الدعوة إلى الاعتراف بيهودية إسرائيل

الموقع: مديرية التربية والتعليم - طولكرم
الفعالية: ندوات

"المشهد الإسرائيلي"

نظم مركز"مدار" بالتعاون مع مكتب وزارة الاعلام ومديرية التربية والتعليم في محافظة طولكرم، يوم الثلاثاء الماضي، ندوة سياسية تحت عنوان "الدعوة إلى الاعتراف بيهودية إسرائيل.. الأهداف الحقيقية والأبعاد المترتبة" كان المتحدث الرئيس فيها مدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" في مركز "مدار" أنطوان شلحت.

وقد استهلت الندوة، التي عقدت في قاعة المدرسة العدوية الثانوية للبنات بحضور عدد من ممثلي الهيئات والمؤسسات الوطنية، السياسية والثقافية والاجتماعية، وجمهور غفير من طالبات المدرسة "العدوية الثانوية"، بكلمة ترحيب وتقديم القاها مدير مكتب وزارة الاعلام في المحافظة معتصم عموص، الذي تولى أيضا إدارة الندوة، تلاه مسؤول وحدة العلاقات العامة في مركز "مدار" وعضو أسرة تحرير ملحق "المشهد الإسرائيلي" سعيد عياش، الذي قدم للحضور عرضا موجزاً عن مركز "مدار" واهدافه وأنشطته المختلفة، قال فيه إن فكرة تأسيس المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" نمت بادئ ذي بدئ في عقول نخبة من المثقفين الوطنيين الفلسطينيين الذين أدركوا الضرورة الحيوية لقيام مركز أبحاث مهني متخصص ومتميز في دراسة إسرائيل، يقرأ بيعون عربية وفلسطينية كل ما يتعلق بالشأن الإسرائيلي ويوفر فرصة جادة وموضوعية أمام صانعي القرارات. والمواطنين، الفلسطينيين والعرب، للاطلال على تفاصيل المشهد الإسرائيلي بمختلف جوانبه ومجالاته وأبعاده، لافتا إلى أن تميز مركز "مدار" عن سواه من مراكز أبحاث ودراسات تعمل في ذات الحقل، يكمن في كونه يقرأ ويدرس ويتابع الشأن الإسرائيلي بوسائل وادوات مباشرة، من داخله" وعبر اعتماد منهجية علمية موضوعية شاملة، وهو ما تجسد في تركيبة وتنوع وحدات علميه وإصداراته ومنشوراته ونشاطاته المختلفة، منذ تأسيسه ومباشرته بمزاولة عمله في مطلع العام 2001، ولغاية الآن.

بعد ذلك قدم انطوان شلحت في بداية محاضرته عرضا تاريخيا وسياسيا مسهبا للخلفية القابعة وراء مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأقطاب حكومته اليمينية باعتراف السلطة الوطنية الفلسطينية بإسرائيل كـ "دولة للشعب اليودي"، مشيرا في هذا السياق إلى أن الحركة الصهيونية ولدت أساسا من رحم الاستيطان الكولونيالي الأوروبي معتمدة على الدين اليهودي والفكر البرجوازي الأوروبي، مؤكداً أن هناك الكثير من الأفكار الثابتة في ممارسة الفكر الصهيوني حين إختار فلسطين لاقامة دولة اليهود فيها، وأهمها فكرة تجاهل وجود الشعب العربي الفلسطيني، مع ان قادة ومؤسسي الحركة الصهيونية كانوا يعلمون مسبقا بهذه الحقيقة الراسخة على الأرض عندما جاءوا لاستعمار هذا البلد، وبالتالي- وهذه فكرة صهيونية ثابتة أخرى- كانت فكرة التوصل إلى سلام عادل مع الفلسطينيين غير واردة بالمطلق، ومنذ الأساس، في سياسة وإستراتيجيا الحركة الصهيونية. واستطرد شلحت مشيرا إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ظلت وخاصة منذ انطلاق عملية أوسلو في العام 1993، تختلق الذرائع، الواحدة تلو الأخرى، لعرقلة التوصل إلى تسوية دائمة وعادلة للنزاع، بداية في الإدعاء الذي أرساه رئيس الوزراء العمالي الأسبق ووزير الدفاع الحالي أيهود باراك، عقب فشل محادثات كامب ديفيد (2000) بشأن "عدم وجود شريك". ثم في مطلب- ذريعة الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، مبينا في هذا السياق أن هذه الذريعة طرحت أولا في أثناء انعقاد مؤتمر أنابوليس (2007) لكن الجانب الفلسطيني رفض تضمينها حتى للبيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر فأزيلت من جدول الأعمال.

