النص النهائي للقانون يفصل بين أجواء العنف المجتمعي، وبين "الأوضاع الأمنية"، في الاول جرى التخفيف، وفي الثانية جرى التشديد.
أقر الكنيست مساء يوم 1 شباط/ فبراير 2016، بالقراءتين الثانية والثالثة (النهائية) مشروع قانون، يجيز لعناصر الشرطة، أو الجنود، ممن حصلوا على صلاحيات، بالتفتيش الجسدي لأي شخص وفي أمتعته، دون الحاجة أن يكون مشبوها بحيازة أسلحة. وكان القانون في نصه الأول، الذي أقره الكنيست بالقراءة الأولى يوم 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، لا يميز بين الأجواء الجنائية، أو العنف المجتمعي، وبين الأجواء "الأمنية"، رغم أنه كان واضحا منذ البداية أن المستهدف هم المواطنون العرب، ولربما بالذات في مدينة القدس المحتلة. إذ أن في الضفة تسري الأنظمة العسكرية.
إلا أن لجنة القانون والدستور، التي يرأسها النائب من تحالف أحزاب المستوطنين "البيت اليهودي" نيسان سلوميانسكي، صاغت بعض بنود القانون من جديد، بشكل يخفف من وطأته في أجواء العنف المجتمعي، حتى في محيط النوادي الليلة والبارات، التي تسجل حولها واحدة من أعلى نسب العنف. وبين ما يسمى "الأوضاع الأمنية"، بحيث يتم تشدد الأنظمة فيها. والقانون هو "قانون مؤقت" لعامين، من يوم اقراره. (لاحقا هنا اقتباس لشرح سلوميانسكي، الذي عرضه في خطابه أمام الهيئة العامة للكنيست قبل مناقشة القانون الأخيرة، والتصويت عليه.
خلفية القانون
تحاول وزارة "الأمن الداخلي"، المكلّفة بالشرطة وبقوات ما يسمى "حرس الحدود"، منذ عدة سنوات، سن قانون يرفع عمليا القيود عن تفتيش أي مواطن، جسديا وفي أمتعته، إذ كان ينص القانون السابق، على أنه يجب أن يكون الشخص مشبوها بأن في حوزته اسلحة نارية أو "باردة" (سكين وما شابه) حتى يجوز للشرطة أن تجري تفتيشه.
وطُرح القانون لأول مرّة على جدول أعمال الكنيست وأقر بالقراءة الأولى يوم 35 أيار/ مايو 2011، إلا أن التشريع توقف، كما يبدو نظرا لاعتراض عدة جهات عليه، وخاصة المنظمات الحقوقية.
ثم أقرت الحكومة استئناف تشريعه في الدورة البرلمانية التالية (الـ 19) يوم 7 تموز/ يوليو 2013، وحصلت على موافقة الكنيست في اليوم ذاته، ويومها كانت وزيرة القضاء تسيبي ليفني (اليوم معارضة). إلا أن التشريع في هذا القانون توقف أيضا في الدورة البرلمانية السابقة.
حيثيات القانون
في جوهر القانون ما يجيز لكل شرطي، أو جندي حصل على صلاحيات من الضابط ذوي الشأن، أن يجري تفتيشا لأي مواطن عابر سبيل، دون الحاجة لأن يكون مشبوها بحيازته السلاح، إن كان ناريا، أو "باردا"، أو متفجرات. وأن يكون تفتيشا جسديا، و/ أو في الأمتعة.
وكما ذكر بداية، فقد نصَّ القانون بداية على أن يكون التفتيش في جميع الأماكن المعروفة أنها تشهد حالات عنف (جنائية) مثل النوادي الليلة والبارات، ونوادي البلياردو، وغيرها من الملاهي وأماكن النقاهة العامة، ويضاف لها الأماكن التي أعلن عنها قائد المنطقة في الشرطة، أنها منطقة مرشّحة لحالات عنف. والقصد هنا، المناطق ذات الطابع الأمني مثل القدس المحتلة، وغيرها.
وحصل القانون، بموجب أوراق قرار الحكومة في جلستها المذكورة يوم 18 تشرين الأول/ اكتوبر 2015 على مصادقة المستشار القضائي للحكومة، والمستشار القضائي لوزارة الأمن الداخلي، والمستشارين القضائيين، لكل الوزارات ذات الشأن، دون أن يتم ذكرها.
اعتراض المنظمات الحقوقية
وتعترض على القانون منظمات حقوقية، وبشكل خاص "جمعية حقوق المواطن" الإسرائيلية، التي أكدت أن القانون يستهدف العرب. وقال المسؤول في الجمعية، المحامي أفنير فينتشوك: "إن القانون يجيز للشرطي أن يحتجز أي شخص في الشارع ويجري على جسده تفتيشا حرا، من دون أن تكون أية شبهة، أو تبريرا لهذا. وهو القانون الذي تحاول وزارة الأمن الداخلي تمريره منذ سنوات، بذرائع مختلفة، من أجل اعطاء شرعية لما تنفذه الشرطة على أرض الواقع، ورفضت المحكمة هذه التصرفات من قبل. وعمليا فإن هذا القانون سيطبق على أصحاب البشرة السمراء، أو سحنتهم عربية".
