ميليشيا عسكرية أُقيمت العام 1978 في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام نفسه. وكانت الحكومة الإسرائيلية هي المبادرة الرئيسية لإقامة هذا الجيش وسط رضى خفي للحكومة اللبنانية. وقف على رأس هذا الجيش الجنرال سعد حداد الذي كان قد أُرسل زمن
رئاسة الرئيس اللبناني سليمان فرنجية لتولي مهام أمنية في الجنوب. وبقي الجنرال حداد في قيادة هذا الجيش حتى وفاته العام 1984 فخلفه الجنرال اللبناني المتقاعد انطوان لحد، والذي بقي في قيادة هذا الجيش حتى انحلاله نهائياً في العام 2000 اثر الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.
بلغ عدد الجنود المنضوين تحت لواء هذا الجيش ما يزيد عن الثلاثة آلاف جندي من مختلف الطوائف اللبنانية مع غالبية مسيحية. ووزع الجنود على ثكنات ومراكز قريبة من قراهم.
وحصل هذا الجيش على تمويل مالي وعسكري من الحكومة والجيش الإسرائيليين. وتكون الجيش من وحدتين واحدة تمركزت في الشرق والاخرى في الغرب. وحصلت كل فرقة على آليات حربية بما فيها دبابات ومدفعية.
لعب هذا الجيش دوراً بارزاً في جنوب لبنان، اذ تمكنت إسرائيل من استخدامه كدرع واقٍ لها أمام هجمات الفصائل الفلسطينية المقاومة، ومنعت منها الوصول إلى الحدود الإسرائيلية لتنفيذ عمليات فدائية داخل إسرائيل. وكان هذا الجيش صاحب نفوذ كبير في الجنوب اللبناني إلى حين ظهور حزب الله في الثمانينيات، حيث وجه هذا الحزب قواته إلى الجنوب لتنفيذ عمليات المقاومة ضد إسرائيل.
وواجه الجيش الجنوبي ضربة اخرى ساهمت في اضعاف موقفه ومكانته عندما قامت إسرائيل بتنفيذ المجزرة في قانا في جنوب لبنان خلال عمليتها الارهابية المعروفة بـ (عناقيد الغضب).
ولما بدأت الحكومة اللبنانية بتنفيذ سياسة تقديم قياديي هذا الجيش إلى المحاكمة العام 1996 وإصدار أحكام شديدة بحق بعض منهم ولو غيابياً أثيرت مسألة جنوب لبنان من جديد، وتعرضت قوات هذا الجيش في حزيران 1999 إلى ضربة قوية جدا عندما اضطر إلى الانسحاب من منطقة جزين امام هجوم قوات المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله دون ان تقوم إسرائيل بتوفير مساعدة عسكرية أو توفير غطاء عسكري يحمي الجنود اللبنانيين في الجيش الجنوبي. وتلقى هذا الجيش ضربة اخرى عندما نجحت خلية من المقاومة اللبنانية من اغتيال القائد الفعلي لجيش جنوب لبنان عقل هاشم في مطلع العام 2000.
وحاول قائد الجيش الجنوبي انطوان لحد أن يحصل على عفو عام من الحكومة اللبنانية عن الجنود في جيشه بعد أن أخذت أصوات إسرائيلية رسمية وشعبية تنادي بالانسحاب الإسرائيلي من لبنان، إلاّ ان الحكومة اللبنانية رفضت اصدار عفو عام، بل اصرت على ضرورة تقديم اعضاء هذا الجيش إلى العدالة اللبنانية لمحاكمتهم بموجب القانون اللبناني.
ولما اخذت القوات الإسرائيلية المحتلة للجنوب اللبناني بالشروع بالانسحاب، قام عشرات من الجنود في الجيش الجنوبي بترك مواقعهم وثكناتهم والهروب باتجاه الحدود مع إسرائيل. ولما أنجز الجيش الإسرائيلي انسحابه في أواخر ايار 2000 تمت بالمقابل عملية تصفية هذا الجيش نهائياً، وعندها لجأت عشرات من عائلات الجنود والقواد في هذا الجيش إلى إسرائيل مطالبين إياها بتوفير العيش لهم بعد ان كانوا في خدمتها لمدة تقارب ربع قرن. اما من بقوا في لبنان فسلّموا انفسهم إلى حزب الله الذي سلمهم بدوره إلى العدالة اللبنانية التي برّأت ساحة العديد منهم وحكمت على آخرين بفترات سجن مختلفة. اما الذين لجأوا إلى إسرائيل ويقدر عددهم بحوالي 6000 (وهو تقدير فقط وغير دقيق) فإنهم تعرضوا إلى صعوبات جمة من قبل الحكومة الإسرائيلية التي اهملت شأنهم، فارتفعت اصوات كثيرة من بين الإسرائيليين المتعاطفين معهم داعية الحكومة الإسرائيلية إلى تقديم واجبها تجاه من اسموهم المخلصين لإسرائيل. وعائلات كثيرة من جنود لبنان الجنوبيين غادروا إسرائيل متجهين إلى دول اوروبا الغربية أو الولايات المتحدة الأميركية رافضين العيش في إسرائيل، بعد أن لاقوا المذلة والمهانة من حلفاء الأمس.