المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • العرب في إسرائيل
  • 1332

طمرة، المدينة العربية المنكوبة بالبطالة، لا تزال تعاني العديد من المشاكل الحادة، وابرزها نسبة البطالة المرتفعة – تنافس على الاولى في اسرائيل - وكذلك نسبة مرتفعة من متعاطي المخدرات، على الرغم من هبوطها قليلا في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يستمد مسؤولو البلدية دعما وتشجيعا من النجاحات في مجال التعليم. وحسب ما يقولونه، فان في جعبتهم خططا طموحة لتحويل طمرة الى "مركز اقتصادي لوائي" وبرامج في مجال خدمات الرفاه. تقرير صحفي من "هآرتس"

لكي يصف الأوضاع في المدينة، يبدأ محمد عواد، مدير وحدة التخطيط الاستراتيجي في بلدية طمرة، باطلاق المعطيات: عدد السكان يبلغ 25 ألف نسمة، وسيتضاعف حتى سنة 2020؛ نسبة البطالة الحالية - 22،6 %؛ ومنذ عدة سنوات تحتل المدينة المرتبة الأولى او الثانية في قائمة البطالة القطرية في اسرائيل؛ 50 % من العائلات و56 % من الأولاد يعيشون تحت خط الفقر؛ في التدريج الاقتصادي الاجتماعي القطري، من بين 218 قرية ومدينة، تحتل طمرة المرتبة الـ 18 من النهاية. هذه الشذرات من المعطيات، التي كان عواد يصوبها حول طاولة في فندق في الناصرة، قوطعت بتدخل رئيس البلدية موسى ابو رومي الذي قال: "استمروا بالندب"، معنفاً موظفيه بسخرية، لينفجروا بدورهم بالضحك.

لأنه رغم بعض المعطيات القاتمة، الا ان الرضى بين ابو رومي ورجاله كبير. والسبب هو البرنامج التربوي المعمول به في طمرة في السنوات الخمس الأخيرة، والذي عرضت معطياته في الأسبوع الماضي خلال مؤتمر حول التعليم في الوسط العربي نظمته "جوينت" (مختصر الاسم الانكليزي لمنظمة يهودية امريكية لمساعدة اليهود المعوزين - المحرر): بين العام 1998 والعام 2002 ارتفعت نسبة مستحقي شهادة "البجروت" (شهادة الثانوية العامة) في طمرة من 21% الى 56،6 %، وهبطت نسبة التساقط من المدارس من 25% الى 3%، وارتفعت نسبة خريجي المدارس الثانوية الذين يكملون الدراسة الجامعية من 0،9% الى 1،9% في هذه السنة.

هذه الانجازات هي جزء من ثمار التعاون التجريبي، المستمر للسنة الخامسة على التوالي، بين بلدية طمرة - التي يترأسها ممثل الحركة الإسلامية، ابو رومي - وبين "جوينت" ومعهد " بروكدايل" (معهد الأبحاث الإجتماعية التابع لـ "جوينت").

خلال السنوات الخمس هذه اقيمت في طمرة مدرسة ثانوية ثانية - خففت من عبء الاكتظاظ في الصفوف الدراسية وأدخلت في المدرسة الأولى عنصر المنافسة - ومدرسة ابتدائية جديدة (تاسعة) ومدرسة "مفتان" للطلاب الضعفاء غير المتأقلمين في المدارس الثانوية العادية. في كلتا المدرستين الثانويتين - قريبا ستقام مدرسة ثانوية ثالثة - تم دمج مشروع "بيرح" (لتقوية الطلاب الضعفاء دراسيا)، ومشروع تقوية تعليم الرياضيات واللغة العربية كجزء من الخطة الحكومية الخمسية للتعليم العربي، وبرنامج تقوية معدة لضمان حصول الطلاب المتوسطين والمتفوقين على شهادات "بجروت" كاملة، كما تم شمل الطلاب الضعفاء في المدارس الاعدادية في مشروع "اومتس"، والمعد لشق الطريق امامهم الى المدارس الثانوية، من خلال دروس تقوية مكثفة.

كما افتتحت في المدينة أطر غير رسمية من اجل مواجهة بعض المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها طمرة. احدى هذه الأطر هي مجموعة النويديات التي توفر نشاطات لمجموعات صغيرة من الأولاد الذين نشأوا في عائلات تكابد آفات السموم والكحول والعنف.