ويتابع فينتشوك قائلا، في بيان نشر في موقع الجمعية على الانترنت، "إن للشرطة قبل هذا القانون صلاحيات واسعة لاجراء تفتيشات، فيكفي أن يثير الشخص شبهة لدى الشرطة ليكون معرضا للتفتيش.. إن صيغة القانون الأولى كانت تتحدث عن صد ظاهرة العنف في النوادي، ولم تمر، أما اليوم فيتم اضفاء "اعتبارات أمنية" عليه، دون تفسير كيف أن مثل هذا سيقلص ظاهرة العنف".
ويحذر فينتشوك، كما سبق، من أن القانون، كما هو في الولايات المتحدة ضد الأميركان من اصول أفريقية ودول أميركا اللاتينية، فإنه في إسرائيل سيكون ضد ذوي البشر السمراء والعرب. وقال، إن صلاحيات كهذه منحت للشرطة البريطانية، إلا أن المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان رفضت هذه الصلاحيات، التي تمس بحقوق الانسان وحريته وكرامته.
جلسة التصويت
شهدت جلسة الهيئة العامة للكنيست مساء يوم التصويت 1 شباط/ فبراير 2016، أجواء صاخبة نوعا ما، في شقين. الأول، التخوف الذي بدا واضحا لدى النواب من أصول شرقية، بأن يكون اليهود الشرقيين، ذوي السحنة السمراء، عرضة للتفتيشات المهينة، للاشتباه بأنهم عربا من ناحية، وأيضا لأنهم غالبا ما يكونوا مشتبهين بقضايا العنف المجتمعي، كأحد مظاهر أجواء التمييز ضدهم في الشارع الإسرائيلي. أما الاتجاه الثاني، فقد كان بطبيعة الحال في الاتجاه السياسي، مثل مقاطعة الكثير من نواب الائتلاف والمعارضة لنواب قائمتين "المشتركة" و"ميرتس".
ويقول رئيس لجنة القانون والدستور نيسان سلوميانسكي في شرحه للقانون (ترجمة من محضر الجلسة): "لقد جرى تقسيم القانون الى جزأين. الجزء الذي يتحدث عن الخلفية الجنائية، والجزء الذي يتحدث عن الخلفية الأمنية". ويضيف: في جزء الخلفية الجنائية "توصلنا الى استنتاج (في اللجنة)، وهذا ما يظهر في القانون، أن الشرطي يستطيع اجراء التفتيش لشخص فقط إذا هناك شهبة معقولة"، مثل في حالة "تصرف أزعر في مكان عام، بما في ذلك اتباع العنف الكلامي، والتهديد، أو تصرف مخيف آخر".
ويتابع سلوميانسكي قائلا، "بما يتعلق بالجزء الثاني، فقد رأت اللجنة أن الوضع الأمني يلزم اعطاء صلاحيات اضافية للشرطة للتفتيش عن سلاح لدى شخص، حتى وإن لم يكن اشتباه كاف بالشخص. وهذا في المناطق التي أعلن عنها قائد اللواء في الشرطة". (للتوضيح: القصد هنا بالذات مدينة القدس كون يسري عليها ما يسمى بـ "السيادة الاسرائيلية"- معد التقرير).
ويتابع: "الى جانب هذا، ترى اللجنة أنه يجب أن يكون مستوى معين وملموس، أن في تلك المنطقة من الممكن أن تقع عملية تخريبية معادية. وبما أن الأمر متعلق بالوضع الأمني، وكلنا نأمل أن يزول كليا هذا الوضع في قادم الأيام، فقد رأت اللجنة أن تجعل الجزء المتعلق بالوضع الأمني، كقانون مؤقت لمدة عامين".
وقال سلوميانسكي، إن اللجنة وضعت مواصفات للإعلان عن منطقة كمنطقة أمنية يسري فيها القانون، مثل أن الأمر الصادر عن قائد المنطقة، يسري لمدة 21 يوما، مع اجراء فحص دقيق للوضع. وفي حال امتد الوضع لأكثر من شهرين، فإن هذا يتطلب مصادقة القائد العام للشرطة، وليس قائد المنطقة. وفي هذه الحالة على وزير الأمن الداخلي أن يبلغ لجنة القانون والدستور، سنويا، بعدد الأوامر التي صدرت وفي اي مناطق.
التصويت:
وحصل القانون على تأييد 39 نائبا من الائتلاف والمعارضة، ومعارضة 30 نائبا من المعارضة، على النحو التالي:
أيد القانون 39 نائبا من الكتل التالية: 16 ليكود. 6 كولانو. 6 "البيت اليهودي". 5 "يهدوت هتوراة". 5 "شاس". ونائب المعارضة ميكي ليفي من حزب "يوجد مستقبل"، وهو القائد الأسبق "للشرطة" في القدس المحتلة.
عارض القانون 31 نائبا من الكتل التالية: 8 "القائمة المشتركة". 18 "المعسكر الصهيوني". 4 "ميرتس". ونائبة واحدة من حزب "يوجد مستقبل.
برز في الغياب: كل نواب كتلة "يسرائيل بيتينو" المعارضة، الذين عمليا يؤيدون القانون، ولكن غيابهم بقصد عدم دعم الحكومة، بعد ضمان الأغلبية. كما غاب 9 نواب من أصل 11 نائبا في كتلة "يوجد مستقبل" المعارضة، مالتي غالبا ما تتماشى مع القوانين العنصرية.