أفادت تقارير صحافية إسرائيلية، اليوم الأحد - 18.11.2012، أن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، تحدث، أمس، مع عدد من زعماء الدول وألمح إلى موافقته على وقف العملية العسكرية "عمود السحاب" ضد قطاع غزة في حال أوقفت الفصائل الفلسطينية في القطاع، وفي مقدمتها حركة حماس، إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. ورغم ذلك فإن الغارات الإسرائيلية ضد القطاع تواصلت طوال الليلة الماضية.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن نتنياهو قوله في محادثات هاتفية مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيس الحكومة الإيطالية، ماريو مونتي، إنه سيوافق على وقف إطلاق نار شامل في القطاع، في أقرب وقت، مقابل توقف الفصائل الفلسطينية في القطاع عن إطلاق الصواريخ وإطلاق النار باتجاه دوريات عسكرية إسرائيلية عند الحدود بين إسرائيل والقطاع، وطالب بضمان وقف إطلاق نار طويل الأمد وألا يستأنف خلال أسابيع معدودة.
ووفقا للتقارير الإسرائيلية فإن زعماء أوروبيين عديدين تحدثوا مع نتنياهو خلال نهاية الأسبوع الماضي وقالوا إنه "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها"، لكنهم طالبوه في الوقت نفسه بالامتناع عن شن اجتياح بري في القطاع. ونقلت هذه التقارير عن مصادر في مكتب نتنياهو قولها إنه حتى لو قررت إسرائيل شن اجتياح بري في القطاع فإنه سيكون محدودا جدا.
وأفادت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي أن نتنياهو يتعرض "إلى ضغوط كبيرة جدا من جانب دول أوروبية هامة" من أجل أن يوافق على وقف إطلاق نار بموجب مبادرة تدفعها مصر قدما. وأضافت القناة التلفزيونية أن أوباما يجري اتصالات مباشرة ومتواصلة بهذا الخصوص مع رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، المتواجد في مصر ويشارك في دفع المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار.
وقال موقع "واللا" الالكتروني إن الحكومة الإسرائيلية ما زالت ترفض التطرق رسميا إلى اتصالات حول وقف إطلاق النار بوساطة مصر وروسيا والولايات المتحدة. لكن الموقع الإلكتروني نقل عن مسؤول سياسي حكومي رفيع المستوى قوله "إذا تعهدت حماس بوقف إطلاق الصواريخ بشكل مطلق، فإن إسرائيل أيضا سترد بالهدوء وتوافق على وقف إطلاق النار".
وبدأت إسرائيل عملية "عمود السحاب" العسكرية، بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي، باغتيال القائد العسكري في حماس، أحمد الجعبري، بشكل مفاجئ وبعد أن أوهمت الفصائل بأن جولة التصعيد، في نهاية الأسبوع قبل الماضي، انتهت قبل ذلك بيومين تقريبا.
وشنت إسرائيل خلال الأيام الخمسة الأخيرة قرابة 1000 هجوم جوي وبحري على القطاع، بينما أطلقت الفصائل الفلسطينية في غزة أكثر من 650 صاروخا، بينها 4 صواريخ باتجاه تل أبيب وصاروخ واحد باتجاه منطقة القدس، وقد سقط هذا الأخير في منطقة الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون".
"العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع استنفدت نفسها"
وأشار المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شمعون شيفر، إلى أن الحقائق الأساسية الموضوعة أمام صناع القرار في إسرائيل هي التالية:
· إسرائيل استنفدت عمليا تفوقها النوعي الذي وضعه أمامها الجيش وجهاز الأمن.
· الشرعية الدولية للعملية العسكرية الإسرائيلية على وشك الانتهاء. وتوغل بري في القطاع ومخاطر المس بالسكان المدنيين ليسا مقبولين على أوباما وعلى نظرائه الأوروبيين. كما أن إسرائيل ستخاطر بالدخول في مواجهة مع مصر، وباحتمال إسقاط الملك الأردني عبد الله الثاني.
· حماس ما زالت تطلق الصواريخ ولا توجد لديها أية نية لأن تتوسل من أجل وقف إطلاق النار مثلما قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك.
