بيني موريس مؤرخ صهيوني معروف شهد تحولات وانقلابات فكرية كثيرة في السنوات الأخيرة (بعد كامب ديفيد 2000 كما يقول)، قادته الى الوقوف في صف واحد مع دعاة الترانسفير، مع أنه ينكر ذلك – في هذه المقابلة وفي غيرها – بشدة. الحوار التالي اجراه التلفزيون الاسرائيلي مؤخرا معه، وفيه يعرض موريس لبعض هذه التقلبات، ويحاول تبريرها بطريقة تثير الإشفاق!
** "المؤرخون الجدد" **
- هل أنت اول من استخدم تعبير <<المؤرخين الجدد>>؟
نعم، كتبت مقالة في عام 1998، وفي ذلك العام صدرت عدة كتب وأبحاث ولاحظت وجود موجة جديدة، انتقادية بعض الشيء، تقوض الرواية الصهيونية، وهي تختلف تماما في النبرة عن رواية الوصف التاريخي الرسمية الصهيونية.
- وفورا جرى الاعلان عنك كابن عاق لإسرائيل؟
كان هناك من أطلقوا عليّ صفة العقوق، وبعضهم اتهمني بأنني من أنصار منظمة التحرير الفلسطينية.
- إذن كرهوك جدا؟
بعض الشيء على ما يبدو.
- وكيف كان شعورك كرجل مكروه الى هذا الحد؟
لم تكن هذه الكراهية نزيهة. فلم أكن من انصار منظمة التحرير. لم أكن آنذاك، ولست كذلك اليوم. والمهم انه كان هناك أناس لم يستطيعوا احتمال موضوعيتي.
- لقد كان صعبا. وقد قلت أنت ان التاريخ الصهيوني الذي تمت روايته لنا طوال عشرات السنين، هو تاريخ غير صحيح، غير دقيق.
لقد كان غير صحيح بشكل جزئي. هناك أجزاء صحيحة. ولكن الاجزاء المظلمة والحساسة هي التي كانت غير صحيحة.
- مثلا، كل ما يتعلق بكتابك الاول: <<ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 47 1949>>، والذي أظهرت فيه، عبر الوثائق والشهادات التاريخية، ان دولة اسرائيل، او الدولة في طور التكوين، وزعماءها كانوا أحد العوامل الاساسية لطرد اللاجئين العرب؟
لقد واجهوا وضعا، وقد فهمته آنذاك، ولكنهم لم يفهموني عندما كتبت الكتاب. ان قادة اسرائيل السياسيين والعسكريين واجهوا وضعا غير محتمل من ناحية القيم الانسانية الاشتراكية التي كانوا يتبنونها والوضع الناشئ بعد الهجوم العربي على اسرائيل. وقد دفعهم هذا الوضع، عمليا، الى إفراغ البلاد أو المناطق التي غدت أراضي دولة اسرائيل من العرب، لأن هؤلاء كانوا أعداء، وطابورا خامسا محتملا. ولم يكن بوسع الدولة اليهودية ان تقوم لولا إبعاد هؤلاء.
** أسطورة طهارة السلاح **
- ولكن كانت هناك حالات كثيرة من الوحشية وقتل السكان من أجل إرهاب الآخرين كي يهربوا وما شابه وأنت وصفت صورة، ليست مستحيلة الاحتمال، ولكن لم نتعود عليها. لقد تعودنا على أسطورة طهارة السلاح، وأنت حطمت لنا هذه الاسطورة.
إن طهارة السلاح كانت أسطورة آنذاك. وبالمناسبة فإن الجيش الاسرائيلي وأجهزتنا الأمنية خلال العقود التي مرت منذ عام 1948 وحتى الآن تحسنا تدريجيا من زاوية طهارة السلاح. وكذلك الحال من جهة النجاعة ومن جهة طهارة السلاح. وعندما ادعى رفائيل إيتان، رئيس أركان الجيش في حرب لبنان عام 1982، أننا نغدو أفضل، فلماذا تتهموننا بأننا تصرفنا بشكل سيئ في لبنان، كان على حق. كان محقا جدا، لأنه في عام 1948 كان الجيش، من ناحية تصرف الجنود، في أسوأ حالاته.
- إذن طهارة السلاح كان موضوعا يزداد تحسنا، بخلاف ما نظنه، من أننا كنا جيدين وصرنا سيئين.
