تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1206

ترجح التقديرات الإسرائيلية أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سيحصل على مصادقة الكونغرس، الأسبوع المقبل، على عملية عسكرية ضد سورية، فيما يسعى اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة إلى إقناع أعضاء كونغرس بتأييد قرار كهذا. واللافت أنه لا توجد أية جهة في إسرائيل تتحدث عن احتمال ألا يكون النظام السوري هو الذي استخدم السلاح الكيميائي. بينما، في مقابل ذلك، تطالب بنزع هذا السلاح من النظام.


وقال الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عضو الكنيست تساحي هنغبي، من حزب الليكود الحاكم والمقرب من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء – 4.9.2013، إن "الأنباء عن موت حزم إدارة الرئيس أوباما كانت سابقة لأوانها" في إشارة إلى الانتقادات الإسرائيلية للرئيس الأميركي في أعقاب إعلانه، السبت الماضي، عن إرجاء اتخاذ قراره بشأن ضرب سورية وطلب دعم من الكونغرس. وأثنى هنغبي على خطوة أوباما بطلب دعم الكونغرس معتبرا أنه "رغم أن الخطوة الأولى [إرجاء القرار] بدت مترددة، لكن عندما ندقق في الأمور، الآن، نرى أن الحديث يدور عن خطوة ناجحة تهدف إلى توحيد الصفوف حول الإدارة والهجوم. والنتيجة العملية لهذه الخطوة هي توسيع حيز المناورة".

وقالت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية إن اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (أيباك)، التي تعتبر أكبر لوبي داعم لإسرائيل في الولايات المتحدة بدأت، أول من أمس، بالعمل من أجل إقناع أعضاء في الكونغرس بدعم شن عملية عسكرية أميركية ضد سورية. وأضافت الإذاعة أن "الرابطة لمنع التحريض"، وهي منظمة يهودية أميركية كبيرة، أعلنت عن تأييدها لطلب الإدارة الأميركية من الكونغرس دعم الهجوم ضد سورية.

وفي هذه الأثناء، توعد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في اتصال هاتفي مع  نتنياهو، الرئيس السوري، بشار الأسد، بأنه سيتحمل المسؤولية عن هجوم كيميائي، ادعت أنباء أنه تم شنه في 21 آب الفائت. ونقلت صحيفة "هآرتس"، أول من أمس الثلاثاء، عن موظف رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية قوله إن كيري أبلغ نتنياهو في اتصال هاتفي، الأحد الماضي، أن إدارة أوباما مصرّة على العمل ضد النظام السوري.

وأضافت الصحيفة أن المحادثة الهاتفية بين كيري ونتنياهو هي استمرار للمحادثة بين الأخير وأوباما يوم السبت الماضي، إذ أبلغه الرئيس الأميركي بأنه يعتزم الإعلان عن نيته تأجيل اتخاذ قرار بشأن توجيه ضربة عسكرية ضد سورية. وقالت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي إن أوباما قال لنتنياهو خلال المحادثة بينهما إن "سورية ليست إيران"، ولذلك لا ينبغي الربط بين طريقة التعامل مع سورية وطريقة التعامل مع الملف النووي الإيراني.

وقال موظف في الإدارة الأميركية للصحيفة الإسرائيلية إن أوباما وكيري شددا خلال جميع المحادثات مع زعماء في العالم ومع أعضاء في الكونغرس الأميركي على أن عدم قيام واشنطن بأي عمل ضد سورية سيؤدي إلى تراجع قدرتها على الردع ضد استخدام أسلحة غير تقليدية. وقال الموظف إنه "أوضحنا لأعضاء الكونغرس أنه إذا لم نعمل فإن قوة الأسد وحلفاءه، حزب الله وإيران، ستتعزز، وسيرون أنه لا توجد عواقب للانتهاك السافر للتقاليد الدولية. وعلى كل من يثير البرنامج النووي الإيراني قلقه أن يدعم عملية عسكرية ضد سورية".

قادة إسرائيل يواصلون تهديد سورية

هدد قادة إسرائيل، أول من أمس، برد شديد في حال تعرض إسرائيل لهجمات صاروخية تقليدية أو كيماوية سورية، على خلفية التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لسورية.

وقال نتنياهو، خلال زيارة لمدينة بئر السبع، "أريد أن اقول لكل من يريد المساس بنا إن هذا ليس مجديا". وأضاف أن "الأمن يرتدي صورة جديدة والعالم يتغير وعلينا أن نهتم بأمننا، وهذا أمر يضع تحديات أمامنا لأن الواقع من حولنا يتغير".

من جانبه تطرق وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، إلى احتمال تعرض إسرائيل لهجوم كيماوي سوري كرد فعل على ضربة عسكرية أميركية ضد سورية. وقال إن "بإمكان مواطني إسرائيل أن يكونوا هادئين، ولا ينبغي التزود بسرعة بأقنعة واقية من أسلحة غير تقليدية، وسيكون هناك من سيدفع ثمنا غاليا إذا هوجمت إسرائيل ردا على هجوم أميركي".

