تصاعدت الاعتداءات التي ينفذها يهود متطرفون، والمعروفة باسم "جباية (تدفيع) الثمن"، والتي يستهدفون من خلالها أيضاً الأملاك والمقدسات الإسلامية والمسيحية لدى الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل.
وذكرت صحيفة "هآرتس"، يوم الخميس الماضي، أنه خلال شهر نيسان الفائت نفذ يهود متطرفون لا أقل من عشرة اعتداءات "جبايـة الثمن"، وأن أجهزة الأمن الإسرائيلية، الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك)، لم يقدموا أي دليل يمكن أن يشكل لائحة اتهام ضد هؤلاء المتطرفين منذ بداية هذه الاعتداءات قبل أكثر من ستة أعوام.
وكان يهود متطرفون قد دنسوا مقبرة الشيخ عز الدين القسام، في بلد الشيخ (مدينة نيشر) قرب حيفا، يوم الجمعة، حيث نبشوا قبورا وبينها قبر الشيخ القسام ورسموا وكتبوا شعارات مسيئة. وقبل ذلك بيوم اعتدوا على سيارة مقاول عربي، كانت متوقفة في بلدة "يوكنعام"، القريبة من حيفا أيضا، وثقبوا إطاراتها ورسموا شعار "نجمة داود" عليها. واستيقظ سكان قرية الفريديس، جنوب حيفا، على شعارات عنصرية ("العرب إلى الخارج") وعمليات رسم "نجمة داود" وثقب إطارات عشرات السيارات.
وألحق يهود متطرفون، الثلاثاء الماضي، أضرارا بكنيسة "الطابغة" في طبريا، ووصلت رسالة تهديد إلى مطران طائفة اللاتين في الناصرة، بولس ماركوتسو، تطالب المسيحيين بالخروج من البلد. وقبل أسبوعين أحرق يهود متطرفون باب مسجد في مدينة أم الفحم. وتأتي هذه الاعتداءات استمرارا لحرق مسجد في قرية طوبا - زنغريا، قرب صفد، وإضرام النار في باب كنيسة في القدس وتدنيس مقابر إسلامية ومسيحية في يافا، قبل ثلاث سنوات تقريبا.
واعتداءات "جبايـة الثمن" هذه هي امتداد للاعتداءات التي ينفذها المستوطنون المتطرفون ضد المواطنين الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم في الضفة الغربية، منذ العام 2008. وقد نفذ هؤلاء المتطرفون خلال السنوات الماضية المئات، إن لم يكن الآلاف، من هذه الاعتداءات في الضفة وداخل الخط الأخضر.
وامتنع رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، عن التنديد بهذه الاعتداءات العنصرية، لكنه قال خلال لقائه مع أعضاء عرب في حزب الليكود الذي يتزعمه، إن اعتداءات "جبايـة الثمن" هي "أمر مثير للغضب". وأضاف "إننا نعمل من أجل القبض على المسؤولين عنها. وأمرت بزيادة القدرات لصالح هذا الموضوع ونحن نستخدم وسائل الشاباك. وهذه غاية مركزية لأنها (الاعتداءات) تتعارض مع جوهرنا كله ومع قيمنا".
من جانبه دعا رئيس حزب العمل والمعارضة الإسرائيلية، إسحاق هيرتسوغ، إلى قيام كافة أجهزة تطبيق القانون باجتثاث ظاهرة "جبايـة الثمن"، وأكد أنه من أجل تحقيق ذلك "ينبغي التعامل مع منفذي الاعتداءات مثلما يتم التعامل مع المنظمات الإرهابية".
وفي سياق ردود الفعل الإسرائيلية، أعلنت وزيرة العدل، تسيبي ليفني، أن "جرائم ’جبايـة الثمن’ ليست ضد العرب وإنما هي ضدنا".
ووصفها الوزير يعقوب بيري أنها "مسٌ بالقيم الدينية المقدسة".
ورأى هيرتسوغ أن "’جبايـة الثمن’ لا تختلف عن الأعمال المعادية للسامية في أوروبا".
وقال الوزير عمير بيرتس إن "’جبايـة الثمن تحولت إلى وباء خطير، ويجب قطع دابر التحريض".
وأعلن "صندوق أبراهام" الذي يدعم المنظمات الحقوقية في إسرائيل أن "جرائم الكراهية تستوجب مقولة حازمة من نتنياهو".
