مع أنه لا يمكن الركون إلى استطلاعات الرأي العام فقط لتوقع نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلي الـ22، التي ستجري يوم 17 أيلول المقبل، فإنها لا تزال المؤشر شبه الوحيد إلى تلك النتائج، فضلاً عن كونها المُحفّز لمختلف الحراكات السياسية في المشهد الحزبي الإسرائيلي على أعتاب هذه الانتخابات.ووفقاً لآخر استطلاعات الرأي العام، ثمة ما يشبه الاستقرار في قوة قوائم الأحزاب التي تخوض الانتخابات. كما أنها تُظهر، ربما أكثر من أي شيء آخر، أن معسكر أحزاب اليمين، بما في ذلك حزب "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" بزعامة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، واليهود الحريديم (المتشددون دينياً)، متفوّق على ما يسمى بمعسكر أحزاب الوسط- اليسار. ولكنها في الوقت ذاته تشير إلى أنه ليس بإمكان رئيس الحكومة ورئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو تأليف حكومة مقبلة إلا في حالتين:
الأولى، ضم "إسرائيل بيتنا" إلى الائتلاف؛
الثانية، تأليف حكومة وحدة وطنية مع تحالف "كاحول لافان (أزرق أبيض)".
كما تشير إلى أن هذا التحالف الأخير ("أزرق أبيض") لا يمكنه أيضاً تأليف حكومة من دون حزب ليبرمان، وإلى أن القائمة المشتركة للأحزاب الفاعلة بين صفوف الفلسطينيين في إسرائيل ستحصل على 11 مقعداً في الكنيست المقبل.
ويسعى ليبرمان من جهته لفرض حكومة وحدة وطنية تضم الليكود و"أزرق أبيض" وحزبه، من دون أحزاب الحريديم وتحالف "اليمين الموحّد" برئاسة وزيرة العدل السابقة أييلت شاكيد بين "اتحاد أحزاب اليمين" و"اليمين الجديد" والذي بات يطلق على نفسه اسم "يامينا (نحو اليمين)".
يُذكر أن ليبرمان رفض الانضمام إلى الائتلاف الذي حاول نتنياهو إقامته في إثر الانتخابات السابقة، التي جرت يوم 9 نيسان الماضي. واشترط ليبرمان في حينه الانضمام إلى الائتلاف بتعديل قانون التجنيد للجيش الإسرائيلي بحيث يُلزم الشبان الحريديم بالتجند، لكن أحزاب الحريديم ترفض ذلك بشكل قاطع.
ومع انتهاء الموعد النهائي لتقديم قوائم المرشحين إلى لجنة الانتخابات المركزية يوم 31 تموز الماضي، تبيّن أن 32 قائمة سوف تخوض الانتخابات العامة المقبلة للكنيست الـ22.
ويقود رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قائمة حزب الليكود، ويليه كل من رئيس الكنيست يولي إدلشتاين، ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، ووزير الأمن الداخلي والشؤون الاستراتيجية غلعاد إردان، ووزير المالية موشيه كحلون الذي تحالف حزبه "كولانو (كلنا)" مع الليكود في أيار الفائت، وجدعون ساعر، وميري ريغف، وياريف ليفين، ويوآف غالانت، ونير بركات.
وجاءت القائمة الانتخابية التي قدمها تحالف "أزرق أبيض" مطابقة تقريباً للقائمة التي قدمها قبل انتخابات نيسان الفائت. ويحتل أعضاء الكنيست بيني غانتس ويائير لبيد وموشيه يعلون وغابي أشكنازي الأماكن الأربعة الأولى.
ويقود قائمة "نحو اليمين" الجديدة المؤلفة من حزبي "اليمين الجديد" و"اتحاد أحزاب اليمين" وزيرة العدل السابقة ورئيسة حزب "اليمين الجديد" أييليت شاكيد، ويليها عضوا الكنيست رافي بيرتس وبتسلئيل سموتريش من "اتحاد أحزاب اليمين"، ورئيس حزب "اليمين الجديد" السابق نفتالي بينيت.
