو أن دافيد بن غوريون فرض سلطة الحكومة الإسرائيلية. وقد وصل الأمر في حينه إلى شِفا حرب أهلية. ونحن نطلق على هذا الحدث اسم ألتالينا، أي يهود أطلقوا النار على يهود. وأنا أفهم الحساسية في الجانب الفلسطيني لكن يتوجب أن يكون هناك عنوان واحد وواضح، وعدم حدوث ذلك حتى الآن يشكل مأساة بالنسبة للشعب الفلسطيني".
(*) هل تعتقد، من الجهة الأخرى، أنه سيكون هناك تحرك في المسار السوري خصوصا بعد الإشارات التي أرسلها مؤخرا الرئيس السوري بشار الأسد حول استعداده للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل؟
- أفينيري: "لا يبدو لي أن تحركا كهذا سيحدث. في المسار الإسرائيلي- الفلسطيني هناك ضائقة وضغوط وغير ذلك، لكن في الموضوع السوري لا توجد ضائقة ولا توجد ضغوط وإنما هناك أمر آخر. وقد قال (وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري) كيسنجر ذات مرة إنه يحظر الدخول في مفاوضات إذا لم يكن بحوزتك 51% على الأقل من الاحتمالات للنجاح. ولا أعرف كيف يمكن فحص الـ51% لكن المنطق هو أنك لا تدخل مفاوضات جدية إلا إذا كان لديك اعتقاد عقلاني بأن ثمة احتمالا للنجاح. ومن دون طرح سؤال الآن حول من المذنب في فشل المفاوضات مع سورية في الماضي. فقد كانت هناك مفاوضات عديدة مع سورية، وليس لمرة واحدة، وكانت تفشل في النهاية. ولا أرى الآن في الموقف السوري ولا في الموقف الإسرائيلي أي تغير جوهري يجعلني أعتبر أن ثمة احتمالا أكبر للنجاح مما كان في الماضي".
(*) المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين معقدة وتدخل فيها قضايا شائكة للغاية، خلافا للمفاوضات بين إسرائيل وسورية حيث لا توجد قضايا باستثناء انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان.
- أفينيري: "لا أعتقد أن الوضع على هذا النحو، بل هو مختلف عن ذلك. في المرة الأخيرة التي جرت فيها مفاوضات بين إسرائيل وسورية كان الفارق في المفاوضات واضحًا جدا. فقد أعربت إسرائيل عن استعدادها للإنسحاب إلى الحدود الدولية فيما سورية طالبت بانسحاب إسرائيل إلى خطوط الرابع من حزيران 1967، ما يعني الانسحاب إلى بحيرة طبرية ومنطقة مِشمار هيردين (شمال طبرية) ودان في أقصى شمال هضبة الجولان. وهذا يعني أن الفرق بين الموقفين كبير جدا. ولكن هذا الموقف يعكس التوجه لدى سورية. فلدى سورية مشكلة، حتى اليوم، في الاعتراف بحدود دولية. فمثلا لا توجد علاقات دبلوماسية بين سورية ولبنان لأن سورية لا تعترف في نهاية المطاف بلبنان ككيان مستقل. وبالمناسبة هذا هو السبب الذي منع سورية حتى اليوم من الإعلان رسميا بأن مزارع شبعا تابعة للبنان وليس لسورية، وفي حال أعلنت ذلك فإن سورية تعترف عمليا بلبنان على أنه كيان مستقل. وأمر آخر هو لماذا سورية عارضت أن تنتشر قوات دولية عند حدودها مع لبنان؟ لأن هذا يجعل هذه المنطقة حدودا حقيقية وسورية لا تعترف بها. كذلك فإن مسألة رسم الحدود بين سورية وإسرائيل أو بين سورية وفلسطين الانتدابية (التاريخية) تتعلق بهذه التوجهات السورية. لأنه في حال انسحبت إسرائيل إلى الحدود الدولية واعترفت سورية بذلك فإن سورية تكون قد اعترفت عمليا بوجود حدود بين سورية وفلسطين الانتدابية. ولست واثقا من أن سورية تعترف بحدود كهذه. فإذًا مسألة الحدود هي قضية بالغة الحساسية بالنسبة لفكر النظام الحاكم في سورية. وهذا لا يمنع اتفاقا إسرائيليا سوريا فحسب وإنما يمنع أيضا الاستقرار في لبنان".
(*) وفق ما قلته هنا فإننا أمام سنوات قادمة سيسودها جمود سياسي؟
- أفينيري: "أعتقد إنك تلخص ما قلته بشكل صحيح، لأسفي. وقد اعتقدت قبل حرب لبنان الثانية أن النافذة الوحيدة للتقدم في مسارات سياسية هي باستمرار انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية ولم أرَ وضعا يمكن فيه إجراء مفاوضات بين إسرائيل والجانب الفلسطيني، رغم أني أردت أن أرى وضعا كهذا. وقد اعتبرت الانسحابات الإسرائيلية (الأحادية الجانب) طريقة لتغيير الوضع وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي قدر الإمكان من جهة، وتوفير إمكانية للفلسطينيين لبلورة وضعهم الوطني، وربما بعد سنوات من الخطوات الأحادية الجانب تكون هناك إمكانية لمفاوضات، من جهة أخرى. لكن حرب لبنان تقلص من احتمالات تنفيذ إسرائيل لانسحابات الآن، ما يعني دخولنا في مرحلة جمود سياسي. لكن حتى في حالة الجمود يمكن تنفيذ خطوات لبناء الثقة، كما حدث في قبرص والبوسنة وكوسوفو، حيث جرت محاولات غير ناجحة لإجراء مفاوضات لكنها لم تؤد إلى حرب. ويمكن لجم الصراع حتى إبان فترة جمود سياسي".
