من المقرّر أن تنظم وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، هذا الأسبوع، "الأسبوع الوطني لمنع العنف". وأشارت المعطيات التي جمعتها وزارات الأمن الداخلي والرفاه والصحة والتربية والتعليم والشرطة إلى تصاعد مستوى العنف في المجتمع الإسرائيلي. كذلك أظهرت المعطيات أنه تزايدت حالات العنف داخل المجتمع التي يمتنع فيها المواطنون عن تقديم شكاوى إلى الشرطة وأجهزة تطبيق القانون حولها.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة، أن هذه المعطيات تُبين أن حجم مظاهر العنف والعنف الجنسي في المجتمع الإسرائيلي أوسع من حجمها في الدول المتطورة، أي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
ونشرت وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، يوم الخميس الماضي، استطلاعا حول شعور المواطنين بالأمن الشخصي تبيّن منه، على سبيل المثال، أن أغلبية المواطنين لا تشعر بأمن شخصي حتى في مناطق سكناها.
وظهر من الاستطلاع أن أكثر ما يتخوّف منه الجمهور اليهودي في إسرائيل هو جرائم السرقات، بنسبة 60%، ويلي ذلك عمليات تفجيرية، بنسبة 57%، ثم أنشطة المنظمات الإجرامية، بنسبة 55%.
ووفقا للاستطلاع نفسه فإن أكثر الجرائم التي يتخوّف منها أبناء الأقلية العربية في إسرائيل هي أعمال التخريب، بنسبة 45%، والابتزاز والأتاوة، بنسبة 37%، والإرهاب والعمليات التفجيرية، بنسبة 36%.
وقال 69% من اليهود و82% من العرب إنهم يشعرون بمستوى أمن شخصي متوسط فما فوق، بينما أفاد 31% من اليهود و18% من العرب بأن مستوى الأمن الشخصي لديهم متدنٍ أو غير قائم.
كذلك قال 57% من اليهود و64% من العرب إنهم لا يتخوفون من التعرض للأذى في مناطق سكناهم. ورغم ذلك فإن نسبة مرتفعة من اليهود (43%) ونسبة مرتفعة من العرب (35%) أكدتا أنهما تتخوفان من التعرض للأذى في المناطق التي تسكنان فيها.
ويدعم هذا التخوّف تأكيد 51% من اليهود و57% من العرب أنهم يخشون من التجول في مناطق سكناهم بعد حلول الظلام بسبب احتمال تعرضهم لاعتداء، بينما قال 41% من اليهود و41% من العرب إنهم لا يخشون التجوّل في مناطق سكناهم بعد حلول الظلام.
ورغم هذه المعطيات، ادعت وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية أن 76% من المواطنين لديهم شعور بمستوى أمن مرتفع، وأن 25% من المواطنين يشعرون بمستوى أمن متدن، وأن 69% من الجمهور اليهودي و82% من الأقلية العربية يشعرون بمستوى أمن متوسط فما فوق.
وفي ظل التقرير حول حجم العنف في المجتمع الإسرائيلي، سمحت المحكمة المركزية في تل أبيب، يوم الخميس الماضي، ببث شريطين مصورين حول عمليتي قتل، تم تنفيذهما في إطار حروب العصابات الإسرائيلية وتصفية أشخاص خلالها.
وتُشاهد في الشريط المصور الأول عملية قتل شخص يدعى آفي دافيد تم قتله في مدينة بات يام، جنوبي تل أبيب، في أواخر العام 2011. ولم تنته هذه القضية قضائيا، لكن الشرطة الإسرائيلية تشتبه بأن القاتل جاء من عصابة عائلة أبرجيل. ويظهر في الشريط شخصان مجهولان يركبان دراجة نارية، وينتظران دافيد قرب مطعم ويطلقان النار عليه من مسافة قريبة لدى وصوله إلى المكان.
ويظهر في الشريط المصوّر الآخر وصول شخصين مجهولين إلى منطقة مستشفى "وولفسون" في تل أبيب، ويقومان بإطلاق النار باتجاه شخص ثالث. ولم يحسم القضاء الإسرائيلي في هذه القضية أيضا، فيما يدعي محامي المتهمين فيها أن "براءتهما تستصرخ السماء من خلال الأدلة التي تم جمعها".
وبثت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية المرئية والالكترونية هذين الشريطين المصورين في نهاية الأسبوع الماضي.
