تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1466

عُقد يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الماضي، المؤتمر السنوي لـ"معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، حول "التقييم الإستراتيجي لإسرائيل 2015 – 2016".

وبالإضافة إلى مداخلات الباحثين في المعهد، التي تناولت مجموعة واسعة من القضايا الداخلية والإقليمية المتعلقة بالأمن القومي الإسرائيلي وسياسة إسرائيل الخارجية، قدم مسؤولون إسرائيليون رسميون، أبرزهم رئيس هيئة أركان الجيش ووزير الدفاع ووزير التربية والتعليم ورئيس المعارضة، مداخلات تناولت قضايا راهنة.

وجاء في مقدمة كتاب المؤتمر، وفي باب "التقلبات في الشرق الأوسط" الذي تناول قضايا منطقة الشرق الأوسط والصراعات داخل الدول العربية سورية واليمين وليبيا وكذلك موضوع البرنامج النووي الإيراني والصراع العربي - الإيراني، ما يلي:

"بالنسبة لإسرائيل، فإنه ليس لديها انتماء ’طبيعي’ إلى أي من المعسكرات الإقليمية. بل إن الاستنتاج المركزي وغير المفاجئ الذي تعالى من التحليلات هو أنه سيصعب على إسرائيل توسيع وتعميق الحوار والتعاون بينها وبين جهات إقليمية، سواء كانت دولا أو منظمات، تتقاسم معها مصالح مشتركة، من دون حدوث تقدم ملموس في العملية السياسية مع الفلسطينيين".

وتناول باب "إسرائيل في الشرق الأوسط" التحديات والفرص أمام إسرائيل، في الحلبة الفلسطينية والحلبة الشمالية، أي هضبة الجولان ولبنان، وفي الحلبة الجيو سياسية على صعيد المنطقة عامة.

ورأى الباحثون في هذا الباب أن التحليل يقود إلى تقييم مفاده أنه "بسبب تضاؤل الخطر، في العام الحالي، حيال اندلاع نشوب حرب تكون إسرائيل ضالعة فيها، فإن عليها أن تركز نشاطها الأمني في المعركة بين حربين، وتعزيز الردع، بواسطة تحولات إيجابية لدى جهات في محيطها أيضا، وبضمن ذلك في مجالي الاقتصاد والطاقة".

وتناول باب "إسرائيل – الحلبة الداخلية" موضوع الأمن القومي في السياق الاجتماعي – السياسي الداخلي، وتطرق إلى مواضيع مثل القدرة على الحكم، الأداء السياسي المنفلت والآخذ بالتطرف في الخطاب العام، التقاطب والقبلية الآخذة بالتعمق في المجتمع الإسرائيلي، وكذلك توجهات اقتصادية تؤثر على مواجهة تحديات أمنية.

وجاء في الكتاب: "دلت اتجاهات أخرى في الرأي العام (الإسرائيلي) على أنه يلاحظ وجود موافقة على فكرة ’الدولتين للشعبين’، على الرغم من أنه بالإمكان ملاحظة تقلص نسب تأييد الفكرة، عندما يتم ذكر دلالاتها وأثمان الانفصال عن الفلسطينيين. وعدا ذلك، فإن نتائج استطلاعات الرأي العام ترمز إلى وجود تفويض شعبي للقيادة باتخاذ قرارات من الوزن الثقيل، بما في ذلك تلك المتعلقة بعملية سياسية حقيقية مع الفلسطينيين".

وفيما يتعلق بالعلاقات بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية في إسرائيل، "يقود التحليل إلى التقدير بأنه إلى جانب الصراع القومي المستمر بين الجانبين وبرغم انعدام المساواة الكاملة، فإن العلاقات المتبادلة بين العرب واليهود تتعمق في مجالات عديدة. وبرغم وجود تخوف من أن موجة الإرهاب الحالية التي بدأت في نهاية العام 2015 والتعاطف من جانب القيادة العربية في إسرائيل، وكذلك من أن ردود فعل الجمهور اليهودي على هذه الأحداث ستضر بنسيج العلاقات الناعم، بالإمكان التقدير أن اتجاهات الاندماج الحاصلة ستساعد الجانبين على التغلب على الأزمة".

