"زكا" ـ اختصار بالعبرية للكلمات التالية: "زيهوي كوربانوت أصون" (الكشف عن ضحايا كوارث). وهي عبارة عن منظمة تطوعية أقامها يهود من الأوساط المتدينة لمساعدة الشرطة الاسرائيلية وفرق الإنقاذ خلال وبعد وقوع كارثة أو عملية تفجيرية. ويعتبر المنضوون تحت مظلة هذه المنظمة أن ما يقومون به هو من أجل الخير وجزء مهم ومركزي من تعليمات ووصايا التوراة.
ويقوم المتطوعون في هذه المنظمة بالوصول حالاً وسريعًا إلى ميادين حوادث الطرق ومواقع التفجيرات في مختلف أنحاء اسرائيل ويشرعون في تجميع أشلاء القتلى المبعثرة والمنتشرة في منطقة الحادث وتجميعها في كيس واحد لدفنها وفق شروط التوراة والديانة اليهودية. وكذلك بدأت هذه المنظمة في السنوات القليلة الماضية بتقديم المساعدات المطلوبة في البحث عن مفقودين لأسباب مختلفة.
ومن بين المهام المركزية التي تقوم بها هذه المنظمة كالتالي:
· البحث عن ضحايا حوادث وعمليات تفجيرية وتحديد هويتهم.
· جمع أشلاء جثث الضحايا وتجهيزها للدفن وفق أسس العقيدة الدينية اليهودية.
· يعكس عملهم التطوعي غاية التقارب والمودة بين تياري المجتمع الاسرائيلي: المتدين والعلماني.
كانت انطلاقة "زكا" عندما قام عدد من اليهود المتدينين بالتطوع بصورة عفوية لمساعدة قوى الأمن الاسرائيلية في انتشال
جثث ركاب سيارة الباص العمومية رقم 405 بعد أن تعرضت لعملية تفجيرية فلسطينية. وتقدمت هذه المجموعة بطلب تسجيلها جمعية رسمية وفق قوانين الجمعيات والمنظمات الأهلية المعمول بها في اسرائيل. وحصلت الجمعية على موافقة مُسجّل الجمعيات في وزارة الداخلية الاسرائيلية في العام 1995. وحتى تنال هذه المنظمة دعمًا ماليًا يتيح لها العمل باستمرار وليس على قاعدة التطوع، تمّ اعتبار الأعضاء المسجلين فيها مجندين في الحرس المدني.
وشهدت المنظمة ازديادا في فعالياتها ونشاطاتها في أعقاب انطلاقة انتفاضة الأقصى في العام 2000، حيث أن العمليات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في أوقات متقاربة في مختلف مدن وبلدات اسرائيل، جعلت هذه المنظمة تكثف من فعالياتها.
ونالت المنظمة شعبية واسعة واحتراما كبيرا ليس فقط في أوساط المجتمع الاسرائيلي بل في العالم اليهودي أيضا. وكان لهذه المنظمة تأثير كبير وواسع على رفع معنويات المجتمع الاسرائيلي، خاصة الجبهة الداخلية، التي تعرضت إلى ضربات موجعة من المقاومة الفلسطينية. وأكدت ذلك استطلاعات الرأي العام التي أجرتها الصحف العبرية في السنوات الخمس الأولى من مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ونجحت هذه المنظمة في تجنيد أموال كثيرة من تبرعات الجاليات والمنظمات اليهودية والصهيونية في الولايات المتحدة وفي اوروبا. وقامت منظمة "زكا" بشراء تجهيزات خاصة لعمليات الإنقاذ وسيارات إسعاف وغيرها من الأدوات التي تحتاج إليها لتنفيذ مهامها. ومؤسس هذه المنظمة هو يهودا مشي زهاف، وهو من أوساط المتدينين المتزمتين. وكان قد وافق على إضاءة شعلة استقلال اسرائيل في عام 2003، ما دل على بداية المصالحة والتقارب بين التيار الديني المتشدد والمتزمت وبين المجتمع الاسرائيلي العلماني.( هنالك شرخ كبير بين التيارات المتدينة المتشددة في اسرائيل وبين العلمانيين والمؤسسات الحكومية من منطلقات دينية في الأساس).
وتعرضت المنظمة إلى أزمات مالية حادّة جرّاء التراجع المستمر في التبرعات وكذلك بسبب انخفاض عدد العمليات التفجيرية، ما حدا بإدارة المنظمة إلى الإعلان عن إيقاف نشاطاتها وفعالياتها، إلاّ أنّ وزارة الداخلية نجحت في تعيين لجنة فاحصة تمكنت من التوصل إلى اتفاق مع مستثمرين لتغطية العجز المالي في المنظمة واعتماد تعديلات إدارية لتنجيع العمل والنشاطات. وتم إقالة مشي زهاف المؤسس والرئيس لهذه المنظمة وتعيين مدير جديد وهيئة إدارية جديدة إلى جانبه.
وحضر عدد من متطوعي هذه المنظمة جلسات المحكمة الدولية الخاصة بالجدار العنصري الذي أقامته اسرائيل في الضفة الغربية. وتظاهر هؤلاء أيضا قبالة مبنى المحكمة الدولية في هاغ في هولندا حيث أحضروا معهم سيارة باص متفجرة وصور لمئات القتلى الاسرائيليين كجزء من الدعاية الاسرائيلية العالمية بأن المجتمع الاسرائيلي هو ضحية ما يسمونه الإرهاب الفلسطيني.
وساهمت المنظمة في إرسال طواقم إنقاذ وانتشال إلى مناطق جنوبي آسيا التي ضربها إعصار تسونامي في نهاية العام 2004.