وتابع شلحت قائلا إنه جرى بعد ذلك "تطوير" هذه الذريعة لتخرج بـ "حلة جديدة"عبرت عن نفسها في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو في جامعة "بار إيلان" بمطالبته بـ "الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي"، ثم ألحقها بذرائع "جديدة" أخرى من قبيل "السلام القابل للدفاع عنه" و"ترتيبات أمنية صارمة" و"الاحتفاظ بقوات إسرائيلية في غور الأردن"وغيرها وأكد شلحت في خلاصة عرضه ان الغرض الحقيقي من هكذا ذرائع وشروط تعجيزية هو "التهرب من استحقاقات السلام التسوية العادلة للنزاع" كما أنها محاولة "للهروب من الضغوط الدولية التي بدأت إسرائيل تتعرض لها فعليا" سواء فيما يتعلق بتجميد الاستيطان والتوسع على الأرض الفلسطينية أو فيما يتعلق بوجوب الاذعان لمتطلبات عملية السلام، مشيرا إلى انه "لو وافقت السلطة الوطنية على هذا المطلب أو الإشتراط – أي الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي- لكانت قد حققت لإسرائيل والحركة الصهيونية أكبر إنجاز سياسي، يوازي إنجازها العسكري في حرب العام 1948" من حيث أن ذلك "سيغلق الباب نهائيا على المطلب الفلسطيني العادل بشان حق العودة للاجئين الفلسطينيين من العام 1948، وعلى نشوء وضع تطالب به الأقلية الفلسطينية الاصلانية داخل إسرائيل بحقوق قومية".

وختم شلحت محاضرته مشدداً على أن إدعاء نتنياهو برغبته في السلام هو إدعاء مخادع، وأن كل ما يهمه هو أن لا يتحمل وحكومته مسؤولية فشل محادثات السلام، لاسيما في ظل ما أصاب مكانة إسرائيل في الساحة الدولية من تراجع ووهن في الفترة الأخيرة، خاصة بعد تقرير غولدستون بشأن الحرب على قطاع غزة، وإعتداء إسرائيل على قافلة أسطول الحرية، محذرا من ان الموافقة على هذه الشروط والذرائع الإسرائيلية التي تطول حبالها باستمرار، سيعني الاعتراف بشرعية الحركة الصهيونية وما تدعيه من حقوق تاريخية وقومية لـ "الشعب اليهودي" في فلسطين، ما يعني بالتالي أن الحركة الصهيونية كانت على صواب وان الحركة الوطنية الفلسطينية وتضحيات الشعب الفلسطيني منذ البداية وحتى اليوم كانت على خطأ،، مؤكدا أن رفض السلطة الوطنية والعرب لهذه الشروط سيجبر دولة الاحتلال على تغيير الكثير من مواقفها خاصة وأن الضغوط والمعارضة الدولية للاحتلال الإسرائيلي بدأت تتصاعد وتتسع بشكل غير مسبوق.

بعد ذلك قد معتصم عموص مداخلة قصيرة دان فيها التصريحات العنصرية لوزير الخارجية الإسرائيلي أبيغدور ليبرمان مشيرا إلى أن "قانون الولاء لإسرائيل دولة يهودية والمواطنة" الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية أخيرا لن يكتب له النجاح على أرض الواقع، مشيرا إلى أن الاحتلال وإجراءاته القمعية والمنافية لأسس عملية السلام تؤكد أن إسرائيل تبحث عن ذرائع للتهرب من استحقاقات السلام وأن على العالم التحرك للجم إسرائيل وإجبارها على تطبيق قرارات الشرعية الدولية. تلاه مدير عام وزارة الثقافة آفي محافظات الشمال عبد الناصر صالح، الذي قال في تعقيب مقتضب أن "كل الممارسات الإسرائيلية منذ قيام إسرائيل، هي ممارسات نابعة من الفكر الصهيوني الذي هو فكر عنصري ضيق يتنكر لوجود الشعب الفلسطيني على أرضه".

وجرى في ختام المحاضرة والمداخلات فتح الباب أمام الحضور للنقاش وطرح الأسئلة.