مقدمة
عرض النائب إسحاق هيرتسوغ، رئيس حزب "العمل" الإسرائيلي وتحالف "المعسكر الصهيوني"، رئيس المعارضة البرلمانية، في مؤتمر "معهد أبحاث الأمن القومي"، في جامعة تل أبيب، خلال الجلسة التي عقدت يوم 19 كانون الثاني/ يناير 2016، تصورا جديدا لحل الصراع، على
الأقل مرحليا، وفق ما يقول، يتبنى فيه مبدأ الانفصال من جانب واحد، وهو أحد أبرز توجهات أحزاب الوسط واليمين المتشدد. وهذا الموقف الجديد، الذي جاهر به هيرتسوغ، أيضا خلال لقائه بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في قصر الإليزيه في باريس، يوم الجمعة 22 كانون الثاني/ يناير 2016 ، يؤدي إلى إحداث تغيرات في رؤى حل الصراع في الكنيست، ويعرض أغلبية من 90 نائبا وأكثر، لمثل هذا المسار.
وكان "مركز مدار" قد قدم في نيسان/ أبريل 2015، تقييما لـ "رؤى حل الصراع" الإسرائيلي الفلسطيني، في الولاية البرلمانية الحالية الـ 20، بناء على نتائج الانتخابات. ومثله قدمه "مدار" أيضا عن الولاية الـ 19، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. وتم في التقريرين استعراض مواقف النواب والكتل البرلمانية، من خمس رؤى لحل الصراع، نعرضها في الجدول الذي يختتم هذا التقرير. وكان الانفصال من جانب من واحد، قد حظي، وفق التقديرات، في الولاية الحالية، بتأييد ما بين 60 إلى 64 نائبا. إلا أن تصريحات هيرتسوغ، وما تبعها من وضوح مواقف نواب في كتل أخرى، يرفع هذا التأييد إلى حوالي 90 نائبا.
ويعد هذا التقرير استكمالا وتعديلا لتقرير نيسان/ أبريل 2015.
تصريحات هيرتسوغ
في الأشهر الأخيرة من العام 2015، وبالذات منذ الأيام الأولى لشهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، بُعيد اندلاع الهبّة الفلسطينية، بدأ هيرتسوغ يطلق تصريحات أكثر يمينية، وبضمنها لوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنه لم يصدر أوامر بالمستوى المطلوب، لردع الهبّة الفلسطينية، وطالب أكثر من مرّة قيادة الجيش بأن تتبع أساليب أخرى لقمع الجماهير المنتفضة.
من بين تصريحاته:
- "هذه ليست موجة إرهاب، هذه انتفاضة ثالثة، حذرت منها منذ أشهر. تنفلت في الشوارع انتفاضة ثالثة، و"سيد الأمن السابق" (نتنياهو) فقد السيطرة، فكل بضع ساعات يوجد إنذار. إنه يخاف من اليمين المتطرف، ويبقينا عالقين بالفلسطينيين. ونحن وهم عالقون، بدلا من القيام بمبادرة للانفصال عنهم. نحن نلج إلى واقع، نكون نحن في داخلهم وهم في داخلنا. لا يوجد فصل من دون أمن، والشعب يشعر بهذا". (11 كانون الثاني/ يناير 2016).
- على خلفية عملية تل أبيب التي وقعت في اليوم الأول من شهر كانون الثاني/ يناير 2016، قال: "إن الجهات الفلسطينية الحقيرة التي أقامت خيام عزاء لذكراه (نشأت ملحم)، هم أعداء إسرائيل، وعليهم أن يعرفوا أننا لن نتوقف إلا حين ندمر ونقضي على خلايا الكراهية والتحريض الذي ينتجونه. هم يشجعون موجات الإرهاب ضد الأبرياء. إن كل من يقدّس الموت، وقتل الإسرائيليين، عليه أن يشعر بكل ضخامة قوة دولة إسرائيل، التي ستؤلمه وتضربه، كما لو كان هو نفسه الإرهابي (نشأت) ملحم. إن على السلطة الفلسطينية، أن تقضي في داخلها على أولئك المجرمين الحقيرين، وأن تزيل فورا اسم القاتل من موقع وزارة الصحة الفلسطينية، على شبكة الانترنت" (9 كانون الثاني/ يناير 2016).