نعم، ولكنهم كانوا في وضع صعب جدا، بسبب انهم كانوا يحاربون في الخنادق، واستمرت الحرب طوال أحد عشر شهرا. وكان لذلك آثاره بعد موت أصدقائهم الى جانبهم وقصف مستوطناتهم.
- كل ذلك الوضع الوجودي لجهة الاحساس بأن وجودك موضع شك طوال شهور معينة عام 1948 أدى بهم احيانا الى الافراط في الحماسة.
- هذه قصة معروفة، غير ان ما يقض مضاجعي في الاسابيع الأخيرة، وأنا اعترف بذلك، هو كتابك الثاني: <<حروب الحدود الاسرائيلية 1949 1956>>. وهذا الكتاب يروي قصة العمليات الانتقامية، وعمليات التسلل. وفي تلك الفترة كانت الغارات الاسرائيلية التي سطع فيها بشكل مؤثر نجم أرييل شارون، الذي كان حينها مجرد رائد في الجيش. تلك الغارات على القرى والمدن، وعمليات القتل والتدمير. انها وصف بالغ الصعوبة. وما أقض مضجعي، اضافة الى ان شارون هو رئيس الحكومة، هو انه عند النظر الى واقعنا الراهن، أرى أننا نعيش تقريبا في تلك السنوات.
حتى في قضية طهارة السلاح، نحن نختلف اليوم. فالجيش الاسرائيلي، ورغم ما يظنونه في أوروبا ويزعمون، لا يقتل بشكل مقصود المدنيين في هذه الايام، حتى عندما يجتاح جنين وغزة. أما في الماضي فكانوا يقتلون بشكل مقصود. كانت لديهم أوامر بقتل اكبر عدد من المدنيين. ›
- هل من أجل الترهيب؟
ليس فقط من أجل الانتقام، وإنما كذلك للردع. والانتقام كان شيئا هاما، خاصة أنه أمر مفهوم في هذه المنطقة. والاسرائيليون الذي اقترحوا مبدأ الانتقام كانوا يعرفون ان هذا ما يقتضيه الواقع. وأنه اذا لم تقم اسرائيل بذلك فسوف يتعاملون معها على انها دولة ضعيفة. وهذا لأسفي الشديد ما زال ساريا حتى أيامنا هذه.
** الحلقة المفرغة **
- وهذا بالضبط ما وضعني في الجو ذاته: عملية فلسطينية ورد اسرائيلي ورد فلسطيني على العملية الاسرائيلية. وهذا نوع من الدائرة المفرغة. إنك تصف ذلك الوضع بأنه عملية تلحق بأخرى لدرجة المتاهة، ولا أحد يعلم أين تبدأ وأين تنتهي. وفي مكان ما أحسست، بعد قراءة كتابك المثير، ان الامور عمليا لا تتحرك الى أي مكان.
إن أحد المزاعم الاساسية لدى موشيه ديان ودافيد بن غوريون في مطلع الخمسينيات عندما بدأوا في العمليات الانتقامية التي بدأت عمليا عام 48 هو انه من دون هذه العمليات كان الوضع سيغدو غير محتمل أبدا. والواقع انه لا يمكن إثبات هذا الزعم، ومع ذلك فإنني أقبل به. وأعتقد انهم كانوا على حق، فمن دون ذلك كان الوضع سيتدهور على الحدود بشكل أشد. ومع ذلك بودي إضافة شيء آخر. بعد عام 1956 كانت هناك فترة هدوء طويلة على الحدود. صحيح ان الارهاب لم يتوقف بشكل تام. وحل الهدوء شبه التام على طول الحدود منذ عام 1956 وحتى عام 1965، وذلك بفضل العمليات الانتقامية وفي مقدمتها اكبر هذه العمليات، حرب سيناء (العدوان الثلاثي) عام 1956.
- هل هذا يعني أن علينا الانتظار ست او سبع سنوات قبل ان نصل الى الهدوء؟
لا أعرف، فالوضع مختلف تماما.
- هل تجد أوجه شبه بين تلك الفترة التي درستها وبين وضعنا الراهن؟
دوما هناك نقاط تشابه.