واعتبر مراسل "هآرتس"، حاييم ليفينسون، في تحليل نشره يوم الخميس الماضي، أن "سلسلة جرائم الكراهية القومية التي تم تنفيذها مؤخرا في شمال البلاد تدل على أن اجتثاث ظاهرة ’جبايـة الثمن’ معقدة أكثر بكثير مما اعتقدوا في الشرطة، إذ أن ’جبايـة الثمن’ ليست حركة هرمية - ليست لديها قيادة، ميزانية أو حساب في البنك. إن ’جبايـة الثمن’ هي فكرة، نشأت في [مستوطنة] يتسهار في العام 2008. وهي لا تحتاج إلى أكثر من أيديولوجيا عنصرية، غريزة مغامرة وبضع عشرات الشواكل لشراء بخّاخ ومواد حارقة وآلة حادة. والقواعد بسيطة: توجد عملية فلسطينية فإنهم يردون؛ قوات الأمن تسيطر على كنيس في يتسهار - يردون. وليست هناك حاجة لتوجيه أو إصدار أوامر. يكفي تصفح الصفحات المناسبة في الفيسبوك من أجل الحصول على إيحاء".
وحول انتقال هذه الاعتداءات من الضفة إلى داخل الخط الأخضر، كتب ليفينسون أن "مشجعي هذا النشاط العنيف أدركوا أن المعركة على الوعي يتم حسمها في إسرائيل. وتوجد في صفوف اليمين المتطرف تنقل أفراد من السكن في المستوطنات إلى السكن في إسرائيل بهدف نشر عقيدتهم: جبايـة الثمن، مقاطعة مصالح تجارية عربية ورفض الأوامر العسكرية".
وأشار ليفينسون إلى أن هذه الأفكار العنصرية يتم استيعابها بشكل واسع نسبيا في القدس، وأنه يوجد فرع لها في الجليل، وخاصة في منطقة مدينة صفد، التي تجذب إليها سكانا يهود متدينين وحريديم. واعتبر الكاتب أنه "في ظل غياب وجود مشتبهين محتملين بتنفيذ الأحداث الأخيرة في الشمال، فإنه ليس بالإمكان معرفة ما إذا كان الحديث يدور حول مقلدين تلقوا إيحاءات من قراءة الأخبار أو من خريجي أعمال العنف في المناطق [المحتلة]".
وأضاف أن هناك سببا آخر لتسرب هذه الاعتداءات إلى داخل الخط الأخضر وهو "الضغوط المكثفة التي تمارسها الشرطة في لواء يهودا والسامرة (الضفة الغربية) على النشطاء. ففي الشهور الأخيرة، وبعد مرور عام منذ تشكيل شعبة محاربة الجريمة القومية في لواء يهودا والسامرة بميزانية كبيرة، بإمكان هذه الشعبة استعراض إنجازات". وأشار إلى أن الشرطة تعتقل نشطاء متطرفين بين المستوطنين وتفرض عليهم الاعتقال المنزلي أو الإبعاد عن الضفة "بصورة تعسفية أحيانا"، وادعى ليفينسون أن "الشرطة نجحت في استعادة الردع" علما أن اعتداءات "جبايـة الثمن" في الضفة الغربية لم تتوقف.
حاخامون يدعمون عصابات "جبايـة الثمن"
تعرّف الموسوعة الإلكترونية "ويكيبيديا" باللغة العبرية اعتداءات "جبايـة الثمن" بأنها "أنشطة يتم تنفيذها عادة كرد فعل على هدم مبان غير مرخصة في البؤر الاستيطانية العشوائية على أيدي الشرطة أو الجيش الإسرائيليين، وكذلك في أعقاب عمليات إرهابية فلسطينية، وهدفها الأساس صنع الردع ضد هذه العمليات، لكن هذا المصطلح يستخدم أيضا لوصف عمليات الكراهية التي لم يسبقها أي حدث معيّن".
وقال تقرير، نشره موقع "واللا" الالكتروني في شباط الماضي، إنه ليس من السهل القبض على منفذي اعتداءات "جبايـة الثمن". فهم "يعملون بصورة سرية للغاية، ولا يستخدمون الهواتف المحمولة، ويكونون مسلحين أحيانا". وفي حال إلقاء القبض على أفراد منهم، فإنهم "لا ينبسون ببنت شفة" خلال التحقيق معهم. وبعد ذلك يتم إطلاق سراحهم.
وأضاف التقرير أن "محققي الشاباك كانوا عاجزين(!)، إذ أنه بعد ساعتين من الاعتقال كان النشطاء يلتقون مع محام، ودائما يكون هذا المحامي من جمعية ’حنانو’، التي تمنح المساعدة القانونية لمعتقلي اليمين والتي حصلت على تبرعات معفية من الضرائب بتشجيع الكنيست [أي بموجب القانون]. ويحث المحامي الناشط على التزام الصمت، وبحسب أقوال مسؤول كبير في الشاباك، فإن المحامي يقول للناشط بضع كلمات لتشجيعه وحتى آيات من التوراة. وبعد ذلك يعود الناشط إلى غرفة التحقيق ويوجه نظره نحو الجدران. ومن دون أدلة وبدون اعتراف، تعيد المحاكم أفراد الشاباك والشرطة من حيث أتوا".
وتابع التقرير أنه "لا يقف وراء عمليات ’جبايـة الثمن’ تنظيم منظم. والحديث لا يدور عن تنظيم إجرامي، ولا عن هرمية يرأسها حاخام ملتحٍ وعنيف يأمر طلابه بحرق مسجد وإلقاء زجاجات حارقة. ولا توجد بطاقة عضوية ولا عادات المافيا. توجد فكرة، ويوجد حاخامون مؤيدون وتوجد أجواء. يوجد بضع عشرات من النشطاء المتطرفين ولديهم صفر وسائل. لكنهم يحملون مئة بالمئة كراهية، وهذه تشكل خطرا حقيقيا".
بعد هذا الوصف لمنفذي اعتداءات "جبايـة الثمن"، يصبح قرار وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، بالإعلان عنهم على أنهم "أعضاء في تنظيم محظور"، قرارا سخيفا. علما أن قرار يعلون جاء في أعقاب تنفيذ "جبايـة الثمن" ضد ضباط إسرائيليين وسيارات تابعة للجيش الإسرائيلي، وليس بسبب الاعتداءات على الفلسطينيين.
وأوضح ناشط اليمين المتطرف إيتمار بن غفير، وهو أيضا أحد المحامين الذين يمثلون منفذي هذه الاعتداءات، أن الاعتداءات ضد ضباط إسرائيليين نابع من "غضب هؤلاء الشبان وشعورهم بالتمييز ضدهم"، لأن قوات الأمن تأتي (في أحيان نادرة) إلى بؤر استيطانية عشوائية من أجل هدم بيوتهم، التي بنيت بصورة غير قانونية. وتمنى أن يكون لدى نتنياهو أبناء مثل الشبان الذين ينفذون اعتداءات "جبايـة الثمن".
وأضاف بن غفير، في ديماغوغية شفافة، أن هذا الشعور ينتاب منفذي هذه الاعتداءات على ضوء "البناء غير المرخص بصورة واسعة لدى العرب" في الضفة والقرى غير المعترف بها في النقب، علما أن هؤلاء هم مستوطنون في الأراضي المحتلة، بينما سلطات الاحتلال في الضفة والسلطات الإسرائيلية داخل الخط الأخضر ترفض وضع خرائط هيكلية لتنظيم البناء لدى الفلسطينيين.
"معتمرو القلنسوات المنسوجة يضعون سياسة أجهزة الأمن"
لقد قيل الكثير عن أن أتباع التيار الصهيوني - الديني، الذين يعتمرون القلنسوات المنسوجة، أصبحوا في مراكز صناعة القرار والمؤسسة الأمنية في إسرائيل في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص بعد عودة نتنياهو إلى سدة الحكم.
وتطرق المحلل الأمني ران إدليست إلى ذلك في سياق مقال حول ظاهرة "جبايـة الثمن"، نشره في "واللا" في 12 نيسان الفائت. وكتب إدليست أن "من بإمكانه اعتراض عمليات ’جبايـة الثمن’ هم أفراد المستوى المتوسط الميداني. لكن في الواقع فإن معظم هؤلاء يعتمرون القلنسوات، وليس لديهم محفز للقيام بذلك".
وأضاف المحلل أنه "لا يوجد وضع يوجه فيه رئيس هيئة الأركان العامة للجيش قائد كتيبة أو لواء، وبالتأكيد ليس قائد سرية، إذ أن هؤلاء هم الذين يقررون قواعد اللعبة ميدانيا. والمستوى المتوسط في الشاباك والشرطة والجيش الإسرائيلي يديرون الميدان برؤوسهم [أي بموجب أفكارهم]، وهذه الرؤوس تعتمر قلنسوات في غالب الأحيان".
ورأى إدليست أن "من السهل جدا مهاجمة وكر الأفاعي في [مستوطنة] يتسهار، التي خرج منها كتاب ’عقيدة الملك’ سيء الصيت، ومؤلفه، الحاخام إسحاق شابيرا، مدير ييشيفاة ’عود يوسيف حاي’ التي تم إخلاؤها من نابلس، وتم التحقيق معه في الماضي بشبهة الضلوع في حرق مسجد. وهذه مجرد أعراض. لكن المرض والمسؤولية الحقيقية عن اعتداءات المستوطنين المتطرفين تقع على حكومة إسرائيل وكتلة اليمين كلها، وبمساعدة الإعلام المنحاز".
وقلل إدليست من شأن شجب قادة المستوطنين لاعتداءات "جبايـة الثمن". وشدد على أنه "لا أحد منهم يقصد أي كلمة يقولها. وهذه الخدعة التي تفرق بين المستوطنين الذي يعتبرون عاديين وبين شبيبة التلال المتطرفين أصبحت عادية. وهذه خطوة يفترض بها أن تحول من يندد بالمتطرفين إلى معتدل. وهذا مجرد خداع، إذ لا فرق بين [مستوطنتي] يتسهار وألون موريه. إنه الاستيلاء غير القانوني نفسه على الأراضي وتبييض المباني بواسطة أعضاء كنيست والمدسوسين في أجهزة القانون والقضاء".
إلقاء الذنب على الضحية!
في أعقاب إحراق باب مسجد في أم الفحم، كتب وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن هذه الاعتداءات هي "الضرر الأكبر الذي يسببونه لدولة إسرائيل عامة وللمعسكر القومي خاصة". وأضاف أنه "ليس مهما ما إذا كان الهدف مسجدا أو كنيسة، فإنه عمل إجرامي وبائس وهدفه وضع دولة إسرائيل في مواجهة دينية وثقافية داخل الدولة ومع العالم". وتابع أن منفذي الاعتداء "يفتقرون للمسؤولية، الشخصية والوطنية، وهم الذين يلحقون الأذى أيضا بضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين يخاطرون بأنفسهم من أجل الدفاع عن أرض إسرائيل".
لكن ليبرمان ناقض شجبه هذا، إذ أعلن في الصفحة نفسها "سأبذل كل ما في وسعي من أجل أن تكون أم الفحم جزءا من الدولة الفلسطينية في أي اتفاق مستقبلي". كما هاجم شخصيات من عرب 48، لمجرد احتجاجهم على الاعتداء على المسجد والاعتداءات المشابهة الأخرى، معتبرا أنه "إذا كان هناك شيء يجعل الدم يغلي في عروقي ليس أقل (من الاعتداء العنصري) فهو الاستغلال السافر للحادث من جانب أعضاء كنيست عرب وجهات متطرفة أخرى في الوسط العربي، مثل الشيخ رائد صلاح وعضو الكنيست جمال زحالقة، من الذين ’انتهزوا الفرصة’، وكأنه لا توجد هدية أكبر منها بالنسبة لهم وضخموا الموضوع من أجل الانفلات والتحريض ضد دولة إسرائيل. وتصرفهم هذا إنما يثبت مرة أخرى أنهم تحولوا منذ وقت طويل إلى طابور خامس هدفه القضاء على الدولة التي يعيشون فيها ومن أجل ذلك فهم مستعدون لاستغلال أي حادث وأي مجنون".
وتناول الكاتب نداف شرغاي اعتداءات "جبايـة الثمن" في مقال نشره، الأربعاء، في صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو. وكتب أن "جريمة الكراهية في الفريديس، ومثلها تلك التي سبقتها في الشهور الأخيرة في باقة الغربية وأم الفحم والجش وفي أماكن سكنى العرب الأخرى، ليست مختلفة عن جرائم الكراهية المشابهة التي ينفذها كارهو إسرائيل ضد المقابر والكُنس وأماكن سكنى اليهود في أنحاء العالم؛ كتلك التي تدخل في إحصائيات الأحداث المعادية للسامية، التي تنشر عنها بتعصب بالغ المنظمات اليهودية وفي مقدمتها الوكالة اليهودية كل شهر".
وأضاف شرغاي أنه "لا ينبغي أن تكون هناك أي ’لكن’ أمام جنون ’جبايـة الثمن’ والطفرات الغريبة والخطيرة التي يظهر فيها منفذوها بين حين وآخر، وليس مهما ما إذا كانت هذه الأمور تحدث داخل الخط الأخضر أو وراءه... وليس فقط أن جرائم الكراهية هذه ليست أخلاقية وتمس بالأبرياء، وإنما هي خطيرة ومضرة. ومن يلحق ضررا بمبنى مقدس وكرامة الديانة الإسلامية يثير عداء وصراعات بينها وبين الديانة اليهودية".
