تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1744

نجح موشيه فيغلين وهو شخصية مثيرة للجدل تحمل أفكارا قومية دينية مسيانية متطرفة وفي ذات الوقت ينادي بقوننة استخدام الحشيش، أن يفرض نفسه على الساحة السياسية، بإبرام اتفاق مع حزب الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو، يقضي بانسحاب فيغلين وحزبه "زهوت" من المنافسة الانتخابية، إذ أن حزبه كان مرشحا للحصول على 2% من الأصوات، في حين أن نسبة الحسم 3,25%، ما يعني إضعاف معسكر اليمين الاستيطاني.

وكان المقابل أن يحصل فيغلين على حقيبة وزارية في حكومة نتنياهو المقبلة، وأن تعمل الحكومة على تشريع استخدام القنب بشكل أوسع للاحتياجات الطبية، دون ذكر جوانب سياسية، كالتي يطلبها فيغلين، مثل اقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه، والسيطرة على كامل فلسطين التاريخية.

وفيغلين (57 عاما) ظهر على الواجهة السياسية في ظل اتفاقيات أوسلو كزعيم لحركة ميدانية ضد تلك الاتفاقيات، ويحمل أفكارا قريبة جدا لأفكار حركة "كاخ" الإرهابية المحظورة، وكان قد أعلن عن حركة تمرد، في النصف الثاني من سنوات التسعين، وحوكم، وقبع في السجن 6 أشهر.

ويدعو فيغلين في برنامجه السياسي إلى إلغاء كلي لاتفاقيات أوسلو، وإعادة الحكم العسكري، كما كان قبل اتفاقيات أوسلو. وثانيا، يدعو المقاتلين الفلسطينيين الى الاستسلام والانسحاب، "من دون سفك دماء". و"سيطرة كاملة للجيش الإسرائيلي على كل المنطقة"، وفرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" الكاملة على كامل البلاد، بقصد فلسطين التاريخية.

ويضيف برنامجه أنه سيكون أمام الشعب الفلسطيني الذي يسميه "أولئك الساكنين في يهودا والسامرة" ثلاثة خيارات: أ) المساعدة على الهجرة. ب) منح إقامة دائمة مع كل الحقوق الفردية، بعد أن يؤدون قسم اليمين للإخلاص لإسرائيل كدولة يهودية. وهذا بعد اجراء فحص لكل شخص بأنه ليس ولم يكن مشاركا في أي قتال. ج) منح المواطنة الكاملة للمعنيين، بعد إجراءات، من ضمنها أن يؤدوا الخدمة القومية الإسرائيلية، أو الخدمة في الجيش الإسرائيلي، بعد فحص دقيق لطلباتهم.

وفي بند آخر، يطالب فيغلين بالسيطرة الكلية على القدس، وبضمنها فرض "السيادة الإسرائيلية" الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، بمعنى إلغاء الوصاية الأردنية، والوضع القائم في المسجد. وكان فيغلين قد عرض هذا الأمر على الكنيست خلال عضويته البرلمانية القصيرة، في الولاية البرلمانية الـ 19، (2013- 2015)، إلا أن الحكومة رفضت تقديم أي إجابة على طلبه.

فيغلين في السياسة

أقام فيغلين في العام 1993 حركة سياسية ميدانية ضد اتفاقيات أوسلو، وخاض مظاهرات عنيفة. وفي العام 1997 اقام حركة "زو أرتسينو" ودعا جهاراً إلى التمرد على الحكم، وقدمت ضده لائحة اتهام وحكم عليه بالسجن 18 شهرا، من بينها 6 أشهر سجنا فعلياً. وفي العام 2000، حاول دخول المسجد الأقصى المبارك لأداء شعائر دينية يهودية، وجرى اعتقاله، وقدم للمحاكمة، وانتهت بحكم لبضعة أشهر مع وقف التنفيذ.

ولاحقا انضم فيغلين لحزب الليكود، وخاض الانتخابات الداخلية، وحصل على المقعد 39 في حين أن القائمة برئاسة أريئيل شارون حصلت على 38 مقعدا. إلا أن ترشيحه في القائمة كان يواجه احتمال شطبه، بسبب الحكم السابق الذي اتخذ طابع "وصمة عار"، تمنعه من المشاركة في الانتخابات لعدة سنوات. وقبل أن يجري البحث في لجنة الانتخابات المركزية، سحب فيغلين ترشيحه، إلا أن رئيس لجنة الانتخابات أصدر قرارا مبدئيا بشطب ترشيحه.

في العام 2008 أصدرت بريطانيا أمرا بمنعه من دخول أراضيها، واعتباره شخصية غير مرغوب بها، بسبب مواقفه العنصرية المتطرفة.

في العام 2005 نافس فيغلين بنيامين نتنياهو على رئاسة الليكود، وكرر المنافسة في العام 2007، وفي الأخيرة حصل على 12,5%، إذ حتى ذلك الوقت كان قد شكل تيارا في داخل الليكود تحت اسم "قيادة يهودية". وفشل فيغلين في الحصول على مقعد مضمون في قائمة الليكود في انتخابات 2009، بينما فاز بمقعد عن الحزب في انتخابات 2013، وحصل على منصب نائب رئيس الكنيست، من ضمن 9 نواب رئيس.

وفشل فيغلين في الحصول على مقعد مضمون في قائمة الليكود في انتخابات 2015، فغادر الحزب ولم يشارك في تلك الانتخابات. وكانت أحاديث قد قالت في حينه أن من كان وراء إقصائه عن القائمة بنيامين نتنياهو.

خاض فيغلين انتخابات نيسان 2019، على رأس قائمة "زهوت" (هوية)، وحصل على 118 ألف صوت، ما شكّل 2,7% من إجمالي الأصوات، بينما نسبة الحسم 3,25%، وهذا العدد من الأصوات تجاوز 3 مقاعد، جاءت بغالبيتها الساحقة على حساب اليمين الاستيطاني، إلا أن فيغلين حصل على بضع عشرات آلاف الأصوات من مؤيدي تشريع استخدام القنب، الذي جعله في مقدمة حملته الانتخابية، رغم أنه من التيار الديني الصهيوني المتشدد. وفي تلك الحملة الانتخابية غيّب فيغلين عن الواجهة برنامجه السياسي العنصري الاقتلاعي المتطرف، وعمل على التركيز على حقوق شرائح في المجتمع الإسرائيلي، ولكن بالذات على الحق في استخدام القنب للمرضى دون قيود كثيرة. وهذا الجانب وحده جعله يقفز في استطلاعات الرأي إلى 5 وحتى 6 مقاعد، ولكنه في نهاية المطاف حصل على نصف تلك التقديرات، ولم يدخل الكنيست. إلا أن جمهوره الأساسي من اليمين الاستيطاني بقي يذكر تماما من هو، وكان هذا الجمهور هو القوة الأكبر من مجموع الأصوات.

وفي مراجعة لنتائج انتخابات نيسان الماضي، أجريناها لغرض هذا التقرير، رأينا أن مسألة القنب جعلت فيغلين يحصل على ما بين 2,2% وحتى 3,2% من الأصوات في المدن الكبرى ذات الطابع العلماني. وفي المقابل كان يحصل على ما بين 4% إلى 5% من أصوات المستوطنين في مستوطنات التيار الديني الصهيوني المتطرفة، ولكنها صغيرة من حيث عدد المستوطنين.

وعلى الرغم من نتيجته تلك قرر فيغلين الترشح ثانية لانتخابات أيلول، رغم أنه تكبّد ديونا مالية تقدر بـ 700 ألف دولار، ولم ينجح حتى الآن في تسديد الديون. وحسب تقارير صحافية، فإن كل ما نجح في جمعه من تبرعات يعادل 40 ألف دولار. وأشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى احتمال أن يحصل في انتخابات أيلول على 2% أو أقل بقليل، بمعنى أن هذا سيأتي مرّة أخرى على حساب تمثيل اليمين الاستيطاني. وأمام هذا الوضع، أجرى حزب الليكود مفاوضات مع فيغلين لينسحب من المنافسة، ولكن لم يعلن حتى صدور هذا التقرير كامل تفاصيل الاتفاق. وكان العنوان الأبرز أن فيغلين سيحصل على حقيبة وزارية في حكومة نتنياهو المقبلة ستكون على حساب حقائب الليكود، وأن تعمل الحكومة على سن قانون بخصوص استخدام القنب.

من غير الواضح كم من الأصوات ستتدفق على حزب الليكود نتيجة هذا الاتفاق، إذ أن فيغلين حصل على أصوات من التيار اليميني الأشد تطرفا، عدا أصوات مؤيدي استخدام القنب. فحزب الليكود حصل في انتخابات نيسان على 35 مقعدا. وتمهيدا لانتخابات أيلول المقبل، اندمج حزب "كلنا" برئاسة وزير المالية موشيه كحلون بحزب الليكود، بعد أن حصل "كلنا" على 4 مقاعد. إلا أن استطلاعات الرأي تمنح الليكود حاليا 31 مقعدا كأقصى حد، بدلا من 39 مقعدا مع "كلنا".

يشار الى أنه في انتخابات نيسان تم "حرق" 8% من الأصوات، بمعنى أصوات القوائم التي لم تعبر نسبة الحسم. وهذه النسبة الهائلة ساهمت بزيادة مقعدين لكل من الليكود، وتحالف "أزرق أبيض"، بينما قرابة 4 مقاعد استفادت منها كتل أخرى.

وحسب التقديرات، وفي حال بقيت حركة "عوتسما يهوديت" المنبثقة عن حركة كاخ" الإرهابية في المنافسة، سيتم حرق ما بين 2% إلى 2,5% من الأصوات، وهذه نسب تعد "طبيعية" في الانتخابات البرلمانية. ولكن هذا سيعيد توزيع المقاعد، وستكون فوارق ملحوظة في نتائج الكتل البرلمانية، ولكن كما يبدو ليس على مستوى "المعسكرات"، بمعنى الليكود وشركائه من جهة، وكل الأحزاب والقوائم الأخرى من جهة ثانية.

المصطلحات المستخدمة:

كاخ, الليكود, الكنيست, بنيامين نتنياهو