الخطاب البيئي في إسرائيل، هناك أشخاص مستعدون لرفض الحجج التي أثارها كل من ياعيل كوهين- فاران وجونثان أيكنباوم وروح الطوارئ التي يثيرها علماء البيئة بصدد الحاجة إلى التعبئة في الحرب ضد المناخ. وأحدهم هو البروفسور نير شفيف، من قسم الفيزياء في الجامعة العبرية بالقدس، الذي جادل منذ سنوات بأن الاحتباس الحراري ليس نتيجة النشاط البشري، بل هو ناجم عن نشاط المجموعة الشمسية.
يدعي شفيف أن ظاهرة الاحتباس الحراري في القرن الماضي ارتبطت بالتغيرات الدورية في إشعاع الشمس، في حين أن مساهمة البشرية في ظاهرة الاحتباس الحراري متواضعة للغاية. قام شفيف بنشر هذه الأطروحة في المقالات العلمية التي نشرها في العقدين الأخيرين، وفي سلسلة من المقابلات والمقالات في وسائل الإعلام الرئيسة. يجادل شفيف أيضاً بأنه لا يوجد سبب للقلق بشأن القرن المقبل - ويقول إن كوكبنا من المرجح أن ترتفع درجة حرارته بمقدار 5ر1 درجة مئوية، أي أقل بكثير من توقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، التي تحذر من ارتفاع حاد بدرجة أكبر من 4 إلى 8 درجات.
وفقاً لشفيف، فإن تأثير النشاط البشري على الاحترار المناخي ليس كبيراً. وهو يقول: "كمية الحرارة التي تدخل وتخرج من المحيطات في نفس الوقت الذي تحدث فيه التغيرات في النشاط الشمسي هائلة، مما يثبت دون أدنى شك أن الشمس لها تأثير كبير على المناخ". و"لم يحاول أحد أن يوضح أن هذا كان صحيحاً، بل تم تجاهله فقط. من السهل على مجتمع أنصار المناخ تجاهل ذلك بدلاً من التعامل معه. في عام 2014، أكد رادار على مستوى سطح البحر يعمل على أساس رادار الأقمار الصناعية ما ادعيته في عام 2008. إنه يظهر دون أدنى شك أن الشمس لها تأثير أكبر بكثير مما تزعمه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لكنها ببساطة تتجاهلها لأنها غير ملائمة لها. أصبح مفهوم الأخضر نوعا من الدين. أنا لست أخصائيا اجتماعيا ولا أخصائيا نفسيا، ولا أفهم لماذا يتصرف الناس بهذه الطريقة، لكن في الحقيقة، نشأت في منزل يعتمد الطاقة الشمسية وبما أنني كنت طفلاً صغيراً، فأنا على دراية بحفظ الطاقة والبيئة وهذا جزء من نظرتي للعالم. لذلك أنا أؤيد أسلوب الحياة الأخضر، كما أنني لا أعتقد أننا سنواصل حرق الوقود الأحفوري لفترة طويلة لأنه ستكون لدينا مصادر طاقة أرخص".
باحث: ربما لا ينزعج الجمهور من المشاكل البيئية بسبب طابع تغطيتها الإشكالي
كما قدمت حجج مماثلة من قبل الكيميائي البروفسور جونثان دوبي من قسم الكيمياء في جامعة بن غوريون: "الصحافة مليئة بالحقائق الخاطئة عن الأمازون. الأمازون يحترق، وهذا سيء حقاً، ولن تكون سعيداً برؤية الغابات تحترق. أتمنى أن نبقيها كما هي. ولكن تشير الأرقام إلى أن هناك انخفاضاً كبيراً في إزالة الغابات وفي عدد الحرائق - وهذا العام أقل من النصف مقارنة بالحرائق في الأعوام 2005 و 2006 و 2007 و 2012. على عكس ما يزعم، فإن غابات الأمازون لا توفر أبداً الأكسجين، إنه نظام مغلق - فهناك حيوانات ونباتات تعمل على تحريك الأكسجين واستخدامه. هذا هو الواقع العلمي. لن تختنق بسبب حرائق الأمازون".
يعترض دوبي أيضاً على الزعم بأن الجمهور الإسرائيلي غير مبال نسبياً بالخطاب البيئي، مقارنة بالجمهور في الدول الأخرى: "الجمهور الإسرائيلي ذكي مثل أي جمهور آخر ومهتم. وخاصة في إسرائيل التي هي دولة سياسية للغاية، الجمهور هو حيوان فضولي ونشط. ربما لا ينزعج الجمهور من المشاكل البيئية على وجه التحديد بسبب طابع تغطيتها. تحذيرات مثل: نحن في انهيار مناخي رهيب وإذا لم نتحرك على الفور فبعد عشر سنوات سنضيع، هي تحذيرات تؤدي لنتيجة عكسية - هذه هي الأشياء التي تجعل الجمهور ينام، لأن الجمهور يرى الأشياء ويقول: لا أعتقد ذلك، أنت لم تقنعني. ينظر الناس إلى الرعب ويدركون أن هذا نداء موجه للعاطفة وليس منطقياً. يجب أن يكون دور الإعلام واحدا ووحيدا- التحقق من البيانات، لأنها مشكلة علمية- تكنولوجية".