وكتب شيفر أن "مئات آلاف الإسرائيليين يسمعون عن اتصالات حول وقف إطلاق النار ويتساءلون: من أجل ماذا فعلنا ذلك [شن العملية العسكرية]، وما الذي حققناه حتى الآن؟". ولفت إلى أنه "لا شك في أن صورة انتهاء المعركة الحالية ستؤثر على قرار الإسرائيليين وما إذا كانوا سيمنحون [في الانتخابات القريبة] نتنياهو فرصة أخرى ثالثة في مكتب رئيس الحكومة، وهو سيأخذ هذا الأمر بالحسبان لدى إقدامه على اتخاذ أي قرار حول متى وكيف سيبشرنا بانتهاء العملية العسكرية".
وأضاف شيفر أنه لن يكون بإمكان نتنياهو ومعه حزب الليكود القول إنهما يرفضان إجراء مفاوضات مع حماس، لأنه قبل عام واحد فقط، أجرت إسرائيل مفاوضات مع حماس حول صفقة تبادل الأسرى التي أتاحت إمكان استعادة إسرائيل جنديها الأسير في القطاع غلعاد شاليت.
من جهة ثانية كتب المحللان في "هآرتس"، العسكري عاموس هارئيل، ومحلل الشؤون الفلسطينية آفي سسخاروف، أن "إسرائيل ستضطر إلى اتخاذ قرارات خلال فترة قصيرة، من أجل الامتناع عن التلكؤ الذي ميّز حرب لبنان الثانية. ومن الصعب أن ترى لدى المستوى السياسي أو لدى هيئة الأركان العامة وجود تحمس لشن عملية عسكرية برية: لا توجد تطلعات لإسقاط حماس، وإنما أمل وحسب بأن تكبح الأضرار البالغة رغبة هذه الحركة في تبادل الضربات المتواصل".
كذلك أشار المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، عمير ربابورت، إلى أن "عملية ’عمود السحاب’ العسكرية وصلت إلى مرحلة مصيرية: الغارات الجوية استنفدت نفسها، وتزايدت الاتصالات من أجل وقف إطلاق النار. ومنذ الأمس، أصبحت الكرة في ملعب المستوى السياسي [الإسرائيلي]، الذي يتعين عليه أن يقرر إمّا تسريع الاتصالات لوقف إطلاق النار، وإما شن عملية عسكرية برية".
وأضاف ربابورت أن "الاعتقاد السائد في الجيش الإسرائيلي هو أن العملية العسكرية حققت غاياتها وبالإمكان إنهاؤها من دون عملية عسكرية برية. لكن رغم ذلك، وفي موازاة الاتصالات، فإن الجيش استكمل في نهاية الأسبوع الماضي عملية تجنيد القوات المطلوبة لشن عملية عسكرية برية، التي من المقرر أن تستند إلى قوات نظامية. وغالبية قوات الاحتياط التي تم تجنيدها غايتها استبدال القوات النظامية في مهمات جارية".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية قررت، مساء يوم الجمعة الماضي، تجنيد 75 ألف جندي في الاحتياط، وهو عدد لم تجنده إسرائيل منذ حرب لبنان الثانية. لكن التقديرات في إسرائيل هي أنه لن يتم استدعاؤهم كلهم.
ويرجح محللون عسكريون إسرائيليون أن القرار بتجنيد هذا العدد الهائل من جنود الاحتياط لا يتعلق باحتمال اجتياح القطاع وإنما تحسبا من تصعيد أوسع من قطاع غزة. وأشار المحلل العسكري في موقع "واللا" الالكتروني، أمير بوحبوط ، إلى إنه "بالإمكان التقدير أن تجنيد 75 ألف جندي احتياط غايته تمرير رسالة، ليس فقط إلى حماس في قطاع غزة وباقي الفصائل، وإنما إلى جميع دول الشرق الأوسط وفي مقدمتها سورية ومصر ولبنان، وفي داخله حزب الله، وإيران. والرسالة التي يمررها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، هي أن إسرائيل لا تخشى من الحرب".
"غايات العمليات العسكرية تحققت بالكامل"
رأى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق ورئيس "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، عاموس يادلين، في مقال نشره على الموقع الالكتروني للمعهد، مساء الخميس الماضي - 15.11.2012، أن غايات العملية العسكرية الإسرائيلية "عمود السحاب" ضد قطاع غزة، "تحققت بكاملها تقريبا"، وحذر من إعادة احتلال غزة، ومن أن تسيطر إسرائيل مرة أخرى على مليون ونصف مليون فلسطيني.
