المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • وثائق وتقارير
  • 1377

تقرير صادر عن مركز "أدفا" يؤكد أن النمو سوف يرتفع بـ 26 بالمئة خلال أربعة أعوام والرواتب ارتفعت بنسبة 9ر3 بالمئة * الارتفاع الأساس حصل لدى أصحاب الرواتب العالية * حصة من أرباح القطاع الخاص كانت على حساب رواتب العاملين شبه المجمدة * البطالة تراجعت لكن أوضاع العاطلين عن العمل ساءت * العرب لم يستفيدوا من ثمار النمو الاقتصادي بتاتًا

أصدر مركز "أدفا"، الذي يعني بالقضايا الاقتصادية الاجتماعية، تقريرا دوريا حول معدلات الرواتب والبطالة في إسرائيل، وفي حين أشار إلى أن هناك تحسنا طفيفا في معدلات البطالة إلا أنه أكد أن أوضاع العاطلين عن العمل ساءت، كذلك فإن معدلات الرواتب بقيت أدنى بكثير مما شهده الاقتصاد الإسرائيلي من ازدهار.

البطالة

 يقول تقرير "أدفا" إنه في العام الماضي- 2007، أضيف إلى سوق العمل حوالي 105400 عامل وعاملة، وخلافا للسنوات السابقة، مع بدايات النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام 2003، التي كان فيها قسم كبير جدا من العاملين الجدد يعملون بوظائف جزئية، فإنه في العام 2007، وجد فقط 70% من العاملين الجدد وظائف بنسبة كاملة.

وهذا يعني أن 30% من العاملين الجدد توجهوا إلى أعمال جزئية، ولكن 5ر14% منهم اضطروا للقبول بالعمل الجزئي نظرا لعدم عثورهم على وظائف بنسبة كاملة، وهي نسبة أقل مما كانت عليه في سنوات سابقة، مثل العام 2001 حين وصلت نسبة غير الراضين عن عملهم بوظائف جزئية إلى أكثر من 26%.

ورغم ذلك فإن حوالي 260 ألف شخص بقوا خارج سوق العمل، من بينهم 47 ألفا يئسوا من البحث عن مكان عمل، ولهذا فهم خارج سجلات مكاتب دائرة التشغيل.

إضافة إلى هذا، فإن وضع العاطلين عن العمل ازداد صعوبة وسوءا، نتيجة لتردي شروط وظروف الحصول على مخصصات البطالة. ففي العام 2007 حصل العاطلون عن العمل على 757ر1 مليار شيكل (470 مليون دولار حسب معدل صرف الدولار في نفس العام)، في حين أن حجم هذه المخصصات التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية (مؤسسة التأمين الوطني)، بلغ في العام 2001 حوالي 773ر3 مليار شيكل، ما يعادل 860 مليون دولار حسب سعر الدولار في حينه، وحوالي مليار دولار حسب معدل سعر صرف 2007، علما أن معدلات الرواتب لم يتأثر بتحركات سعر صرف الدولار.

وهذا على الرغم من أن عدد مستحقي مخصصات البطالة في العام 2001 كان قرابة 80 ألفا، وفي العام 2007 حوالي 94 ألفا، بمعنى انخفاض قيمة المخصصات بحوالي 60% بالمعدل لمستحق المخصصات الواحد، ولكن لو تم تطبيق شروط الحصول على مخصصات البطالة وفترتها الزمنية، لكنا وجدنا أن الفارق أكبر بكثير، لأن عدد المستحقين كان سيرتفع على الأقل بنسبة 25%، إضافة إلى أن فترة تلقي المخصصات في 2001 كانت أطول مما هي عليه في 2007 واليوم.

ويلفت مركز "أدفا" النظر إلى تقرير مؤسسة الضمان الاجتماعي (التأمين الوطني)، الذي صدر في نهاية العام الماضي، وأشار إلى أن نسبة مستحقي مخصصات البطالة من بين العاطلين عن العمل بلغت 24%، مقابل 46% في الأعوام ما بين 1995 وحتى العام 2000.

ويتبين من التقرير أن قرابة 39% من المسجلين في سجلات دائرة التشغيل كطالبي عمل في العام 2007، تسجلوا لأكثر من نصف عام من دون أن يجدوا عملا.

 

ارتفاع طفيف في معدل الرواتب لا يتلاءم مع نسب النمو

 

يشير تقرير مركز "أدفا" إلى أن معدل الرواتب في إسرائيل ارتفع بقدر طفيف جدا بين الأعوام 2003 وحتى 2007، بما لا يتلاءم مع نسب النمو الاقتصادي الحاصلة في الاقتصاد الإسرائيلي خلال تلك السنوات.

ففي حين أن مجمل النمو ارتفع منذ منتصف العام 2003 وحتى نهاية العام 2007 بنسبة نحو 26%، فإن معدل الرواتب ارتفع بنسبة 9ر3%، منها 9ر1% في العام 2007 وحده، أما في ما يتعلق بالراتب الذي يتم احتسابه على أساس سعر ساعة العمل، فإنه لم يرتفع بأي نسبة تذكر، ففي العام 2003 كان معدل أجر الساعة 7ر42 شيكل، وبعد ثلاث سنوات ارتفع معدل أجر الساعة إلى 9ر42، أي بزيادة 20 قرشا فقط، وهي زيادة لا تصل حتى إلى مستوى نصف بالمئة.

ويستعرض التقرير موقف بنك إسرائيل من هذه المعطيات، بقوله في تقرير خاص له إن "هذه ظاهرة من الصعب تفسيرها". وعدد البنك عدة أسباب ممكنة لهذه الظاهرة، من بينها: ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار، منذ بدايات العام 2007 وحتى اليوم، وهذا ما لجم ارتفاع الرواتب الكبيرة في السوق، التي يحصل عليها المسؤولون في فروع العمل المختلفة، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الرواتب بسبب كثرة طلبات العمل على ضوء البطالة المنتشرة.

إلا أن تقرير "أدفا" يضيف سببا جوهريا إلى ظاهرة جمود الرواتب، وهو القوة الاقتصادية المتعاظمة لكبار أصحاب رأس وأصحاب الاحتكارات الكبرى بدعم مباشر من الحكومة.

وقد ساهم جمود الرواتب في زيادة أرباح القطاع الخاص في هذه السنوات، ليكون قسطا من هذه الأرباح قد تحقق على حساب العاملين.

ويحذر التقرير من أنه حتى ارتفاع معدل الرواتب لا يعكس الصورة الحقيقية لوضعية الرواتب في السوق، لأن الزيادة الأساسية التي حصلت كانت لصالح ذوي الرواتب العالية، وقد اتسعت الفجوات في الرواتب في كل واحد من فروع الاقتصاد، وبين فرع وآخر، إذ كان الارتفاع الأعلى في قطاع التقنيات العالية، في حين أن الرواتب في فروع خدماتية بقيت في حالة جمود تقريبا.

ويؤكد التقرير أن 60% من الأجيرين حصلوا على رواتب من دون الحد الأدنى، وحتى 75% من معدل الرواتب في البلاد.

وتبين أن 7ر3% من العاملين حصلوا على رواتب بمعدل ثلاثة أضعاف معدل الرواتب، وفق معطيات العام 2005.

وتبقى النساء الشريحة المستضعفة أكثر في مجال الرواتب، إذ يتبين من التقرير أن نحو 37% من النساء تقاضين في العام 2005 أقل من راتب الحد الأدنى (في حدود 830 دولارا في حينه)، بينما هذه النسبة بين الرجال كانت أكثر بقليل من 15%.

أما من حيث أعلى الرواتب، ففي حين أن 7ر1% من الرجال يتقاضون رواتب عالية جدا، فإن هذه النسبة تهبط بين النساء إلى أقل من نصف بالمئة، 2ر0%.

 

ويستعرض التقرير مجددا الفجوات بين رواتب العرب واليهود الأشكناز واليهود الشرقيين، وهو تقرير استعرضه "المشهد الإسرائيلي" في نهاية العام الماضي، وتبين من خلاله أن معدل الرواتب لدى اليهود الأشكناز في العام 2006 كان يساوي 137% من معدل الرواتب العام في البلاد، أما معدل رواتب اليهود الشرقيين فقد كان 100% من معدل الرواتب العام، في حين أن معدل رواتب العرب كان 70% من معدل الرواتب العام، أي نحو 50% من معدل رواتب اليهود الاشكناز.

وهذه ظاهرة قائمة منذ سنوات، وبشكل دائم، إذ يرصد مركز "أدفا" معدلات الرواتب منذ العام 1990، وهذه النسب كانت تتغير بشكل طفيف إلى الأعلى والى الأسفل.

