العدد 82 من فصلية "قضايا إسرائيلية" ضم ملفًا موسعًا حول أزمة "كورونا" في إسرائيل وكيفية إدارتها، وما كشفته من وهن في الجهاز الصحي خلّفته سياسة نتنياهو القائمة على إضعاف القطاع العام وتجفيف ميزانيات قطاع الصحة على مدى سنوات.
ويخصص المحور مساحة واسعة لما كشفته الأزمة من تمييز صارخ بحق الفلسطينيين في الداخل، وما واكب ذلك من تعاطٍ متعالٍ معهم ومع احتياجاتهم الصحية وخصوصيتهم السياسية والمجتمعية والاقتصادية، إلى جانب توظيف إدارة أزمة الفيروس في تسجيل أهداف سياسية وقمعية وردعية في مرمى الفلسطينيين في غزة والضفة على السواء، والقفز عن مسؤولية الاحتلال الكاملة في ما يتعلق بتوفير اللقاحات للخاضعين لسلطته.
تضمن العدد محورا فرعيا يستأنف الجدل حول موضوعة معاداة السامية، وما أثاره "تعريف التحالف الدوليّ لإحياء ذكرى المحرقة" ارتباطًا بصدور "إعلان القدس حول معاداة السامية"، الذي يتحاور -إلى جانب بيانات من جهات يهودية- معه ويقترح بديلًا عن بنود فيه تجنده لصالح اليمين الإسرائيلي وتتسبب بوصم المعارضين ومنح أداة تضر بحرية التعبير.
في محور الجائحة، وفي مقال تحت عنوان "وباء كوفيد 19 في إسرائيل"، اعتبر داني فيلك أن تأثيرات "كوفيد 19" على إسرائيل - من حيث: شكل انتشاره، طرق مواجهته ونتائجه الصحية والاجتماعية - تحيل إلى "متلازمة كوفيد 19" التي تتحدث عن مزيج بين مرض معرّف بيولوجيًا وهياكل اجتماعية وعلاقات قوة داخل الدول وبينها، حيث "ألحق الوباء ضررًا كبيرًا بالمجتمع الإسرائيلي أيضًا بكل تأكيد، وكشف نقاط ضعف النظام، والتصدعات العميقة في أوساطه والمشاكل الصعبة التي أنتجتها السياسة النيو ليبرالية المتبعة منذ سنوات طويلة. كما كشف الوباء عدم صحة الفرضيات المركزية للمفهوم النيو ليبرالي".
وتراجع الباحثة نهاية داوود السياسات الصحية تجاه المجتمع الفلسطيني في الداخل في ظل جائحة "كورونا" وما قبلها في مقال يعرض تداعيات الأزمة وأساليب التعامل معها عالميًا، ويتناول السياسات الصحية التي اعتمدتها حكومة إسرائيل ووزارة الصحة الإسرائيلية في علاج الأزمة عامة في البلاد. ويركز على المكانة الصحية للفلسطينيين في الداخل في ظل أزمة "كورونا" وسياسات علاج الأزمة في أوساطهم . لتختم بعرض وتحليل للمكانة الصحية للفلسطينيين في الداخل وفقًا لمبدأ الحق في الصحة، ومدى تحقيق حقهم في الصحة، ومدى منالية الخدمات الصحية الضرورية لهم.
وفي العدد قراءة في تقرير مركز (أدفا): "صورة الوضع الاجتماعي: كورونا ووباء اللامساواة في إسرائيل" لعماد جرايسي، تتناول أبرز المعطيات التي جاءت في التقرير المذكور، وتركز على دور الوباء في تعميق اللامساواة في إسرائيل، وتبيّن أن إسقاطات هذه الأزمة، لم تكُن متساوية على مركّبات المجتمع في إسرائيل. فقد تضرّرت الطبقات الفقيرة والمتوسطة كثيرًا، بينما خرجت طبقة الأثرياء أكثر قوة وتمكّنًا.
يضيف جرايسي إن المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل هو أكثر المجتمعات تضرّرًا من أزمة كورونا نتيجة سياسات التمييز الممنهجة ضده، ممّا أدى إلى إضعافه اقتصاديًّا واجتماعيًّا. كما لا يمكن التغاضي عن الضّرر الكبير الذي لحق بالمجتمع اليهودي الحَريدي، كونه أيضًا مجتمعًا ضعيفًا؛ اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
تحت عنوان الحرب مستمرة، حصار الاستعمار و"كورونا" في قطاع غزة، يكتب باسل رزق الله أن منظومة الاستعمار الاستيطاني استطاعت أن تُدخل فيروس كورونا في بنية حصارها القائم، باعتباره فرصةً لزيادة وطأة الحصار، والهيمنة على الحياة اليومية للناس، وعلى جسد الفلسطيني باعتباره حلقةً ضعيفةً من أجل الضغط عليه سياسيًا من ناحية، في ما يبقى منطق محو السكان حاكمًا لكل هذا التعامل من ناحية أخرى.
أما الباحث الاقتصادي حسام جريس فيقرأ تداعيات أزمة "كورونا" اقتصادياً، مشيرا إلى أن الأزمة انعكست على اقتصاد إسرائيل على شكل أعمق ركود في تاريخها. حيث أشارت معظم المعطيات إلى حدوث انخفاض في الناتج القومي للفرد بنسبة 5.5٪ في العام 2020، وفي الوقت نفسه تسجيل معدل بطالة واسع بلغ 14% بالتقريب في نهاية العام 2020. في حين مكنت الظروف الماكرو-اقتصادية المريحة التي سادت في إسرائيل مع بدء انتشار الأزمة صناع القرار من اتباع سياسة مالية ونقدية موسعة.
وتتضمن ورقة "سياسات إسرائيل في التعامل مع فيروس كورونا العابر للحدود"، لوليد حباس، مراجعة مقتضبة لطبيعة نظام الفصل العنصري. وتدعي الورقة أن نظام الفصل يتعلق بإدارة السكان وحسب، كاشفة عن حالات متفرقة من قصور نظام الفصل العنصري، القائم على إدارة السكان وحسب، في منع انتقال الفيروس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما يشكل فرصة لإعادة النظر في الفهم السائد حول نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية.
وفي المحور، دراسة تحت عنوان الشعبويّة و"ما بعد الحقيقة": قراءة في ممارسات نتنياهو أثناء جائحة "كورونا" لمريم فرح، تقول فيها إنه وفقًا لمعطيات انتشار الجائحة في الدول التي تقودها نُخب شعبوية، أدت السياسات غير المهنيّة، إلى تفاقم الأزمات. أما في إسرائيل فقد تداخلت أزمة "كورونا" مع أزمةٍ سياسيّة عميقة عنوانها شخص نتنياهو، وقد استخدم نتنياهو قيود "كورونا" لتأجيل المحكمة، والاستمرار في التحريض ضد مؤسسات الدولة، كما اعتمدت إدارة نتنياهو السياسية قدرَ الإمكان على الخلطِ بين الحقائق والآراء لتُناسب أهدافه السياسية.
في محور "معاداة السامية و "إعلان القدس"- ردود فعل وتحليلات"، تقديم للكاتب هشام نفاع تحت عنوان: "إعلان القدس"، تفكيك "معاداة الساميّة" سعيًا لإخراجها من قيمتها السلعيّة المشوّهة"، تليه ترجمة لإعلان القدس حول معاداة السامية - 25 آذار 2021.
وفي مقال له، يوضح موشيه بيهار ما يسميه الخلط غير المسؤول في نظرة "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" حول معاداة السامية، معتبرا أن هناك ما لا يقل عن أربعة تعريفات لمعاداة السامية يمكن أن تسترشد بها أعمال الباحثين أو النشطاء، تتفوق تحليليًا على تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست: تعريف منظمة الأصوات اليهودية المستقلة في كندا؛ تعريف مجلس النواب البريطاني؛ تعريف مؤسسة صندوق أمن المجتمع البريطانية؛ وتعريف منظمة الصوت اليهودي البريطاني. بيد أن التعريف الأكثر صرامة من الناحية العلمية هو "إعلان القدس بشأن معاداة السامية" (JDA)، بينما يجادل الكاتب كاري نلسون، في المقابل، بضرورة رفض "إعلان القدس" الأخير حول معاداة السامية، معتبراً أنه يستوعب، بدلًا من أن يتحدى، ما يُسمى "معاداة السامية الجديدة"
في زاوية من الأدب العبري الحديث، ترجمة "قصائد" لأبراهام شتيرن وتعليق عليها، أنجزها مالك سمارة، في ما تضم زاوية من الأرشيف رسالة "الوضع القائم"، التي تمثل إحدى ركائز تنظيم العلاقة بين الدين والدولة والعلاقات الدينية - العلمانية عامة في إسرائيل منذ العام 1948 حتى الوقت الراهن. وختاما جولة مع أحدث الإصدارات الإسرائيليّة أعدّها علي زبيدات.