في شباط 2024، بدأ الجيش الإسرائيلي بشق طريق يقطع قطاع غزة من شرقه إلى غربه، ويسمى "طريق عابر القطاع" أو شارع 749. ويعزل الطريق شمال قطاع غزة عن جنوبه، ومن شأنه أن يشكل نقطة ارتكاز للجيش الإسرائيلي، وله أبعاد استراتيجية أخرى تتعلق بالاستيطان، والتحكم بسكان القطاع عبر منع عودة سكان الشمال إلى منازلهم.
جرت، يوم 27 شباط الماضي، انتخابات المجالس البلدية والقروية في إسرائيل (انتخابات السلطات المحلية)، وذلك في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة. هذه أول انتخابات إسرائيلية تجري في ظل الحرب، بعد أن تم تأجيل موعدها مرتين، إذ كان من المفروض إجراؤها يوم 30 تشرين الأول العام الماضي، وتم تأجيلها إلى نهاية كانون الثاني الماضي، ثم إلى نهايات شباط، والانعكاس الأكبر للحرب هو انخفاض أشد في نسبة التصويت، أكثر من ذي قبل، إذ إن هذه انتخابات معروفة عامة بنسبة تصويت منخفضة في الشارع الإسرائيلي، وبارتفاعها في المجتمع العربي.
ذهبت تقديرات عديدة في إسرائيل إلى حدّ استخدام صفة "تاريخية" في تقييم الجلسة التي عقدتها المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الإثنين الأخير (26 شباط المنصرم) للنظر في عدد من الالتماسات المُقدَّمة إليها للطعن في قانونية المخصصات المالية التي تُغدقها الدولة (الحكومة) على المدارس الدينية اليهودية التي يتعلم فيها شُبّان من تيارات "الحريديم" في الوقت الذي لا تسري فيه أية تسوية قانونية تنظم مسألة إعفاء هؤلاء الشبان من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي أو تأجيلها.
خلّف قرار إسرائيل بإيقاف دخول أكثر من مئة ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة للعمل في إسرائيل بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي معضلة كبيرة إسرائيلياً وفلسطينياً. من ناحية إسرائيل المحكومة بمقاربة أمنية بحتة في نظرتها للفلسطينيين، تُشير التقديرات إلى أن استمرار إيقاف دخول العمال من شأنه زيادة "الضغط" وحالة "عدم الاستقرار الأمني" في الضفة الغربية، وسط معضلة إسرائيلية بين ما تريده وما هو ممكن في المدى المنظور. من الناحية الفلسطينية، أدّى هذا الإيقاف إلى مزيد من التدهور في الوضع الاقتصادي في الضفة غير المستقرّ من الأساس، عدا عن تحوّل جزء كبير منهم إلى عاطلين عن العمل بعد أن كان العمل في إسرائيل مصدر اعتماد ودخل مئات الآلاف من الفلسطينيين منذ سنوات طويلة.
الصفحة 67 من 883