يتم تعزيز الحجج العلمية لشفيف ودوبي ضد حملة الاحتباس الحراري من قبل هيلل غرشوني، طالب دكتوراه في فوروم يدعى "كوهيلت". غرشوني هو مدوّن متديّن يميني ينشر مقالات في وسائل الإعلام بشكل دوري، وغالباً في مواقع دينية. ويعتبر كاتباً مؤثراً على الشبكات الاجتماعية. لديه نظرة نيوليبرالية واضحة للعالم، بحجة أن إسرائيل كدولة ليس لها أي تأثير على مناخ الأرض. يقول: "ادعائي بسيط للغاية: بغض النظر عن رأيك في ظاهرة الاحتباس الحراري والتأثير البشري وقدرتنا على وقف الاحترار العالمي، ليس لإسرائيل أي تأثير على المناخ، لذلك من السخف أن تجمع موارد خاصة أو تحظر منتجات معينة أو تقيد أشخاصاً بكل الطرق، وأن تستثمر في الطاقة المتجددة. نحن صغيرون لدرجة أنه ليس لنا أي تأثير. بالنسبة لي، فإن محاولة وقف الاحترار العالمي مماثلة لمحاولتنا وقف دوران الكرة الأرضية، فكم بالأحرى في إسرائيل، حيث ليس لدينا أي تأثير على هذا الأمر. لذلك، من المنظور المحلي، يجب ألا نثقل بأي شكل من الأشكال على دولة إسرائيل ومواطنيها في كل ما يتعلق بمكافحة الاحترار". ويعتقد غيرشوني أن الأنظمة القانونية تميل عادة إلى أبعد من ذلك، مستشهداً بمثالين محليين: "على سبيل المثال، حملة بلدية تل أبيب ضد استخدام سيارة خاصة، أو الحرب على مصانع التلوث في حيفا. وكذلك استخدام سيارة خاصة، فقد يؤدي إقالة آلاف العمال في حيفا والحد من استخدام سيارة خاصة في تل أبيب إلى مزيد من الضرر".
باحث نقدي: الادعاء بأننا قليلو التلويث غير أخلاقي!
بين الذين يجدون صعوبة في سماع هذه الحجج البروفسور بنحاس ألبرت، وهو محارب قديم في أبحاث المناخ في إسرائيل. يركز ألبرت، المتخصص في علوم الغلاف الجوي في الجامعة العبرية، على بحثه حول التغيرات المناخية المتوقعة في القرن الحادي والعشرين، ويدرس آثار الإنسان والمدن الكبرى على المناخ. ويقول غاضباً: "إن الادعاء بأننا صغيرون وملوثون قليلاً هو ادعاء غير أخلاقي... نحن في نهاية المطاف نضم عددا من الشركات الرائدة في العالم، حيث يتراوح انبعاث ثاني أكسيد الكربون لكل شخص، ما بين 10 إلى 12 طنا، وهو واحد من أعلى المعدلات في العالم. وعلى الرغم من أنها ليست 18 طناً مثل الولايات المتحدة، إلا أنها بعيدة جداً عن ربع طن، كما هي الحال في الهند. وحجة غرشوني حول مصانع تلوث حيفا تتلخص في القول: أي شخص يتحدث عن مصانع تلوث حيفا بهذا الشكل يظهر وقاحة غير عادية. يمكن بواسطة إجراءات حكيمة إيجاد عمل لأي شخص سيتم فصله من المصانع عند إغلاقها، لكن الضرر الذي يلحق بصحة مئات الآلاف من الأشخاص، كل لحظة، كل يوم، عظيم للغاية. وتظهر أحدث الدراسات بصراحة أن الإصابة بالسرطان في المناطق المعرضة للانبعاثات من تلك المصانع في منطقة حيفا مرتفعة بشكل خاص".
ألبرت هو ربما واحد من أفضل الباحثين في مجال المناخ في إسرائيل، وأحد أبرز الباحثين في العالم. وخلال 40 عاماً من البحث، نشر حوالي 200 مقالة في المجلات المتخصصة، وقام بتطوير سلسلة من نماذج الظواهر المناخية، وفي عام 2018 فاز بجائزة بيرانكس لرابطة علوم الأرض التابعة للاتحاد الأوروبي، تكريما لإنجازاته العلمية. "أنا أعرف مزاعم نير شفيف"، يقول، "لقد تم حتى الآن نشر ما يقرب من 4 مقالات حول الإشعاع الشمسي والتي أظهرت بعض الارتباط بين التغيرات الدورية في الإشعاع الشمسي والاحتباس الحراري. بالمقابل هناك المئات من المقالات العلمية قد نشرت وتبين أن ادعاء نير شفيف لا أساس له من الصحة. ليس هناك أي عالم غيوم جدي يقبل بهذا الادعاء. وفقاً لتوقعات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، خلال 100 عام، إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 2 إلى 3 درجات، فإن هذا يعني ارتفاع منسوب مياه البحر، وملايين البشر في مصر وبنغلاديش سيكونون تحت الفيضانات، وهولندا قد تغرق. لماذا تستثمر هولندا مليارات اليوروهات إذا كان كل هذا محل تساؤل؟ لأنه لا يوجد شك بين الآلاف من العلماء في العالم".
ألبرت، وهو شخص مؤمن، يريد أن يختتم برسالة من الرمبام (الحاخام موسى بن ميمون). وكما يقول "يجادل الرمبام بأنه يجب على كل شخص أن يفترض أنه في أي لحظة معيّنة، يكون العالم بأسره متوازنا من حيث الأعمال الصالحة والأفعال السيئة، والعمل التالي الذي يجب تحديده هو عملي أنا - هل سيكون عملا جيدا أم عملا سيئا؟ لذلك وفيما يتعلق بالتلوث البيئي وتغير المناخ، فإن مساهمة كل واحد منا تحدد وتفرق، وعلى كل واحد منا أن يرى نفسه مسؤولاً عن الوضع الحالي".