بحث شامل هو الأول من نوعه يظهر، ضمن أشياء أخرى، أن العادات والتقاليد وعقلية الرجل وعدم الاستقلالية الاقتصادية للمرأة تعتبر في نظر المجتمع أكثر العوامل التي تعرقل المساواة بين الجنسين
أظهر بحث شامل لفحص وجهات نظر المجتمع الفلسطيني في إسرائيل تجاه قضايا وحقوق المرأة الفلسطينية في البلاد واستكشاف العراقيل التي تحول دون تحول جدي في مكانها والتمتع بحقوقها، نشرت نتائجه مؤخرًا، أنه مجتمع مركب من وجهات نظر متفاوتة ومختلفة فيما يخص تقييم مكانة المرأة، دورها الاجتماعي، شكل العلاقة بين الجنسين والأساليب الأفضل لتطوير مكانتها وكذلك النظرة تجاه أساليب الضبط الاجتماعي.
واتضح أن الموقف من حقوق المرأة يتأثر بالعديد من العوامل غير المتعلقة مثل المستوى التعليمي، الانتماء الجغرافي، الوضع الاقتصادي وجنس المجيب/ة. كما أظهرت نتائج البحث الكمي وجود فوارق إحصائية دالة تشير إلى أن المواقف من حقوق المرأة تتأثر ايجابيا بارتفاع مستوى التحصيل العلمي وارتفاع المدخول المادي للفرد. كما اظهر مواقف أكثر تقبلا وايجابية لحقوق المرأة بين سكان الشمال مقابل الجنوب والوسط إضافة إلى فوارق إحصائية ونوعية لصالح مواقف أكثر ليبرالية بين الإناث المشاركات في البحث مقابل الذكور.
وأشارت غادة أبو جابر- نجم، المشرفة على البحث، إلى أن التنوع في المواقف التي تشير إليها النتائج يدحض النظرة النمطية التي وفرتها أبحاث أجريت من قبل عدد من الباحثين الإسرائيليين تناولت مكانة المرأة الفلسطينية في إسرائيل وعكست صورة غير واقعية عن المجتمع الفلسطيني المحلي وكأنه يمتاز بنسق واحد لا غير من وجهات النظر والتصرف. وأضافت ان من أهم نتائج البحث هو ان غالبية المستطلعين يرون ان هناك الكثير من التغييرات الحاصلة في الكثير من الجوانب المتعلقة بقضايا المرأة في العقود الأخيرة مثل ارتفاع عدد المتعلمات والعاملات، وعبروا عن درجة عالية من الرضى حيال هذه التغييرات. إلا أن الاختلافات الأساسية بين المبحوثين تكمن في تقييم هذه التغييرات، فهناك من يعتبرها تغييرات تعكس ارتفاعًا جوهريًا في مكانتها عامة، وهناك من يعتبرها تغييرات كمية فقط لا تؤثر في صلب علاقات السيطرة الذكورية على النساء في المجتمع.
وقد بادرت إلى هذا البحث جمعية "نساء ضد العنف" ضمن مشروع "حقوق المرأة". أعدت البحث د. هنيدة غانم بينما قام بإجراء الاستطلاع نهاد علي من "ابن خلدون- الجمعية العربية للبحث والتطوير". وقد أشرفت على البحث وتنفيذه مديرة مشروع حقوق المرأة غادة أبو جابر- نجم. وسيتم عرض ومناقشة نتائج هذا البحث في عدد من الأيام الدراسية التي سينظمها المشروع في الأشهر القريبة.
وتفيد أبو جابر- نجم أن أهمية هذا البحث تكمن في كونه الأول من نوعه الذي يجري في البلاد للتعرف على وجهات نظر المجتمع حيال قضايا المرأة وعلى تقييم أفراد المجتمع لمكانتها عامة. كما يتميز هذا البحث بمحاولته استكشاف القضايا التي يشير إليها المجتمع كأولويات للتغيير في مكانة المرأة والى الوسائل المحبذة من وجهة نظر المجتمع لانجاز هذا التغيير. في هذا السياق تشكل نتائج البحث بالنسبة لمشروع "حقوق المرأة" ركيزة أساسية لاختيار عدد من القضايا العينية التي تؤثر على مكانة المرأة والتي سيقوم المشروع بمعالجتها من خلال حملة إعلامية واسعة النطاق ومن خلال نشاطات المرافعة للتأثير على متخذي القرار وضمان توفر سياسات وبرامج ملائمة لاحتياجات المجتمع.
