دراسة جديدة: الميزانيات المخصصة للمواطنين العرب شحيحة وبعيدة عن نسبتهم من السكان
*نسبة العرب 8ر17% من إجمالي السكان في إسرائيل ويحصلون على ميزانيات تقل بكثير عن نسبتهم* حينما يكون العرب 45% من إجمالي الفقراء فإن حصتهم من ميزانية وزارة الرفاه 12% على الأكثر وحصتهم من ميزانية وزارة الإسكان تقارب الصفر*
أكد بحث جديد لقسم الأبحاث في الكنيست أن الميزانيات الرسمية المخصصة للمجتمع العربي، لا تزال شحيحة، وبعيدة جدا عن نسبة العرب من بين اجمالي السكان، كما أنها من حيث الميزانيات الاجتماعية، مثل الرفاه والتعليم، بعيدة عن نسبة العرب من بين اجمالي الفقراء، أو نسبة الطلاب العرب في جهاز التعليم، وتقارب الميزانيات المخصصة للعرب في بعض بنود الصرف الصفر.
وجرى إعداد البحث بطلب من عضو الكنيست د. باسل غطاس، من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بهدف معرفة ما تخصصه ثماني وزارات عينية، هي أقرب للخدمات اليومية الأساسية من تعليم ورفاه وصحة واسكان ووزارة الداخلية بكل تشعباتها وغيرها. وأخذ البحث أن نسبة العرب في إسرائيل هي 6ر20% من اجمالي السكان، إلا أن هذه النسبة تضم الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، والسوريين في الجولان المحتل، وعمليا فإن المواطنين العرب في مناطق 48، هي في حدود 8ر17% من اجمالي السكان، إلا أن ما تخصصه الوزارات للمجتمع العربي ابعد ما يكون عن هذه النسبة.
فمثلا، ما تخصصه وزارة الاسكان للمساكن "الشعبية" أي التي تتملكها مؤسسات حكومية في البلدات العربية تصل إلى 3 بالألف من اجمالي هذه البيوت، ولكن ما لم يشر له البحث، أن البيوت في البلدات العربية ليست بيوتا بنتها الحكومة كما هو الحال في المدن اليهودية، بل هي بيوت المهجرين الفلسطينيين في الشتات، والتي وضعت الحكومة الإسرائيلية يدها عليها، وحوّلتها إلى ما يسمى "حارس أملاك الغائبين"، وباتت في ما يعرف بـ "الأموال المتروكة"، ويتم استئجارها من خلال هذه المؤسسة الحكومية، وهذه الظاهرة تبرز في مدينة الناصرة، وفي المدن الفلسطينية الساحلية التاريخية، عكا وحيفا ويافا واللد والرملة، وقد تكون مثل هذه البيوت في أماكن أخرى، ولكن بشكل محدود.
كما يتضح أن نسبة العرب من مستحقي القروض الاسكانية المدعومة أقل من 4% من اجمالي المستحقين، بدلا من أكثر من 22% من الشريحة العمرية الشابة في هذه المرحلة، أما نسبة من يحصلون على قروض اسكانية فتصل إلى 3ر2% من اجمالي الحاصلين على هذه القروض.
التمييز يستفحل في مجال الرفاه
ويستفحل التمييز في ميزانيات الرفاه، التي من المفترض أنها تخدم أساسا الشرائح في ضائقة والشرائح الفقيرة، ويشكل العرب ما نسبته 45% من اجمالي الفقراء، وهذا يعني 250% من نسبتهم من السكان، وتنبع هذه النسبة من كون أن الفقر بين العرب يصل إلى 54% من اجمالي المواطنين العرب، مقابل أقل من 16% بين اليهود، وأقل من 11% بين اليهود من دون المتدينين المتزمتين (الحريديم).
ورغم هذه المعطيات الرسمية، إلا أن ما تخصصه وزارة الرفاه للمجتمع العربي ما بين 11% إلى 12%، أما نسبة دعم الوزارة ذاتها للجمعيات التي تعنى بالفقراء، فتتراوح ما بين 1% إلى 7ر2% من اجمالي الميزانية المخصصة لهذه الجمعيات ككل.
وهذه الحال تسري أيضا على وزارة الزراعة، التي تخصص ما بين أقل من نصف بالمائة إلى 4ر3% من ميزانيتها للمجتمع العربي، وهذا مرتبط ببنود الميزانية، وتخصص وزارة الأديان 13% فقط للمجتمع العربي.
أما في وزارة التعليم، فإن حصة المجتمع العربي تصل إلى 22% رغم ان نسبة الطلاب العرب تصل إلى 27% من اجمالي الطلاب، بما فيها القدس والجولان، ويعترف مسؤولون في وزارة التعليم أن المجتمع العربي بحاجة إلى ميزانيات أعلى من نسبة العرب من السكان، لغرض سد النقص الهائل في البنى التحتية وسد النقص المتراكم في عدد الوظائف وغيرها.
لكن التمييز في ميزانية التعليم لا تقتصر على ميزانية الوزارة المباشرة، بل أيضا من خلال بنود تمويل اخرى، فمثلا هناك سلسلة من البرامج التعليمية يكون على المجالس البلدية والقروية أو الأهالي المشاركة في تمويلها، إلا أنه بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، يكون تمويل هذه البرامج شبه مستحيل، ما يزيد اتساع الفجوات في التحصيل العلمي، وحسب أبحاث سابقة فإنه في المجمل تصرف الحكومة على الطالب العربي نحو 25% مما تصرفه على الطالب اليهودي.
وقال النائب غطاس إنه بموجب البحث، فإن الوزارات تواصل توجيه ميزانياتها إلى الجمهور اليهودي وتحجبها عن الجمهور العربي، ولدى وزارة المالية والجهات المسؤولة في الوزارات الأخيرة أجوبة جاهزة وبموجبها، "يجب رصد الأموال في المجتمع العربي، الذي على مدى أجيال جرى اهماله بشكل سيء"، إلا أن هذه الردود "لم تلحقها برامج عمل واضحة، وكما يبدو فإنه في ظل غياب سياسة واضحة، فإن ميزانية 2015 أيضا ستكون ميزانية تفتقر إلى المساواة، وسيكون فيها تمييز ضد العرب".