واعتبر رئيس المعهد، عاموس يدلين، في مقاله التلخيصي لكتاب المؤتمر، أن "الاستنتاج المركزي للتحليلات هو أنه توجد لدى إسرائيل في الفترة الراهنة قدرة على بلورة فرص من أجل دفع مكانتها الأمنية والسياسية قدما، خصوصا في أعقاب التطورات العاصفة في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. إن المهلة في قضية النووي الإيراني وذلك الإدراك في الحلبة الدولية أن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ليس في قلب التوترات والنزاعات في الشرق الأوسط، يوفران لإسرائيل فرصا لبلورة إستراتيجية نشطة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بهدف وضع رد على التهديدات، إلى جانب إمكانية دفع تسويات سلمية بينها وبين دول أخرى في الشرق الأوسط".

أيزنكوت: احتمال كبير لاشتعال في غزة!

تطرق رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، خلال مداخلته أمام المؤتمر، إلى الهبة الفلسطينية وخاصة عمليات الطعن والدهس التي ينفذها أفراد فلسطينيون لا ينتمون إلى أي تنظيم، وشدد على صعوبة توقع هذه العمليات وعدم مقدرة أجهزة الأمن على جمع معلومات استخبارية تحذر من وقوعها.

وأكد أيزنكوت أنه "لا توجد تحذيرات من عمليات السكاكين. كانت لدينا 101 عملية كهذه في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ولم نعرف كيف نزود تحذيرا في أية حالة".

وقال أيزنكوت إنه يوجد "تحد جدي" في الحلبة الفلسطينية، مضيفا أنه "عندما كنت قائد الفرقة العسكرية للضفة الغربية، قبل عشر سنوات، كان لدينا مفهوم إحباط (عمليات) اعتمد على تفوق استخباري. وعمليا، فإن ظاهرة الطعن بالسكاكين تجاوزت ما كان يشكل العنصر الأكثر فاعلية لمحاربة الإرهاب. فلا توجد تحذيرات لدينا".

ورد أيزنكوت على دعوات تتعالى من جانب وزراء وأعضاء كنيست من أحزاب اليمين تطالب بتشديد الممارسات ضد الفلسطينيين واستخدام عقوبات جماعية بحقهم. وقال إن جهاز الأمن الإسرائيلي يرى أهمية كبيرة في الفصل بين منفذي العمليات وعموم السكان الفلسطينيين.

وأضاف أن 120 ألف فلسطيني يخرجون إلى العمل يوميا داخل الخط الأخضر أو في المستوطنات "وهذه مصلحة إسرائيلية"، وأنه "سيكون خطأ كبيراً أن نفرض إغلاقات وأطواق وسيعمل ذلك ضد المصلحة الإسرائيلية"، واعتبر أن "ثمة حاجة للحفاظ على الأمل لدى الفلسطينيين وأن يتمكنوا من كسب الرزق".

وتابع أيزنكوت أنه "في الظروف الأمنية المعقدة والحساسة بالذات، مهمة جهاز الأمن هي الحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية وجزيرة مستقرة ذات قوة عسكرية وأخلاقية".

وحول قطاع غزة، قال أيزنكوت إن حركة حماس "تبذل جهدا كبيرا من أجل ترميم قدراتها، من خلال بناء الأنفاق الهجومية باتجاه دولة إسرائيل وأيضا من خلال تجديد مخزون الصواريخ".
وأضاف أنه "يوجد احتمال كبير للاشتعال فيما يتعلق بغزة"، في إشارة إلى شن عدوان إسرائيلي جديد، وأن "حماس تبذل جهدا استخباريا – هندسيا كبيرا جدا، بمساعدة إيرانية بعشرات ملايين الدولارات".