- في رده على خطاب بنيامين نتنياهو الذي ألقاه في البار في تل أبيب الذي وقعت فيه العملية التي نفذها نشأت ملحم، كان هيرتسوغ قد انتقد تحريض نتنياهو على المواطنين العرب، إلا أنه قال أيضا: "إن إسرائيل بحاجة إلى خطة جديدة لمكافحة هذا الإرهاب. فلو كان لإسرائيل رئيس وزراء، لكان قد أصدر الأوامر لأذرع الأمن لتغير اتجاهاتها. لو كان لإسرائيل رئيس وزراء، لكان قد جنّد لهذا الصراع الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا والدول العربية، التي تعاديها أيضا داعش". (4 كانون الثاني/ يناير 2016).
- وعن الإعدامات الميدانية، قال هيرتسوغ في لقائه مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري، "إن لإسرائيل الحق بضرب الإرهاب بقوة، ضرب القتلة والكارهين (لإسرائيل) والمحرضين. ولكن نحن لا نستطيع الدفاع عن أنفسنا فقط، بل علينا أيضا الانفصال عن الفلسطينيين، وأن نُخرج المناطق (الضفة) من إسرائيل، وأن نقطع عناق الموت هذا بيننا". (24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015).
- كان هيرتسوغ من أبرز المهاجمين لحركة المقاطعة العالمية للمستوطنات، ولقرار الاتحاد الأوروبي، وأيضا لوزيرة الخارجية السويدية مارغوت وولستروم: "إن تصريحات وزيرة الخارجية السويدية تدعم الإرهاب بقوة، وكل تصريح كهذا، يُبعد المنطقة كلها خطوة واحدة إضافية عن الانفصال بيننا وبين الفلسطينيين، وتساعد القتلة، الذين يفعلون كل شيء من أجل تدمير الاحتمال للوصول إلى هذا الانفصال. من المثير أن السويد لم ترد بتصريح مشابه، حينما قتل عناصر شرطة باريس الإرهابيين، بموجب ما عليهم أن يفعلوا. ومثير كيف سترد السويد حينما ينفذ إرهابيون عمليات مخيفة على أراضيها. فهل ستطلب أيضا ملاطفتهم، بسبب أنه كانت لهم طفولة قاسية". (12 كانون الثاني/ يناير 2016).
- ردا على قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي وضع علامة على منتجات الاستيطان، قال هيرتسوغ: "إن قرار الاتحاد الأوروبي خطير وسيء لإسرائيل، ويضرب بشكل مباشر جهود العملية السياسية. إنني أومن بكل قواي بأنه يجب الانفصال عن الفلسطينيين، والسعي إلى سلام، أيضا في ذروة موجة طعن السكاكين والإرهاب. ولكن هذا القرار سيضر بالإسرائيليين والفلسطينيين معا، وبالآف العائلات التي يرتبط مصدر رزقها بهذه الصناعة (في المستوطنات). أحيانا يخيل لي أنه لا يوجد ما قد يتغير، فهذه النغمة ذاتها، والقرارات ذاتها. لقد اعتدنا على المقارنات، واعتدنا على تشويه صورتنا، واعتدنا على أن يضعوا علينا علامة". (11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015).