كذلك فإن أكثر شريحة تعاني من التمييز هي النساء العربيات، اللاتي يواجهن التمييز تارة لكونهن نساء، وتارة أخرى لكونهن عربيات، فهن أكثر المحرومات من فرص العمل، ويعملن في ظروف عمل غير إنسانية، وبشكل خاص تدني الرواتب.

يشار هنا إلى من مسببات تدني الرواتب عند العرب، أولا: قلة فرص العمل في البلدات العربية ومناطقها، وهذا بسبب سياسة التمييز العنصري والحرمان، مما يلزم العامل بالسفر يوميا إلى مناطق بعيدة، وهذا ما يضطره للقبول بفرص عمل بأجور أقل من المتبع، عدا عن أنه يضطر للصرف على تكاليف البعد، من نقليات وما شابه.

كذلك فإن استقدام العمالة الأجنبية من شرق آسيا، بشكل خاص، ساهم في تدني الرواتب في قطاعات العمل التي كان يعمل فيها العرب على وجه الخصوص، مثل البناء والزراعة.

 

العرب محرمون من النمو الاقتصادي

 

وفي سياق متصل، فقد أصدر مركز "أدفا"، في الأسبوع الماضي، تقريرا جديدا يؤكد أن الفلسطينيين في إسرائيل محرمون من ثمار النمو الاقتصادي في إسرائيل، الذي حقق ارتفاعا بنسبة 26% من منتصف العام 2003 وحتى نهاية العام 2007.

وقال تقرير "أدفا" إنه على الرغم من أن الاقتصاد الإسرائيلي شهد نموا سنويا بأكثر من 5%، منذ منتصف 2003 وحتى نهاية العام الماضي 2007، إلا أن هذا النمو بقي بعيدا عن الجمهور الفلسطيني في إسرائيل، ففي حين تراجعت نسب البطالة والفقر بشكل عام في إسرائيل، فإن هذه النسب بالذات سجلت ارتفاعا بين العرب.

ففي مجال البطالة يقول التقرير إنه في العام 2001 كان عدد العاطلين عن العمل في إسرائيل بالمجمل 280 ألفا، من بينهم 34 ألفا من العرب، وقد تراجع عدد العاطلين عن العمل بالمجمل مع نهاية العام 2007 إلى 212 ألفا، ولكن بين العرب ارتفع إلى 38 ألفا، ومن حيث النسب المئوية، فإنه في حين أن معدل البطالة في إسرائيل هبط من 7ر10% مع نهاية العام 2005 إلى 3ر7% مع نهاية العام 2007، فإن نسبة البطالة العرب في نهاية العام 2007 بقيت في حدود 11%.

كذلك يشير التقرير إلى استفحال ظاهرة البطالة المزمنة، وهي تتعلق بكل عاطل عن العمل لم يجد عملا خلال 12 شهرا وأكثر.

ولكن التمييز يلحق أيضا بمن يعمل، ويستعيد البحث معطيات تقرير الرواتب السابق ذكره هنا.

وهذه المعطيات، كما يؤكد التقرير، ساهمت بشكل كبير في استفحال الفقر بين العرب في إسرائيل، ففي حين أن الفقر بين اليهود في إسرائيل ازداد منذ العام 2001 وحتى العام الماضي بنسبة 9%، فإنه اتسع بين العرب بنسبة 29%، كذلك فإن نسبة الفقر بين العائلات اليهودية في حدود 5ر15%، بينما بين العائلات العربية 51%، أما بين الأطفال، فإن نسبة الفقر لدى الأطفال اليهود 20%، وبين الأطفال العرب تصل إلى 62%.

ويجري في إسرائيل تقسيم المدن والقرى بحسب أوضاعها الاقتصادية الاجتماعية إلى عشر مراتب، في حين أن المرتبة الأولى هي لأدنى أوضاع اقتصادية اجتماعية. وبموجب التقرير فإن 56% من البلدات الفلسطينية في إسرائيل تعيش ضمن المراتب الثلاث الدنيا، ولكن غالبية هؤلاء تعيش ضمن المرتبة الأولى، أما المرتبتان الرابعة والخامسة فتعيش ضمنها 29% من البلدات الفلسطينية، والباقي، 11% من البلدات، وهي قرى صغيرة، فإنها تتوزع على المرتبتين السادسة والسابعة، ولا وجود لأي بلدة عربية ضمن المراتب الثلاث العليا.

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني, الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات