الليكود والعمل: استبعاد الجنرالات واضمحلال الشرقيين

ارشيف الاخبار

كلما يمر الوقت، يتصاعد احتدام النقاش في إسرائيل حول تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولديتون، الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وطالب المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، في مقال جريء، نشره اليوم الأربعاء – 28.10.2009، مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي ميخا ليندنشتراوس، بالتحقيق في الاتهامات ضد إسرائيل، في ظل امتناع الحكومة الإسرائيلية عن تشكيل لجنة تحقيق في هذه الاتهامات، حتى الآن.

 

وكتب بن في مقال بعنوان "أريد أن أعرف" أنه "أريد أن أعرف كيف ولماذا تم اتخاذ قرار شن عملية ’الرصاص المصبوب’ وتمديدها إلى عملية برية. وأريد أن أعرف ما إذا كان القرار قد تأثر من المعركة الانتخابية التي جرت وقتئذ في إسرائيل ومن تبدل الرؤساء في الولايات المتحدة. وأريد أن أعرف ما إذا كان القادة الذين شنوا الحرب قدروا الضرر السياسي الذي ستلحقه بإسرائيل وماذا فعلوا من أجل تقليصه. وأريد أن أعرف ما إذا كان من أصدر الأوامر للجيش الإسرائيلي قدّر أن مئات المواطنين الفلسطينيين سيقتلون وكيف حاولوا منع ذلك".

وأضاف أنه "هذه هي الأسئلة التي ينبغي أن تكون في مركز التحقيق، الواجب تنفيذه بسبب الورطة السياسية والمس البالغ بالمواطنين الفلسطينيين وبسبب تقرير غولدستون وادعاءاته بخصوص جرائم حرب وبسبب القيود (التي يجب فرضها) على حرية الجيش الإسرائيلي في عمليات عسكرية مقبلة. ولا مكان للادعاء بأنه يجب ترك الحكومة تحكم بهدوء ومن دون تحقيقات، وأن الجمهور سيحكم عليها في صندوق الاقتراع. فالحكم تغيّر والأسئلة ما زالت تلاحقنا".

وشدد بن على أن تحقيقات الجيش الإسرائيلي في أعقاب الحرب ليست كافية لأنها "دققت في سلوك الجنود في ميدان القتال ولا تشكل بديلا لاستيضاح نشاط القيادة السياسية والقيادة العليا للجيش. وليس قادة السرايا والكتائب الذين يجب التحقيق معهم وإنما رئيس الحكومة السابق، ايهود أولمرت، ووزير الدفاع، ايهود باراك، ووزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، ورئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي، ورؤساء أجهزة الاستخبارات ووزارة الخارجية الذين كانوا شركاء في اتخاذ القرارات".

وأشار بن إلى "أهمية التحقيق مع مستشاري الحملات الانتخابية لباراك وليفني، من أجل الكشف عما إذا كان للمعركة الانتخابية تأثير على المعركة العسكرية والدبلوماسية"، حيث جرت الانتخابات العامة في إسرائيل في 10 شباط الماضي، أي بعد 20 يوما تقريبا من إنهاء الحرب على غزة.

وطرح بن قائمة أسئلة شدد على أنه ينبغي استيضاحها، بينها:

- "لماذا انهار اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحماس، وبالأساس من قرر ولماذا بخصوص عملية الجيش الإسرائيلي ضد النفق الذي تم اكتشافه عند حدود قطاع غزة في 4 تشرين الثاني وهي عملية أدت إلى استئناف التصعيد؟".

- "كيف كان تأثير ارتفاع شعبية رؤساء أحزاب المعارضة، بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان، في استطلاعات الرأي على مواقف باراك وليفني قبل العملية العسكرية وخلالها؟".

- "ما هو المكان الذي احتلته اعتبارات مثل صورة إسرائيل فيما يتعلق ’بتجديد الردع’ و’ترميم صدمة حرب لبنان الثانية’ لدى اتخاذ قرارات شن الحرب وإدخال قوات برية إلى غزة؟".

- "ما مدى تأثير الصراعات الشخصية بين أولمرت وباراك وليفني على عملية صناعة القرار؟ ولماذا أيد باراك وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية (أي إدخال المؤن للقطاع خلال ثلاث ساعات في اليوم) فور بدء العمليات البرية ولماذا رفض أولمرت وليفني ذلك؟ ولماذا غيرت ليفني موقفها عندما طالت مدة القتال بينما تمسك أولمرت بمواصلة القتال؟".

- ما هو سر "اختفاء أولمرت يوم الثلاثاء 13 كانون الثاني، عندما بحث باراك وليفني عنه في محاولة لاقتراح وقف إطلاق النار؟".

- "من قرر ولماذا قصف مطحنة القمح ومعمل تصريف المياه الآسنة في غزة؟".

- "هل فكّر أولمرت في الضرر المتوقع أن تواجهه إسرائيل في الأمم المتحدة عندما رفض قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا؟" خلال الحرب.

وطالب بن بضرورة تشكيل لجنة تحقيق، مشيرا إلى أن لجانا كهذه تشكلت في إسرائيل للتحقيق في قضايا اقل قيمة بكثير من الحرب في غزة، "لكن الواقع السياسي يؤدي إلى الشلل، فوزير الدفاع ورئيس الأركان يخشيان مصيرا مشابها لأسلافهما الذين تمت الإطاحة بهم في أعقاب (حرب) يوم الغفران (في العام 1973) وحربي لبنان". وأضاف أن "رئيس الحكومة (نتنياهو) يخشى باراك وأشكنازي، ولجنة مراقبة الدولة في الكنيست، برئاسة يوئيل حسون من حزب كديما، لن تبادر إلى تحقيق ضد (رئيسة كديما) ليفني".

وخلص الكاتب إلى أنه "في ظل غياب لجنة تحقيق رسمية، على مراقب الدولة، ميخا ليندنشتراوس، أن يكلف نفسه بتنفيذ هذه المهمة. فقد أثبت أنه لا يخاف أولمرت وباراك" بعد أن أصدر تقارير أدت على إجراء تحقيقات جنائية ضدهما.