ثلثا المعتدى عليهم لا يقدمون شكاوى إلى الشرطة
يتعرض قرابة 620 ألف مواطن إسرائيلي لأعمال عنف ما بين خطيرة وخفيفة في كل عام. كذلك فإن 27.2% من المواطنين يتعرضون لاعتداءات عنيفة بدرجات متفاوتة، وبينها جرائم سطو وجرائم جنسية. لكن 67% من ضحايا جرائم العنف يمتنعون عن تقديم شكاوى إلى الشرطة أو أجهزة تطبيق القانون الأخرى، ويختارون مواجهة هذه الاعتداءات بقواهم الشخصية.
وفي المقابل فإن 33% من ضحايا جرائم العنف يتوجهون بعد الاعتداء عليهم إلى المؤسسات الإسرائيلية، مثل الشرطة ووزارة الرفاه والخدمات الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة ومنظمات المساعدة المختلفة، مثل مراكز مساعدة ضحايا العنف الجسدي.
ووفقا لمعطيات نشرتها الشرطة الإسرائيلية خلال "مؤتمر منع العنف" الذي عقد في القدس، مؤخرا، فإنه خلال السنوات الأخيرة طرأ انخفاض بنسبة 1.2% في جرائم العنف، كما انخفض عدد الشكاوى المقدمة للشرطة بنسبة 2.4%. لكن في موازاة ذلك، ارتفع عدد الشكاوى التي يقدمها مواطنون إلى السلطات التي لا تعتبر سلطات تطبيق القانون، مثل خدمات الرفاه الاجتماعي. وقالت تقارير إسرائيلية إن هذا المعطى يجب أن يرفع مستوى القلق لدى الشرطة الإسرائيلية.
وأشارت هذه المعطيات إلى أن 52.7% من جرائم العنف هي حالات يتم تعريفها على أنها "عنف خفيف تجاه مواطنين"؛ 13.1% هي جرائم معرفة على أنها "جرائم جنسية"؛ 1% فقط هي جرائم سطو. وفيما يقدم المواطنون شكاوى إلى الشرطة بعد تعرضهم لاعتداءات عنيفة خطيرة، فإن الضحايا في حالات العنف الخفيفة تقدم شكاوى إلى السلطات المدنية، مثل وزارة الرفاه ووزارة التربية والتعليم ومراكز المساعدة المختلفة.
وفي غضون ذلك نشرت جمعية "عيليم" التي تعنى بأبناء الشبيبة في خطر، تقريرا أفاد بحدوث ارتفاع بنسبة 9% في توجهات أبناء الشبيبة الذين تعرضوا لعنف جنسي وارتفاع بنسبة 13% في عدد الشكاوى التي وصلت إلى الجمعية بشأن اعتداءات جنسية على فتية وفتيات من جانب بالغين معروفين لهم.
ارتفاع نسبة الشبان المتشردين في تل أبيب بـ 25%
أشار تقرير جمعية "عيليم" إلى ارتفاع نسبة أبناء الشبيبة المتشردين في تل أبيب، وأبناء الشبيبة الذين يعانون من العنف الجنسي، كما تزايدت المخاطر المحدقة بوضع أبناء الشبيبة من أبناء المهاجرين الفلاشا من أثيوبيا.
ويستند تقرير "عيليم" إلى معلومات تم جمعها من حوالي 20 ألف من أبناء الشبيبة الذين قدمت الجمعية مساعدات لهم.
ووفقا للتقرير، فإنه خلال العام 2013 طرأ ارتفاع بنسبة 13% في التقارير بشأن أبناء الشبيبة الذين يعانون من عنف جنسي من جانب أشخاص بالغين معروفين لهم أو من جانب أبناء شبيبة آخرين. وأبلغ 1689 فتى وفتاة، من الذين يتلقون المساعدة من جمعية "عيليم"، بأنهم عانوا من عنف جنسي خلال العام الماضي، بينما أبلغ 1495 فتى وفتاة الجمعية بتعرضهم لعنف من هذا النوع في العام 2012.
وأفادت "عيليم" بأن نشطائها الميدانيين صادفوا حالات تعرض خلالها فتية وفتيات لأعمال مشينة واعتداءات جنسية لمرة واحدة أو لاستغلال جنسي متواصل، وكان ذلك في معظم الحالات من قِبل شخص معروف لهم وحتى من أقارب من عائلاتهم أو من جانب زملاء لهم أو أشخاص عملوا لديهم. كذلك فإن 700 من أبناء الشبيبة الذين التقت بهم الجمعية قالوا إنهم يعملون في البغاء. وذكرت صحيفة "هآرتس"، الجمعة، أن 98% من هؤلاء الفتية والفتيات عانوا أو ما زالوا يعانون من عنف جنسي.
وأشارت معطيات جمعية "عيليم" إلى أنه في العام 2013 الفائت تم تسجيل ارتفاع بنسبة 25% في عدد الشبان المتشردين الذي طلبوا المساعدة من مشروع "ننطلق إلى الأمام معاً" في مدينة تل أبيب. وقد حصل 506 شاب وشابة على المساعدة من هذا المشروع في العام 2013، مقابل 400 في العام 2012.
وقالت الجمعية إن هذه الأرقام تدل على ظاهرة مقلقة تتمثل بارتفاع عدد الشبان المتشردين في المدينة. ويفسر المسؤولون في "عيليم" هذا الوضع بأنه إلى جانب كون هؤلاء الشبان متشردين، فإنهم يواجهون مشاكل أخرى مثل الإدمان على المخدرات والكحول ويستخدمون "إستراتيجيات سلوكية" خلال صراعهم على البقاء وبضمن ذلك سلوكيات إجرامية والانزلاق إلى مستنقع البغاء.
وقدمت رئيسة جمعية "عيليم"، نافا باراك، ومدير الجمعية، شلومو يناي، ومديرتها العامة، إفرات شبورت، وعدد من أبناء الشبيبة والشبان الذين تلقوا مساعدات من الجمعية، التقرير إلى الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، يوم الخميس الماضي.
تزايد المخاطر المحدقة بأبناء شبيبة من أصول أثيوبية
وتطرق التقرير إلى تزايد المخاطر المحدقة بأبناء الشبيبة من أصول أثيوبية. وتجدر الإشارة إلى أن المهاجرين الفلاشا من أثيوبيا هم أكثر الفئات في المجتمع الإسرائيلي التي تعاني من صعوبات ومشاكل في الاندماج في المجتمع، وخصوصا على ضوء التعامل العنصري معهم من جانب الجمهور اليهودي وعلى خلفية لون بشرتهم السمراء.
ولفت تقرير جمعية "عيليم" إلى أن نسبة مرتفعة من الذين يقبعون في سجن "أوفيك"، وهو سجن لأبناء الشبيبة، والسجن العسكري، هم من أبناء الشبيبة والشبان من أصول أثيوبية. كذلك فإن أحداثا متطرفة من حيث خطورتها، مثل حوادث طعن وإهمال وحالات عزلة، تحدث في أحياء يتركز فيها بشكل كبير مواطنون من أصول أثيوبية.
إلى جانب ذلك، قالت الجمعية إنها شخصت وجود ارتفاع بنسبة 15% في ضلوع أبناء الشبيبة من أصول أثيوبية في أحداث عنف خطيرة. وفي العام 2012، قال 1450 من أبناء الشبيبة من أصول أثيوبية إنهم كانوا ضالعين في أعمال عنف خطيرة أو أنهم كانوا ضحايا لأعمال عنف كهذه، بينما ارتفع هذا العدد إلى 1667 في العام 2013.
وأشار تقرير جمعية "عيليم" إلى معطيات أخرى أثارت قلق المهتمين في هذا المجال، وبضمنها الفقر المدقع في العائلات التي يأتي منها أبناء الشبيبة في خطر، والتسرب من الأطر التعليمية، والإدمان على المخدرات، والميل إلى اليأس والشعور بالإقصاء من المجتمع والتعرّض إلى معاملة عنصرية. وتعاني هذه المجموعة السكانية من الافتقار لدعم عائلي ومعالجة اجتماعية، ما يؤدي إلى أوضاع ينعزل فيها هؤلاء الفتية، وبشكل خطير، عن ذويهم بسبب فجوات ثقافية وفروق بين الأجيال.
وتناول تقرير جمعية "عيليم" العنف في الشبكة العنكبوتية، وتبين أن نصف أبناء الشبيبة في إسرائيل أفادوا بأنهم تعرضوا لأذى أو استخدموا الهواتف المحمولة الذكية وشبكة الانترنت بصورة عنيفة. وارتفعت هذه الحالات في العام الماضي عن العام الذي سبقه بنسبة 25%.
كذلك ارتفع بنسبة 25% عدد الشكاوى التي تحدثت عن تزايد خطورة مظاهر الجنوح من خلال الانترنت، ومقاطعة أشخاص ومنع انضمامهم إلى مجموعات في شبكات التواصل الاجتماعي، ونشر صور لأبناء شبيبة ذات طابع جنسي من جانب أبناء شبيبة آخرين على نطاق واسع.
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي
مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"