إسرائيل أبرتهايد جديد.

الموقع: مركز خليل السكاكيني الثقافي-رام الله
الفعالية: ندوات

د. هنيدة غانم

سوف نحاول هنا الخوض في سؤال أخذ يشغل حيزاً كبيراً الكثير من النقاشات في الآونة الأخيرة وهو: هل إسرائيل هي دولة ابارتهايد؟: هذا السؤال حسب رأيي، ولا يجوز الاكتفاء بالاجابة عليه بنعم أو لا. ولعل السؤال الأهم هو لماذا هذا الإصرار على استخدام مصطلح ابارتهايد في وصف إسرائي؟ ما هي الفائدة او الضرر المترتب على هذا الاستخدام؟ هذا السؤال ستحاول الإجابة عليه د.ليلى فرسخ، وهي مختصة في الاقتصاد السياسي ومحاضرة في جامعة "بوسطن" ومؤلفة كتاب "العمالة الفلسطينية في إسرائيل" وهي ايضا ومحررة عدد خاص من مجلة الدراسات الشرق أوسطية صادر عن MIT حول "النكبة" و"النكسة" ومحاولة مراجعة هذين الاصطلاحين من جوانب مختلفة، سياسية ثقافية واجتماعية، و د.صائب عريقات رئيس طاقم شؤون المفاوضات، قبل الخوض في السؤال المهم (هل إسرائيل دولة ابارتهايد، ولماذا هذا الاصرار على استخدام هذا المصطلح؟).

أود في بداية أن أوضح شيئا بخصوص ما يعنيه مصطلح "الابارتهايد" فهو كلمة مأخوذة من الأفريكانا لغة الهولنديين البيض المستعمرين في جنوب إفريقيا وهي تعني الفصل (سفيرتين أبارت انجليزي) الذي تجد عمليا بالفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وهو نظام غير مقونن منذ دخول الاستعمار البريطاني والهولندي إلى جنوب إفريقيا ولكن تم تحويله إلى شكل من أشكال النظام السياسي المقونن النظام السياسي في عام 1948 بعد الانتخابات التي جرت في جنوب إفريقيا ففي ذلك لعام جرى تصنيف في هذا البلد على أساس عرقي، حيث صنفا في إطار أربع مجموعات رئيسية الأولى هي طبعا مجموعة البيض والثانية مجموعة السود والثالثة مجموعة الملونين والرابعة مجموعة الهنود إضافة إلى مجموعة خامسة اطلق عبيها (هرري وايت) يعني بيض تشريفيين، وضمت مهاجرين من أصل صيني ومن جنوب شرق أسيا أما لماذا تم تصنيفهم (هنري وايت انجليزي) ومنحهم جميع الحقوق التي تمتع بها البيض في جنوب إفريقيا فهذا عائد لوجود علاقات جيدة جداً سياسية وتجارية بين دولة "جنوب إفريقيا" والدول التي كان هؤلاء يأتون منها.

بطبيعة الحال فإن الأساليب التي أتبعت، خاصة البيروقراطية والقانونية، من أجل تطبيق العنصرية كانت واحدة من الأمور المثيرة دائما بالنسبة لهذا النظام وقدرته على تسويق سياسته الفصل هذه في سحب الجنسية من السود وإعطائهم جنسيات تابعة لكانتونات (بنتوستانات) محددة حيث كانت هناك عشرة كانتونات من هذا النوع مخصصة لكن وعزل للأفارقة السود الذين كانوا يحملون جنسيات هذه المناطق، والتي كانوا يحتاجون للحصول على تصاريح خاصة إذ ما أرادوا الخروج منها إلى العمل أو غير ذلك المر. هذا الأمر يجسد الأتوناميا الثقافية لهذه المجموعات بالأساس تم اعتماد اللغات القبلية في هذه المجموعات من أجل التأكيد على التميز أو الإختلاف الثقافي لهذه المجموعات ذاتها.

تعطى كل مجموعة جنسية "البنتوستانط الذي تقيم (تعزل) فيه وذلك كجزء من حق تقرير المصير، وهو ما يشير إلى كيفية تسويق السياسات العنصرية عبر خطاب يستخدم حقوق الإنسان. وهذا في المحصلة يذكر بطريقة أو بأخرى بالخطاب الإسرائيلي الذي يصاغ من أجل الترويج لبعض السياسات وعلى سبيل المثال، لغاية العام 1994 كانت إسرائيل ترفض قيام المرأة المتزوجة بطلب جمع شمل زوجها إذا كانت هي من القدس ومتزوجة من شخص من سكان الضفة الغربية، بادعاء أن المرأة حسب العادات والتقاليد العربية هي التي تتبع الرجل وليس العكس؟! ومن الأمور الأخرى الموجودة في القدس رفض السلطات الإسرائيلية إقامة مشاريع بناء سكنية من طوابق للفلسطينيين المقدسيين بزعم أن هذا يضر بالنسيج الاجتماعي الثقافي القائم (؟!) وأن الذي يريد أن يتزوج، يمكنه أن يسكن "فوق بيت أهله" أو " في الحارة التي يعيش" فيها، وذلك ايضا باسم احترام عادات وتقاليد ونسيج اجتماعي معين يتم تسويق أو تمرير سياسات: من الواضح تماماً أن الهدف من ذلك هو آخر شيء احترام حقوق الإنسان إلى آخره، على انه حال سوف نناقش في هذه الندوة سؤال "هل إسرائيل هي دولة ابارتهايد وما الذي يعنيه ذلك ولماذا هذا الإصرار في الحديث عن إسرائيل بمصطلح دولة ابارتهايد؟ وهل الابارتهايد مثلا أفظع من الاحتلال الاستعماري الذي تمثله إسرائيل وما الذي يترتب على كل ذلك..

د. ليلى فرسخ

بداية اشكر مركز "مدار" و الحضور الذين أتوا إلى هذه الندوة المكرسة لموضوع يعتبر مهما جداً ومتداولاً بكثرة في السنوات الأخيرة وهو: هل إسرائيل دولة ابارتهايد؟ وما معنى ولماذا وما هي الفائدة أو الغاية من تعريف إسرائيل كدولة ابارتهايد؟!، سأحاول خلال الوقت المتاح لي الاجابة على هذا السؤال من منطلق ما تجده إسرائيل في وجهة نظري حسب الأبحاث التي أجريتها لم تكن إسرائيل تتوقع أن تصبح دولة ابارتهايد بل سعت بكل الطرق تحاشي مثل هذه الصيرورة.. هذه المسألة برزت بعد حرب العام 1967 وبالذات بعد أسلوا التي أفرزت خلقت واقع أبارتهايد، خلقت واقع كانتونات ومعازل في الضفة الغربية وغزة. للإجابة على هذه الأسئلة وايضاح كيف تحولت إسرائيل إلى دولة أبارتهايد. لا من التوقف بداية عند ثلاثة أمور أولا مراجعة لمفهوم الابارتهايد والأمر الثاني هو مراجعة لأوجوه المقاربة والمفارقة بين التجربة الصهيونية الاستعمارية وتجربة جنوب إفريقيا (البيضاء) الاستعمارية سوف أشرح كيف قامت إسرائيل بعد العام 1967 بإرساء أسس نظام الابارتهايد وبالذات بعد أوسلو وحسب تصوري دون قصد من المفاوضين الفلسطينيين وربما حتى ومن دون قصد المفاوضين الإسرائيليين وذلك من خلال طمس وتهميش المشروع الوطني الفلسطيني و والقضاء على مشروع الدولة الفلسطينية ، أولا ما هو الابارتهايد؟

الابارتهايد هو نظام قانوني إستهدف تكريس التمييز العنصري الذي مارسته حكومة البيض في جنوب إفريقيا من خلال استيلائها على الحكم في جنوب إفريقيا عام 1901وبالذات عام 1911، وذلك عبر القيام بثلاثة أمور أساسية أولا يرسيخ التفرقة الديمغرافية بين السود البيض في جنوب إفريقيا كان ذلك في العام 1913 الذي قام فيه المستوطنون البيض بمحاصرة وعزل السود الذين هم أغلبية السكان في 13% من أراضي جنوب إفريقيا داخل محميات أو معازل. وبنا أن المواطنين السود كانوا يعملون في "الاقتصاد الأبيض" فقد كان المستعمرون البيض بحاجة إلى نظام تصاريح ونظام تمييز عنصري فصل عرقي بين السود والبيض في مدن المستوطنين غير أن مسألة نمو الاقتصاد في جنوب إفريقيا في الأربعينيات تسبب بضغط واسع أدى إلى هجرة عمالية عالية إلى المناطق "البيضاء"، في العام 1948 رأت حكومة البيض الاستعمارية في جنوب أفريقيا أن برنامجها فرض فصل عرقي بين السود والبيض وصل إلى طريق مسدود لأن الهجرة غير مسيطر عليها، فجاء نظام الأبارتهايد الذي صادقت عليه الحكومة التي فازت في انتخابات ذلك العام وصادق عليه البرلمان الأبيض في جنوب إفريقيا وقد استهدف هذا النظام مأسسة وتوسيع نظام الفصل العنصري عن طريق ثلاث ركائز أساسية أولها مأسسة الفصل الجغرافي بين السود والبيض وقالت ان مكان إقامة السود هو في مساحة الـ13% التي خصصت لهم في العام 1913، وحولت هذه المساكن والمحميات إلى بنتوستونات، والبنتستون معناه مساكن "البانتن" وهو لقب أطلق على السود لأنهم قبائل لهم هوية مميزة عن هوية البيض ولديهم ثقافتهم المختلفة، ولذلك فهم بحاجة إلى تنمية مختلفة، وعليه عزلتهم في هذه المساكن، وكان ذلك بداية الفصل الجغرافي.. الفصل الثاني الذي يعتبر مهماً بالنسبة للأبارتهايد تمثيل في مأسسة الفصل الديمغرافي عن طريق تصاريح عمل وتصاريح خروج ودخول من مناطق البيض إلى مناطق السود، قبل العام 1948 فإن هناك في جنوب إفريقيا نظام تصاريح ولكن بعد 1948 قررت الحكومة أن السود ينتمون إلى قبائل مختلفة وقامت بإعطائهم بطاقات هوية مختلفة حسب أسماء مناطقهم وحددت إمكانية خروجهم من المناطق المخصصة لهم في أوقات وساعات محددة.