وحول احتمالات هجوم عسكري أميركي ضد سورية، قال الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، إنه "إذا هاجمنا السوريون فإنني مؤمن أن ما سيحدث هو أننا سنتغلب عليهم". وتطرق بيريس إلى قرار أوباما إرجاء اتخاذ قراره بشأن ضرب سورية، قائلا إن "الحرب هي أمر بالغ الجدية وأنصح أي زعيم بالتفكير قدر الإمكان قبل الحرب كي لا يندم بعد نشوبها".

بينيت: على الغرب أن يردع سورية

وجه نتنياهو تعليمات لوزرائه، أكثر من مرة، بعدم التحدث للإعلام في الموضوع السوري، خاصة فيما يتعلق باحتمال شن عملية عسكرية أميركية ضد سورية. وكانت آخر مرة وجه فيها تعليمات كهذه، مطلع الأسبوع الحالي، عندما وبّخ وزير الإسكان، أوري أريئيل، المستوطن المتطرف، بعدما وجه انتقادات لأوباما بسبب إرجائه قرار ضرب سورية.

لكن حتى بعد توبيخ أريئيل، لم ينصع جميع الوزراء لتعليمات نتنياهو، وذلك، على ما يبدو، بسبب خطورة الوضع، على أثر الهجوم الأميركي المحتمل، وشعور الإسرائيليين بالخوف، وهو الأمر الذي برز من خلال الطوابير الطويلة للحصول على الكمامات الواقية من الأسلحة غير التقليدية، وأيضا بسبب إلحاح وسائل الإعلام للحصول على تصريحات، خاصة لملاحق الصحف الصادرة أمس، بمناسبة رأس السنة العبرية.

لم ينصع رئيس "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، نفتالي بينيت لتعليمات نتنياهو ، ويتعمد هذا الوزير، الذي يتحفظ من إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين بسبب رفضه لقيام دولة فلسطينية، الربط بين الوضع في سورية خاصة وفي العالم العربي عامة، وبين إمكانية التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وفي هذا السياق، قال بينيت لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنه "عندما نرى ما يحدث من حولنا، فإنني لا أستطيع أن أفهم من يمكنه أن يفكر بصنع سلام يستند إلى ضمانات دولية أو الأمم المتحدة أو أي شيء آخر، والاعتماد على أحد ما غير الجيش الإسرائيلي، الذي هو الوحيد القادر على الدفاع عنا".

ورفض بينيت اعتبار مشاهد طوابير الإسرائيليين من أجل الحصول على الكمامات على أنها "صورة لشعب مليء بالمناعة". وقال إنه "لا توجد أية حاجة للهلع. وقد تعمدنا الاستمرار في تعريف الوضع على أنه اعتيادي، ولا حاجة لكل هذه الطوابير. كل شيء تحت السيطرة".

لكن من الجهة الأخرى، وجه بينيت انتقادات للدول الغربية وخاصة الولايات، قائلا إنه "عندما ننظر إلى التردد والتأتأة [حيال] كل ما يحدث من حولنا، لا يمكن الامتناع عن الاعتراف بأن الغرب لا يشاء أن يكون نشطا. وربما هذه ردة فعل لفترة [الرئيس الأميركي السابق جورج] بوش، التي أراد الأميركيون خلالها أن يبلوروا العالم. وما يحدث الآن يذكّر بعزلة أميركا قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها".

ودعا بينيت إلى مهاجمة سورية، بقوله إن "على الغرب أن يصنع مصداقية وردعا. وإلا فماذا سيرى الأسد؟ أنه بامكانه أن يفعل كل ما يحلو له، ولن يحصل شيئ". واعتبر أن "أداءنا في كل ما يتعلق بهذا الحدث في سورية هو أداء صحيح، ولا أريد أن أزيد في الكلام".

بيري: إسرائيل في ورطة إذا سقط الأسد

تدل التقارير الصحافية على أنه لا يوجد موقف موحّد في إسرائيل حيال سورية، بل الأصح القول إنه يوجد انقسام داخل إسرائيل وهناك موقفان. ويعتبر الموقف الأول أن النظام السوري يجب أن يسقط، لأن هذا سيؤدي إلى إضعاف محور إيران – سورية – حزب الله. بينما يرى الموقف الثاني أن الأسد يجب أن يبقى في الحكم لأنه أفضل، بالنسبة لإسرائيل، من صعود نظام إسلامي أو سيطرة منظمات الجهاد العالمي وتنظيم القاعدة على أجزاء من سورية، وخاصة تلك الواقعة عند الحدود في هضبة الجولان. إلى جانب ذلك، ثمة من يعتقد في إسرائيل أن الوضع الحالي هو الأفضل لأنه يؤدي بطرفي الصراع إلى إنهاك قوتهما، وبذلك لن تكون هناك هجمات ضد إسرائيل.

ويتبنى وزير العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلي، يعقوب بيري، الذي تولى في الماضي منصب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، الموقف الثاني. وقال بيري لصحيفة "معاريف" إن "مصلحة إسرائيل في أوضاع معينة هي أن يبقى الأسد في الحكم. إذ  يمكن أن يصل إلى الحكم بعد الأسد (إذا افترضنا أنه سيغيب عن الخارطة) من هو أسوأ بكثير بالنسبة لإسرائيل، وسيكون أسوأ بالنسبة لسورية نفسها".

ورأى بيري "لهذا نحن في ورطة معينة. فإذا رحل الأسد، قد نرى مكانه نشطاء الجهاد الإسلامي والقاعدة. وهذا ليس تطورا جيدا؛ إذ أننا نريد أن يكون أمامنا نظام منظم ومستقر. وهذه هي نظرتنا حيال مصر أيضا. وقد كنا بصورة طبيعية ضد [الرئيس المصري السابق] محمد مرسي والإخوان المسلمين، لكن كان لديك جار بإمكانك التحدث معه. وهنا [في سورية] تقف أمامك جماعات من المتمردين والعنيفين، ووضعنا قد يكون أسوأ بكثير".


وقال بيري إن النقاش حول تأييد بقاء الأسد أو رحيله، على خلفية هجوم أميركي محتمل ضد سورية، يشغل القيادة السياسية الإسرائيلية يوميا. وأضاف أنه "لا يمكننا أن نقول علنا إن الأسد سيبقى. فهو قاتل شرير وقاسٍ وغير إنساني، وإذا قلنا إننا نريد أن يبقى، فإننا ندعم بذلك أعماله المروعة. وعلى كل حال، حدثت المجزرة الكيميائية في هذه الأثناء. وما فعله الأسد لا يمكن غفرانه. وأنا شخصيا مستعد لأن أخنقه، لكن سقوطه سيشكل مشكلة لنا، بحالات معينة على الأقل".

ووجه بيري انتقادات للأداء الأميركي بشأن سورية. وقال إنه "لدينا هنا ظاهرة لم نعتد عليها. فالولايات المتحدة تتصرف بشكل تظهر فيه، من جهة، أنها ’نزيهة’ جدا و’جميلة’ جدا.  تبلغ من تريد مهاجمته لكي يستعد، ويتخذ كافة الاحتياطات اللازمة. وأنا أتحدث بتهكم معين طبعا. من جهة، هذه دبلوماسية مثيرة، لكنها تسمح للخصم أن يستعد".

وأضاف أن هذا الوضع يمنح الأسد فرصة للاستعداد "للقيام برد فعل تجاهنا. لكن الاحتمال بأن يهاجمنا ليس كبيرا. فإسرائيل لا تدفن رأسها في الرمل وتعد نفسها لمواجهة كافة الاحتمالات. ولدينا هنا عدة حقائق وظروف وقيود لا ينبغي التساهل حيالها".

ورأى بيري أن إعلان الولايات المتحدة عن نيتها مهاجمة سورية أثارت خوفا في إسرائيل. لكنه أضاف أن "على الأسد أن يكون مجنونا ويفقد صوابه إذا جر إسرائيل إلى داخل الحرب. لكن تأجيل الهجوم أدى إلى التهافت على الكمامات، رغم أن هناك احتمالا ضئيلا أن يحدث شيئ".

واعتبر بيري أن "تصرف رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع يعلون مسؤول ومدروس. وأنا أعرف عن اجتماعات مطولة وتقييمات للوضع سرية من شأنها منع إطلاق تصريحات غير مدروسة. لا يوجد ضجيج ولا توجد تصريحات حربجية أو استفزازات. وأذكر حرب الخليج الأولى، في العام 1991، وكنت حينها رئيس الشاباك، عندما شن العراق الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل. وقال رئيس الحكومة إسحق شامير، إننا سنتخذ سياسة عدم الرد حتى بعدما هدموا رُبع مدينة رمات غان. وقد أعد رئيس أركان الجيش، ايهود باراك، خططا عسكرية لإنزال قوات كوماندوس في العراق، لكن شمير وقف مثل صخرة صلبة. هذه هي سياسة ضبط النفس الشهيرة التي عادت بالفائدة على إسرائيل في نهاية الأمر".

وتابع بيري أن هذا لا يعني أن على إسرائيل ضبط نفسها في حال تعرضت لهجمات سورية، وإنما "أن نرد بمقياس. فإذا أصاب صاروخ منطقة مفتوحة، سنرد على مصدر النيران وبذلك ينتهي الأمر. وإذا سقطت صواريخ في حيفا وأصيب مواطنون، سنرد بشدة أكبر. والأمر المهم الآن هو أنه يحظر أن يبقى ترسانة نظام كنظام الأسد أسلحة غير تقليدية. وينبغي أن نتذكر أن سورية هي ملعب إيراني، وكل ما نفعله هناك ينعكس على الحملة ضد إيران". 

       

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 

"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"