وحذّر الكاتب من تحول الصراع على البلاد من صراع "قومي وإقليمي" إلى صراع ديني، وأن "جرائم الكراهية هذه من شأنها أن ترفع الصراع إلى خطوط مواجهة بين الأديان. وحرب دينية مكشوفة يجب أن تكون الأمر الأخير الذي يمكن أن يهتم به الحكماء".
واستهجن شرغاي هو الآخر احتجاج شخصيات من عرب 48 على هذه الاعتداءات، معتبرا أن "تدنيس المساجد والكتابات المسيئة من شأنها أن تشجع لا قّدر الله، وحتى منح الشرعية لتنفيذ جرائم كراهية مشابهة، وربما أخطر، ضد اليهود في البلاد وفي أنحاء العالم. وحقيقة أن كارهين بارزين لإسرائيل، مثل رائد صلاح وأشباهه شاركوا في الاحتجاج في أعقاب الحدث في الفريديس، يدل على الطريقة التي سوف يستغل بها أعداء آخرون لدولة إسرائيل والشعب اليهودي أحداثا من هذا القبيل، والركوب عليها باتجاه أماكن خطيرة جدا بالنسبة لنا".
وزعم شرغاي أن "حقنا وأولويتنا في أرض إسرائيل سوف يتعززان وحسب بنظر الشعوب وأمم العالم إذا سارعنا إلى تقيؤ هذه الظاهر الهدامة منا، والقبض على المسؤولين عنها وسجنهم، وإذا ما ترددنا فإننا سنضعف موقفنا العادل في النزاع على هذه البلاد".
"جبايـة الثمن" تذكّر بالنازيين
تزامنت اعتداءات "جبايـة الثمن" في الأيام الأخيرة مع إحياء إسرائيل ذكرى المحرقة التي ارتكبها النظام النازي. وكتب الوزير وعضو الكنيست السابق عن حزب العمل أوفير بينيس - باز، رئيس اللجنة الإدارية لبيت محاربي الغيتوات، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الثلاثاء، أنه "عندما يخرب يهود متطرفون أملاكا عربية، يحرقون مساجد ويخطون كتابات مسيئة مثل ’العرب إلى الخارج’، يتعين علين أن نعود ونتذكر ما فعلوه باليهود في ألمانيا في سنوات الثلاثين من القرن الماضي. علينا أن نتذكر تكسير زجاج مصالح تجارية يهودية، إضرام النار بالكُنس ونشر الشعار المعادي للسامية ’اليهود إلى الخارج’".
وأضاف أن "علينا تذكر أحداث الماضي ليس فقط لأنها مشابهة من حيث حجمها أو طبيعتها بالأحداث العنيفة عندنا، وإنما أيضاً لأن تجربتنا كأقلية ملاحقة لا يمكنها القبول بجرائم الكراهية الخطيرة التي تخرج من داخلنا".
وشدد بينيس - باز على أن "المعتدين اليهود تبنوا تكتيكا عنصريا من النوع المكشوف والسافر جدا. وليس واضحا ما هي الأفعال التي بسببها يتعين على العرب أن يدفعوا ذلك ’الثمن’. والواضح هو أن الأفعال المتطرفة وصلت إلى منحدر أملس خطير. وقد تم توجيهها في البداية ضد الفلسطينيين في المناطق [المحتلة]، واستمرت باتجاه عرب إسرائيل، ووصلت أخيرا إلى الجنود الإسرائيليين الذين سعوا إلى لجم أعمال العنف".
وأضاف أنه "يصعب فهم كيف أن المجتمع اليهودي الإسرائيلي - الذي كوت أحداث المحرقة وعيه الجماعي بصورة عميقة للغاية - يتعامل بتسامح كهذا مع جرائم الكراهية الخطيرة ضد الأقلية التي تعيش في داخله. كيف حدث أن تجربتنا علمتنا أن نتزعزع من كل محاولة لإحراق كنيس، بينما تبقينا لا مبالين إزاء إحراق مساجد في أراضينا".
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"
المصطلحات المستخدمة:
الخط الأخضر, يديعوت أحرونوت, هآرتس, يسرائيل هيوم, الوكالة اليهودية, نجمة داود, الليكود, الكنيست, بنيامين نتنياهو, موشيه يعلون