- ردا على نشاط حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل والمستوطنات "بي. دي. إس"، قال هيرتسوغ: "أيضا اليوم ثمة في أنحاء العالم من يريد القضاء علينا، وعلى المشروع الرائع جدا الذي بنيناه، وتدمير الصهيونية. في حينه قبل أربعين عاما لم يطلقوا على ذاك الحراك اسم BDS، ولكن كان بالضبط ما هو قائم اليوم: متلونون، وخطاب مزدوج في دول ومنظمات. وأيضا اليوم، نحن ندفع ثمنا دمويا باهظا، مثلما كان منذ إحياء الوطن، حينما كنا ندفن أبناءنا وبناتنا في الحرب على وجودنا. أيضا اليوم يحاول أعداؤنا التشكيك بعدالة وجودنا، وضرب حقنا الطبيعي والتاريخي بتقرير المصير. ويفعل طالبو السوء لنا هذا في حلبات كثيرة، وبأشكال متنوعة، ولكن هدفهم واحد، وهو إضعافنا والقضاء على الأرضية الأخلاقية التي نقف عليها". (5 كانون الثاني/ يناير 2016).
خطته السياسية
- وعرض هيرتسوغ في المؤتمر السنوي لـ "معهد ابحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب خطته السياسية وقال: "أولا الأمن. اليوم، عمليا، لا يمكن تطبيق اتفاق بشأن دولتين في المدى الفوري. أولا يجب المعالجة الناجعة لحماس والتحريض الذي تقوم به. عندي لن تكون لحركة حماس أي حصانة. على كل عملية سيدفعون ثمنا باهظا جدا. ليس قصفا عابثا من الجو على مناطق فارغة، بل سنستخدم القبضة الحديدية الفاعلة، نعطل لهم التلفزيون والإذاعة، وبعد ذلك لن تكون لهم إنترنت أو هاتف خليوي. لن يتمكنوا من نقل التعليمات للمخربين. سنتخذ خطوات قاسية وحادة – بما في ذلك ضد قيادتهم".
"أريد أن انفصل عن أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين وبأسرع وقت ممكن. سنقيم جدارا كبيرا بيننا. هذا هو التعايش الممكن الآن. نحن نريد استكمال الجدار الذي يفصل بيننا وبينهم. جدار حول الكتل الاستيطانية والانفصال عن القرى الفلسطينية من القدس. الخطوة الثالثة التي يجب تنفيذها هي تهدئة الوضع من خلال خطوات لبناء الثقة. سيكون من حق الفلسطينيين عمل كل شيء من ناحية مدنية- مدنية وليس عسكرية. يمكنهم أن يقيموا مدنا جديدة، ويوسعوا مدنا قائمة، ويطوروا الزراعة، الصناعة وسوق العمل. لقد سبق أن ثبت أن تقليص اكتظاظ السكن وزيادة الرفاه الاقتصادي يهدئان الوضع ويقللان الإرهاب. أما العكس، الاكتظاظ، الضائقة والبطالة، فتصعّد الإرهاب. أنا أريد تهدئة. ولكن لن تكون هنا غزة ثانية. لن نكرر خطأ فك الارتباط".
"الجيش الإسرائيلي سيبقى الجيش الوحيد غربي نهر الأردن. وبعد بضع سنوات، إذا ما كان هدوء، أمن، نتحدث حول ما سيلي. نعقد مؤتمر أمن إقليميا مع الدول العربية المعتدلة. إن مصر، الأردن، السعودية ودول الخليج تخشى داعش وإيران بقدر لا يقل عن إسرائيل، إن لم يكن أكثر". (19 كانون الثاني/ يناير 2016).
- وقال هيرتسوغ خلال لقائه بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس في قصر الإليزيه في باريس، إن "المحاولة للسعي إلى دولة فلسطينية الآن لن تصمد. فلا يمكن أن تقوم الآن دولة فلسطينية، لأن ليس لدى الفلسطينيين في هذه اللحظة قيادة تسيطر في كل الأرض، ويمكنها أن تقود مثل هذه الخطوة. فقبل كل شيء يجب الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين". وقال إن هذا "الفصل يترافق وخطوات أمنية واقتصادية ويؤدي إلى مزيد من الهدوء في المنطقة وزيادة الأمن. في هذه اللحظة يعمق عدم الفصل الاحتكاك والكراهية بين الشعبين بشكل يحبط كل احتمال للتسوية. يجب أن نكون واقعيين. الكراهية والتحريض في أوساط الفلسطينيين كبيران جدا، والعداء بين الشعبين وعدم قدرة الزعماء يمنعان كل حل في هذه اللحظة. الفصل والأمن هما خطوة أولى ضرورية في الطريق إلى رؤيا الدولتين". (22 كانون الثاني/ يناير 2016).