ووصف أيزنكوت رفع العقوبات الإستراتيجية عن إيران في أعقاب بدء تنفيذ الاتفاق النووي بأنه "انعطاف إستراتيجي مقابل التهديد المركزي للجيش الإسرائيلي في السنوات العشر الأخيرة"، مشيرا إلى أن "عدو الجيش الإسرائيلي المركزي اليوم هو حزب الله"، وأن الاتفاق النووي "ينطوي على مخاطر وعلى فرص أيضا".

وقال إنه يقدر أن الحلم الإيراني بحيازة سلاح نووي لم يتغير وأن "إيران تخوض حربا ضد إسرائيل بواسطة وكلاء". وادعى أن ما بين 130 إلى 140 إيرانيا قُتلوا في الحرب الأهلية الدائرة في سورية، وأن عدد القتلى في صفوف حزب الله في هذه الحرب يبلغ 1300 وعدد الجرحى خمسة آلاف.

ورأى أيزنكوت أن قدرات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الحرب السورية "مثيرة للانطباع جدا"، لكنه أشار إلى لجم نجاحات "داعش" في الشهور الأخيرة "وحتى أنها تراجعت".

وقدر أيزنكوت بأن الحرب في سورية ستستمر لسنين مقبلة برغم التدخل الروسي والأميركي في الحرب، وفي موازاة ذلك قال إن ثمة احتمالا لأن يوجه "داعش" سلاحه ضد إسرائيل والأردن، وتوقع بأن يتم كبح نشاط تنظيم "ولاية سيناء"، الذي بايع "داعش"، بسبب عمليات الجيش المصري.

يعلون: أفضل "داعش" على إيران!

خلافا لأقوال أيزنكوت، الذي قال إن حزب الله هو "العدو المركزي للجيش الإسرائيلي"، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، إن "عدو إسرائيل المركزي هو إيران".

وأضاف يعلون، منتقدا الاتفاق النووي، أن المصالح هي الأمر الأهم اليوم في العلاقات "بل وأهم من المراسم ومؤتمرات السلام"، وتابع مشيرا إلى إسرائيل ودول عربية أنه "يوجد هنا معسكر كان يريد الاعتماد على قيادة أميركية وهو خائب الأمل بقدر كبير أحيانا لأن الأميركيين يرون في إيران شريكة".

وأردف أن "هناك أصواتا تقول أمرا آخر، وأن العدو هو داعش، لكن إذا كان الخيار بين إيران وداعش، فإنني أفضل داعش".

وتابع يعلون أن "حزب الله هو ذراع لإيران مع قدرة على استخدام الفيتو لشن حرب، ورئيس أركان الجيش وصف ذلك جيدا هنا. والبنية التحتية الإرهابية الإيرانية موجودة اليوم في خمس قارات: آسيا، أفريقيا، أوروبا، وفي أميركا الجنوبية والشمالية أيضا. والاتفاق (النووي) أعاد الساعة التكنولوجية (لصنع قنبلة نووية إيرانية) إلى ما بين ثلاثة أشهر حتى سنة. وإذا شعرت إيران بأنها آمنة اقتصاديا بإمكانها الانطلاق نحو القنبلة قبل ذلك".

وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، اعتبر يعلون أن "من يعتقد أن الحل معروف، وأنه بالإمكان أن نجعل الجانبين يجلسان ونفرض عليهما حلا سياسيا، فإن هذا لن ينجح. ينبغي البحث عن طريق أخرى، والعمل على الأمور من أسفل إلى أعلى. ولدينا الكثير مما يمكن أن نقترحه على الفلسطينيين".

بينيت يهاجم نتنياهو ويعلون

استغل رئيس كتلة "البيت اليهودي" ووزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، مداخلته في المؤتمر من أجل توجيه انتقادات شديدة إلى يعلون ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، معتبر أن سياستهما تلحق ضررا بأمن إسرائيل.

وقال بينيت إن "التهديد المركزي على أمن إسرائيل لا يأتي من الشمال ولا من الجنوب، ولا من صواريخ حماس وحزب الله، ولا حتى من إيران. وليس الجمود السياسي هو التهديد المركزي علينا، وإنما ركودنا الفكري".

وأضاف بينيت أنه "بدلا من أن نبلور مستقبلنا بأيدينا، تنجر إسرائيل وراء الواقع الحاصل. وهذا، بنظري، الخطر الأكبر على أمننا".

وسعى بينيت إلى التفريق بين قادة الجيش الإسرائيلي، الذين امتدحهم، وبين نتنياهو ويعلون، اللذين رأى أنهما يقودان إستراتيجية خاطئة، واعتبر أن "أعداء إسرائيل" يتجددون طوال الوقت من ناحية المفاهيم بينما تبقى إسرائيل في المؤخرة وتطرح سياسة قديمة.

وقال إنه خلال العدوان على غزة في العام 2014 "أيقنت مرة أخرى في غرفة الكابينيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية) بالفجوة بين نوعية القادة العسكريين والمقاتلين وجودة المفهوم الإستراتيجي الذي عملوا من خلاله، وبين شحوب التعليمات والخطط التي أعطيناها من أعلى".

ودعا بينيت إلى إعادة البحث في كافة الفرضيات الأساسية وفي كافة الجبهات، وإلى البحث في مهاجمة إيران في حال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله. ووصف إيران بأنها "العدو الحقيقي".

وقال إن الفرضية السائدة في إسرائيل بأن جيشها هو الأفضل في العالم "لا تجعل إستراتيجية قادة السياسة الأمنية صحيحة. وكل طائرات إف-35 الثمينة جدا لن تساعد مقابل خمسة مقاتلي كوماندوز (فلسطينيين) يحفرون الطريق إلى ناتيف هعسرا (بلدة قريبة من الحدود مع غزة)... علينا إنتاج مفهوم أمني عصري، مبتكر وواضح".

وأدت أقوال بينيت إلى ردود من جانب نتنياهو ويعلون. وقال مقربون من نتنياهو إن تصريحات بينيت "سخيفة". واتهمه يعلون بأنه كان يصوت في الكابينيت على قرار ما ويتحدث خارجه عن موقف آخر.

هيرتسوغ يطرح "حلا للصراع"!

طرح رئيس كتلة "المعسكر الصهيوني" والمعارضة الإسرائيلية، إسحق هيرتسوغ، خلال المؤتمر، أفكارا اعتبرها مبادرة سياسية لحل الصراع تحاكي مبادرات اليمين، وبينها الفصل بين جزء من البلدات الفلسطينية في القدس الشرقية وباقي المدينة، "وبعدها نعيد توحيد المدينة من دون مئات آلاف الفلسطينيين الذين سيكونون في الجانب الآخر من الجدار".
وأضاف أن "العيسوية ليست جزءا من عاصمة إسرائيل الأبدية ولن تكون، ولا مخيم شعفاط أيضا".

وقال هيرتسوغ "إنني أريد أن أنفصل عن أكثر ما يمكن من الفلسطينيين. هم هناك ونحن هنا. سنبني سورا كبيرا بيننا. هذا هو التعايش الممكن الآن... لقد قام أريئيل شارون بعمل صحيح عندما أقام الجدار الذي منع تسلل مخربين انتحاريين. لكنه لم ينهِ المهمة. يجب استكمال بناء السور لكي يفصل بيننا وبينهم".

واقترح هيرتسوغ خطوات لبناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين تسمح للفلسطينيين "بالتطور في المستوى المدني"، ولكن من خلال استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الضفة الغربية، وشن هجمات ضد حماس، وعقد مؤتمر أمني إقليمي بمشاركة الدول العربية "المعتدلة".