الركيزة الثالثة والأساسية للأبارتهايد هي الفصل السياسي فالابارتهايد أقيم اساسا ليخلق فصلا سياسيا وليس ديمغرافيا وجغرافياع بين السود والبيض، وهذا الفصل السياسي كانت ركيزته وأساسه بناء البنتوستونات (محميات للسود) حيث أقيمت 10 بنتوستونات منح السود فيها حكما ذاتيا قابلا للتوطور إلى دولة وأصدرت حكومة البيض أربع قوانين مهمة أولها في العام 1951 وآخرها في العام 1974 أعطت للسود هذه العشر بنتوستونان، وقالت هذه المناطق يكون السود فيها أغلبية على أساس أنهم قبائل مختلفة لا ينتمون إلى قومية واحدة وإنما إلى قوميات مختلفة ولكل منها لغتها، وأكثر واحدة متحدة او فيها غالبية من قوم واحد (سكرم سكاي انجليزي). وقررت السلطة البيضاء في العام 1960 وطورها الإعلان عن أربعة من هذه البنتوستونات جاهزة لتكون دول مستقلة وفي العام 1974 أعلنوا عن احدها دولة مستقلة وخلقوا شيئا اسمه مواطنه بنتوستونات وفي هذه البنتوستونات كان السود يتمتعون بحكم محلي بمعنى عندهم مجلس تشريعي وجهاز قضائي ودستور وانتخابات ومجالس محلية كما منحوا الحق في تحديد سياستهم الاقتصادية والتربوية والسياحية وخلقت إمكانيات للاستثمار والبناء وسمحت لهم ببناء مناطق صناعية على الحدود. على مدار 15 عاما، من العام 1960 وحتى العام 1974 كانت هذه تجربة تعلم إنشاء التحتية لتكوين الدولة وفي العام 1974 أعلنت أن أربعة من هذه البنتوستونات) جاهزة للتحول إلى دول مستقلة أقامت معها دول الأبارتهايد في جنوب أفريقيا علاقات دبلوماسية، لكن المجتمع الدولي رفض الاعتراف بهذه البنتوستونات معتبراً أنها جزء لا يتجزأ من النظام العنصري الابارتهايدي ذلك هو نظام الابارتهايد وهذه هي أهمية ومركزية البنتوستونات بالنسبة له إنها مركزية الفصل السياسي بين أصحاب الأرض الأصليين والمستوطنين الذين جاءوا إلى جنوب أفريقيا. أما بالنسبة لكون هذه التجربة الاستعمارية تتشابه مع التجربة الاستعمارية الإسرائيلية، فإن أول نقطة تشابه بين المشروع الصهيوني والمشروع الجنوب أفريقي ابارتهايدي هي في البعد الاستعماري للمشروعين. ففي في كلا المشروعين في جنوب إفريقيا وفلسطين، أتى مستوطنون من الخارج استولوا على أراضٍ مأهولة وطردوا سكانها وأصحابها الأصليون ولكن في ثلاثة عوامل أساسية تميزت تجربة جنوب إفريقيا عن التجربة الاستعمارية الصهيونية إذ أن الإسرائيلية والصهيونية كانتا حساستين جداً لهذا الموضوع منذ البداية. بمعنى أن إسرائيل تجنبت بكل الطرق أن تستوعب إقتصاديا وتقبل الوجود الديمغرافي العربي، القائم في فلسطين. وبعكس "جنوب إفريقيا" التي لم تحاول طرد السود وإنما حاولت أن السيطرة عليهم كي تستغلهم اقتصاديا. والسيطرة على السود جرت هناك عن طريق الاستيلاء على أراضيهم ووضعهم في بنتوستونات ولكن من خلال استغلالهم اقتصاديا. ولأن المستوطنين البيض كانوا أقلية (22% فقط) من سكان جنوب إفريقيا والسود كانوا 80% لم تكن سلطة البيض الاستعمارية معنية بطردهم من كل جنوب إفريقيا، لأنها كانت بحاجة لهم. أما في المشروع الصهيوني فقد كان هناك إصرار على أهمية الهوية اليهودية للدولة العبرية، وأهمية طرد الفلسطينيين من أراضيهم وعدم الاعتماد عليهم اقتصاديا. وفي العام 1948 تم طرد وتهجير ثلثي السكان الفلسطينيين من أراضيهم، ولم يكن لدى إسرائيل أي استعداد (لغاية الآن) للموافقة على عودة اللاجئين الفلسطينيين وهو ما وهذا يبين مركزية وأهمية الطابع اليهودي والأغلبية الديمغرافية اليهودية في دولة إسرائيل. ثانيا سعى المشروع الصهيوني بقيادة بن غوريون وحزب "العمل" منذ العشرينيات إلى تجنب أي اعتماد اقتصادي على اليد العاملة الفلسطينية لكي لا يتطور الوضع مستقبلا إلى نظام ابارتهايد، رغم أن عدداً كبيراً من الصهيونيين الرأسماليين في الثلاثينات كانوا يريدون الاعتماد على اليد العاملة الفلسطينية لأنها كانت ارخص وأفضل لكن بن غوريون الذي رفع شعار اليد العاملة العبرية و "العمل العبري" وخلق "الإنسان العبري اليهودي الجديد"، نجح إلى حد