موقف حزب "العمل"
تشكّل تصريحات هيرتسوغ، رئيس حزب "العمل"، ورئيس قائمة "المعسكر الصهيوني" التحالفية مع حزب "الحركة"، تحولا واضحا في توجهات الحزب، خاصة وأنه لم تصدر اعتراضات جدية من نواب حزبه، ونواب كتلة "المعسكر الصهيوني"، على الطرح الذي يُعد جديدا لدى هيرتسوغ، باستثناء اعتراض النائب شيلي يحيموفيتش، الذي له خلفياته ونذكرها هنا. ولكن صمت باقي النواب جاء، على الرغم من أن كتلة حزب "العمل" الحالية، تضم نوابا لهم رؤية أكثر وضوحا بالنسبة لحل الصراع، التي ترتكز على خطة بيل كلينتون في العام 2000.
ونذكر من النواب الجدد البروفسور يوسي يونا، من مؤسسي حركة "القوس الشرقي"، وهو محاضر في جامعة بئر السبع. كما من بينهم النائبة الجديدة أييليت نحمياس فيربين، التي في سيرتها الذاتية نرى أنها نشطت في حركة لإحياء ذكرى رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين. إضافة إلى هذا، فإن من النواب الذين دخلوا إلى الكنيست لأول مرّة في انتخابات 2013، رأينا من أوضحوا موقفهم أكثر، ومن بينهم عومر بار ليف، نجل رئيس الأركان الأسبق حاييم بار ليف، الذي نشر مقالا يؤكد فيه ضرورة الانسحاب من غور الأردن في اطار الحل الدائم.
أما رئيسة الحزب السابقة شيلي يحيموفيتش، فقد ظهرت في وسائل الإعلام منتقدة لتصريحات هيرتسوغ في فرنسا، وقالت: "إن هذا يتعارض مع قيم حركة العمل حول حل الدولتين. إن هيرتسوغ يميل لليمين، في ظل ائتلاف ينجر وراء النائبين بتسلئيل سموتريتش وأورن حزان، ومن واجب حزب "العمل" أن يطرح بديلا للحوار السياسي، وألا يتخلى عنه بالادعاء اليميني الدائم، في أنه لا يوجد مع من يمكن الحديث. على المعارضة أن تقدم بديلا واضحا وليس متلعثما. صحيح أن ابو مازن ليس محبا لصهيون، ولكن يحتمل أن تكون هذه هي الفرصة الأخيرة للحديث مع زعيم فلسطيني علماني وبراغماتي ومحظور تفويت مثل هذه الفرصة، وتقديم خدمة لنتنياهو".
إلا أن تصريح يحيموفيتش، يجدر التعامل معه بحذر، وقد يندرج في إطار منافسة جديدة على زعامة الحزب، لأن يحيموفيتش ذاتها كانت في الجهة المقابلة لتصريحاتها هذه، حينما كانت رئيسة للحزب، قبيل انتخابات مطلع العام 2013. فقد أعلنت يحيموفيتش في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2012، أن أجندتها الانتخابية ستكون اقتصادية اجتماعية. وقالت في حينه إنه في ظل الأوضاع القائمة لا يمكن التقدم في العملية التفاوضية، وأن المهمة الآن تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي، "فقط إسرائيل قوية اقتصاديا قادرة على فرض حل الصراع".
يومها أثارت تصريحات يحيموفيتش هيرتسوغ ذاته، وأيضا النائب عمير بيرتس، الذي وجد في تلك التصريحات فرصة ليعلن انسحابه مجددا من حزب "العمل" والانضمام إلى حزب "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني.
لكن رد هيرتسوغ على يحيموفيتش، والذي نشر يوم 25 كانون الثاني/ يناير 2016، يكشف إلى أي مدى ولج في خطاب اليمين، فقد قال: "ماذا اعتقدتِ يا شيلي. هل إذا قلتِ للفلسطينيين غدا مرحبا أنا شيلي، تعالوا نصنع السلام، سيقفزون ليصافحوكِ بحرارة ويضعوا السكاكين جانبا؟ أنت نفسك لا تؤمنين بهذا".
وحتى مجاهرة هيرتسوغ بموقفه الجديد هذا، كان حزب "العمل" مؤيدا تقريبا فقط لخطة بيل كلينتون، رغم كل التغيرات التي طرأت في السنوات الـ 15 الأخيرة. وعلى الرغم من أن هيرتسوغ لم يعلن رفضا لإقامة دولة فلسطينية، بل اعتبرها خيارا مطروحا "ليس واقعيا في هذه المرحلة"، إلا أن طرحه الجديد يقرّبه أكثر من أحد مخططات اليمين، مع اختلاف بعض الصياغات.
وقد يؤدي هذا التحول إلى تحول في مواقف أيضا في كتلة "يوجد مستقبل"، في حال تنامى الحديث عن "خطة هيرتسوغ"، ولجأوا أكثر إلى هذا الخطة الجديدة، دون أن يتم احتسابهم على معسكر اليمين، وفق التقسيمات الإسرائيلية، لليسار واليمين.
ومن غير الممكن اعتبار تصريحات هيرتسوغ مجرد أفكار شخصية، أو ناجمة عن تحولات آنية، أو أن الهدف منها فقط ليصل إلى رئاسة الوزراء، بل هي على الأكثر تعبير عن أبحاث جارية في الحزب، وفي الدائرة القيادية في الحزب، واختار هيرتسوغ المكان والزمان للمجاهرة بها.
تطورات برلمانية
على مدى الأشهر الثمانية الماضية، منذ بدء عمل الكنيست، بعد انتخابات آذار/ مارس 2015، برزت التوجهات اليمينية، واليمينية المتشددة والمتطرفة، أكثر مما كانت عليه مع افتتاح هذه الولاية، ونذكر خاصة في حزبي "يوجد مستقبل"، وحزب "كولانو". فحزب "يوجد مستقبل" تساهل مع الائتلاف الحاكم في قوانين عنصرية واضطهادية مثل الإطعام القسري للأسرى وغيره، فيما ينخرط كل نواب "كولانو" والوزراء، في المبادرات والسياسات العنصرية المتطرفة، مثل التشريعات العنصرية وغيرها، وهذا بحد ذاته يوضح مكانة حزب "كولانو".
وكنا في الورقة المقدمة في شهر نيسان/ أبريل 2015، قد أشرنا إلى المتغيرات التي حصلت بعد الانتخابات الأخيرة، مقارنة مع ما كان في الولاية البرلمانية السابقة:
- كتلة الليكود التي ازداد عدد نوابها بنسبة 50%، من 20 نائبا إلى 30 نائبا، هي أكثر تشددا من سابقتها، ما قد يشجع رئيس الحزب بنيامين نتنياهو، على التمسك أكثر بمواقفه الشخصية المتشددة.
- كتلة "يوجد مستقبل"، التي كان لها 19 نائبا بتنوعات سياسية، انخفض عدد نوابها إلى 11 نائبا، وهم باتوا أكثر وضوحا في الوسط، وانقسام الكتلة تقريبا مناصفة، بين جنوح نحو اليمين، وآخر نحو حزب "العمل"، إلا أن هذه الفوارق باتت تتلاشى شيئا فشيئا، لصالح مواقف اليمين.
- كتلتا الحريديم، "يهدوت هتوراة" و"شاس"، هبطت قوتهما المجتمعة، من 18 نائبا في الدورة السابقة إلى 13 نائبا. ولكن لكونهما في الائتلاف الحاكم، ستكونان أكثر التزاما بالخط اليميني المتشدد، كما علّمت ذلك تجارب الماضي. إضافة إلى المتغيرات التي طرأت على جمهورهما وقياداته الروحية، التي باتت تعنى أكثر بالشأن السياسي، مقارنة مع مواقفها حتى سنوات التسعين.
- وسيؤثر على النتائج العددية في الاستنتاجات الأخيرة، ازدياد عدد النواب الذين يمثلون فلسطينيي 48، ضمن القائمة المشتركة، من 11 نائبا إلى 13 نائبا. وفي المقابل، فإن كتلة "ميرتس" اليسارية الصهيونية فقدت مقعدا واحدا من قوتها السابقة، وباتت مع 5 نواب.
الاحتمالات الواردة
إن سلسلة تصريحات هيرتسوغ على مدى الأشهر القليلة الفائتة تعكس تحولات سياسية لديه ولدى قيادة حزبه، وقيادة تحالف "المعسكر الصهيوني".
وهذا يقود إلى عدة احتمالات وسيناريوهات مستقبلية.
1- أن يكون إسحاق هيرتسوغ وحزبه وتحالفه قد رسموا مسارا سياسيا يقرّبهم من جمهور "الوسط اليمين"، استعدادا لأي انتخابات برلمانية قد تباغت الحلبة الإسرائيلية. إلا أن التجربة علمت أن محاولة نسخ الخطاب لا تفيد أي حزب، لأن الناخب عادة يميل إلى "النسخة الأصل" لهذا الخطاب. كذلك فإن حزب "العمل" في هذه الحالة سيخسر قطاع مصوتين يُعد "وسط يسار"، بموجب التعريفات الإسرائيلية، وهذا الجمهور إما أنه سيبحث عن عنوان سياسي آخر، أو يمتنع عن التصويت.
2- إن الخطة التي طرحها هيرتسوغ قريبة جدا لشكل الكيان الذي طرحه بنيامين نتنياهو في ما يعرف باسم "خطاب بار إيلان"- حزيران/ يونيو 2009، ولكن نتنياهو أطلق على ذلك الكيان اسم دولة، وكأنه الحل النهائي، بينما ما يطرحه هيرتسوغ هو كحل مرحلي، دون تحديد موعد لنهايته. وهذا الحال يفسح المجال أمام فرضية أن يلتقي الحزبان الليكود والعمل، حول صيغة فرض حل كهذا، إما في المرحلة المقبلة، أو بعد أي انتخابات قادمة، خاصة وأنه في جدول توزيع رؤى حل الصراع، ستظهر أغلبية واضحة لهذا الخيار.
ولكن خيار حكومة الوحدة لن يكون بالأمر السهل في ظل تركيبة كتلة حزب "العمل" القائمة، وقد يواجه معارضة شديدة في داخل الحزب، نظرا لاختلافات في الرؤى في القضايا الداخلية. كما أن الأمر سيشهد معارضة في داخل حزب "الليكود"، خاصة وأن حلا افتراضيا كهذا سينهي الشراكة الائتلافية مع كتلة تحالف أحزاب المستوطنين "البيت اليهودي".
3- أن يسعى حزب "العمل" من خلال الطرح السياسي الجديد لبناء تحالف أوسع، يضم مثلا حزب "يوجد مستقبل"، وحتى حزب "كولانو" اليميني الأقرب إلى حزب الليكود، ولكن هذه فرضية تبقى ضعيفة في الظروف القائمة حاليا، ولكنه سيناريو يبقى مطروحا كسيناريوهات عدة أخرى.
اتجاهات التسوية المطروحة في الحلبة السياسية
إن الحلول والمقترحات المتداولة في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتبنى على أساسها المواقف في الكتل البرلمانية، بالإمكان تلخيصها بما يلي:
- الحل المطلوب فلسطينيا، انسحاب كامل من المناطق المحتلة منذ العام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، مع تبادل طفيف للأراضي، وحل عادل لقضية اللاجئين وفق القرارات الدولية.
- مشروع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الذي يتضمن انسحابا من الغالبية الساحقة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتقاسم القدس وخلق مناطق مشتركة، وتبادل للأراضي، وعودة رمزية للاجئين الفلسطينيين إلى مناطق 1948.
- الحل الذي عرضه بنيامين نتنياهو من خلال خطابه الذي اشتهر بتسمية "خطاب بار إيلان" حزيران/ يونيو 2009، ويتضمن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومن دون جيش، ولا سيطرة لها على الأجواء والمعابر الدولية، وبقاء كل الكتل الاستيطانية الكبيرة، وتجمعات استيطانية أصغر، وبقاء جيش الاحتلال في منطقة غور الأردن.
- الحل الذي تفرضه مجموعات يمينية، وهو فرض حل من جانب واحد، يتخذ الجدار في الضفة الغربية برمته حدودا للكيان الفلسطيني، واستمرار انتشار جيش الاحتلال في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية وخاصة القدس، وعدم الاعتراف بالكيان الفلسطيني كدولة. أو حسب الصيغة التي ستنشأ بعد الإعلان عن خطة إسحاق هيرتسوغ، أن يكون هذا حلا طويل الأمد، دون التطرق لمسألة تعريف الكيان الفلسطيني الناشئ.
- الحل الذي يطرحه اليمين المتطرف، وهو ضم كل الضفة الغربية لما يسمى بـ "السيادة الإسرائيلية"، ومنح حكم ذاتي محدود للتجمعات السكانية الفلسطينية، ودون حق للفلسطينيين في المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية.
ملاحظة: في كل واحد من الحلول المطروحة إسرائيليا، ستؤثر الأجواء العامة، والأجواء الإعلامية، على مواقف بعض النواب المتأرجحين في المواقف، وهذا استنادا إلى تجارب الماضي.
الحلول المطروحة وفرص تأييدها في الكنيست الـ 20
كما وردت في تقرير نيسان/ أبريل 2015
الحل المعروض | فرص التأييد | ملاحظات | |
1 |
الحل المطلوب فلسطينيا: انسحاب كامل من المناطق المحتلة منذ العام 1967، مع تبادل طفيف للأراضي، وحل عادل لقضية اللاجئين |
13 نائبا - نواب القائمة المشتركة |
- قد ينضم اليهم واحد أو أكثر من كتلة ميرتس |
2 |
مشروع كلينتون، يتضمن انسحابا من الغالبية الساحقة من الضفة والقطاع، وتبادل أراض، وتقاسم القدس وخلق مناطق مشتركة، وعودة رمزية للاجئين |
42- 47 نائبا - 23- 24 "المعسكر الصهيوني" - 5 ميرتس - 13 القائمة المشتركة - 4- 5 "يوجد مستقبل" |
- احتمال امتناع نواب في القائمة المشتركة على خلفية حق العودة - احتمال اعتراض نائب من "المعسكر الصهيوني" - احتمال أن يؤيد نواب آخرون من "يوجد مستقبل" |
3 |
عرض نتنياهو في خطاب "بار إيلان": دولة منزوعة السلاح، ولا سيطرة لها على الأجواء والمعابر، الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية، وجيش الاحتلال في منطقة الغور. |
62- 67 نائبا - 30 "الليكود" - 10 "كلنا" - 7 "يسرائيل بيتينو" - 7 "شاس" - 6- 7 "يوجد مستقبل" - 6 "يهدوت هتوراة" |
- "البيت اليهودي" سيعترض - قد يتمرد عدد من نواب الليكود - عدد نواب "يوجد مستقبل" تحكمه سلسلة عوامل وهو غير مؤكد |
