في أواخر شهر تشرين الثاني الأخير، قطعت الحكومة الإسرائيلية وائتلافها خطوة إضافية في حملتها المتجددة ضد وسائل إعلام ترى فيها عقبة أو تحدياً أمامها يعرقل استكمال انقلابها على نظام الحكم. ولا يخفي مسؤولو السلطة الحاكمة أنهم يستهدفَون بالتضييق تحديداً وسائل الإعلام التي لا تنطق من حنجرتهم السياسية والعقائدية العميقة. هذا مع أن المفارقة بالنسبة لمن ينظر للصراع من الخارج، أن بعض وسائل الإعلام المستهدفة بعيدة بعداً شاسعا عن طرح البديل الشجاع للسياسات المنتهجة من قبل هذه الحكومة نفسها، لا بل إنها من كبار مسوقيها.
"أقول وأكرر، منذ زمن طويل، إن التهديد الأكبر على دولة إسرائيل هو تهديد داخلي وليس تهديداً خارجياً. لذلك، فإن الانتصار المطلق الحقيقي يتمثل في بناء مجتمع مثالي يكون، أيضاً، مجتمعاً ذا خطاب عام مختلف... الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي آخذ في التعمق من جديد بعدما رأبت الحرب في قطاع غزة والحرب في لبنان الصدع بصورة مؤقتة. هذا الشرخ وسيرورة تعمّقه يشكلان التهديد المحلي الأكبر والأخطر على دولة إسرائيل، وهو أكبر وأخطر من أي تهديد خارجي".
تزايدت في الأيام الأخيرة التقارير الاقتصادية الإسرائيلية التي تؤكد ما يمكن وصفه بحالة انفلات في سوق الأغذية، وسط غياب رقابة حكومية حقيقية، على المواد الغذائية، إذ يؤكد تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد، أنه في أشهر الحرب الـ 13 الأولى، ارتفعت أسعار المواد الغذائية من دون الخضروات والفواكه بنسبة عامة 5%، في حين أن نسبة التضخم في الفترة ذاتها كانت 3.7%، وهذا أحد مسببات زيادة أرباح الشركات المنتجة والمستوردة والمسوقة للمواد الغذائية، التي تواصل رفع الأسعار رغم تراجع أسعار المواد الخام للمنتوجات الغذائية في الأسواق العالمية منذ حوالي عامين، إلا أن هذا لم ينعكس على الأسعار في السوق الإسرائيلية، في ظل الحرب المستمرة.
ينبغي أن نعيد التذكير بأنه قبل أسبوع واحد من حلول الذكرى السنوية الأولى لاندلاع حرب الإبادة على غزة، التي بدأت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت إسرائيل أنها دخلت إلى ما تصفها بأنها "مرحلة جديدة" من القتال تتسّم أساساً بتوسيع نطاق الحرب لتشمل الجبهة الشمالية، حيث شرع الجيش الإسرائيلي في شنّ ما قال إنها "عملية برّية مركزة" في جنوب لبنان، معلناً أنها ستركّز، في بدايتها، على البنى التحتية التي أنشأها حزب الله قريباً من منطقة الجدار الحدودي، تحضيراً لشنّ هجوم على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية الحدودية على غرار هجوم "طوفان الأقصى".
الصفحة 3 من 863