أقرت الحكومة الإسرائيلية في جلستها العادية يوم الأحد 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، قانونا يجيز لعناصر الشرطة، أو الجنود ممن حصلوا على صلاحيات، التفتيش الجسدي لأي شخص وفي أمتعته، دون الحاجة أن يكون مشبوها بحيازة أسلحة. ورغم أن القانون في نصه يطرح أيضا الجانب الجنائي، إلا أن مراكز حقوقية تؤكد أن المستهدف من القانون هم "أبناء الاقليات ذوي السحنة العربية"، بمعنى أنه موجه ضد العرب.
خلفية القانون
تحاول وزارة "الأمن الداخلي"، المكلّفة بالشرطة وبقوات ما يسمى "حرس الحدود"، منذ عدة سنوات، لسن قانون يرفع عمليا القيود عن تفتيش أي مواطن، جسديا وفي أمتعته، إذ ينص القانون القائم، أنه يجب ان يكون الشخص مشبوها بأن في حوزته اسلحة نارية أو "بادرة" (سكين وما شابه) حتى يجوز للشرطة أن يجري تفتيشه.
وطُرح القانون لأول مرّة على جدول أعمال الكنيست وأقر بالقراءة الأولى يوم 35 أيار/ مايو 2011، إلا أن التشريع توقف، كما يبدو نظرا لاعتراض عدة جهات عليه، وخاصة المنظمات الحقوقية.
ثم أقرت الحكومة استئناف تشريعه في الدورة البرلمانية التالية (الـ 19) يوم 7 تموز/ يوليو 2013، وحصلت على موافقة الكنيست في اليوم ذاته، ويومها كانت وزيرة القضاء تسيبي ليفني (اليوم معارضة). إلا أن التشريع في هذا القانون توقف أيضا في الدورة البرلمانية السابقة.
حيثيات القانون
في جوهر القانون ما يجيز لكل شرطي، أو جندي حصل على صلاحيات من الضابط ذوي الشأن، أن يجري تفتيشا لأي مواطن عابر سبيل، دون الحاجة لأن يكون مشبوها بحيازته السلاح، إن كان ناريا، أو "بادرا"، أو متفجرات. وأن يكون تفتيشا جسديا، و/ أو في الأمتعة.
وينص القانون على أن يكون التفتيش في جميع الأماكن المعروفة أنها تشهد حالات عنف (جنائية) مثل النوادي الليلة والبارات، ونوادي البلياردو، وغيرها من الملاهي وأماكن النقاهة العامة، ويضاف لها الأماكن التي أعلن عنها قائد المنطقة في الشرطة، أنها منطقة مرشّحة لحالات عنف. والقصد هنا، المناطق ذات الطابع الأمني مثل القدس المحتلة، وغيرها.
وحصل القانون، بموجب أوراق قرار الحكومة في جلستها المذكورة يوم 18 تشرين الأول/ اكتوبر 2015 على مصادقة المستشار القضائي للحكومة، والمستشار القضائي لوزارة الأمن الداخلي، والمستشارين القضائيين، لكل الوزارات ذات الشأن، دون أن يتم ذكرها.
اعتراض المنظمات الحقوقية
وتعترض على القانون منظمات حقوقية، وبشكل خاص "جمعية حقوق المواطن" الاسرائيلية، التي أكدت أن القانون يستهدف العرب. وقال المسؤول في الجمعية، المحامي أفنير فينتشوك: "إن القانون يجيز للشرطي أن يحتجز أي شخص في الشارع ويجري على جسده تفتيشا حرا، من دون أن تكون أية شبهة، أو تبريرا لهذا. وهو القانون الذي تحاول وزارة الأمن الداخلي تمريره منذ سنوات، بذرائع مختلفة، من أجل اعطاء شرعية لما تنفذه الشرطة على أرض الواقع، ورفضت المحكمة هذه التصرفات من قبل. وعمليا فإن هذا القانون سيطبق على أصحاب البشرة السمراء، أو سحنتهم عربية".
ويتابع فينتشوك قائلا، في بيان نشر في موقع الجمعية على الانترنت، "إن للشرطة قبل هذا القانون صلاحيات واسعة لاجراء تفتيشات، فيكفي أن يثير الشخص شبهة لدى الشرطة ليكون معرضا للتفتيش.. إن صيغة القانون الأولى كانت تتحدث عن صد ظاهرة العنف في النوادي، ولم تمر، أما اليوم فيتم اضفاء "اعتبارات أمنية" عليه، دون تفسير كيف أن مثل هذا سيقلص ظاهرة العنف".
ويحذر فينتشوك، كما سبق، من أن القانون، كما هو في الولايات المتحدة ضد الأميركان من اصول أفريقية ودول أميركا اللاتينية، فإنه في إسرائيل سيكون ضد ذوي البشر السمراء والعرب. وقال، إن صلاحيات كهذه منحت للشرطة البريطانية، إلا أن المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان رفضت هذه الصلاحيات، التي تمس بحقوق الانسان وحريته وكرامته.
احتمالات القانون
من المتوقع أن يصادق الكنيست على القانون بنصه الجديد بالقراءة الأولى، ومن ثم طرحه خلال وقت قصير للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة الأخيرتين. وتضمن له الحكومة أغلبية واضحة، فإلى جانب أصوات الائتلاف سيحظى القانون بدعم كتل معارضة.