4 |
فرض "حل" من جانب واحد، يتخذ الجدار في الضفة حدودا للكيان الفلسطيني وبقاء انتشار جيش الاحتلال، وعدم الاعتراف بالكيان الفلسطيني كدولة. |
60- 64 نائبا - 30 "الليكود" - 8- 10 "كلنا" - 6 "يسرائيل بيتينو" - 7 "شاس" - 2- 4 "يوجد مستقبل" - 6 "يهدوت هتوراة" |
- "البيت اليهودي" قد يمتنع إلى حد الاعتراض لرفضه تسليم مساحات للكيان الفلسطيني. - أيضا هنا عدد نواب "يوجد مستقبل ليس مضمونا |
5 |
حل "البيت اليهودي": ضم الضفة ومنح حكم ذاتي محدود للتجمعات السكانية الفلسطينية |
18- 23 نائبا - 8 "البيت اليهودي" - 10- 15 الليكود |
الحلول المطروحة وفرص تأييدها في الكنيست الـ 20
بعد الاعلان عن خطة هيرتسوغ كانون الثاني/ يناير 2016
الحل المعروض | فرص التأييد | ملاحظات | |
1 |
الحل المطلوب فلسطينيا: انسحاب كامل من المناطق المحتلة منذ العام 1967، مع تبادل طفيف للأراضي، وحل عادل لقضية اللاجئين |
13 نائبا - نواب القائمة المشتركة |
- قد ينضم اليهم واحد أو أكثر من كتلة ميرتس |
2 |
مشروع كلينتون، يتضمن انسحابا من الغالبية الساحقة من الضفة والقطاع، وتبادل أراض، وتقاسم القدس وخلق مناطق مشتركة، وعودة رمزية للاجئين |
42- 47 نائبا - 23- 24 المعسكر الصهيوني - 5 ميرتس - 13 "القائمة المشتركة" - 4- 5 "يوجد مستقبل" |
- احتمال امتناع نواب في القائمة المشتركة على خلفية حق العودة - احتمال اعتراض نائب من "المعسكر الصهيوني" - احتمال أن يؤيد نواب آخرون من "يوجد مستقبل". |
3 |
عرض نتنياهو في خطاب "بار إيلان": دولة منزوعة السلاح، ولا سيطرة لها على الأجواء والمعابر، الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية، وجيش الاحتلال في منطقة الغور. |
62- 67 نائبا - 30 "الليكود" - 10 "كلنا" - 7 "يسرائيل بيتينو" - 7 "شاس" - 6- 7 "يوجد مستقبل" - 6 "يهدوت هتوراة" |
- البيت اليهودي سيعترض - قد يتمرد عدد من نواب الليكود - عدد نواب "يوجد مستقبل" تحكمه سلسلة عوامل وهو غير مؤكد |
4 |
فرض "حل" من جانب واحد، يتخذ الجدار في الضفة حدودا للكيان الفلسطيني وبقاء انتشار جيش الاحتلال. (تمت إزالة عبارة دون الاعتراف بالكيان، كما ورد في الجدول السابق) |
90- 94 نائبا - 30 "الليكود" - 20- 24 المعسكر الصهيوني - 10 "كلنا" - 6 "يسرائيل بيتينو" - 7 "شاس" - 11 يوجد مستقبل - 6 "يهدوت هتوراة" |
- البيت اليهودي قد يمتنع إلى حد الاعتراض لرفضه تسليم مساحات للكيان الفلسطيني. - أيضا هنا عدد نواب "يوجد مستقبل" ليس مضمونا |
5 |
حل "البيت اليهودي": ضم الضفة ومنح حكم ذاتي محدود للتجمعات السكانية الفلسطينية |
16- 18 نائبا - 8 البيت اليهودي - 8- 10 الليكود |
هذا التقرير بالتعاون مع دائرة شؤون المفاوضات
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, حق العودة, بتسلئيل, الكتلة, الليكود, الكنيست, بنيامين نتنياهو, شيلي يحيموفيتش, عمير بيرتس, أييليت نحمياس فيربين