محمد شما، مدير قسم المعارف في بلدية طمرة، ينوه بأن حصة الأسد من موارد البلدية خصصت في السنوات الأخيرة، لجهاز التعليم. ولكن تمويل المشاريع من الميزانيات العامة (الحكومية) كان جزئيا فقط. ومن اجل سد هذه الفجوات التي اهملتها السلطات الحكومية، لجأت البلدية الى مؤسسات وهيئات غير حكومية، مثل "مفعال هبايس" (مؤسسة مراهنات اليانصيب الاسرائيلية ـ المحرر) و "جوينت" التي ستفتتح في المدينة قريبا "البيت الدافىء" لأبناء الشبيبة، وصندوق "كريف" الذي اقام في المدينة مركز إثراء للجيل الغض.

"الوضع صعب والموارد شحيحة جدا"، يقول رئيس البلدية موسى ابو رومي، "لكن حتى بهذه الموارد الضئيلة يمكن عمل الكثير؛ وبعد العمل يمكن الاستمرار بعمل آخر، إعداد البرامج والخطط ثم طلب الدعم من أية جهة ممكنة". ويضيف عواد ان القسط الأكبر من التمويل لجهاز التعليم تدفق ردًا على الانجازات، لا ردًا على المشاكل.

معهد "بروكدايل" انضم الى البرنامج للمساعدة في ضمان الاستغلال الفضل للموارد المادية والبشرية. مرافق المشروع من قبل المعهد هو د. خالد ابوعصبة، الذي عمل باحثا في المعهد حتى الفترة الأخيرة. منذ 1998 اجري في طمرة مسح واسع للإحتياجات بين 20% من الأولاد، تم من خلاله، فحص عاداتهم، مواقفهم حيال التعليم، علاقاتهم مع المعلمين وأولياء الأمور، عادات تعاطي السموم والكحول، انماط العنف، التغذية والصحة. مزودين بنتائج هذا المسح، التي تم تحليلها وفق الخلفية الأقتصادية - الاجتماعية للمشاركين، حضر ممثلو المعهد الى جلسات البلدية والمؤسسات التعليمية وقدموا الاقتراحات العملية.

"إكتشفنا مشكلة صعبة جداً في موضوع العنف، والمخدرات وأعمال الزعرنة"، يقول ابو عصبة، "فاقترحنا تشكيلة من الخطط والخدمات لمواجهة هذه المشاكل". وهكذا تم ،مثلا، تعزيز قسم الخدمات النفسية في جهاز التعليم، واليوم هنالك خدمات نفسية تقدم ابتداء من روضات الأطفال وحتى المدارس الثانوية.

ويشير ابو عصبة الى ان طمرة تعاني مشاكل اجتماعية قاسية، بالمقارنة مع قرى ومدن عربية اخرى، ويضيف: "انها مدينة عربية نموذجية، فيها ازمة اجتماعية وقيمية ناتجة عن الفوارق بين الأجيال وعن اللقاء مع الحضارة الغربية". الجمهور العربي، يقول، يعاني من انعدام الأطر الثقافية لأوقات الفراغ والفعاليات غير المنهجية: "ابناء الشبيبة الذين ينكشفون على الحضارة الغربية ينتظرون فعاليات خاصة بهم في اوقات الفراغ، ومن المهم جدًا لهم ان يقرروا هم بأنفسهم هذه الفعاليات". ويضيف ان الفعاليات المفضلة لدى ابناء الشبيبة في طمرة هي الفعاليات الرياضية.

طمرة لا تزال تعاني العديد من المشاكل الحادة، وابرزها نسبة البطالة المرتفعة وكذلك نسبة مرتفعة من متعاطي المخدرات، على الرغم من هبوطها قليلا في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يستمد مسؤولو البلدية دعما وتشجيعا من النجاحات في مجال التعليم. وحسب ما يقول عواد، فان في جعبتهم خططا طموحة لتحويل طمرة الى "مركز اقتصادي لوائي" وبرامج في مجال خدمات الرفاه. ويضيف ان وضع المواطنين العرب ، وخاصة في مجال التعليم، "يجعل الندب مشروعا ومبررا"، لكن "ثمة اماكن اصبح الندب فيها طريقة عمل".

يئير أطينغر ("هآرتس" ـ 12/3)

 

 

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, جوينت, اومتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات