أعلن مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية ومفوض شكاوى الجمهور أواخر الشهر الفائت أنه "على خلفية القتال في الشمال وإعلان الوضع الخاص على الجبهة الداخلية، فإن الخط الساخن لمفوضية شكاوى الجمهور يستأنف نشاطه. وسيساعد الخط في الشكاوى المتعلقة بحالة الطوارئ". هذه الرسالة مفادها أن الإخفاقات متواصلة لدى هيئات ومؤسسات الحكم، التي يتهمها المراقب بالتنصل من مسؤوليتها تماماً.
ووفقاً لتصريح المراقب متانياهو أنغلمان: "في ظل اشتداد الحرب في الشمال، سنعود ونقوم بتفعيل الخط الساخن وقناة الواتساب لدى مفوضية شكاوى الجمهور في مكتب مراقب الدولة لصالح السكان الذين يحتاجون إلى المساعدة خلال هذه الحالة الطارئة. ويجب على الوزراء وكافة الهيئات الحكومية والحكومية المحلية التحرك، كل في ما يتعلق بوزارته وهيئته، بموجب وضع الطوارئ من أجل تقديم أفضل استجابة لسكان الشمال".
تأتي هذه الرسالة الأخيرة الموجهة إلى الحكومة، على خلفية مواجهة متواصلة بين مكتب المراقب وبين المؤسسة الحكومية وتلك العسكرية بسبب رفض هذه الأخيرة قيام المراقب بالتحقيق في جوانب متعددة من أحداث 7 أكتوبر من العام الماضي. وكان قد اتهم الجيش بعرقلة التحقيقات التي يجريها في "إخفاقات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023". وانتقده رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي قائلا: "لم تبدأ أي جهة خارجية موضوعية بفحص الإخفاقات".
إنغلمان شرح في حينه قائلا: "نقوم بسلسلة من التحقيقات التي لا تتعلق فقط بإخفاق 7 أكتوبر، إحداها ترخيص الحفلة في رعيم التي قُتل واختطف فيها 350 شخصا، ولم تصل قوات إنقاذ إلى هناك... أوشكنا على الانتهاء من هذا التقرير، ولكي نكمله علينا أن نلتقي بثلاثة أشخاص في الجيش (لم يسمهم)، بمن فيهم الشخص المسؤول عن الترخيص هناك. رئيس الأركان يعتقد أن مكتب مراقب الدولة لا ينبغي له أن يدخل الجيش على الإطلاق، وهو مخطئ". وأضاف أن مكتبه يحقق أيضا في المسؤولية الأمنية عن سديروت وأوفاكيم بمحاذاة غزة، مضيفا: "لم يكن الجيش متواجدا هناك في 7 أكتوبر... هناك إخفاق كبير هنا، لقد مر عام ولم يبدأ أي طرف خارجي موضوعي في التحقق من الإخفاقات".
السجال تجلى في تقرير مفوّضية شكاوى الجمهور الأخير
يشار إلى أن أنغلمان كان وجه انتقادات مباشرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أيضاً بعدم التعاون مع التحقيقات في إخفاقات 7 أكتوبر، وصرح قبل أشهر أنه سيحقق في "المسؤولية الشخصية عن الإخفاقات في 7 أكتوبر"، وقال إن مكتبه "سيفحص بعمق الفترة التي سبقت السبت الأسود (يوم الهجوم)، وكذلك سلوك الوزارات الحكومية في الفترة التالية".
وقال في اجتماع للمكتب في الذكرى السنوية الأولى للسابع من أكتوبر إن "عاما مضى ومواطنو اسرائيل لم يحصلوا على إجابات على الأسئلة حول الإخفاق، سواء على المستوى السياسي والمستوى العسكري والمستوى المدني". وأضاف بلهجة الإصرار أنه: "في ظل الحرب الدائرة، وفي ظل عدم اليقين حول استمرار الحرب، وباسم كل من لن يسمع صوتهم، وباسم 101 عائلة لا تعرف العيش وأعزاؤهم يموتون في الأنفاق، وباسم جميع مواطني إسرائيل، من واجبنا أن نطالب بإجابات. تهدف الرقابة إلى التحسن والتحسين وإصلاح أوجه القصور ونحن نقوم بها بشكل لا يؤثر على الحرب." هذه النقطة الأخيرة هي رد على منتقديه الذين يزعمون بأن الرقابة تمس بقدرات الجيش وعملياته.
وبدا ان مكتب المراقب لم يتنازل عن موقفه رغم الضغوط حيث شدّد على أنه "في الوقت الحالي، يعتبر مكتب مراقب الدولة الهيئة الموضوعية الوحيدة التي تقوم بفحص الإخفاقات على جميع المستويات- المستوى السياسي، المستوى العسكري والمستوى المدني. لا ينبغي أن نقبل موقف شخص لم يسمح للرقابة خلال السنة السابقة بالقيام بمهمتها. رقابة الدولة لا تؤثر على الحرب. جوهرها في المساهمة في الأمن ومن أجل المواطنين، وقد أصبحنا نعرف ماذا يحدث عندما نتجاهل الرقابة".
وشدّد أكثر قائلا: "في الوقت الحالي تتركز الرقابة في مسائل لا تتعلق بالتشكيلات القتالية. تتناول رقابة الدولة سلسلة من المواضيع مثل إخفاقات (حفلة) نوفا، حماية سديروت، أوفاكيم وبلدات غلاف غزة، معالجة من تم إجلاؤهم والضحايا، بالإضافة لأنظمة الحماية في غلاف القدس".
هذا السجال تجلى أيضاً في مقدمة التقرير الأخير الذي صدر عن مفوّضية شكاوى الجمهور في مكتب مراقب الدولة ومما جاء هناك: "خلال حرب "السيوف الحديدية"، ظهرت العديد من الإخفاقات والنقائص في تعامل الحكومة مع المُواطنين".
رقم قياسي في عدد الشكاوى المقدّمة منذ إقامة المفوّضية
تقول مفوّضية شكاوى الجمهور في مكتب مراقب الدولة إنها تلقت العام 2023 نحو 22,356 شكوى ضد الهيئات العامة، حيث سجّل هذا العام عدداً قياسياً بكمية الشكاوى المتلقّاة منذ إقامة المفوضية. هناك ارتفاع بنسبة 7% مقارنةً بالعام 2022.. وارتفاع بنسبة 57% في عدد الشكاوى منذ عام 2019. 43% من الشكاوى محقّة أو أنّه تمّت تسويتها وحلّها (نسبة قريبة من النسبة في العام 2022 – 44%). وفي الحرب (الأشهر الستة الأولى منها) 55% من الشكاوى المتعلقة بحالة الطوارئ تمّت تسويتها. بينما كان نحو ثلث إجمالي الشكاوى في العام 2023 قد تمحور حول موضوع الخدمة المقدّمة للجمهور - ونصفها تبين أنها محقّة. وتقول المفوضية إنه "نظراً لأهمية الموضوع، ستنشر المفوّضية تقريراً خاصاً يتطرّق لموضوع جودة الخدمة المقدّمة من قِبل الهيئات العامّة في دولة إسرائيل".
يقول تقرير المفوضية إنه "منذ بداية الحرب، أدركت أنه بحكم مجال عملها، خبرتها وقدرتها على الوصول بسرعة ونجاعة لجميع الجهات ذات العلاقة في القطاع العام، يتوجب عليها العمل فوراً لتقديم أكبر قدر من المساعدة للفئات السكانية التي تحتاجها بسبب حالة الطوارئ. لقد قررت المفوضية أنها لن تنتظر وصول التوجهات إليها، بل ستبادر إلى سلسلة خطوات استباقية تهدف إلى الوصول السريع والفعّال إلى كلّ من يحتاج مساعدتها. لهذا، بتاريخ 12.10.23، أي بعد خمسة أيام فقط من اندلاع الحرب، بدأت مفوضية شكاوى الجمهور بتفعيل "الخط الدافئ". في البداية عمل الخط على مدار الساعة، ستة أيام في الأسبوع، عبر الهاتف وعبر تطبيق واتساب. بالإضافة إلى ذلك، بدأ موظفو المفوضية بزيارة مراكز النازحين في أنحاء البلاد، من طبريا في الشمال وحتى إيلات في الجنوب، لتوفير المعلومات الصحيحة للنازحين بخصوص حقوقهم ولمساعدتهم بشكل فوري. وحتى الآن تمت زيارة نحو 90 مركزاً للنازحين في أنحاء البلاد. منذ بداية العام 2024، زارت طواقم المفوّضية مناطق تجمع جنود الاحتياط، لإتاحة الفرصة لهم لتقديم شكوى للمفوّضية بسرعة وسهولة".
الهيئات التي قُدّم ضدها أكبر عدد من الشكاوى بشأن الطوارئ
يذكّر التقرير الأخير أنه "في 19.12.2023 نشر مراقب الدولة ومفوض شكاوى الجمهور تقريراً خاصاً - "شكاوى الجمهور في الأسابيع الأولى لحرب السيوف الحديدية"، بموجب بند 46(ب) من قانون مراقب الدولة للعام 1958 [نص مُدمج]. راجع التقرير الممارسات التي قامت بها المفوّضية في الأسابيع الستة من الحرب، ووصف الشكاوى التي وصلت إلى المفوضية وتعلقت بحالة الطوارئ وبعلاج المفوضية لهذه الشكاوى بشكل مفصّل. تطرقت الشكاوى الواردة في التقرير إلى مجالات مختلفة - ثغرات الحماية، قصور في التحذيرات من سقوط صواريخ، صعوبات في استصدار ترخيص لحيازة السلاح، صعوبات في تلقّي خدمات صحّية وتربوية، نقائص في تلقي المِنح والتعويضات، وغيرها من المواضيع."
وذكّر أنه "منذ تاريخ 7.10.23 وحتى 31.12.23 وصلت إلى مكتب مفوّضية شكاوى الجمهور 1,627 شكوى مرتبطة بحرب السيوف الحديدية. كان لمفوضية شكاوى الجمهور الصلاحية في فحص 55% من هذه الشكاوى والتي انتهت بتسوية الموضوع. تم تلقي 68% من الشكاوى المتعلقة بحالة الطوارئ من خلال "الخط الدافئ" واللقاءات مع االنازحين في جميع أنحاء البلاد".
يفصّل التقرير الهيئات التي قُدّم ضدها أكبر عدد من الشكاوى في المواضيع المتعلّقة بحالة الطوارئ على وجه التحديد: مؤسسة التأمين الوطنيّ – 190؛ سلطة الضرائب – 144؛ بلدية أشكلون – 124؛ وزارة الأمن القومي – 90؛ قيادة الجبهة الداخلية (الجيش الإسرائيلي) – 83. ويقول: "تمحورت الشكاوى المُقدّمة ضد مؤسسة التأمين الوطني بشكل أساس حول مِنح السكن، مخصّصات البطالة وتعويضات للمتضرّرين جراء الأعمال العدائية. وتضمّنت الشكاوى المُقدّمة ضد مصلحة الضرائب أساساً شكاوى متعلقة بمِنح التعويضات. وتمحورت الشكاوى المُقدّمة ضد بلدية أشكلون بشكل أساس حول المنح والتعامل مع النازحين. وتضمّنت الشكاوى المُقدّمة ضد وزارة الأمن القومي بشكل رئيس شكاوى حول ترخيص حيازة الأسلحة. أما الشكاوى المُقدّمة ضد قيادة الجبهة الداخلية فتمحورت أساساً حول موضوع الحماية (الملاجئ والمناطق المحمية)".
"حدث هذا الارتفاع الكبير بعدد الشكاوى في ظلّ الحرب"
وفقاً للتقرير: "وصلت لمفوضية شكاوى الجمهور 603 شكاوى من نازحين تتعلق بحالة الطوارئ. أي أن 37% من إجمالي الشكاوى التي وصلت تتعلّق بهذا الموضوع. تمحورت شكاوى النازحين حول المِنح المتعلقة بحالة الطوارئ، إخلاء السكان ومعالجة شؤون النازحين، الخدمة المقدّمة للجمهور (مراكز الخدمة، معالجة التوجّهات)، التعويض عن الأضرار التي سبّبتها الحرب، المعاشات التقاعدية (تعويضات للمتضرّرين من الأعمال العدائية ومخصّصات البطالة)، الخدمات الصحية والصحة النفسيّة. فمثلاً، بعد تدخّل المفوّضية، حصلت عائلة شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة على غرفة إضافية في الفندق الذي تمّ النزوح إليه. كان لمفوضية شكاوى الجمهور الصلاحية في فحص 59% من شكاوى النازحين والتي انتهت بتسوية وحلّ الموضوع."
ويفصّل التقرير المؤسسات والهيئات العشر التي قُدّم ضدها أكبر عدد من الشكاوى في العام 2023: وزارة المواصلات والأمان في الطرق - 2,081؛ مؤسسة التأمين الوطنيّ - 1,528؛ سلطة السكان والهجرة - 1,021؛ وزارة العمل- 860؛ سلطة الضرائب – 798؛ بريد إسرائيل – 708؛ شرطة إسرائيل – 673؛ وزارة التربية والتعليم – 621؛ وزارة الصحة – 616؛ شركة الكهرباء – 558.
يشير تقرير المفوضيّة إلى أن "5,183 شكوى، أي ما يقرب من ربع مجمل الشكاوى (23%)، تطرّقت إلى سلطات الحكم المحلّي. ومعظم الشكاوى التي تمّ تلقّيها كانت ضد بلدية القدس (522)، بلدية بني براك (280) وبلدية تل أبيب – يافا (202). في التقسيم حسب عدد الشكاوى نسبةً إلى عدد السكان، فإن السلطات المحلية التي تلقّت أكبر عدد من الشكاوى هما بلدية نتيفوت وبلدية أشكلون - حدث هذا الارتفاع الكبير بعدد الشكاوى في ظلّ الحرب".
خلال حفل افتتاح سنة القانون لنقابة المحامين في تل أبيب، تحدث مراقب الدولة ومما قاله ارتباطاً بإخفاق الهيئات والمؤسسات الحكومية والرسمية: يتوجب علينا النظر في المرآة وأن نقول بنزاهة - من بين المنتخبين، أصحاب المناصب العامة وأفراد الجيش والجهاز الأمني، لم يكن هناك حتى شخص واحد حقق المعيار المناسب وفي الوقت المتوقع في ما يتعلق بإيفاء قيمة تحمل المسؤولية. وفي الوقت نفسه، فإن بعض الأجهزة العامة والحكومية، التي تآكلت فيها قيمة تحمّل المسؤولية منذ أشهر طويلة، هي تلك التي تتخذ إجراءات فعلية غرضها منع أو تأخير أي فحص، تحقيق أو رقابة موضوعية، مهنية وغير متحيزة... فدعونا لا نخدع أنفسنا، حيث من المشكوك فيه جداً اذا كان من الممكن استعادة هذه القيمة في المستقبل. إن تآكلها وقد يقول البعض إهمالها في هذا الوقت بهذه الطريقة الخطيرة قد تكون غير قابلة للاستعادة".
المصطلحات المستخدمة:
مراقب الدولة, التأمين الوطني, نتيفوت, بني براك, بنيامين نتنياهو