ويقود أعضاء الكنيست أيمن عودة وإمطانس شحادة وأحمد طيبي ومنصور عباس القائمة المشتركة التي أعيد تشكيلها مؤخراً بين أحزاب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة العربية للتغيير والقائمة العربية الموحدة.
ويقود رئيس حزب العمل عضو الكنيست عمير بيرتس قائمة التحالف بين حزبي العمل و"غيشر" (جسر)، ويليه رئيسة حزب "غيشر" أورلي ليفي- أبكسيس، وإيتسيك شمولي وميراف ميخائيلي من حزب العمل.
ويقود رئيس حزب ميرتس نيتسان هوروفيتس قائمة "المعسكر الديمقراطي" المؤلفة من تحالف حزبي ميرتس و"إسرائيل ديمقراطية" بزعامة رئيس الحكومة السابق إيهود باراك، وتليه عضو الكنيست ستاف شافير من حزب العمل سابقاً، والنائب السابق لرئيس هيئة الأركان العامة يائير غولان من "إسرائيل ديمقراطية"، وعضو الكنيست تمار زاندبرغ من ميرتس. ويحتل باراك المرتبة العاشرة في القائمة.
ويترأس عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان قائمة حزب "إسرائيل بيتنا".
ويترأس وزير الداخلية آرييه درعي قائمة حزب شاس لليهود الشرقيين الحريديم، بينما يترأس نائب وزير الصحة يعقوب ليتسمان قائمة حزب يهدوت هتوراة لليهود الأشكناز الحريديم.
ولا تتوقع معظم استطلاعات الرأي العام أن تجتاز أي قائمة باستثناء هذه القوائم التسع نسبة الحسم المطلوبة للدخول إلى الكنيست (3.25%).
وهذا يشمل الحزبين اليمينيين المتطرفين "عوتسما يهوديت" (قوة يهودية)، و"زهوت" (هوية) بزعامة موشيه فيغلين. وواجه حزب "عوتسما يهوديت" الكهاني ضغوطاً شديدة للتحالف مع قائمة "نحو اليمين"، لكنه قرر تقديم قائمة منفصلة. ويترأس القائمة إيتمار بن غفير ويليه الناطق السابق بلسان الحاخام المتطرف مئير كهانا وأحد قادة المستوطنين في الخليل باروخ مرزل.
كما فشلت الجهود الرامية إلى إقامة قائمة مشتركة بين تحالف "المعسكر الديمقراطي" والتحالف الجديد بين حزبي العمل و"غيشر".
حكومة وحدة
أعلن في الأيام الأخيرة أيضاً أن رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين قد يرمي بكل ثقله من أجل تأليف حكومة وحدة قومية، درءاً لاحتمال تكرّر السيناريو الذي حدث في أعقاب انتخابات نيسان الماضي وتسبّب بإعادة الانتخابات لأول مرة في تاريخ إسرائيل.
كما تؤكد عدة تحليلات صحافية أنه على الرغم من إعراب نتنياهو عن معارضته لحكومة وحدة مع "أزرق أبيض"، وعن رفضه المساعي التي يبذلها ليبرمان لتأليف حكومة كهذه، فإن حكومة وحدة قد تكون النتيجة الممكنة الوحيدة لهذه الانتخابات، نظراً إلى ما ذكرناه أعلاه بشأن توقع معظم استطلاعات الرأي العام عدم حصول الليكود مع أحزاب اليمين المتدين وأحزاب الحريديم على الأغلبية الكافية لتأليف حكومة، وبشأن عدم قدرة "أزرق أبيض" على تأليف حكومة مع الأحزاب التي على يساره، ومن دون الليكود سيكون بحاجة إلى حكومة تعتمد على أحزاب حريدية وعلمانية متناحرة، وهو ما يبدو مُستبعداً.
وأشار بعض المحللين إلى أن نتنياهو بادر قبل أكثر من أسبوع إلى نشر مقال في صحيفة "يسرائيل هيوم" المؤيدة له رد فيه على مساعي ليبرمان. ومع أن عنوان المقال كان ما يلي: "التزامي واضح: لن تكون هناك حكومة وحدة"، فإنه لم يشر في متنـه إلى مسألة حكومة الوحدة ولم يعرض تفسيراً أو شرحاً لموقفه. وتضمن المقال رسائل الحملة الانتخابية لنتنياهو التي يتعهد فيها بتأليف حكومة يمين، ويدعو الجمهور إلى التصويت لحزبه، بالإضافة إلى قيامه بمهاجمة غانتس ولبيد باعتبارهما "يساريين".
كما تواترت في الأيام القليلة الفائتة التقارير التي تشير إلى أن نتنياهو يسعى في حملته الانتخابية إلى جذب أصوات من ناخبي زعيم "إسرائيل بيتنا" في صفوف المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق.
وأكد ليبرمان أنه في حال رفض نتنياهو مساعيه لتأليف حكومة وحدة، سيقوم بالتوجه إلى عضو كنيست آخر من الليكود بعد الانتخابات، وطرح سيناريو قد تتم فيه إطاحة نتنياهو من قيادة هذا الحزب.
وأعلن "أزرق أبيض" عن تأييده لإقامة ائتلاف مع الليكود ولكن من دون نتنياهو، الذي يواجه احتمال تقديم لائحة اتهام ضده بشبهات فساد. وبعد ذلك قال عضو الكنيست يائير لبيد، المرشح الثاني في قائمة "أزرق أبيض"، إن تحالفه يجري بالفعل مفاوضات مع أعضاء في الليكود بشأن اختيار خليفة محتمل لنتنياهو. وكرر لبيد أقواله رداً على مقال نتنياهو في "يسرائيل هيوم"، وكتب في تغريدة نشرها في "تويتر": "قد يكون نتنياهو ضد الوحدة، ولكن كبار أعضاء الكنيست في حزبه يؤيدونها تماماً، وهم يتحدثون معنا يومياً. إذا خسر أمامنا بمقعد واحد فقط، فإن التمرّد داخل الليكود سيبدأ".
وفور ذلك أعلن حزب الليكود أن أول 40 مرشحاً في قائمة الحزب للانتخابات العامة وقّعوا تعهداً يعلنون فيه دعمهم المطلق لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويؤكدون أنهم لا يعتزمون استبداله بعد الانتخابات. وجاء في التعهد: "نحن الموقّعون أدناه مرشحو الليكود للكنيست الـ22، نؤكد أننا لن نقبل أي إملاءات من أي حزب آخر. وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فإن رئيس الحكومة ورئيس الليكود بنيامين نتنياهو هو مرشح الليكود الوحيد لرئاسة الحكومة ولن يكون هناك مرشح آخر".
غير أن تقريراً تلفزيونياً في قناة 12 (القناة الثانية سابقاً) أشار إلى أنه على الرغم من هذا التعهد، فإن مسؤولين كباراً في الليكود قالوا في أحاديث خاصة إنه في حال فشل نتنياهو مرة أخرى في تأليف حكومة بعد انتخابات أيلول قد يعيدون النظر في موقفهم. وقلّل أحد هؤلاء المسؤولين من أهمية تعهد الولاء، وقال إنه في حال وصلت المحادثات الائتلافية إلى طريق مسدود، كما حدث بعد الانتخابات التي جرت في نيسان، قد يضطر أعضاء الليكود إلى اتخاذ قرارات صعبة.
ورأت تحليلات أنه حتى لو كان زعماء الأحزاب يعتقدون أن حكومة وحدة هي الأمر الصحيح بالنسبة إلى إسرائيل، فإن المتعارف عليه عشية الانتخابات هو زيادة حدة المواقف وليس تمويهها، وكذلك التفرقة وليس الوحدة.
وكتب أحد المحللين (شموئيل روزنر في "معاريف") أنه في إمكان نتنياهو وغانتس أن يقولا لا لحكومة الوحدة، لكن من المحتمل ألاّ يكون لديهما خيار سوى تأليف حكومة وحدة أو انتخابات للمرة الثالثة. وأضاف أنه ليس هناك خلاف غير قابل للحل بين أغلبية ناخبي الليكود وأغلبية ناخبي "أزرق أبيض" وأغلبية ناخبي ليبرمان وجزء كبير من ناخبي شاكيد وبينيت وقسم من ناخبي أورلي ليفي- أبكسيس.
نتنياهو غير مهتم سوى باستمرار حكمه!
خلصت معظم التعقيبات على رسالة التعهد التي وقعها مرشحو قائمة حزب الليكود إلى استنتاج واحد ووحيد فحواه أن نتنياهو غير مهتم سوى باستمرار حكمه من أجل التخلص من الشبهات الجنائية التي تحوم حوله.
وقال رئيس حزب العمل عضو الكنيست عمير بيرتس إن جنون العظمة لدى نتنياهو تجاوز كل الحدود. وأضاف أن رئيس الحكومة يفضل أن يدفع ثمن الصراع مع الفلسطينيين وليس الثمن السياسي للحل حتى لا يزعج اليمين المسياني المتطرف الذي يعتمد عليه لاستمرار حكمه وحريته.
وقال أفيغدور ليبرمان إن رسالة التعهد التي وقّعها مرشحو الليكود تثبت أن نتنياهو لا يسعى سوى لاستمرار حكمه ولتثبيت نظام شبيه بالنظام في كوريا الشمالية. وأضاف أن هذا التوقيع المشين لإعلان ولاء بأسلوب كوريا الشمالية من طرف أعضاء الكنيست من الليكود يُظهر أيضاً عدم ثقة نتنياهو بأعضاء حزبه.
وكتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحية أنشأتها بهذا الصدد أن الطلب من مرشحي حزب الليكود توقيع إعلان ولاء شخصي لرئيس الحزب يتعهدون فيه بأنهم لا ينوون استبدال نتنياهو هو مستوى جديد من الانحدار في عملية انهيار الديمقراطية التي يمر بها حزب الليكود. وبرأيها فإن الولاء الأعمى الذي طُلب من أعضاء الليكود إظهاره إزاء نتنياهو، كما لو أنه حاكم ديكتاتوري أوحد، أدى إلى تآكل ما تبقى من هذا الحزب الذي وصفته الصحيفة بأنه "حركة قومية ليبرالية"، وحوّله إلى شيء نجهله.
وأضافت أنه "بخلاف الأحزاب الجديدة التي برزت في السنوات الأخيرة، والتي تتمركز من حول زعيم نجم يحصّن نفسه طوال سنوات بصورة غير ديمقراطية، تباهى أعضاء حزب الليكود دائماً، وعن حق، بأن حزبهم هو من الأحزاب الوحيدة في إسرائيل التي تحافظ على آلية ديمقراطية داخلية. وها هم أعضاء هذا الحزب الديمقراطي مطالبون بإظهار ولاء تفوح منه رائحة التوتاليتارية".
وفيما يخصّ الأجندة الانتخابية لا بُدّ من تسجيل ما يلي:
أولاً، صعّد نتنياهو حملة الترويج لسياسة ضم المستوطنات الاحتلالية. وفي هذا السياق تعهد بعدم إجلاء أي مستوطن وعدم إخلاء أي مستوطنة في مناطق الضفة الغربية. وجاء تعهده هذا في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال جولة قام بها في مستوطنة "إفرات" في منطقة الخليل وبيت لحم في مطلع آب الحالي، وذلك بعد أن أثارت مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابينيت) على منح تصريحات بناء للفلسطينيين في مناطق ج انتقادات في صفوف قادة المستوطنين. وقال نتنياهو لمستوطني "إفرات": "إننا نرى هنا الماضي والحاضر والمستقبل، وإن بقاءكم في هذا المكان هو إلى الأبد". وأضاف أن "إفرات" و"غوش عتسيون" هما البوابة الجنوبية للقدس، وأشار إلى أنه أمر بالبناء فيهما وفي باقي أنحاء الضفة على الرغم من الضغوط الدولية التي مورست عليه. وأكد أنه سيدفع قدماً بخطط لإقامة 8250 وحدة سكنية إضافية في "إفرات". وتباهى بنمو البناء الاستيطاني خلال ولايته، وأكد أنه ما كان من الممكن القيام بذلك من دون أمرين مهمين: كثير من الخبرة، والقدرة الحقيقية على التأثير في الرأي العام في الولايات المتحدة.
ثانياً، شنّ نتنياهو هجوماً مزدوجاً على أحزاب الصهيونية الدينية وحزب ليبرمان، بهدف جذب أصوات اليهود المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق لحزب الليكود. وتركز هجومه على كل من وزير المواصلات بتسلئيل سموتريتش من تحالف "يامينا"، وعضو الكنيست ليبرمان، وأكد فيه أن إسرائيل لن تصبح دولة تعمل وفقاً لتعاليم الشريعة اليهودية (الهالاخاه). وقال نتنياهو خلال استقباله أعضاء من الكونغرس الأميركي في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس إن الحديث عن تحوّل إسرائيل إلى دولة تعمل وفقاً لتعاليم الشريعة اليهودية هو مجرد هراء، وشدّد على أنه لن يكون هناك شيء من هذا القبيل. ولتعزيز أقواله هذه أوضح نتنياهو أنه اتخذ خطوة تهدف إلى تشجيع قيام أزواج من نفس الجنس بتبني أولاد.
وكان سموتريتش اتهم نتنياهو بالسعي لإضعاف تحالف "يامينا" كي يتسنى له تأليف حكومة يسارية. وأضاف سموتريتش أن ثمة مزيداً من المؤشرات إلى أن نتنياهو سيؤلف حكومة يسارية، ولهذا السبب فهو يريد تحالف "يامينا" صغيراً وضعيفاً. وأكد أنه فقط إذا كان هذا التحالف كبيراً وقوياً لن يكون أمام نتنياهو أي خيار آخر وسيتعين عليه تأليف حكومة يمينية والبقاء في معسكر اليمين.
من ناحية أُخرى اتهم ليبرمان نتنياهو بأنه لا يرغب في تأليف حكومة يمين بل هو معني بحكومة تعتمد على الشريعة اليهودية، وأكد أن الليكود هو حزب شعبوي لا يهتم أعضاؤه إلّا بالاستمرار في تولي زمام الحكم بأي ثمن كان. وأضاف أن نتنياهو يتبع سياسة الخضوع للإرهاب بهدف تحقيق هدوء للمدى القصير فقط مع التفريط بأمن الدولة للمدى البعيد.
وتعهد ليبرمان بعدم الجلوس في حكومة واحدة مع الأحزاب الدينية المتزمتة وكذلك مع حزب ميرتس، وأشار إلى أنه لا يخشى من وضع يتم فيه تأليف حكومة وحدة وطنية بين الليكود وتحالف "أزرق أبيض" بغياب "إسرائيل بيتنا".
جنرالات "أزرق أبيض" يثيرون اليأس
إن ما يحدث حتى الآن هو نجاح نتنياهو في أن يفرض أجندته السياسية- الأمنية المتعلقة بالضم على تحالف "ازرق أبيض" الذي يطرح نفسه كبديل له.
ففي أعقاب جولة نتنياهو في مستوطنة "إفرات" قام رئيس تحالف "أزرق أبيض" وزعيم المعارضة غانتس بجولة ميدانية في غور الأردن تعهد خلالها بالحفاظ على السيطرة الإسرائيلية في هذه المنطقة في إطار أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه في المستقبل.
وقال غانتس خلال الجولة إن غور الأردن هو الدرع الواقي الشرقي لدولة إسرائيل. ودعا إلى إعداد خطط لتحسين البنى التحتية للمستوطنات في غور الأردن. وتعهد بأن يكون التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في رأس سلم أولوياته في حال تم انتخابه رئيساً للحكومة، لكنه في الوقت عينه تجنب الإعلان صراحة عن تأييده صيغة حل الدولتين.
ورافق غانتس في جولته وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعلون. وقال هذا الأخير إن إسرائيل أهملت منطقة الأغوار، وأكد أن تحالف "أزرق أبيض" سيطرح خطة حكومية لتحويل الأغوار إلى جنة مزدهرة.