بعيد في ان يهمش هؤلاء الرأسماليين الذين كانوا يعتمدون على الأيدي العاملة الفلسطينية حتى قبل قيام دولة إسرائيل فقد كانت نسبة العمال الفلسطينيين الذين عملوا في القطاع اليهودي قبل العام 1948 يتراوح بين 30% إلى 35% وبعد قيام دولة إسرائيل انخفضت هذه النسبة إلى 20% من مجمل الفترة العاملة في إسرائيل. بعد إحتلال العام 1967 الضفة الغربية وقطاع غزة واظبت إسرائيل على تهميش دور العمال الفلسطينيين في القطاع اليهودي رغم أنهم شكلوا في الثمانينات ما نسبة 30% إلى 40% من سوق العمل الإسرائيلي. أما اليوم فقد أصبحت هذه النسبة صفر % بالنسبة لغزة و12% بالنسبة للضفة، ولكن هؤلاء العمال رغم أهميتهم للاقتصاد الكبير و للاقتصاد الفلسطيني، لا يشكلون الآن أكثر من 7-8% من مجمل العاملين في إسرائيل، من ناحية ديمغرافية ومن ناحية اقتصادية تجنبت إسرائيل ان الوقوع في مأزق أبارتهايدي فعمدت إلى طرد وتهجير السكان الأصلين، الفلسطينيين وهناك عامل ثالث مهم جداً وهو مفارقة تجربة الابارتهايد في جنوب إفريقيا والمشروع الصهيوني إذ أن المجتمع رفض كليا فكرة البنتوستونات وفكرة تطور مختلف للسود ومواطنة مختلفة للسود إضافة إلى مقاومة السود، حيث أعلن المؤتمر الوطني القومي الأفريقي في العام 1955، بعد تطبيق نظام الابارتهايد عن "ميثاق الحرية" الذي رفض جميع أشكال فصل السود عن البيض وطالب بـ"دولة جميع مواطنيها"، علينا أن نتذكر هنا أن السود (المؤتمر الوطني الإقريقي) ناضلوا ممن أجل هذه الفكرة إلى أن تحققت في العام 1993 وقد ساعدهم في ذلك المجتمع الدولي منذ العام 1974 حيث وقف مناصرا لموقف المؤتمر الوطني الإفريقي. أما الوضع الفلسطيني -الإسرائيلي فقد كان أصعب لأن المجتمع الدولي قرر منذ العام 1947 أي منذ قرار التقسيم ان الحل الوحيد للصراع العربي -الإسرائيلي ليس في وجود دولة واحدة، بل بل في |التقسيم" الذي رأى فيه الكثيرون حلا إجراميا بحث سكان البلاد الأصليون.وقد كانت هذه مسألة أساسية، وهي أن الشرعية الدولية منحت المشروع الصهيوني ما لم تمنحه للمشروع الابارتهايدي في جنوب أفريقيا هذه هي العوامل الثلاثة، واقع ديمغرافي مختلف، واقع اقتصادي مختلف، واقع دولي أو حل دولي مختلف للحالتين. فكيف وصلنا من هذا الاطار المختلف إلى واقع ابارتهايدي؟ هذا الطريق بدأ بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع في العام 1967 إذ أن إسرائيل ورغم ظهور انتقادات واسعة في أوساط اليساريين الذين كانوا خارج البلاد، لم تسع في حينه إلى حل على مبدأ الدولتين الذي أعلنته الأمم المتحدة في قرار التقسيم رقم 181 انما اتبعت سياسة تقوم الضم الجغرافي لأكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية وسعت إلى فصل ديمغرافي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبذلك بدأت بدايات مشابه للمشروع الابارتهايدي في جنوب أفريقيل. من خلال بناء المستوطنات والسيطرة على الأرض و مصادرة الأراضي مع الحكم العسكري بدأت إسرائيل بتوسع وتكريس وجودها على أرض الضفة الغربية وغزة وفي نفس الوقت أخذت تحاول منذ العام 1978 الإدعاء بمطالب في الضفة الغربية وغزة، مع أن المجتمع الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 242 لم يعطها أي أحقية بذلك وعملت على فرض وقائع على الأرض يكون لها أهمية وعمليا وهذا ما حدث عمليا ففي العام 1978 كان هناك فقط 20 ألف مستوطن فقط واليوم (في العام 2009) بات هناك نصف مليون مستوطن تقريبا في الضفة الغربية والقدس، ولكن النقطة الجوهرية هي موضوع الدولة الفلسطينية، لأن المقاومة الفلسطينية كانت مهتمة جداً بفرض الوجود وحق تقرير المصير الفلسطيني في الساحة الدولية والساحة السياسية. بعد احتلال العام 1967 ولم يتطرق قرار 242 نهائيا للشعب الفلسطيني وتحدث فقط عن "مشكلة اللاجئين" بعدما تأسست منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964، وبعد تولي ياسر عرفات لرئاستها في العام 1969 طرحت حركة "فتح" مشروعها الذي أكد على إقامة دولة ديمقراطية في كل فلسطين، تضم اليهود والمسلمين والمسيحيين، دولة عربية واحدة وفي العام 1971 تبنى المجلس الوطني الفلسطيني المشروع (دولة ديمقراطية في كل فلسطين) لكن هذا المشروع لم يلق له صدى عالميا أو إقليميا وبعد والتحولات السياسية المهمة في منظمة التحرير تبنى المجلس الوطني الفلسطينية في دورته الثانية عشرة في العام 1974 النقاط العشر للمشروع المرحلي وقالت المنظمة ان مشروعها هو إقامة دولة فلسطينية ولكن ايضاً انشاء سلطة وطنية فلسطينية على أي جزء يتم تحريره من فلسطين على أن تقوم هذه السلطة بتحرير بقية فلسطين وبذلك أقرت بمشروع الدولتين، وعمليا قبلت المنظمة هذا المشروع في العام 1988 في إطار إعلان "وثيقة الاستقلال" وقبول المنظمة لقرار 242 الذي ينص على الاعتراف بوجود إسرائيل. وبدأت مفاوضات أوسلو، التي كانت عملية مهمة جداً في التاريخ الوطني الفلسطيني والتي أثارت انتقادات كثيرة ولكنها كانت تنطوي أيضا على "شيء ثوري" الشيء "الثوري" في أوسلو هو أن إسرائيل إعترفت لأول مرة بوجود الفلسطينيين وبحق تقرير المصير الفلسطيني، وهذه نقطة جوهرية ومركزية، وهي التي غيرت طبيعة الصراع مشكلة أوسلو ما كان في عدم وجود تكافؤ في المفاوضات، وسعت إسرائيل في أوسلو إلى تهميش إضاعة حق تقرير المصير الفلسطيني ومشروع إقامة الدولة الفلسطينية من أجل المحافظة على سيطرتها الجغرافية على كل فلسطين، لقد رسخت عملية أوسلو ثلاثة أشياء قربتها بشدة إلى المقاربة بين تجربة جنوب إفريقيا وتجربة الواقع الفلسطيني فهي أولا مهدت للتجزئة الجغرافية للضفة الغربية وغزة من خلال تقسيم المناطق إلى ا،ب،ج، وأيضا من خلال الصلاحيات التي منحتها اتفاقيات أوسلو لإسرائيل في ممارسة سياسة الاغلاقات الحواجز والإدعاء بمطالب في الضفة الغربية ثانيا مأسسة سياسة التصاريح. قبل العام 1988 كانت الحدود مفتوحةثم اتبع نظام التصاريح أولا في قطاع غزة في العام 1988 وبعد ذلك في الضفة في العام 1990 وبالتالي عندما نتحدث عن نظام تصاريح فإن هذا النظام كان متبعاً في جنوب إفريقيا. أصبحت حركة الناس وحركة العمال وحركة العائلات كلها محكومة بإذن صادر من الحكومة الإسرائيلية. ليس فقط في داخل أراضي العام 1948 وإنما أيضا داخل الضفة الغربية ذاتها إضافة إلى الدخول والخروج من وإلى قطاع غزة. وفي النهاية منحت حكماً محلياً للفلسطينيين وسمحت لهم ببناء المؤسسات المرتبطة بمشروع وطني مهم. أوجه وجوه المقارنة بينها وبين صلاحيات حكومات البنتوستونات قائمة فعلا، حيث كان هناك مجلس تشريعي وكذلك لدى السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع.. هناك لم تكن سيادة، وهنا أيضا لا توجد سيادة فلسطينية. هناك كانت بنية إقتصادية معتمدة على معونات وهنا أيضا تعتمد السلطة الفلسطينية على معونات من دول أوروبية ولكن ثمة فرق أساسي بين الحالتين وهو أن المجتمع الدولي أقر أخيراً في خريطة الطريق في العام 2003 ان الحل للصراع العربي -الإسرائيلي لا يتمثل فقط في حل الدولتين وإنما في إنشاء دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة، وهو كان سيف ذو حدين، فمن جهة اعترفوا بحق تقرير المصير وبحق الدولة لفلسطينية ولكن من جهة أخرى وافقوا على إمكانية تهميش وطمس فحوى هذه الدولة فالذي يحصل اليوم عمليا هو أن الدولة الفلسطينية على أنها دولة باتت بمثابة "بنتوستونات" تسوق، ولغاية من ذلك تهميش وتضييع القضية الفلسطينية هذا لا يعني اليأس أو الاستسلام لهذا الواقع، لكنه يطرح إمامنا أسئلة كثيرة مهمة يجب أن نجب عليها، هناك حاجة ماسة لمراجعة أسس القضية الفلسطينية ومراجعة المشروع الوطني الفلسطيني كما يمكن مراجعة صياغة ما معنى دولة واحدة أو ما معنى دولة فلسطينية وإعادة تفسير ما معنى المقاومة وإستعادة مركزيتها، كي تكون المقاومة فعالة يجب أن يكون المشروع الفلسطيني واضحاً وهنا نحن بحاجة إلى إعادة نقاش أبعاد التجربة التي عاشها الشعب الفلسطينية وقدم فيها الكثير طوال 60 عاماً.

د. صائب عريقات

عندما استلمت الدعوة من مركز "مدار" فكرت قلت لنفسي "شو حقل هل الألغام والذي أنا رئيس طاقم شؤون المفاوضات مع اسرائيل بدي ادخل فيه" قررت أن اقبل التحدي كوني أكاديميا أحب أن أُحلل الأمور لعناصرها الأولى. فكرت كثيراً ما هي جدوى المقارنة بين وضعنا والوضع في جنوب إفريقيا سابقاً. الاحتلال الإسرائيلي ليس احتلالاً مؤقتا، وليس احتلال وفق إدارة محددة للاحتلال عملا بميثاق جنيف وإنما هو احتلال جاء بشكل واضح ومحدد وصريح وقال: "أنا ليس احتلالاً أنا حررت أرض"؟!، سلطات الاحتلال حسب تعريفنا للاحتلال أخذت طابعاً يدفع الفلسطيني في بعض الأحيان أن يجد أوجه المقارنة والتشابه ما بين الابارتهايد في جنوب إفريقيا والاحتلال الإسرائيلي. الأكاديمي الفلسطيني والمفكر الفلسطيني يسأل نفسه: سؤال كم يفيدني أن الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي صراع ديني أو صراع وطني أو صراع سياسي! هنا لا بد أن نؤكد على حقائق محددة. كان شكل الخريطة التي عرضتها د. ليلي فرسخ الخارطة الحالية للضفة الغربية ممكن أن تكون أسوأ من الخارطة الثانية.. المسألة ليست مسألة تشبيه، المسألة ليست بحث عن أوجه شابه. هنا أود أن أقول أن القانون الدولي هو ما يجب ان يرتكز له الشعب الفلسطيني. القانون الدولي حسب تعريفه البسيط من وجهة نظري هو القواعد التي تحكم سلوك الدول مع بعضها البعض، والناس مع بعضهم البعض وبالطبع فإن القانون الدولي يحمي المصالح والحقوق والمطالب الفلسطينية، الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967 ليس جزءاً من إسرائيل يتمتع بحقوق أقل مما يتمتع بها الإسرائيلي. الشعب الفلسطيني شعب تحت احتلال نضاله هو من أجل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحددوها العام 1967، وهذا ما أقره لنا القانون الدولي واقرته سلسلة قرارات في مجلس الأمن، وهذا ما قررته أيضاً خارطة الطريق تاني نصت في مقدمتها على ان هدف عملية السلام هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في العام 1967، وعندما تطرقت للدولة ذات الحدود المؤقتة قدمت خيار المراحل الذي رأى فيه الجانب الفلسطيني خياراً غير ملزم له، وقلنا أنه ليس خيارنا وعبرنا عن هذا الموقف أكثر من مرة فيما يتعلق بهذه الأرض أريد أن أرى الحركة الصهيونية حتى أستطيع أن أرى التشابه يفيدني أو لا يفيدني"، أنا كـ فلسطيني، أقسم الفكر الصهيوني إلى خمس مراحل، المرحلة الأولى هي مرحلة لا وجودية، كيف فكر الصهيوني كيف فكرت عام 1897 في مؤتمر بازل نعطي" أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" أنا أسميها لا وجودية، أنكروا وجود 502 ألف فلسطيني مسيحي ومسلم على هذه الأرض هذه المرحلة استمرت حتى العام 1917 والذي صدر فيها وعد بلفور والذي نادى وقال بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، مع الحفاظ على الحقوق الدينية والمدنية للأقليات غير اليهودية في فلسطين. 8% من اليهود اقر لهم الحق في الوطن و92% من الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين اعتبروا كجالية وأقلية لها حقوق مدنية ودينية ليس إلا بمعنى "نقر بوجودك لكن أنت أقل من إنسان" هكذا بصراحة. هذا علما أنه في عام 1917 كان يأتي إلى فلسطين كل أربعة اشهر 50 ألف عامل من دول الخليج للعمل في المزارع الفلسطينية. وكانت يافا مركز التجارة كانت هناك 17 جريدة ومجلة تصدر بشكل يومي وأسبوعي في فلسطين. استمرت الرحلة في الفكر الصهيوني إلى عام 1948، عام قيام إسرائيل وتحولنا إلى لاجئين أقيمت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) وبدأت مراكز أنشطة تعمل في المخيمات بالتأهيل والتدريب والتوطين، تحولت القضية الفلسطينية إلى فضية تعامل مع ألاجئين. انا لا أريد أن أرى التشابه، يعني فالذي حصل مع الفلسطيني يفوق ما حصل مع غيره أنا لست أفهم أنا لماذا تقارن ما حصل لنا مع غيرنا. فما بين العام 1948 إلى العام 1965، 40% من كل ما مولود في مخيمات اللجوء الفلسطيني مات قبل ما أن يبلغ عمره سنة واحدة، أربعة من كل عشرة ولدوا في المخيمات ماتوا قبل بلوغهم سنة، وعندما نهض قائدنا الخالد ياسر عرفات في الثورة الفلسطينية المعاصرة لم ينهض فيها حبا بالقتل والاقتتال بل لوقف هذه المجزرة، لوقف هذه الإبادة لشعب فلسطين هذه حقيقة، ولما نهضنا بالسلاح في المرحلة الرابعة من الفكر الصهيوني تحولنا إلى إرهابيين من العام 1965 إلى العام 1993.

