تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1264


ثمة أمران يمكن القول إنهما أصبحا واضحين فيما يتعلق بتعامل إسرائيل مع الأزمة السورية، في أعقاب تردد أنباء تقول إن النظام السوري استخدم سلاحا كيميائيا ضد المدنيين.
الأمر الأول: أن إسرائيل تحرّض الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، من أجل تنفيذ عملية عسكرية ضد سورية، بحيث تكون هذه عملية موضعية ضد أهداف محددة في سورية.
الأمر الثاني: التقديرات الإسرائيلية ترجح أن سورية لن ترد على هجوم غربي محتمل كهذا من خلال هجمات صاروخية ضد إسرائيل، وأن الرئيس السوري، بشار الأسد، سيتردد في فتح جبهة مع إسرائيل تحسبا من أن ترد إسرائيل بدورها، بقوة شديدة، على هجمات صاروخية كهذه، ولأن جل اهتمام الأسد منصب الآن على القضاء على المتمردين الذين يحاولون إسقاط نظامه. رغم ذلك، فإن إسرائيل تعلن أنها مستعدة لمواجهة أي سيناريو في حال ردت سورية على مهاجمتها.


وفي هذا السياق، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الثلاثاء - 28.8.2013، إن "بالإمكان التقدير أن إسرائيل هي مصدر معظم المعلومات التي حصلت الولايات المتحدة عليها بشأن سورية، وهذا ينطبق على الأهداف المحتملة التي ستتم مهاجمتها أيضا".

وأضافت الصحيفة أن وحدة التنصت التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، المعروفة باسم "الوحدة 8200"، حسّنت قدراتها بشكل كبير في السنوات الأخيرة "وهي قادرة على أن تقدّم لصناع القرار في إسرائيل، وفي العالم أيضا، أفضل صورة للوضع. وليس صدفة أن رئيس شعبة أمان، أفيف كوخافي، عقد أخيراً لقاءات في الولايات المتحدة وأوروبا من أجل إشراك نظرائه في المعلومات".

وكانت مجلة "فوكس" الألمانية قد ذكرت أمس، نقلا عن مسؤول سابق في الموساد، أن "الوحدة 8200" اعترضت محادثات بين القيادة السورية "خلال الهجوم الكيميائي". وادعى المصدر الإسرائيلي أن هذه المحادثات تثبت أنه تم تنفيذ "الهجوم الكيميائي" بموجب أمر صادر عن النظام السوري.

 

نتنياهو يحرض على عمل عسكري ضد سورية

وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تهديدا مبطنا إلى سورية، لدى افتتاحه اجتماع حكومته الأسبوعي، أول من أمس الأحد، وقال "سنعرف كيف ندافع عن مواطنينا ودولتنا ضد أولئك الذين يحاولون المس بنا"، وأكد أن "إصبعنا يجس النبض دائما، وفي وقت الحاجة بإمكانه الانتقال إلى الزناد".

ووصف نتنياهو مقتل المئات في أعقاب استخدام سلاح كيميائي في سورية بأنه "مأساة مروعة وجريمة بشعة" وأنه "أصيب أطفال وأولاد ومواطنين بشكل قاس جراء استخدام أسلحة دمار شامل". وأضاف أنه "يحظر أن يستمر هذا الوضع. ويحظر أن تكون الأسلحة الأخطر في العالم في أيدي الأنظمة الأكثر خطورة في العالم. ونحن نتوقع طبعا أن يتوقف هذا الأمر، لكننا نتذكر دائما المبدأ القديم الذي قاله حكماؤنا وهو أنه لا يحك جسمك إلا ظفرك".

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن نتنياهو كثف ضغوطه على الدول الغربية وحضها على العمل ضد النظام السوري. ونقلت وسائل الإعلام هذه عن نتنياهو قوله خلال لقائه مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، في القدس، الأحد، إن استخدام السلاح الكيميائي هو "جريمة ينفذها النظام ضد شعبه، وهذا أمر مرعب ويجب أن تتوقف هذه الفظائع". وأضاف "عليّ أن أقول إن الأسد لا يعمل لوحده، وإيران وذراعها التنفيذي، حزب الله، موجودان هناك على الأرض ويلعبان دورا مركزيا في مساعدة سورية".

وتابع نتنياهو أن "ما نراه في سورية هو أنه لا توجد تحفظات أبدا لدى أنظمة خطيرة لاستخدام هذا السلاح، حتى ضد مواطنين أبرياء، ضد أبناء شعبها، وهذا يؤكد لنا مرة أخرى أنه لا يمكننا السماح للأنظمة الأكثر خطورة أن تحصل على أخطر الأسلحة في العالم" في تلميح إلى البرنامج النووي الإيراني أيضا.

واعتبر نتنياهو أن "المنطقة كلها مرت بهزة وزعزعة وانعدام استقرار، وجذور انعدام الاستقرار هذا لا علاقة له بصراع كهذا أو ذاك وإنما بعدم تقبل العصرنة والاعتدال والتقدم والحلول السياسية، وهذا هو، عمليا، أساس المشكلة في الشرق الأوسط. وقد آمنوا طوال السنين بأن أساس انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط هو المشكلة الإسرائيلية – الفلسطينية". 

من جانبه قال وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، الذي شارك في اللقاء مع وزير الخارجية الفرنسي، إنه "تم استخدام سلاح غير تقليدي في سورية من جانب نظام غير تقليدي، وهذه خطوة تسببت بموت مئات الأبرياء، وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام السوري، المدعوم من إيران وحزب الله، سلاحا غير تقليدي". وأضاف أن استخدام السلاح الكيميائي "تحوّل إلى أمر اعتيادي. ونحن ندافع عن أنفسنا ولا نتوقع أن تفعل جيوش أجنبية ذلك من أجلنا".

كذلك أطلق نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، زئيف إلكين، تهديدات ضد سورية، وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس الاثنين، إن "إسرائيل مستعدة لمواجهة أي سيناريو، ولا توجد لدينا مشكلة ردع في الموضوع السوري، وقد اثبتنا ذلك مرات عديدة. الجميع يعرف ما يمكننا أن نفعله. والأسد يعرف ما يمكننا فعله. وواضح أننا سندافع عن أنفسنا أمام كل من يجرؤ فقط على مهاجمتنا".

 

استبعاد رد سوري

في مقابل مطالبتها للغرب بتوجيه ضربة ضد سورية، استبعدت إسرائيل، على لسان مسؤولين سياسيين وأمنيين، ردا سوريا ضدها على ضربات أميركية وغربية محتملة.

وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق ورئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، عاموس يادلين، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، إن "احتمال شن هجوم سوري ضد إسرائيل ضئيل، لكن ينبغي الاستعداد لاحتمال كهذا".

وأضاف يادلين أنه "طالما أن الأسد بإمكانه البقاء بعد المعركة (أي بعد هجوم أميركي ضد سورية) فإنه لن يهاجم إسرائيل ولن يدخلها كقوة ضده. [لكن] في اللحظة التي يشعر فيها أن مصيره قد حُسم، فإن من الجائز أن يرى في عمل ضد إسرائيل أمرا جذابا. وما يقلقه في هذه المرحلة هو كيف يخلص نفسه وعائلته من المصير الذي ينتظره".

كذلك استبعد وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس، احتمال أن تشن سورية هجوما صاروخيا ضد إسرائيل. وقال، أول من أمس: "لست متأكدا من أنه سيكون هناك رد فعل سوري ضد إسرائيل على أي هجوم أميركي في سورية"، مضيفا أنه "في جميع الأحوال علينا أن نكون مستعدين من الناحية الهجومية ومن الناحية الدفاعية". واعتبر شتاينيتس أن "واشنطن لا يمكنها التغاضي عن استخدام نظام الرئيس الأسد للسلاح الكيميائي، ويتوقع أن ينفذ الغرب عملية عسكرية. وفي حال شن هجوم أميركي فإنه سيتم إخطار إسرائيل مسبقا".

كذلك استبعدت مصادر في جهاز الأمن الإسرائيلي احتمال أن يقرر الرئيس السوري إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل. ونقل موقع "واللا" الالكتروني عن هذه المصادر قولها إن "ثمة احتمالا ضئيلا بأن يحاول الأسد إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل في حال هجوم أميركي في سورية، لكن على إسرائيل أن تكون مستعدة لسيناريو كهذا".

وأضافت المصادر الإسرائيلية أن إسرائيل ليست ضالعة في أي خطط عسكرية ضد سورية على خلفية الأنباء التي ترددت في الأيام الأخيرة حول هجوم أميركي محتمل. وأكدت المصادر نفسها أنه في حال قررت الولايات المتحدة شن هجوم ضد سورية فإنها ستطلع إسرائيل على ذلك "لكي تستعد لاحتمالات متطرفة ورد فعل سوري" ضد إسرائيل.

واعتبرت المصادر أنه "لا يوجد خيار أمام الولايات المتحدة الآن سوى الرد على استخدام سلاح كيميائي من أجل الحفاظ على قدرة ردعها في الشرق الأوسط وفيما عيون السعودية والأردن ومصر وتركيا متجهة نحو الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي حدد بنفسه السقف الأدنى للتدخل الأميركي".

وقدرت مصادر في الجيش الإسرائيلي، في نهاية الأسبوع الماضي، أنه تتزايد احتمالات شن هجوم أميركي ضد سورية، بعد اتهام النظام بإطلاق صواريخ كيميائية الأسبوع الماضي، وذلك في أعقاب محادثة هاتفية بين رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، بيني غانتس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، مارتن ديمبسي.

 

عملية عسكرية محددة وسريعة

في موازاة التصريحات الإسرائيلية الرسمية، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، خاصة المواقع الالكترونية، تقارير حول احتمالات مهاجمة سورية والمواقع التي سيتم ضربها والسيناريوهات المختلفة لعملية عسكرية محتملة، وما إذا ستكون هذه عملية عسكرية ستستمر لفترة طويلة أو أنها ستكون ضربة سريعة ومحددة، يتم من خلالها ضرب عدة أهداف في سورية، وبعدها تنتهي العملية العسكرية.

ووفقا للصحافة الإسرائيلية فإن هذه الأهداف ستكون مقرات حكم ومستودعات أسلحة وما شابه.

وفي إثر تصريح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أمس، بأن الجهة التي استخدمت سلاحا كيميائيا في سورية "ستدفع الثمن"، اعتبر محللون إسرائيليون أن هذا التصريح هو بمثابة طرح "القاعدة الفكرية" لضربة أميركية ضد سورية. لكن معظمهم أشار إلى أن هذه الضربة ستكون سريعة.

 

وأشار قائد سلاح الجو الإسرائيلي الأسبق، إيتان بن إلياهو، في "يديعوت أحرونوت" اليوم، إلى أن الهدف لن يكون القضاء على حكم الأسد، لأن هذا يحتم على الولايات المتحدة احتلال سورية.

 

خمسة سيناريوهات إسرائيلية حول استخدام السلاح الكيميائي

يبدو لمن يتابع تصريحات السياسيين ويتابع وسائل الإعلام في إسرائيل أن الحرب أو الضربة ضد سورية باتت قاب قوسين أو أدنى، علما أنه لم يثبت بعد أن النظام هو الذي استخدم السلاح الكيميائي. لكن إسرائيل الرسمية تتجاهل بالمطلق احتمال أن يكون المتمردون هم الذين استخدموا هذا السلاح.

وتطرق إلى هذا الأمر الباحث ومدير برنامج التوازن العسكري في الشرق الأوسط في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، يفتاح شابير، الذي رأى أن هناك خمسة سيناريوهات محتملة لتفسير ما حدث في سورية.

وقد تم نشر هذا التقرير أول من أمس الأحد.

وهذه السيناريوهات هي:

السيناريو الأول: الجيش السوري شن هجوما بأسلحة كيميائية ضد تجمع للمتمردين في حيّ مأهول، بواسطة قذائف صاروخية احتوت على غاز الأعصاب (السارين)، وذلك بأمر من القيادة السورية، حسبما تنص أنظمة الجيش السوري.

لكن شابير أبدى تحفظه من هذا السيناريو، ولفت إلى أنه "يصعب فهم سبب اتخاذ النظام قرارا باستخدام السلاح الكيميائي، خاصة ضد المدنيين. وليس واضحا ما هي الفائدة التكتيكية من استخدامه، فيما العواقب السياسية كبيرة، وقد تبين فعلا أن هذا الحدث شكل انتصارا سياسيا للمتمردين".

السيناريو الثاني: النظام أمر باستخدام السلاح الكيميائي بشكل محدود، معتبرا أنه إذا كان عدد القتلى قليلا فإن الضرر السياسي في الحلبة الدولية سيكون ضئيلا. ووفقا لهذا السيناريو، فإن العدد الكبير للمصابين ناجم عن خلل عملياتي.

السيناريو الثالث: وحدة عسكرية سورية استخدمت السلاح الكيميائي، لكن قادة هذه الوحدة اتخذوا هذا القرار بأنفسهم، وليس بموجب أمر صادر عن القيادة العليا. وفي هذه الحالة ينبغي التدقيق في كيفية وصول هذا السلاح إلى أيدي الوحدة، علما أن القيادة العليا تحرسه بشكل مشدد.

السيناريو الرابع: رغم أن احتمالية هذا السيناريو ضئيلة، فإنه بموجب ادعاءات النظام، نفذ المتمردون الهجوم الكيميائي، بعد أن حصلوا بطريقة أو بأخرى على قذائف مشحونة بسلاح كيميائي وأطلقوها بهدف الإساءة إلى النظام.

السيناريو الخامس: المصابون أصيبوا من شيء آخر وليس من سلاح كيميائي، مثل مبيدات حشرات زراعية بعد أن أصاب صاروخ حاوية لهذه المبيدات. ووفقا لشابير فإن "هذا سيناريو ممكن، ولكن إذا كانت هذه هي الحالة، فإن السؤال هو لماذا رفض النظام السماح للجهات الدولية بالوصول إلى الموقع لتقر بأن هذا ما حدث؟". ويشار إلى أن مفتشين تابعين للأمم المتحدة زاروا الموقع أمس.

ورأى شابير أنه "يسهل فهم المتمردين، الذين يبذلون كل جهد من أجل تقريب الساعة التي تقرر فيها الدول الغربية، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، التدخل عسكريا في سورية من أجل إسقاط نظام بشار الأسد. ومن الجهة الأخرى، يصعب أن نفهم لماذا يريد النظام أن يستخدم السلاح الكيميائي. زد على ذلك أنه يتواجد في سورية حاليا طاقم خبراء دولي، وقد حضر بمصادقة النظام من أجل التحقيق في اتهامات حول استخدام سلاح كيميائي في حلب، في بداية العام الحالي. واستخدام السلاح الكيميائي الآن هو صفعة مدوية موجهة ضد المنظومة الدولية كلها".

وفيما يتعلق بإسرائيل، رأى شابير أنه "لا توجد لدى إسرائيل القدرة على التدخل الفعلي من أجل التأثير على الأحداث في سورية، وأي تدخل عسكري إلى جانب هذا الطرف أو ذاك سيكون ضرره أكثر من فائدته. وكل ما يمكن لإسرائيل أن تفعله هو الحفاظ على عدم تسرب الأحداث إلى أراضيها، والعمل، مثلما قالت تقارير أنها عملت، ضد منظومات الأسلحة المتطورة التي بحوزة الجيش السوري والتي قد تشكل خطرا عليها، وضد نقلها إلى جهات مثل حزب الله".

وخلص شابير إلى أنه في حال تم استخدام سلاح كيميائي في سورية، فإن "على إسرائيل أن تكون قلقة، إما من خفة إصبع النظام على زناد السلاح الكيميائي، الأمر الذي يشير إلى استعداد النظام لاستخدامه في حالة نزاع مع إسرائيل، أو، وهذا أخطر، من حقيقة أن الحديث يدور عن سلاح كيميائي موجود بحوزة مجموعات ضالة، سواء داخل الجيش أو بأيدي المتمردين. وفي هذه الحالة فإن خطر التسرب واستخدام هذا السلاح ضد إسرائيل هو أكبر بكثير".

       

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 

"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"