مدير عام "جمعية نساء ضد العنف"، عايدة توما- سليمان، تقول إن التغيير الذي تمر به الجمعية في السنوات الأخيرة، أي الانتقال من مؤسسة تركز على توفير الخدمات لضحايا العنف، إلى مؤسسة تسعى إلى تغييرات شاملة في مكانة المرأة، افرز الحاجة لإجراء هذه الدراسة للتعرف على مجمل قضايا المرأة كما يعرفها ويقيمها الجمهور الفلسطيني في إسرائيل بحيث ستقوم الجمعية بدراستها ووضع خططها المستقبلية والإستراتيجية وفقا لها، وبحيث تكون أولويات عملنا واستراتيجياته مبنية على الخيارات المحلية وعلى رؤيا شمولية تدمج ما بين احتياجات النساء وتفاعل المجتمع معها.
خطوط البحث ونتائجه المركزية
اعتمد البحث على منهجيات بحثية شملت:
- حوارات في 9 مجموعات بؤرية ضمت كل منها بين 8 – 14 مشتركا ومشتركة وضمّت: سياسيين، رجال دين، حقوقيين، عاملين/ات اجتماعيين/ات، مختصين ومختصات في التربية والتعليم، عاملات في المصانع، صحفيين/ات، ربات بيوت، ناشطين وناشطات في منظمات نسائية ونسوية، طالبات وطلاب ثانويين وجامعيين.
- 36 مقابلة مفتوحة مع رجال ونساء من فئات اجتماعية مختلفة ضمت أعضاء كنيست، رجال دين ممثلين للثلاث طوائف، نشيطات قي العمل الأهلي السياسي والنسوي، أكاديميين وأكاديميات، طلاب وطالبات جامعة، أصحاب وصاحبات مهن حرة، عاملات وعمال وربات بيوت.
- استبيان قطري شامل ضم 1200 شخص من جيل 18 سنه وما فوق من ما يقارب 30 قرية ومدينة عربية وأخرى مختلطة. في اختيار المناطق السكنية تم الأخذ بعين الاعتبار عدة متغيرات واعتبارات مثل الموقع الجغرافي، التركيبة الطائفية، حجم البلد، مكانها وقربها من المناطق السكنية غير العربية، وأيضا الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلد.
نتائج عينية
فيما يتعلق بالمواقف من القضايا العينية التي تناولها البحث كانت النتائج كما يلي:
حقوق مشروطة: أظهرت نتائج البحث ان المجتمع يبدي استعدادا واسعا للاعتراف بحقوق المرأة العينية مثل الحق في التعليم والعمل والحماية من العنف، الا انه ما زال غير مستعد للقبول بهذه الحقوق من دون اشتراطها بمجموعة من المطالب التي تحدد حركتها، تنقلها وبالتالي احباطها في الكثير من الحالات. كما تمايزت الإجابات في كثير من الأحيان بحسب جنس المجيب/ة، الانتماء الجغرافي والمستوى التعليمي. اذ كانت الفئة الأكثر تعليما والنساء اقرب إلى تبني مواقف ايجابية من حقوق المرأة.
ان المواقف الايجابية من حقوق المرأة في التعلم، العمل، الحماية من الاعتداءات والعنف، لا يعني ان المجتمع الفلسطيني في إسرائيل قد تجاوز كل المعيقات والمعتقدات التي تتعلق بالأدوار الاجتماعية المناطة بالجنسين، اذ كشف البحث بالمقابل عن رسوخ مجموعة كبيرة من القيم والمعتقدات الاجتماعية التي تقف في صلب حرمان المرأة من تحقيق إنسانيتها التامة او التمتع بحقوقها. واظهر البحث ان المفاهيم المتعلقة بسلوكيات مثل العرض، الشرف والسمعة ما زالت أساسية تحظى بالدعم الكبير وتعتبر خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها، من هنا فان فهم التقبل المجتمعي لحقوق المرأة لا يمكن ان يفهم الا في سياق ربطه بهيمنة الفكر الأبوي المؤسس وليس خارجه، وبوصفه توجها اصلاحيا وتصالحيا ضمن الحدود الأبوية وليس ضدها وهو ما يبدو واضحا من خلال المواقف الايجابية شبه التامة من حق المرأة في التعليم مقابل الانقسام من إعطائها الحرية التامة.
التعليم مقبول لكنه حق مشروط!
يظهر البحث ان تعليم المرأة هو من اكثر الحقوق التي تم الموافقة عليها بل والتحمس لها اذ أبدى ما يفوق 95 % من المبحوثين ضرورة إعطاء مساواة او مساواة تامة للمرأة في التعليم، وقد أوضحت النقاشات التي تمت في إطار المجموعات البؤرية والمقابلات ان التعليم يعتبر "سلاحا" للمرأة يحميها من تقلبات الزمان ويضمن لها وظيفة محترمة توفر لها مصدر رزق مستقبلي، كما وأوضحت النقاشات ان التعليم حق مشروط بحفاظ الفتاة على "سلوكيات مقبولة" في الجامعة، يشترط العودة الى البيت يوميا.
العمل مقبول بشرط عدم المس بالأدوار التقليدية
نال حق المرأة في العمل شرعية مرتفعة، اذ عبّر 82.6 % من المشاركين/ات في البحث عن موافقتهم على حق المرأة في العمل، وأبدى 77.8 بالمئة من المستطلعين والمستطلعات موافقتهم الكبيرة او موافقتهم على ان عمل المرأة المتزوجة يسهم في تحسين وضع العائلة، بل اعتبر البعض عمل المرأة مفتاحا للتغيير الذي سيؤدي الى تحول في القيم الثقافية والاجتماعية التي تميز ضدها. وكما كان الأمر بالنسبة للتعليم فان قبول حق المرأة للعمل غير المشروط للوهلة الأولى يبقى مقبولا ضمن توفر مجموعة من العوامل غير المتعلقة دائما بالمرأة او بالمجتمع بل بالدولة مثل توفير اماكن عمل قريبة وحضانات للعناية باطفال الأم، او بتوفير شروط عمل جيدة او حتى مواصلات منظمة لاماكن العمل اذا كانت غير قريبة. كما ان عمل المرأة مقبول شرط ان لا يتحدى الجندرة البنيوية للعمل اذ ان اعمالا مثل سياقة الشاحنات او العمل في التجارة وادارة الشركات تبقى اعمالا غير ملائمة للمرأة اذ اعتبر 84.7 % ان سياقة الحافلات العمومية اكثر ملائمة للرجال، واعتبر 48.9 % ان ادارة الشركات ملائمة اكثر للرجال مقابل 1 % اعتبروها اكثر ملائمة للنساء، وتفوقت النساء في الاعمال والمهن التي لا تطلب مهارات ادارية او اتخاذ قرارات كالعمل في مصانع الخياطة والتعليب (39.4 %)، فيما اعتبرت مهنة التعليم اكثر ملائمة للنساء (11.2 %) منها للرجال (5.7 %) واعتبرها 83 % ملائمة للطرفين على حد سواء واعتبر 21.8% من المشاركين والمشاركات في الاستطلاع ان العمل في التمريض يلائم اكثر النساء (21.8 %) من الرجال (8.3 %) واعتبر 69.7 % انها ملائمة للطرفين.
اتضح من المقابلات والمجموعات البؤرية ان النساء التي تعمل في المهن الحرة والتي تتطلب ساعات عمل غير تقليدية كالعمل في الصحافة او السياسة تواجه بضغوطات اجتماعية تحملها مشاعر تقصير بواجبها الاول "كأم وربة منزل"، بالاضافة الى ذلك فان القبول بعمل البيت خارج البيت لا يعني قبول اعادة تقسيم الادوار بشكل اوتوماتيكي، اذ ان اعمال مثل تحضير الطعام وتنظيف البيت ما زال ينظر اليها بانها اعمال نساء حتى لو عملت المرأة مما يعني عمليا ان المرأة التي تخرج للعمل يتضاعف عبئها فإلى جانب كونها ربة بيت هي عاملة ايضا.
العنف ضد المرأة ظاهرة غير مرغوبة لكنها "شرعية"!
اظهر البحث ان الموقف من قضية العنف ضد المرأة هو موقف مرتبك وغير حاسم بل يشوبه التناقض. فمن جهة اعتبر 93.8 % من المستطلعين أهمية العمل على مواجهة العنف ضد الفتيات والنساء، بما في ذلك العنف الجسدي والكلامي باعتبار الامر مشكلة اجتماعية وابدى اكثر من 79 % من المستطلعين والمستطلعات تفهمهم لطلب المرأة التي تتعرض للعنف من جانب زوجها للطلاق، لكن من جهة اخرى فان هذا الموقف يتعارض مع تقبل العنف ضد المرأة في حالات عديدة (اذا لم تقم بواجباتها البيتية وتربية الاولاد مثلا). كذلك الموقف من جرائم الشرف اذ ابدى ما يقارب 40 % من المستطلعين تفهمهم للقتل على خلفية "شرف العائلة" واعتبر 58.8 % ان اجبار المرأة على اقامة علاقة جنسية مع الزوج لا يعتبر اغتصابا!!
مواجهة العنف
انقسمت الآراء فيما يتعلق بالأساليب التي من الممكن استخدامها من قبل المرأة من اجل التعامل مع قضية العنف في حين كانت اكثر الوسائل التي تم دعم استخدامها هو الاستعانة بالعائلة او احد الأعيان (87.9%) فيما كانت اقل نسبة دعم هي ترك البيت (22.3 %). كما أكد الكثيرون/ات ممن قوبلوا على أهمية تتبع التدرج في مواجهة العنف ضد النساء، وبدا واضحا ان آخر الخيارات يجب ان يكون التوجه الى الشرطة، غير ان الدراسة اظهرت وجود تباين في دعم الأساليب التي يجب اتخاذها في حال تعرض المرأة للعنف الجسدي مقابل العنف الجنسي، فبعكس التردد الذي ابداه المستطلعون/ات من التوجه الى الشرطة في حالة العنف الجسدي فقد ابدوا تأييدا لتدخل الشرطة في حال تعرض الفتاة لاعتداء جنسي من قبل قريب (53.6 %) مع زيادة ملحوظة في نسبة التأييد في حال كون المعتدي من خارج محيط العائلة (70.9 %).
العمل السياسي مقبول.. طالما لم يهدد سيطرة الرجل!
ابدى 45.4 % من المشاركين/ات في الاستبيان موافقتهم وموافقتهم الشديدة على ضرورة إبقاء القيادة السياسية في يد الرجال بالرغم عن أن 73.2 % ابدوا استعدادهم للتصويت الى قائمة تترأسها امرأة. رأى 85.2 % من المشاركين ان تخصيص كل قائمة او حزب سياسي لعدد معين من المقاعد المضمونة للنساء هو وسيلة تساهم في رفع نسبة النساء في العمل السياسي المحلي والقطري. بينما بلغت نسبة الذين رأوا في تهديد النساء بمقاطعة الانتخابات وسيلة ناجحة 37.5 % وهي اقل وسيلة حظيت بالدعم من اجل رفع نسبة تمثيل النساء في العمل السياسي.
في هذا السياق تقول كاتبة البحث د. هنيدة غانم: "إن تخصيص عدد من المقاعد المضمونة للنساء داخل قوائم يرأسها رجال يعني عمليا استيعاب العمل النسوي في النظام القائم، في حين أن التحويل الجذري لشكل القيادة السياسية من قيادة رجالية إلى قيادة مشتركة للرجال والنساء يعتبر أمرا مختلفا يقع في صميم التحول لمجتمع مساواتي وليس أبوي". وأضافت: "إن الاستعداد لتقبل حقوق المرأة يبقى قائما ما دامت هذه الحقوق لا تعمل على تغيير السيطرة الذكورية".
العوامل التي تؤثر سلبيا على مكانة المرأة
أظهر البحث أن المجتمع يرى بأن العادات والتقاليد (47.1 %) وعقلية الرجل (47.7 %) وعدم الاستقلالية الاقتصادية للمرأة (37.1 %) تعتبر أكثر العوامل التي تعرقل المساواة بين الجنسين.
أي أن أفراد المجتمع يرون في العادات والتقاليد أهم العوامل التي تؤثر على مكانة المرأة بينما رأوا في القيم الدينية من جهة (31.1 %) وفي الاختلافات البيولوجية من جهة أخرى (32 %) عوامل اقل أهمية. ويعني هذا أن المجتمع يعي أن المشكلة لا تكمن في بنية المرأة البيولوجية كما يطرح مفكرون تقليديون وسلفيون، وليست في القيم الدينية كما يدعي البعض، بل في الثقافة بما تحويه من قيم وعادات وفي عقلية الرجل التي تتبلور في ظل الثقافة، غير أن هذا الاعتراف لا يعني رفض هذه الثقافة، ونجد خير تجليات ذلك في المواقف التي ظهرت في المجموعات البؤرية والمقابلات المعمقة، حيث كان التركيز على أهمية احترام الثقافة من جهة وضرورة التقيد بالخطوط الحمراء لهذه الثقافة، وهو الذي تم التعبير عنه من خلال التشديد على خصوصية الثقافة العربية من حيث اهتمامها بالشرف والسمعة والانضباط السلوكي واختلافها بذلك عن ثقافات أخرى.
سياسات الدولة
اذا ما قارنا بين الموافقة المجتمعية المبدئية والمتقبلة لعمل المرأة في البحث وبين واقع تشغيل النساء لبدا لنا ان مجموعة من العوامل السياسية البنيوية لا ترى في المرأة الفلسطينية هدفا مشروعا في برامجها. اذ ان المرأة الفلسطينية بوصفها تنتمي لأقلية مقموعة تتأثر أولا بسياسات الدولة القمعية وممارساتها المجحفة لحقوق هذه الأقلية.
ان المرأة العربية في إسرائيل لا تواجه فقط الموروث الاجتماعي الذي يتعامل معها بوصفها اقل مرتبة من الرجل ويحتم مراقبة سلوكياتها والاهتمام بعدم خروجها عن الدور الجنسوي المعد لها، بل تواجه نتائج انتمائها لأقلية فلسطينية مقموعة، فهي تحرم من العمل لأن الدولة لا تخلق فرص عمل في بلدها، وهي معرضة للحرمان من التعليم لأنها تسكن قرية غير معترف بها تفتقر لمدرسة، او حتى كتاب، فالتعليم بوصفه حقا مقبولا يحظى بأهمية مبدئية من قبل المجتمع لا يتوافر أمام جميع النساء، مما يعني حرمانها من فرصة تحويل جدي في مسار حياتها، اذ ان إحجام الدولة عن خلق فرص العمل، وتدخلها السافر في منع الاعتراف ببعض القرى، والعمل على تفقيرها من المؤسسات، يعمل عمليا على إرجاء فرص تغيير مكانة المرأة ويسهم في انتشار ظاهرة الزواج المبكر، اذ ان المرأة التي تعيش في ظل انعدام فرص التعليم، تجد نفسها محصورة بين خيار الزواج أو انتظار الزواج. إن غياب الدولة في هذه الحالة هو ليس غيابًا سلبيًا بل غياب فاعل، عبر مصادرة إمكانيات تغيير المكانة الاجتماعية للمرأة، فحرمان المرأة من التعليم هو تدخل فاعل من اجل سد الطرق أمامها لتحصيل علمي عال، وإدخالها في مسار الإعداد للزواج المبكر، ويبقى أن هذا الغياب الفاعل للدولة هو غياب ينتج دورة قمع المرأة وينشط عوامل ترسيخ دونيتها.
الجمعيات النسوية
فيما يخص الجمعيات النسوية ومعرفة المجتمع بالخدمات المتوفرة لمساعدة ضحايا العنف، فقد اقترح المشاركون في المجموعات البؤرية والمقابلات المعمقة مجموعة من الاقتراحات التي قد تسهم في تطوير الأداء المهني للمراكز والجمعيات النسوية. وتراوحت الاقتراحات بين اقتراحات عينية واقتراحات بنيوية. وشملت الاقتراحات العينية ضرورة العمل على توعية مجتمعية للجنسين، كما اقترح البعض ضرورة عمل دورات تثقيفية للرجال حول حقوق النساء، وتدعيم تعليم النساء وفتح دور الحضانات وتوفير أماكن العمل . أما في الجانب البنيوي فقد أكد المشاركون/ات على ضرورة تمييز الجمعيات النسوية بين الأهداف العملية والإستراتيجية وبين الأهداف النسوية والنسائية وتحديد رؤية إستراتيجية للحركات النسوية وتقسيم العمل بين الجمعيات والمراكز. وقد اظهر الاستبيان أن 62.6 % من المشاركين في الاستبيان على معرفة بوجود الجمعيات النسوية فيما أشار 53.8 % إلى أن هذه الجمعيات تنشط أو تنشط أحيانا في بلدهم.
المصطلحات المستخدمة: