قراءة لردود الفعل الإسرائيلية على فوز حماس

الموقع: رام الله مركز "مدار"
الفعالية: ندوات

حاضر فيها الدكتورمسعود إغبارية – رئيس قسم التاريخية – كلية بيت بيرل- متخصص في الشؤون الإسرائيلية. بحضور عدد من السياسيين والباحثين والمهتمين.

فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني: الموقف الإسرائيلي

بدل أن ترحب إسرائيل بانتخابات المجلس التشريعي ونتائجها في 25 كانون الثاني2006 ، لأنها عكست وجود قيم ديموقراطية فكرا وممارسة عند الجانب الفلسطيني، ولأن المجتمعات الديموقراطية لا تحارب بعضها البعض، بدأت إسرائيل باستنفار قواها الإعلامية وأركان الحرب النفسية والاستنجاد بالعالم وكأن "كارثة" قادمة عليها. رأت المؤسسة الحاكمة في إسرائيل ان فوز حماس هو فرصة للانقضاض من جديد على القيادة الفلسطينية على اختلاف تنظيماتها وأحزابها والتخلص منها ببناء جدار سياسي ذي أبعاد عالمية، يستهدف نزع الشرعية عن القيادة الفلسطينية (على المستوى الرئاسي والحكومي والتشريعي) ثم تطويعها ليسهل تحكم إسرائيل بالفلسطينيين وفرض املاءاتها، والعمل الدءوب والمستمر لتفريغ البلاد من الفلسطينيين.

هناك عاملان هامان في نظر اسرائيل يلعبان دورا مركزيا في تحليلنا لنظرة اسرائيل تجاه فوز حماس: القيادة، والشرعية. فالقيادة هي القوى الطليعية التي تسير امام ومع الجماهير وتقودها للحفاظ على حقوقها، وتراثها، ولتحقيق اهدافها وغاياتها. وتعرف الشرعية على انها مدى دعم الجمهور للمؤسسة او الحزب الذي يتولى المؤسسة الحاكمة. إسرائيل لا تعترف بالحق الفلسطيني على ارض فلسطين، ولا تريد أي قيادة فلسطينية، وإن وجدت لا تريدها شرعية، لأن قيادة فلسطينية شرعية، ولا يهم انتمائها التنظيمي، تزيد احتمال تحقيق أهداف الفلسطينيين.

مواصفات الرد الإسرائيلي

1. أكد فوز حماس معضلة في استراتيجية إسرائيل الأمنية: هاجمت إسرائيل لبنان للتخلص من منظمة التحرير، فاتت بحزب الله. وعارضت اسرائيل ياسر عرفات فاتت بحماس ولم تكن تتوقع هذا.

2. يعتبر فوز حماس زيادة في قوة الفلسطينيين، وهو في معادلة الصراع، ضعفا في قوة إسرائيل، وإن بدا ان أمامهم تحديات كبيرة حين وسع القاعدة الشرعية للقيادة الفلسطينية.

3. فوز حماس كان مفاجئا لإسرائيل وكان تحديا لسياساتها لأن حماس منظمة عنيدة في نظر الاسرائيليين.

مواقف أخصائيين

واستعرض الدكتور اغبارية مواقف العديد من الاخصائيين في إسرائيل:

§ بروفسور شاؤول مشعل: حركة حماس لا تتغير من الناحية الإيديولوجية ولن تعترف بإسرائيل ولكن سوف تعمل الكثير في سبيل التكيف للوضع الدولي، مثل اقتراح هدنة مع اسرائيل.

§ عوفر ديكل (نائب رئيس الشاباك) امام حماس خياران: اما الاعتدال وقبول شروط اسرائيل واما مرحلة جديدة من الانتفاضة. ورفض ديكل الفرضية التي تروج في إسرائيل عن حلف بين حماس وإيران قائلا: رفض حماس أي وصاية خارجية، وخاصة من ايران.

§ جنرال داني روتشلد (منسق سابق للجيش الاسرائيلي في المناطق المحتلة): عقوبات اقتصادية بعيدة المدى ضد الفلسطينيين يمكن ان تفسر عندهم كتهديد. وإذا قمنا بتنفيذها، تفقد مفعول الردع بها التي يستخدم كوسيلة ضغط. أثبت الفلسطينيون انهم قادرون على السير في أعمال العنف خلال حصار اقتصادي كامل.

§ دكتور ليطبك: ما دمنا نحن أقوياء، يجب أن نوافق على مبدأ الهدنة. وعلينا ان لا نخاف من القوة العسكرية لحماس، وإنما علينا أن نخاف من تفسيره للاحداث التاريخية التي قد تنتشر عالميا، ويصبح الضغط علينا نحو اقامة دولة ثنائية القومية.

§ د.يوفال ارنون اوحانا، يعتقد أن موقف أو رد فعل الاجهزة الامنية في إسرائيل كانت هستيريا وذات طيف واحد." الامر الذي دعا لإبراز اسئلة حول مدى المصداقية لهذه المؤسسة في تناول قضايا مثل فوز حماس.

§ د. ماتي شتاينبرغ، مستشار للمخابرات الإسرائيلية، الشاباك، يقول: "المشكلة ليست الانتفاضة وإنما ان نتعود على وجود نظام سياسي بقيادة حماس الى جانبنا"، أي أن المشكلة الحقيقية ليس في فوز حماس وإنما بنجاحها كقائد للشعب الفلسطيني حين تقيم حكومة مستقرة تحظى برعاية وحماية شعبها.

تراهن اسرائيل:

تراهن اسرائيل في مواجهتها فوز حماس على الوقيعة بين حركة حماس وحركة فتح وبين الفلسطينيين وجيرانهم الاردنيين والمصرين، وتراهن على جهلهم بالمثل العريق "أُكلت يوم اُكل الثور الأبيض." ويدخل تخويف إسرائيل النظامين، الأردني بتصريح يئير نافيه، قائد المنطقة الوسطى والمصري بواسطة جنرال موشيه كابلنسكي، نائب رئيس الأركان، من نتائج وخيمة على استمرار وجوديهما بسبب فوز حماس، في إطار الجهود الرامية لإحداث وقيعة بين الطرفين.

الانتخابات تلعب دورا هاما

تلعب الانتخابات في إسرائيل التي سوف تجري في 28 آذار، 2006 دورا حاسما في تحدد المواقف تجاه فوز حماس. يقول الصحفي الوف بن ما يلي: فوز حماس افرغ برامج الأحزاب الإسرائيلية من مضمونها. هناك شبه إجماع بين مختلف الأحزاب الصهيونية على رؤيته انه تطور خطير، وهناك إجماع بينها على استغلاله لابتزاز الشعب الفلسطيني، إهانته، ونزع الشرعية من قادته وتطويعها لإملاءات اسرائيل.

مواقف المؤسسة الأمنية:

يعود أهمية تحديد موقف المؤسسة الأمنية، ليس كونها مغايرة وإنما لأن لها تأثير كبير على وسائل الاعلام وهي التي تملي الموقف الرسمي الإسرائيلي، فما زالت هذه المؤسسة على سدة الحكم منذ قيام إسرائيل، ثانيا مازال قادة إسرائيل يعتبرون انفسهم في حالة حرب او حالة طوارئ مستمرة، ثالثا، خرج رجال الأجهزة الأمنية الأكثر تشاؤما من فوز حماس.

وسائل الإعلام الإسرائيلية: رأي كبار الصحفيين

كان لوسائل الإعلام عام 2005 دور هام في تحديد مواقف الاسرائيليين عبر السنوات، وازداد هذا الدور في السنوات الأخيرة بعد بداية الانتفاضة الفلسطينية. وهناك رأي يقول إن وسائل الإعلام لم تقم بدورها المهني، ولم تكن "السلطة الرابعة" كما يتعارف عليها في الكثير من الأوساط العالمية، بل استخدمت لتسويق إستراتجية الخوف التي سار وفقها ارييل شارون.

§ كتب الصحفي غدعون ليفي في صحيفة هارتس يقول: تأتينا اخبار طيبة من المناطق المحتلة: " فاز حماس. مقابل ما تقوله جوقة التخويف القومي المركبة من بنيامين نتنياهو حتى عامي ايلون (عضو بارز في حزب العمل) فإن التغيير على الساحة الفلسطينية سوف يخرج عنه نتائج ايجابية...يمكن ان نجد نقاط ضوء في هذا الفوز. من بينها: 1) النتيجة نزيه واصلية تثير الاحترام حتى في اصعب الظروف وقال نعم للحركة التي يرونها انها اكثر شجاعة، 2) يمكن التوصل مع حماس على سلام اكثر ترسخا مما لو تم التوصل مع منظمة التحرير. على إسرائيل مد يدها لحماس وبهذا لا تخسر شيئا. اما نتائج سياستها المرتكزة على العنف فقد رأينا امامنا: فوز حماس".

§ يقول الصحفي يهودا ليطاني: يذكرنا فوز حماس ووصوله الى الحكم في الضفة والقطاع بما جرى للجيش الجمهوري الايرلندي. بعد ان يصل الى الحكم، سوف تغير حماس شعاراتها، وتصبح أكثر اعتدالا،..هذا تطور طبيعي يلزمه الموقع السياسي.."

مناورة إسرائيلية لتأجيل حل الصراع

بعد فوز حماس رأى زعماء إسرائيل إن الوقت ملائم لبناء جدار سياسي حول السلطة الفلسطينية بالإضافة الى استمرار بناء جدار الباطون العازل، وذلك لعزل الفلسطينيين وتأجيل حل سلمي عادل للصراع. ووكلت المهمة لكل من تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية، وشاؤول موفاز، وزير الدفاع. وأخذوا يطوفون العالم. وما برز ان العالم لا يرقص وفق رغبات قادة اسرائيل. فمنذ البداية برز تناقضات في موقف إسرائيل رغم نجاحها الأولي في تسويق شروط مسبقة قبلتها الرباعية، وقد عبر عنه الصحفي الصحفي الوف بن حين قال: ما يشغل الإسرائيليون على اثر انتصار حماس، هو هل سيعود للإعمال التفجيرية ام انه سوف يسير في العمل السياسي من خلال المجلس التشريعي. ويضيف في مكان آخر، لقد أصبح انتصار حماس امرا وقعا، وأصبح الإسرائيليون يعيشون في "شرق اوسط جديد. فيه ميزان رعب بين اسرائيل والدول المجاورة" وكشف فوز حماس تصرفات غريبة لقادة إسرائيل على الساحة الدولية. فقد ارسلت تهديدا لروسيا انها سوف تعيد تقييم العلاقات مع روسيا إذا غيرت روسيا موقفها الذي اتخذته في إطار الرباعية. هناك خوف في إسرائيل من تصدع الجبهة العالمية المعارضة لحماس وخاصة ان الحديث هو عن نتائج انتخابات ديموقراطية شهد لها الكثير. وهذا الخوف في مكانه إذا انتهج الفلسطينيون استراتيجية دبلوماسية من نوع اخر.

المصطلحات المستخدمة:

دورا, الصهيونية, بنيامين نتنياهو