الصراع العربي الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية 1948-2000

الموقع: رام الله مركز "مدار"
الفعالية: ندوات

عقد المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في مقره بمدينة رام الله، يوم الأحد الموافق 26/11/2006، ندوة جديدة (في نطاق سلسلة الندوات واللقاءات المفتوحة التي دأب المركز على عقدها منذ تأسيسه) خصصت لعرض ومناقشة إصداره الحديث للترجمة العربية لكتاب "الصراع العربي الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية 1948-2000" الذي وضعه الباحث الأكاديمي الإسرائيلي المعروف د. إيلي بوديه (أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية-القدس).

وفي إطار برنامج الندوة التي عقدت في أجواء لافتة من الاهتمام الإعلامي والمهني وبحضور جمهور كبير من المهتمين، الأكاديميين و صنّاع الرأي والقرار والباحثين والمهنيين العاملين في حقل التعليم، تولى الباحث الزميل في "مدار" بروفيسور عزيز حيدر (مدير معهد الدراسات الإقليمية- جامعة القدس) تقديم عرض ملخص لما تضمنته دراسة د. إيلي بوديه، التي صدرت بالأصل باللغة الإنجليزية، وقام بتعريبها من طرف "مدار" الاستاذ وليد أبوبكر، فيما تولى التعقيب على الدراسة كل من د. نعيم أبوالحمص، (وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني سابقاً) و د. خليل نخله (رئيس هيئة الاعتماد في وزارة التربية والتعليم سابقاً)، وقام بإدارة الندوة مدير عام مركز "مدار" د. مفيد قسّوم، الذي استهلها بكلمة ترحيب عَرَّف خلالها أيضاً بالمركز ونشاطاته وأهمية الدور الذي يضطلع به في تزويد وإثراء مكتبة ووعي الفكر الفلسطيني والعربي بكل ما يتصل بالشأن الإسرائيلي وما تمور به الساحة الداخلية الإسرائيلية من اتجاهات وتطورات وحراك على مختلف الصعد.

في عرضه الملخص للكتاب بيّن بروفيسور حيدر في البداية أن هذه الدراسة الإسرائيلية تركز في بحثها على تشريح كتب التاريخ وكتب التربية المدنية (أو كتب "الموطن") التي تدرس في مدارس جهاز التعليم الإسرائيلي منذ العام 1948 ولغاية العام 2000، وأوضح أن السرد البحثي للكتاب يتناول ثلاث مراحل تاريخية مرت بها عملية تدريس هذه الكتب، لكن هذه المراحل وإن تغيرت سماتها، كما أكد بروفيسور حيدر، إلا أن كتب التدريس ذاتها لم تتغير من حيث مضمونها الذي يركز على ترسيخ وتجسيد الوعي الصهيوني. وقال إن المؤلف يتوصل في دراسته إلى خلاصات صافية وصريحة بشأن تصوير هذه الكتب (خاصة كتب التاريخ) للصراع العربي الإسرائيلي، وللإنسان العربي، وأكد أن هذه الخلاصات تفصح عن مضمونها ودوافعها في صفحات الكتاب كافة. واستطرد بروفيسور حيدر مفصلاً: أن الطالب الإسرائيلي بعد أن يكمل 12 عاماً من دراسته لهذه الكتب لايمكن له إلاّ أن يستكمل في وعيه تكوين الصور النمطية عن العرب وعن الصراع العربي الإسرائيلي عامة. وأشار إلى أن الجولات الحربية التي خاضتها إسرائيل كانت تدفع بقوة نحو التركيز على تعليم الصهيونية في المدارس وترسيخ الوعي الصهيوني كهدف من أهداف تدريس كتب التاريخ. وأشار حيدر إلى أن التقلبات السياسية التي طرأت في التسعينيات دفعت نحو الحديث عن القضايا السياسية الحساسة بصراحة أكبر وقناعة بأن "تعليم الصهيونية لايمكن أن يتم بمعزل عن دراسة التاريخ العالمي ككل". وخلص بروفيسور حيدر في عرضه للكتاب إلى القول: إن الكتاب يعرض المراحل التي مر بها تعليم التاريخ في المدارس الإسرائيلية إلاّ أن الصورة النمطية للإنسان العربي ما تزال قائمة على حالها في هذه الكتب، كما أن محاولات إدخال الصراع العربي الإسرائيلي من منظور مختلف إلى كتب التدريس الإسرائيلية كلها باءت بالفشل.

وختم بروفيسور حيدر عرضه مشيداً بالكتاب موضوع الندوة، وقال إنه (كتاب إيلي بوديه) واحد من عدة محاولات مهمة في دراسة وتشريح مناهج وكتب التدريس المعتمدة في إسرائيل.

د. نعيم أبو الحمص أكد في بداية تعقيبه على الكتاب، أن مناهج التعليم الإسرائيلية مليئة بالإساءات وتشويه الحقائق ولا تتناول موضوع الصراع بشكل منطقي، كما أنها لم تعترف بوجود الفلسطينيين وقضية اللاجئين إلا في السنوات الأخيرة.

وقلل د. أبو الحمص من أهمية تقسيم الكتاب لمراحل تدريس التاريخ مشيراً إلى أن "هذا التقسيم ليس له معنى طالما بقيت مضامين كتب التعليم على حالها"، مشيراً إلى أن كتب التدريس في إسرائيل تجاهلت على الدوام البعد الثقافي. وأكد أبو الحمص في هذا السياق على أن "عملية التعليم ككل في إسرائيل تقوم على مبدأ التشويه الثقافي للآخر، الغير، وتمجيد الثقافة الصهيونية" وأن "جهاز التعليم في إسرائيل استخدم كأداة لتصعيد الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني" وأشار إلى أن "العالم بأجمعه وجه انتقادات للمنهاج الفلسطيني حينما بادرت وزارة التربية والتعليم لوضع منهاج للصفوف الإبتدائية، ولكن ورغم ما تتضمنه كتب التعليم الإسرائيلية من مضامين عدائية للعرب إلا أن العالم تجاهل ذلك وانشغل بنا فقط؟" وختم د. أبو الحمص بالقول: "صحيح أن التعليم له دور لكن المعادلة الدولية هي الأهم".

من جهته أكد الخبير التربوي د. خليل نخلة في معرض تعقيبه على الدراسة موضوع الندوة، على أهمية التمييز عند الحديث عن كتابة التاريخ بين التاريخ الرسمي والتاريخ الشعبي. وأشار إلى "أهمية معرفة دور الدولة في إنتاج المعرفة، وأية معرفة تستحق أن يتم إنتاجها وكذلك الأمر بالنسبة للثقافة وإعادة إنتاجها".

وشدد د. نخلة على ضرورة التركيز على المناهج والعلاقات والمفاهيم المرتبطة بشكل وثيق بمهمة إنتاج المنهاج المدرسي، وخلص إلى أن "مفهوم المنهاج المدرسي أوسع من مفهوم الكتب المدرسية". وأجمل د. نخلة منوهاً بأهمية تحديد دور الثقافة في إضعاف هيمنة الدولة على الثقافة وكيف تقوم الدولة بتحديد الذاكرة الجماعية فضلاً عن علاقة الكتب التاريخية ببناء هذه الذاكرة وترسيخها.

وفي ختام هذه المداخلات الرئيسية في الندوة، التي قامت محطة قناة "الجزيرة" الفضائية (الجزيرة مباشر) بنقلها مباشرة في بث حي، طرحت من جانب الحضور العديد من المداخلات والأسئلة المهمة حول موضوع الكتاب وعرضه قام المتحدثون بالرد والتعقيب عليها.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية