لم يكن الوزير رحبعام زئيفي، رئيس حركة "موليدت" مؤسس نظرية الترانسفير، فعندما كان يوجّه إليه النقد كان يسارع للقول "إسرائيل، أقيمت بفضل الترانسفير"، ويذّكر بأعمال التشريد التي قام بها بن غوريون و حكومات إسرائيل في عام النكبة وبعده في حزيران 1967. في هذا العدد يقدم المؤرخ والباحث إيلان بابيه قراءة لتاريخ نظرية وممارسة الترانسفير في الفكر الصهيوني منذ نشوء الحركة الصهيونية وحتى مقتل زئيفي في تشرين الأول (أكتوبر)2001، زئيفي لم يكن حالة شاذة!
حيفا نموذج، للترانسفير وما بعده، أي تغيير معالم المكان، المكان كوطن لأهله المشردين. ولم تتوقف عملية المسح عند هدم البيوت واستبدال شجر الزيتون والسنديان بشجر الصنوبر والسرو، بل في طقوس التعايش السطحي والإستشراقي، في إنكار اللغة والعلامات والرموز.
هل النظرية تسبق الواقع، أم الواقع يؤلف النظرية؟
هذا السؤال الفلسفي يطرحه مفكر فلسطيني في حيفا، وقد ارتأينا في هذا العدد الذي يفتتح العام الثاني على صدور المجلة وتأسيس المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أن نقّدم هواجس واجتهادات المثقفين الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسرائيلية ويحاضرون في جامعاتها ويكتبون دراساتهم باللغات الثلاث: العربية والعبرية والإنكليزية، أي يخاطبون مجتمعهم "والآخر" الإسرائيلي و "الآخر" العالمي.
إنها اجتهاداتهم الفكرية والنظرية في دراسة الواقع الإسرائيلي، وهوية الفلسطيني الذي يعتبر مواطناً في دولة أسست لمفهوم خاص بالمواطنة، قد لا نجد له مثيلاً في العالم. أنها المواطنة المسلوبة ضمناً من تعريف الدولة لذاتها. "الديمقراطية الإثنية"، تعريف يقترحه باحث إسرائيلي لكن تناقضاته لا تقل عن التعريف الأصلي لإسرائيل: دولة يهودية ديمقراطية.
خمسة أكاديميين عرب يطرحون كل الأسئلة حول الهوية والانتماء والتهميش والديمقراطية والذاكرة والعلاقة بالمكان.
"حروب إسرائيل، هي حروب على الأرض والحرب القادمة ستكون على المياه" مقولة تتردد منذ سنوات عديدة، وقد كتب حولها الكثير من الأبحاث والدراسات. كأن حروب إسرائيل حتى الآن لم تكن المياه من دوافعها، وكأن استمرار الإحتلال لم تكن المياه من بواعثه، على كل الحالات، المياه في سياسة حكومة إسرائيل لم تكن مجرد مصدر من مصادر الحياة.