بالنسبة لأوسلو: أنا كنت نائبا المرحوم الدكتور حيدر عبد الشافي في واشنطن ولم أكن على علم ان أن هناك في مسار اسمه أوسلو، لكنني طلبت أن اقرأ الاتفاق.. الفقرة الأولى فيه تقول "حكومة دولة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني" قلت أنا لا أقبل لأن نظرتي إلى الأمور في بلور الفكر الصهيوني ونظرته للفلسطيني ليس أكثر من إنسان والآن هو يقر بنا كشعب فلسطيني وبالتالي المكونات نتحدث عنها في أوسلو أوسلو كان عبارة عن اتفاق يضمن 63 بنداً لا فيه لأي بند آلية تنفيذ كان الإسرائيلي يقول: لا مفاوضات حول القدس واللاجئين، ولا مفاوضات مع أحد من منظمة التحرير ومن القدس في اتفاق أوسلو قبل الإسرائيلي بالتفاوض حول القدس في إطار مفاوضات الوضع النهائي كذلك الحال بالنسبة للاجئين وللاستيطان وللحدود والأمن. لا نريد خلط الحابل بالنابل فهذا لا يخدم مصلحتنا هناك نقطة ارتكاز اليوم إسمها القانون الدولي. أعرف ان هناك في الافريكان "سبريشن" ولكني أعرف أن الاحتلال أعلى أنواع الإرهاب، ليس هناك شيء أفظع من الاحتلال بالنسبة لإخضاع الشعوب الأخرى وبالتالي نقطة الارتكاز لدي اليوم أن العالم أجمع يدعو ويؤسس لحل على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ العام 1967. بمعنى أنا لا أريد أن أكون مواطنا في إسرائيل اتمتع بحقوق متساوية" أنما مواطن في فلسطين، مواطن فلسطيني في دولة مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، حتى نعيش في أمن وسلام. مبدأ الدولتين الذي أقره القانون الدولي إذن نضالي، كفاحي، مفاوضاتي، كل ذلك بهدف الوصول إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة، التي شطبت من الخريطة. وعد بلفور قرروا شطب فلسطين وبناء إسرائيل، والدولة العربية الوحيدة التي قبلت اتفاقية سايكس-بيكو قبلتها على الخارطة. في العام 1948 أقيمت إسرائيل وكان والعالم كله إفريقيا وآسيا يسير باتجاه الاستقلال حيث أعلن استقلال كثير من الدول في الخمسينات والستينات بينما سرنا نحن في طريق معاكس جردنا من مبدأ الهوية الوطنية كشعب فلسطيني، وهذا علني دفعنا إلى تكريس هويتنا الوطنية الفلسطينية وقرارنا الوطني المستقل. لكن في جزئية إقامة الدولة الفلسطينية والسيادة، هذا قراري كفلسطيني، لا نستطيع ان نحول منظمة التحرير الفلسطينية إلى جامعة دول عربية مصغرة تحت أي مسمى.

كان علينا أن نحدد ماذا نريد؟ ما هي نقاط ارتكازنا، ما الذي يخدمنا وما الذي لا يخدمنا؟ خيارنا الذي يجب أن نركز عليه خيار الدولتين في حدود العام 1967، دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية تعيش في أمن وسلام بجانب دولة إسرائيل وتحل قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها قضية اللاجئين استناداً إلى القرارات الشرعية ذات العلاقة: إذن إسرائيل اعتقدت، والعيب هنا ليس في المفاوضات ولا في أوسلو او في الاتفاقات الموقعة، العيب في حكومات إسرائيلية تنكرت لهذه الاتفاقات الموقعة وأصرت على فرض الإملاءات اعتقاداً منها أن السقف الفلسطيني سوف ينخفض، وانطلقت من معيار أن الحقائق على الأرض هي نقطة ارتكاز سلوكهم التفاوضي بمعني أن كل ما فرض على الأرض من الاستيطان و جدار عازل إلخ.. يجب التعامل معه كحقيقة واقعة؟! كلا هذا بالنسبة لي لا يخلق حقا ولا ينشأ إلتزاما أنا بعرف أن إسرائيل دولة قوية وتمتلك 5000 دبابة و2500 طائرة وسلاح نووي وأدرك أيضا أن كلمتي ضد كلمة أي إسرائيلي في كونغرس أو برلمانات أوروبية لا تغير كثيرا في سياسة الدول، لأن العلاقات الدولية ليست قائمة على مبادئ العدالة والأخلاق والتسامح، ولو كانت هذه المعايير قائمة لما كان الشعب الفلسطيني قابعاً في الوضع الذي يعيش فيه اليوم

لقد حددنا ما نريد: دولة فلسطين المستقلة في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هذه نقطة ارتكاز استطعنا أن نجمع العالم أجمع حولها. لا أحد الآن ضد هذه المسألة لأنها متوافقة مع القانون الدولي ونظامنا يجب أن يرتكز عليه لأنه إذا ارتكزنا على القانون الدولي نبتعد بالضرورة عن الشعارات التي لا طائل منها. وأيضا نبتعد عن التنازلات التي لا كرامة معها والتي يحاولون فرضها علينا.

