عاد سلوك المسؤولين في معهد الطب الشرعي في إسرائيل ليطفو على سطح النقاش العام مؤخرا بعد إدانة الطبيب الشرعي الرئيسي، البروفيسور يهودا هيس، بأخذ أعضاء من جثة جندي إسرائيلي من دون الحصول على إذن للقيام بذلك أو إبلاغ ذويه. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الجمعة – 23.10.2009، أن المحكمة المركزية في القدس أصدرت أمرا يقضي بأن يدفع مدير معهد الطب الشرعي الإسرائيلي والطبيب الشرعي الرئيسي البروفيسور هيس وطبيبان آخران من المعهد ووزارة الصحة تعويضا ماليا لعائلة الجندي بمبلغ 1.5 مليون شيكل.
وأكد قرار المحكمة، الذي تم السماح بالنشر عنه، أمس، على أن معهد الطب الشرعي أخذ أعضاء وأجزاء وعينات من جثة الجندي الإسرائيلي، الذي كان قد أقدم على الانتحار في إحدى القواعد العسكرية في 22 أيلول العام 2001، من دون إبلاغ ذويه وتسبب لهم بذلك ضررا نفسيا.
ونقلت صحيفة هآرتس عن قرار الحكم أنه خلال تشريح جثة الجندي تم أخذ عينات دم وسوائل وأنسجة من جسد الجندي المنتحر وتم إرسالها إلى المختبر كما تم الاحتفاظ بالأنسجة داخل وعاء مليء بمادة الفورمالين. وأضاف قرار الحكم أنه "لم يتم نقل عينات الأنسجة للفحص (المخبري) لكن تم الاحتفاظ بها في المعهد".
وبعد أربعة شهور من دفن الجندي نشرت وسائل الإعلام في إسرائيل تقارير حول أداء غير قانوني في عمل معهد الطب الشرعي بكل ما يتعلق باستخدام أنسجة تم أخذها من موتى خضعت جثثهم لعمليات تشريح. وعلى أثر ذلك توجه ذوو الجندي إلى معهد الطب الشرعي وعبروا عن تخوفهم من بقاء أعضاء وأنسجة من جثة ابنهم في المعهد ولم يتم دفنها.
ونقل موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، اليوم، عن الدكتور حين كوغل، الذي ترك العمل في معهد الطب الشرعي مؤخرا، قوله إنه يتذكر قضية ذوي الجندي الذي أقدم على الانتحار "وقد حارب والده طواحين الهواء، لكنهم (في معهد الطب الشرعي) حولوه إلى مختل عقليا وكاذب لكن تبين في النهاية أنه كان على حق". ويشار إلى أن الدكتور كوغل حصل على جائزة "فارس الحكم" بعد أن كشف نهجا اعتمده المعهد يتمثل بأخذ أنسجة وأعضاء من جثث موتى في المعهد.
وقال الدكتور كوغل إنه بعد نشر "تقرير سيغلسون" الذي تم من خلاله الكشف عن نهج معهد الطب الشرعي بأخذ أعضاء وأنسجة، "ادعوا أن هذا النهج قد توقف كما أن وزارة الصحة ادعت أنها لم تعلم أن هذه الأمور ممنوعة وأنه بعد أن كشفت عنها توقف هذا النهج ولذلك لن يتم تقديم لوائح اتهام، لكن اتضح أنهم أخذوا أعضاء من جثة جندي حتى بعد تقرير سيغلسون وهذا أخطر".
وأكد الدكتور كوغل على أنه "جرت في المعهد أعمال خطيرة للغاية وقسم صغير منها فقط معروف للجمهور، والدولة تدفع الملايين كتعويض للمتضررين من هذه الأعمال الخطيرة لكن المسؤولين عن هذه الأعمال لا يدفعون الثمن بل على العكس.
وأشار تقرير موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني إلى حالة ثانية وصلت إلى المحاكم بعد أن تم أخذ أعضاء من ميت خلال تشريح جثته.
فقبل عام ونصف العام تقريبا ربحت ليّا عطيرا بن تسفي دعوى قضائية ضد مدير معهد الطب الشرعي الإسرائيلي البروفيسور هيس، بعدما ثبت أمام المحكمة أنه تم أخذ أجزاء من جثة والدها الذي قُتل على أيدي عامل لديه".
وقالت بن تسفي إنه "قد يكون البروفيسور هيس اختصاصي جيد لكنه ليس إنسانيا في تعامله مع الناس، فنحن بشر، ويسيئنا للغاية أن هذا الرجل (أي هيس) يواصل العمل ويتقاضى أعلى راتب في القطاع العام وأنا لا أعرف كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الأمر".
وأضافت "أنا حصلت على تعويض مالي أيضا لكن هذا الكابوس سيرافقني حتى يومي الأخير ولن أعرف ما إذا كان قد تم دفن والدي كاملا أم أن أجزاء منه ما زالت تتجول، وأنا لست واثقة من أنه بالإمكان المرور مر الكرام على هذه الإذلال الذي تعرضت له جثة والدي، إن هذا إذلال لكرامة الميت".
ويذكر أن موضوع أخذ أعضاء من موتى أثارت أزمة سياسية كبيرة بين إسرائيل والسويد ما زال يتردد صداها حتى اليوم في أعقاب نشر صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية تقريرا اتهمت فيه السلطات الإسرائيلية بسرقة أعضاء أسرى فلسطينيين بعد مقتلهم بينما اعتبرت القيادة الإسرائيلية التقرير الصحفي ومعده ب"العداء للسامية".