(*) كيف ترى أداء رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت خلال الحرب وبعدها خصوصا وأنه يواجه انتقادات شديدة في هذا الصدد؟
- أفينيري: "ثمة أمران. الأول هو أن أولمرت خلف أريئيل شارون في منصب رئيس الوزراء وأراد أن يكون مثله، وهذا أمر ليس سهلا. وعندما دخل شارون المستشفى للمرة الثانية (في 4 كانون الثاني الماضي) وكان واضحا أنه لن يعود من هناك فإن انتقال السلطة لأيدي أولمرت كان سلسا ومحترما وجيدا، وأولمرت وكديما كحزب جديد فازا في الانتخابات، رغم أن هذا الفوز لم يكن كما لو أن شارون بقي في الحلبة السياسية. ويجب أن نذكر، وهذا الأمر الثاني، أنه في الحكومة الحالية هناك وزير دفاع جديد (عمير بيرتس) يفتقر للخبرة العسكرية وخاضت هذه الحكومة حربا بعد أشهر على تشكيلها وذلك خلافا لبرنامجها السياسي والذي كانت خطة التجميع في مركزه. وربما لو كان على رأس الحكومة الحالية قائدان آخران غير أولمرت وبيرتس ويملكان الخبرة العسكرية والسياسية الكافيتين لكانت نتائج الحرب وأداء الحكومة خلالها أفضل".
(*) هل كان تعيين بيرتس وزيرا للدفاع خطأ؟
- أفينيري: "إنه شخص يفتقر للخبرة في القضايا السياسية ووجد نفسه خلال شهرين أو ثلاثة شهور في حرب وإن أداءه يدل على افتقاره للخبرة".
(*) في موازاة الجمود السياسي وغياب "خطة التجميع" عن أجندة الحكومة الإسرائيلية بدأ يتحدث أولمرت عن مبادرات أخرى لملء الفراغ السياسي الحاصل وأبرز هذه المبادرات إعلانه عن أنه سيسعى لتغيير طريقة الحكم في إسرائيل. هل سينجح في ذلك؟
- أفينيري: "أولا يتوجب أن أقول إن النقد لطريقة الحكم الحالية لم يكن جديا. فنحن دولة متعددة الأحزاب وكل الحكومات في إسرائيل كانت تستند إلى تحالفات، وكان خلال السنوات الماضية عدد كبير من الأزمات الحكومية وهذا ما يميز الديمقراطية البرلمانية. والانتقادات الحالية حول طريقة الحكم في إسرائيل كانت موجودة دائما ويمكن تفهمها. لكن الحل السهل بتغيير طريقة الحكم إلى حكم رئاسي لم يثبت نفسه تماما كما هي الحال بالنسبة لطريقة انتخاب رئيس الحكومة بشكل مباشر. فقد كانت الانتقادات قبل إتباع طريقة الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة مماثلة للانتقادات التي نسمعها اليوم وتدعو إلى تغيير طريقة الحكم إلى رئاسي. وقد تم إتباع طريقة انتخاب رئيس الحكومة مباشرة لعدة سنوات ثم عدنا إلى طريقة الانتخابات الأولى لأن هذه الطريقة لم تثبت نفسها. ولذلك فإنه لن يتم تغيير طريقة الحكم في إسرائيل والجهاز السياسي في إسرائيل لن يغيّر نفسه".
(*) لكن معظم الحكومات الإسرائيلية لم تكمل فترة ولايتها وغالبا ما تم تقديم موعد الانتخابات وربما هذا بسبب طريقة الحكم المعمول بها في إسرائيل.
- أفينيري: "نعم ولكن يوجد فرق بين أزمات الائتلاف الحكومي وأزمات في طريقة الحكم. ورغم كل المشاكل الداخلية في إسرائيل المتعلقة بالتحالفات الحكومية فإن إسرائيل لم تواجه أبدا أزمة دستورية أو خطر انهيار أو حدوث انقلاب. ورغم أن النظام في إسرائيل مليء بالأخطاء فإنه نظام قوي جدا ومستقر".
(*) هل تتوقع وضع دستور لإسرائيل في المستقبل؟
- أفينيري: "لا أعتقد ذلك. هناك ثلاث دول في العالم لا يوجد فيها دستور وهي بريطانيا والسعودية وإسرائيل. وهذه الدول مختلفة عن بعضها البعض. وهناك دول فيها دستور مثل الولايات المتحدة والعراق. وهذا لا يعني شيئا. والسؤال إلى أي مدى يعكس الدستور الرغبة السياسية والثقافة السياسية القائمة، فإنه في الولايات المتحدة ينعكس الدستور على الثقافة السياسية لكن في العراق، دعنا نقول إن الأمر ينطوي على إشكالية. ولذلك فإن سبب عدم وجود دستور في إسرائيل حتى اليوم، رغم أن هناك قوانين أساس، هو أنه من أجل وضع دستور لا تحتاج إلى أغلبية 51% وإنما أغلبية أكبر من ذلك بكثير. وفي إسرائيل توجد خلافات كثيرة وهي جوهرية مثل رسم الحدود، الدين والدولة، مكانة الأقلية العربية، النظام الاقتصادي وغير ذلك".