هذا العدد من "قضايا إسرائيلية" مخصّص، في معظمه، لمسألة "الدولة اليهودية" وتناقضاتها وإشكالياتها، وذلك من مقتربات متعدّدة، بدءًا من مشكلية تعريف "من هو يهودي"، مرورًا بأبرز المرافعات عنها وخصوصًا التي تتقنع بالليبرالية والمقارنة الدستورية، والطابع الإثني- الجمهوراني للنظام الإسرائيلي الصهيوني الذي يحفز التوسع الإقليمي ويفتّت الوجود الفلسطيني ويستعمل القوة المفرطة من أجل تفكيك الروابط التاريخية والثقافية التي تربط الفلسطينيين بوطنهم، وانتهاء بأبرز حالات تسييس الخطاب الديني وصهينته كما تتمثل في حركة شاس.
بالإضافة إلى ذلك تطالعون فيه مقالات تتناول جوانب أخرى مرتبطة بهذه المسألة، على غرار شرعنة المجازر في كتب التاريخ المدرسية المتداولة في إسرائيل، والعبر المستفادة من المحاماة عبر القومية في المحاكم القومية مثل المحكمة الإسرائيلية العليا.
ويأتي التعرّض إلى هذه المسألة، ضمن أمور أخرى، في ضوء تواتر مطالبة الحكومة الإسرائيلية الحالية بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، بل وتحويل هذه المطالبة إلى شرط لتوقيع اتفاق سلام نهائي مع الجانب الفلسطيني.
ما أن هذه المطالبة جاءت متساوقة مع تفاقم مظاهر العنصرية والكراهية لغير اليهود في إسرائيل. وهذه المظاهر انعكست في الآونة الأخيرة مثلاً في عريضة الحاخامين التي تحظر على اليهود تأجير أو بيع بيوت لغير اليهود، أي للعرب. وعقب ذلك قامت بضع حاخامات يهوديات (زوجات الحاخامين) بإصدار نداء يدعو الفتيات اليهوديات إلى الامتناع عن إقامة أي علاقة بالشبان العرب. وتدل استطلاعات الرأي العام على أن نصف اليهود على الأقل لا يريدون جيرة العرب، أو يعارضون وجود تمثيل عربي في الكنيست، أو مشاركة العرب في الانتخابات العامة. كذلك تنامت في الفترة الأخيرة مشاعر الكراهية الشديدة للعمال الأجانب والمهاجرين الأفارقة، الذين يتسللون إلى إسرائيل. وإن دلّ هذا كله على شيء فإنه يدل على ما يفرزه التمسك بـ "الدولة اليهودية" من استحواذ للفكر العنصري، ومن مخاطر على النظام الديمقراطي الهشّ أصلاً.