إذن هناك المبادئ في وثائق محددة في القانون الدولي، سواء كان معاهدات أو اتفاقات أو قرارات، وهي ما جرى التعاون على تسميتها بالشرعية الدولية. هذه هي نقطة ارتكازي في خياري كفلسطين وإذا كانت إسرائيل لا تريد أو تعتقد كما ورد في خطاب نتنياهو اليوم في الكنيست ان هناك شروطاً علينا بأن "نعترف بيهودية الدولة" وأن نعترف أن القدس عاصمة لإسرائيل، وأنه لا وجود لقضية لاجئين، وأن نقر بأن تكون دولتنا الفلسطينية منزوعة السلاح وأن نعترف أن حدودنا ومعابرنا وسماؤنا تحت السيطرة الإسرائيلية إلخ..، وبعد ذلك يقول لي تعال نتفاوض بدون شروط وإذا أردت أن تسمي بعد كل هذه الشروط ما تبقى لك دولة سميها دولة!! عمليا لم يقبل مبدأ الدولتين خلافا لما روج له البعض ورحبوا به فما تحدث عنه نتنياهو لا يرقى إلى مستوى الوصاية والمحمية ولا التبعية ولا الانتداب ولا أي من المظاهر التي عرفتها العلاقات الدولية في علاقة الحاكم والمحكوم، سواء كان احتلال أو غيره. الذي يتحدث عنه هو وجهة نظر بنتسيون نتنياهو، أب نتنياهو الذي يقول: على أرض إسرائيل الكبرى أقلية يجب ان نعاملها باحترام بعدما ننفذ مشروعنا. يعني حتى كلمة حكم ذاتي ليس موجودة حقيقة ولا انتداب ولا وصاية ولا محمية وبالتالي إذا كانت هذه هي شروط نتنياهو ويعتقد أنه لا يوجد سلام بغير هذه الطريقة فنجن نقول بصراحة تامة لا يوجد في الشعب الفلسطيني، مهما كانت خلافتنا ومهما كان حالنا والكرب الذي نحن فيه، أي جهة يمكن ان توافق على هذا الطرح، لأننا نبحث عن اتفاق عادل، والاتفاق العادل يوفره فقط القانون الدولي والشرعية الدولية، وبالتالي هذا يقودنا إلى الخيار الثاني إذا كان يريد خيار الدولة الواحدة من النهر إلى البحر فليتفضل للتفاوض معنا إذا كان يوافق على خيار الدولة الواحدة عندئذٍ أستطيع الخوض في عالم التشبيه والمفارقات، خياره الثالث الذي يمارسه اليوم في الضفة الغربية ليس اتفاق أوسلو، اتفاق أوسلو نص على أن تتحول مناطق أ، ب،ج، في العام 1996 لتصبح تحت الولاية الكاملة للسلطة الفلسطينية مع بقاء مساحة 10% من الضفة الغربية يتم التفاوض حولها في مفاوضات الحل النهائي، لقد تنكروا لهذا الاتفاق وقالوا لا مواعيد مقدسة، ويريدون أن يستمروا في الاستيطان، وإذا خالف الفلسطيني الاتفاق لديهم خيارات أن يغلقوا رام وريحا و أينما ما يريدون. وإذا أما إذا خالف الإسرائيلي الاتفاق فكل مانستطيع هو متابة رسالة إلى دنس روس وخافييرسولانا وإلى السناتور متشيل. إذن الخلل هنا أني جزء من منظومة دولية لا بد من البحث فيها بشكل جدي والدول تتبع لمصالحها وليست جمعيات خيرية يعني هل أفاق الرئيس اوباما وأنبه وضميره حين قال للرئيس أبو مازن إن إقامة دولة فلسطين مصلحة أميركية عليا؟! كلا الرئيس أوباما رأى أن حدود أميركا الجغرافية لم تعد مع كندا والمكسيك والمحيطين، حدود أميركا الجغرافية اليوم مع تركيا ومع إيران وباكستان وأوزبكستان والصين ومع السعودية وسورية والأردن، هذه هي جغرافيتهم السياسية والجغرافية السياسية في منطقة ما تختلف بإختلاف الدور الوظيفي للدول في هذه المنطقة وكل الدول قائمة على أدوار وظيفية وبالتالي أميركا لم تعد بحاجة لحماية مصالحها لأمن إسرائيل ولا غير إسرائيل، المهم فهمي الدقيق للتطورات الحاصلة حتى أعرف أين مكاني وأين حدودي، كي أعرف كيف أحقق مكاسب وأن أوظف آليات للحد من الضرر. الخيار الأخير لإسرائيل وهو ما يحصل في الضفة الغربية اليوم بمعنى إذا استمروا فيه سيقود إلى نظام أبارتهايد ذلك لأنه أمراض مثل العنصرية لم تدخل على مر التاريخ تحت جلد أي منا، لا أحد لديه حصانة منها انظروا سلوك التاريخ جيداً سلوك الإنسان، الإنسان دائما لديه محورية ان يبرر الأشياء التي يفكر بها، وقد برر الإنسان عبر التاريخ مظاهر العنصرية أحيانا في الناحية الاجتماعية مرات من ناحية اقتصادية و من ناحية أمنية. في النهاية، أود التأكيد في عجالة على الأني:

يجب أن نرتكز إلى القانون الدولي هو المكان الصحيح، والقائد والمسؤول هو الذي يحدد للناس ما يجب أن يسمعوه. نقطة ارتكازنا الأساسية ونقطة قوتنا والتي يتفق معنا العالم حولها، هي القانون الدولي و الشرعية الدولية.

لقد كرست الثورة الفلسطينية الهوية الوطنية الفلسطينية عام ،1977 بقبولها مبدأ الدولتين أو النقاط العشرة ليلتقي في العام 1988 في نمو طبعي للفكر الفلسطيني، نحو تأسيس للفكر الذي يقوم على أساس مبدأ الدولتين. أنا أدرك حجم الضغط الذي نواجهه، وحجم ما تقوم به إسرائيل من ممارسات من إقتحام واغتيال استيطان وبناء جدران من وحصار وإغلاق إلخ. لكن إذا كانت إسرائيل اسقط أو معنية بإسقاط خيار الدولتين فنحن لسنا معنيون باسقاط هذا الخيار وإذا كان لديهم جاهزية لصنع السلام، فحدود السلام الفلسطيني هو الانسحاب إلى خط 4 حزيران 1967، و إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضايا الوضع النهائي على أساس قرارات الشرعية الدولية بما فيها قضية اللاجئين.

هذا ما تعطيه لنا القوانين والمواثيق والشرعية الدولية وهذا ما يجب أن نتمسك به ولا نحيد عنه.. الشرعية الدولية التي نحن جزء منها، هي نقطة إرتكازنا الأقوى والأضمن.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, وثيقة الاستقلال, ليلي, الكنيست