وبعد ذلك بأسبوع قام المرشحون الأربعة الأوائل في "أزرق أبيض" غانتس ولبيد ويعلون وغابي أشكنازي بجولة في منطقة الحدود مع قطاع غزة أطلقوا خلالها تهديدات بالحرب. وقال غانتس: "في المرة المقبلة التي يحدث فيها شيء، نؤكد لكم أن الجولة ستكون الجولة الأخيرة. سنعمل على سحق المنطقة كلها بالنار، وسنتحرك برياً كما نريد وحيثما نريد ونأخذ الوقت الذي نريده".
وأكد أحد المحللين (أوري مسغاف في "هآرتس") أن دعوة زعماء "أزرق أبيض" في معركتهم الانتخابية الحالية إلى الحرب قبل أي شيء آخر تعني تبني الخطاب والخط اللذين يميزان اليمين الشعبوي والاستيطاني، وشدّد على أن استبدال نتنياهو يجب أن يتم لأنه يدمر الدولة ويفسدها ويتخلى عنها وعن مواطنيها، لكن ليس بواسطة وعود بالحرب، وبجرائم حرب.
وختم هذا المحلل قائلاً: "من غير المفيد دخول الجنرالات إلى الحياة السياسية إذا كانوا يدعون إلى الحرب بدلاً من تحقيق السلام. في العالم كله اليمين يعرف كيف يفوز في الانتخابات بواسطة التخويف، وسلاح اليسار هو الأمل، لكن الجنرالات من ’أزرق أبيض’ يثيرون في الأساس اليأس".
إجمـال
وفقاً لآخر استطلاعات الرأي العام، ثمة ما يشبه الاستقرار في قوة قوائم الأحزاب التي تخوض الانتخابات للكنيست الـ22. كما أنها تُظهر، ربما أكثر من أي شيء آخر، أن معسكر أحزاب اليمين، بما في ذلك حزب "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" بزعامة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، واليهود الحريديم (المتشددون دينياً)، متفوّق على ما يسمى بمعسكر أحزاب الوسط- اليسار. ولكنها في الوقت ذاته تشير إلى أنه ليس بإمكان رئيس الحكومة ورئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو تأليف حكومة مقبلة إلا في حالتين:
الأولى، ضم "إسرائيل بيتنا" إلى الائتلاف؛
الثانية، تأليف حكومة وحدة وطنية مع تحالف "كاحول لافان (أزرق أبيض)".
كما تشير إلى أن هذا التحالف الأخير لا يمكنه أيضاً تأليف حكومة من دون حزب ليبرمان، وإلى أن القائمة المشتركة للأحزاب الفاعلة بين صفوف الفلسطينيين في إسرائيل ستحصل على 11 مقعداً في الكنيست المقبل.
ويسعى ليبرمان من جهته لفرض حكومة وحدة وطنية تضم الليكود و"أزرق أبيض" وحزبه، من دون أحزاب الحريديم وتحالف "اليمين الموحّد" برئاسة وزيرة العدل السابقة أييلت شاكيد بين "اتحاد أحزاب اليمين" و"اليمين الجديد" والذي بات يطلق على نفسه اسم "يامينا (نحو اليمين)".
يُذكر أن ليبرمان رفض الانضمام إلى الائتلاف الذي حاول نتنياهو إقامته في إثر الانتخابات السابقة، التي جرت يوم 9 نيسان الماضي. واشترط ليبرمان في حينه الانضمام إلى الائتلاف بتعديل قانون التجنيد للجيش الإسرائيلي بحيث يُلزم الشبان الحريديم بالتجند، لكن أحزاب الحريديم ترفض ذلك بشكل قاطع.
وأعلن في الأيام الأخيرة أيضاً أن رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين قد يرمي بكل ثقله من أجل تأليف حكومة وحدة قومية، درءاً لاحتمال تكرّر السيناريو الذي حدث في أعقاب انتخابات نيسان الماضي وتسبّب بإعادة الانتخابات لأول مرة في تاريخ إسرائيل.
كما تؤكد عدة تحليلات صحافية أنه على الرغم من إعراب نتنياهو عن معارضته لحكومة وحدة مع "أزرق أبيض"، وعن رفضه المساعي التي يبذلها ليبرمان لتأليف حكومة كهذه، فإن حكومة وحدة قد تكون النتيجة الممكنة الوحيدة لهذه الانتخابات.