- أقصد أوجه شبه جوهرية؟
هناك إرهاب وهناك عمليات انتقامية، وهناك شعب ضجر من العرب. وهناك سلوك الطرف الثاني وهو سلوك أدنى من سلوك البشر في بعض الجوانب. وليس هناك من كلمة اخرى لوصف العشرات في الحافلات وفي المقاهي. إن هذه بربرية. وهذا هو العدو. وحتى ذلك الحين لم يكونوا قد اكتشفوا تلك الوسائل التي تقتل العشرات، فكانوا يقتلون أحادا. وأدرك الاسرائيليون حينها ان العدو وحشي. ولكن وحشية العدو لها أسباب مفهومة، وهي تتعلق بتشريده وبما فعلنا نحن بهم طوال عقود من الزمان.
- هل تتفهم ذلك؟
بالتأكيد. ولكن الأمر يتصل ايضا بثقافتهم. وسلوكهم يرتبط بعدة أمور. ولكننا ايضا نتحمل مسؤولية في دفعهم الى البربرية آنذاك واليوم.
** اليمين على حق **
- إنني لا أفلح في فهم مقاصدك. فلحظة أظن انك فجأة غدوت يمينيا متطرفا، وبعد ثانية واحدة أشعر بأنك يساري وتل أبيبي واضح. وبعد ذلك لا أعرف وأحتار فيك.
إن اليمين المتطرف الذي يرفع اليوم شعار <<من دون عرب، من دون عمليات>> في الشوارع محق، ولكن الفلسطيني الذي يرفع في الوقت نفسه شعار <<من دون صهيونية، من دون نزاع>> هو ايضا على حق. فكل المشكلة بدأت مع بداية الصهيونية. فلو لم تقد الصهيونية الى العداء الذي أبداه عرب المنطقة لما حدث صراع، ولما صرنا في هذا الوضع، ولما كانت هناك عملية تشريد وسواها. ولذلك، فإننا، بهذ المعنى، شكلنا عاملا حاسما في تشكل البربرية العربية. ›
- بالنسبة اليهم، من هي الجهة المسؤولة؟
بوسعك القول ان الصهيونية هي المذنبة. ولكنني أعتقد انه لم يكن أمام الشعب اليهودي خيار آخر. لقد عمل الصهاينة في مسارات انعدمت فيها الخيارات عندما أقاموا الحركة الصهيونية وأقاموا الدولة. والشيء نفسه ينطبق على العرب الذين يتصرفون من دون خيار آخر وهم يصدون الصهيونية ويرغبون في وأدها.
- هل كان يجب علينا ان نتصرف بوحشية، كالتي وصفتها في كتابك، هل كان ينبغي علينا ان نقتل نساء وأطفالا وعجائز؟
الجواب البسيط هو كلمة لا. فالجيوش تقوم بأفعال كهذه، وهذا ينبع من طبيعة عملهم. وهو ينبع من الانسان ذاته لدى افراد مختلفين. وهذه أمور تحدث. وعليك مقارنة اسرائيل في سلوكها في عام 48 وفي الخمسينيات مقارنة بما فعله أهل البوسنة في بعضهم البعض، فإننا نكون هنا مثل روضة أطفال. فما جرى هنا لا يقارن بالوحشية التي أظهرها الانسان في أوضاع مشابهة. وبالاجمال، عندما أنظر الى السلوك الصهيوني هنا في مواجهة العرب، فإننا كنا جيدين جدا، مقارنة بشعوب اخرى تعيش الوضع ذاته. ولا أعتقد ان هناك شعوبا تعيش مثل هذا الوضع. إذ ان وجود العرب لم يكن موضع تساؤل في العقد الأخير في يوغسلافيا. ومع ذلك تصرفوا بحزم وببربرية لا يمكن مقارنتها مع سلوك اسرائيل.
** أرييل شارون **
- قل لي، كيف يبدو أرييل شارون الذي يسطع نجمه في الكثير من العمليات الوحشية التي تحدثنا عنها، اليوم، هل يذكرك بأرييل شارون الماضي؟
أعتقد ان حرب لبنان غيرت فيه شيئا ما. ربما ليس الحرب ذاتها، وإنما ما جرى له في أعقابها. وما جرى في نهاية الحرب من الناحية الدولية. أعتقد انه تعلم من ذلك وجوب إبداء الحذر. وأعتقد انه استوعب الحاجة وأهمية الصلة مع أميركا. إنه يتصرف الآن بشكل مختلف.
- ما هي الشهادة الاولى التي عثرت عليها بخصوص أرييل شارون؟
إنها شهادة لا تتصل بهذا الكتاب. وقد عثرت على هذه الشهادة في أعقاب فتح أرشيف الجيش الاسرائيلي ومنظمة الهاغاناه، وهي موقعة باسمه وتعود الى عام 1946. إذ انه وقع على تقرير عملية قاد فيها فصيلا نصب كمينا لعدد من السيارات العربية قرب كفار سابا. وقد قتلوا مدنيين، وقد نصبوا كمينا لشاحنتين عربيتين وأحرقوهما بزجاجات حارقة. وكان في السيارتين عدد من المدنيين. وهو يصف هذه العملية بكثير من التفصيل ويوضح الكراهية التي يكنها المقاتلون اليهود بعد الاعمال التي اقترفها العرب.
- كانت هناك مشاعر كثيرة في كل هذه القصة. إذ لم تكن تلك العمليات عمليات عسكرية بحتة. كانت تحوي عناصر عاطفية قوية.
نعم، كانوا في جانبنا، وكذلك في الجانب الآخر يدافعون عن بيوتهم وعائلاتهم. وكانت الكارثة النازية في خلفية الأحداث. فقبل ثلاث سنوات فقط كانت الكارثة النازية. وكانوا يتصرفون على قاعدة ان الحرب هي حرب وجود.
- إذن، كمؤرخ، لو نظرت الى الماضي لتعذر عليك إجراء لعبة تفكير، ولكن دعنا نحاول إجراء قفزة لعشر سنوات او عشرين سنة اخرى في المستقبل. كيف ستصف الوضع الذي نعيشه اليوم؟
إننا نعيش حاليا وضعا بالغ الصعوبة. وثمة أناس يعتقدون أننا نعيش اليوم حالة تكرار لحرب عام 1948. ومن جوانب معينة، مثل تحديد الحدود، وما الذي سيحدث بيننا وبين الفلسطينيين، فإن هذا هو الوضع. وما أراه ليس جيدا حقا. وأنا أنظر الى المدى البعيد لا الى المدى القصير والمتوسط. إذ من الجائز ان نشهد قريبا حالة هدوء، ومن الجائز ان تقام هنا دولتان تعيشان بضع سنوات جنبا الى جنب بسلام او بسلام نسبي. ولكن على المدى البعيد يبدو لي ان الطرف الثاني، بخلاف الطرف اليهودي الذي استوعب فكرة الحاجة الى تقسيم البلاد، لم يستوعب هذه الفكرة بعد. فالطرف اليهودي يوافق على دولة فلسطينية وعلى تفكيك معظم المستوطنات. ومعظم الشعب، حسب اعتقادي يؤمن بأن هذا ما يفترضه الواقع، او ما يجب ان يحدث إن تم التوصل الى حل. ولكن من الطرف الآخر ثمة ما يكفي من الناس الذين لا يستوعبون فكرة الدولتين.
** إلقاء اليهود في البحر **
- هل تعني ان العرب ما زالوا يفكرون في إلقائنا في البحر؟
لا أعلم إن كان كل العرب، ولكنْ، ثمة بينهم عدد كاف في كل لحظة معينة، الآن وفي المستقبل، بعد عشر او عشرين سنة، لن يقبلوا بدولتين، وإنما يريدون، كما قلت أنت، أن يبيدوا الكيان الصهيوني. وهكذا، حتى إذا تم التوصل الى حل يقوم على إنشاء دولتين، فإنه لن يدوم طويلا.
- لماذا؟
لأنه سيكون هناك على الدوام أمثال أنصار حماس او الجهاد الاسلامي وصقور فتح وما شابه الذين سيستخدمون الارهاب لجرنا مرة اخرى للحرب، ولإعادة احتلال الدولة الفلسطينية التي ستقوم. وفي نهاية الامر لن يقوم هنا سوى كيان سياسي واحد بين البحر والنهر. وأنا أؤمن بأنه في نهاية المطاف لن يقيم في هذه المنطقة سوى شعب واحد.
- هل تتحدث عن ترانسفير؟
أو أنني أتحدث عن إبادة الدولة اليهودية. في نهاية المطاف سوف يضطر أحد الطرفين لطرد الآخر.
** الترانسفير **
- هل تبنيت نظرية <<الترانسفير>> لرحبعام زئيفي؟
أبدا لا. إنني لا أؤيد الترانسفير. وأعتقد انه حل غير أخلاقي وغير ممكن ايضا. وهو كذلك حل غير عملي من الناحية السياسية والعسكرية حاليا. ولكنني أستطيع رؤية وضع نهائي ندفع فيه لاستخدام حل كهذا. انه وضع حرب اقليمية شاملة يجري فيها استخدام أسلحة دمار شامل، او يقوم عرب بنصب كمائن للقوات العسكرية المتجهة نحو الجبهات، حينها أستطيع رؤية وضع يتاح فيه طرد السكان. ولكن في وضع كالوضع القائم الآن، حيث الوضع ليس وجوديا، ونحن لا نقف الآن على شفا إفلاس سياسي او عسكري، فإن ذلك ليس ممكنا وليس أخلاقيا. ومع ذلك، فإنني أعتقد انه في نهاية المطاف، سوف يحدث طرد لأحد الشعبين حتى لو استمرت هذه العملية عشرات السنين. اذ ان الأمر من الوجهة التاريخية لا يحتمل الحل الوسط. فالمكان ضيق جدا.
- إنك محبط جدا.
من الجائز.
- ولكنك إنسان متفائل بطبيعتك، ولكن آراءك محبطة؟
ربما.
** لا أمل **
- هذا غريب. لقد مررت بتحول بالغ الأهمية في العامين الأخيرين.
دعني أضع الأمور على هذا النحو. في التسعينيات، مع بداية عملية اوسلو والسنين التي أعقبت ذلك كنت متفائلا بشكل حذر. وأنا لم أشعر بالاعجاب أبدا بعرفات ولم أثق بهءأو برجاله، ولا بالشعب الفلسطيني من ناحية استعداده للسلام. ومع ذلك كنت متفائلا بعض الشيء. وظننت انهم ربما تغيروا. وأنهم على استعداد لتغيير تاريخهم من أجل التوصل الى حل وسط. ولكن ما حدث عام 2000 وبعده، كامب ديفيد، إعلان كلينتون والرفض الفلسطيني، إضافة الى خداعهم وإعلانهم الكاذب عن قبولهم له كان مجرد تزوير. لقد رفضوا إعلان كلينتون. رفضوا اقتراحات باراك في كامب ديفيد، ورفضوا اقتراحات كلينتون في كانون الاول عام 2000. وفي ايلول عام 2000 بدأوا بحملتهم التي أسميت بالانتفاضة الثانية. وهذه أمور تعبر عن رغبة عميقة، وليست رغبة سياسية او تكتيكية، كما يقول بعض الناس. انها رغبة عميقة لاجتثاثنا لأننا سرقنا، واغتصبنا منهم أرضهم ووطنهم التاريخي. وهم ليسوا مؤهلين لأن يفهموا أي سبب لحل وسط وللقبول بعشرين في المئة فقط من الارض التي يؤمنون بأنها أرضهم. ولماذا عليهم التسليم بتشريد ملايين من أبناء شعبهم اللاجئين.
- وأنت تفهمهم؟
أنا أفهمهم بالتأكيد. إنهم يرون في ذلك ظلما تاريخيا فظيعا. وغير مفهوم لديهم كيف ان العالم قبل بذلك، ولماذا حدث ذلك أصلا. وهم يؤمنون بأننا مثل الصليبيين من قبلنا، مجرد غزاة أوروبيين، سوف نطرد من هذه الأرض مع مرور الوقت.
- إذن أنت غيرت مواقفك السياسية؟
لا أعتقد ذلك. إنني ما زلت أؤمن بأن التسوية الممكنة والمنطقية الوحيدة هي دولتان. الضفة الغربية وغزة كاملتين او شبه كاملتين تشكلان الدولة العربية، والى جانبها الدولة اليهودية ولكن هذا لن يحدث. وأقول ان هذا يمكن ان يحدث مؤقتا لعدة سنوات، ولكنني لست واثقا انه سيحدث. وإن حدث لن يصمد طويلا.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, المؤرخون الجدد, اوسلو, الهاغاناه, باراك, دولة اسرائيل, رئيس الحكومة