وأشار يادلين في بداية مقاله إلى أن "الجمهور وصناع القرار في إسرائيل يدركان أنه بشعارات مثل ’القضاء على حماس’ أو ’التحدث مع حماس’ لا ننتصر في الحروب ولا نحل القضية الفلسطينية. وفعلا، فإن أهداف عملية ’عمود السحاب’ مدروسة ومُصاغة بحذر: إعادة الردع الإسرائيلي مقابل حماس بواسطة توجيه ضربة شديدة إلى المنظمات الإرهابية الفلسطينية في غزة، ومنع قدرتها على استخدام منظومة صواريخها الإستراتيجية الطويلة المدى. وقد بدأت العملية بنجاح عسكري واستخباراتي مثير للإعجاب، ويبدو أنه على الرغم من أنه لم يتم تدمير المنظومة الإستراتيجية بالكامل، إلا أن غايات العملية العسكرية تحققت بكاملها تقريبا. وأكدت تجربة حرب لبنان الثانية وعملية ’الرصاص المصبوب’ أن ثمة حاجة إلى "فترة استيعاب’ حتى تتغلغل قوة الضربة وتؤثر على صناع القرار في الجانب الآخر. وإنهاء العملية العسكرية الحالية يحتاج ايضا إلى قيادة مسؤولة وحكيمة: مواصلة القتال سيمكن من تعميق الضرر اللاحق بحماس والإعداد لإمكانية عملية عسكرية برية، لكن في الوقت نفسه ينبغي البحث عن فرص لإنهاء جولة القتال على ضوء إنجازاتها حتى الآن".
وأضاف يادلين أنه "يوجد لمصر دور هام في تشكيل نظام نهاية كهذا، ولا حاجة للهلع من رد الفعل المصري الأولي [سحب السفير من تل أبيب]. وإذا كانت مصر تتطلع إلى مكانة قوة عظمى إقليمية مؤثرة، فإنها مطالبة بالحفاظ على قنوات اتصال مع إسرائيل كما أنها مطالبة بالحفاظ على دورها كوسيط، قادر على تحقيق نهاية لجولة التصعيد الحالية. وسحب السفير المصري من إسرائيل ليس تصعيدا في سلم ردود الفعل المصرية التقليدية على أحداث من هذا النوع. فمصر سبق أن أعادت سفيرها في إسرائيل خلال حرب لبنان الأولى في العام 1982، وهكذا فعلت أيضا بعد هجوم المروحيات الأول في عملية ’السور الواقي’ العسكرية في العام 2002 [أي اجتياح الضفة الغربية]. ويدل القرار بإيفاد وفد برئاسة رئيس الحكومة المصرية، هشام قنديل، [إلى غزة] على تطلع مصر إلى تعزيز مكانتها كوسيط وتحقيق وقف إطلاق نار في أسرع وقت. وعلى القيادة في إسرائيل ومصر أن تحتوي الشعور بالإحباط والخلافات في الرأي القائمة، من أجل السماح بوساطة مصرية بناءة تؤدي إلى إنهاء جولة القتال الحالية في أسرع وقت".
واستبعد يادلين اتساع عملية "عمود السحاب" إلى حرب إقليمية وعلى أكثر من جبهة إسرائيلية. وكتب أنه "ساد الاعتقاد في الماضي أن ثمة احتمالا كبيرا بأن يؤدي القتال في جبهة إلى فتح جبهة أخرى وأن احتمال ’الكماليات’ بوجود جبهة واحدة، مثلما حدث حلال حرب لبنان الثانية وعملية ’الرصاص المصبوب’ هو احتمال ضئيل". وأضاف أن استبعاد فتح جبهات أخرى إضافة إلى غزة سببه أنه في سورية تدور "حرب أهلية" ولا يبدو أن الجيش السوري سيوجه قواته ضد إسرائيل. وتابع يادلين أن "حزب الله منشغل بالأحداث في سورية أكثر من انشغاله بالأحداث في قطاع غزة"، وأن "تهديد مكانة حزب الله داخل لبنان والمس بشرعيته ومكانته المتدنية في العالم السني، على أثر دعمه للأسد، يقلص من احتمال تسخينه الجبهة الشمالية".
ولفت يادلين إلى دعم الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل، وإلى أن الرئيس باراك أوباما ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة دعما "حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها في جنوب البلاد"، كما أن "الدعوة البريطانية إلى إنهاء جولة القتال والتنديد بهجمات حماس على التجمعات السكنية الإسرائيلية، تؤكد أن إسرائيل نجحت حتى الآن في تحقيق أهدافها من دون دفع ثمن سياسي باهظ".
ورأى يادلين أن "قطاع غزة هو جبهة واحدة داخل الحلبة الفلسطينية الأوسع، ولذلك فإن الحل لأمد طويل يكمن في رؤية شاملة لكلا قسميها، السلطة الفلسطينية وحماس. وفي ظل غياب عملية سياسية وعندما تبدو السياسة الإسرائيلية على أنها غير مبالية تجاه المعتدلين في المعسكر الفلسطيني، فإن ’بطارية الشرعية’ الإسرائيلية في الحلبة الدولية تفرغ بسرعة كلما استمرت العملية العسكرية وخاصة في حال المس بشكل واسع بالمواطنين المدنيين. لذلك يتعين على الاستراتيجيا الإسرائيلية الشاملة أن تقترح ’جزرة’ للجهات المعتدلة في السلطة الفلسطينية من أجل تقويتها، وإنزال ’العصي’ البالغة القوة على الجهات الإرهابية المتطرفة، من أجل إضعافها. وينبغي التوضيح لحماس في هذه المرحلة، أن إسرائيل لم تستخدم بعد قدرتها على المس بها، وأنه توجد لدى سلاح الجو مئات الأهداف الأخرى التي لم تُضرب بعد".
وتابع يادلين أن خطة الانفصال الإسرائيلية عن غزة كانت "خطوة استراتيجية هامة تخدم أمن إسرائيل وينبغي الحفاظ عليها والامتناع عن احتلال كامل للقطاع. والعودة إلى وضعية السيطرة على مليون ونصف المليون فلسطيني، إضافة إلى أولئك الذين في الضفة الغربية، ستكون خطأ استراتيجيا خطيرا. لكن إذا لم تمكن حماس من إنهاء القتال، فإن على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدا لشن عملية عسكرية برية شاملة في القطاع أيضا".
وختم يادلين مقاله بأن "إسرائيل ملزمة بإبداء الحزم وتوسيع الضربات ضد أجهزة حماس، من أجل زيادة الضغوط عليها واستئناف قدرة الردع مقابلها. وأداء حماس في غزة يحمل مميزات دولة، وعلى إسرائيل استغلال ذلك من أجل مطالبتها بالمسؤولية السياسية. لكن كما هو مذكور أعلاه، فإنه في الوقت نفسه عليها [أي على إسرائيل] أن تبحث عن فرص لإنهاء القتال مع تحقيق غايات العملية العسكرية".
"العملية العسكرية ضد غزة ستؤثر على الانتخابات الإسرائيلية القريبة"
أكد محللون سياسيون إسرائيليون أن العملية العسكرية الإسرائيلية "عمود السحاب" ضد قطاع غزة ستؤثر على الانتخابات العامة في إسرائيل، التي ستجري في 22 كانون الثاني 2013، وقد يستفيد منها بشكل مباشر كل من رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الدفاع باراك.
وكتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أن "نتنياهو غيّر الأجندة، لكن لا يمكن الادعاء أن العملية في غزة تتم لاعتبارات سياسية. فالوضع في الجنوب لا يحتمل ولا يقبل التأجيل. والفترة الزمنية المتبقية حتى الانتخابات، وهي شهران، لا تدل على وجود خدعة غايتها تحويل الأجندة الاجتماعية إلى أجندة أمنية تصب في مصلحة نتنياهو".
لكن كدمون أضافت أنه "حتى لو لم يكن للانتخابات تأثير على العملية في غزة، فإنه سيكون للعملية تأثير على الانتخابات، ولا أحد يعرف كيف سنخرج من هذه العملية". وتابعت أن نتنياهو بدا خلال مؤتمر صحافي عقده سوية مع باراك، مساء الأربعاء الماضي، "موضوعيا، رسميا، متركزا"، فيما باراك، بحزبه "عتسماؤوت" الذي توقعت الاستطلاعات الأخيرة غيابه عن الساحة السياسية، "سيعبر نسبة الحسم، وهذا هو باراك الذي تريده أغلبية الشعب وزيرا للدفاع".
وفي مقابل نتنياهو وباراك، رأت كدمون أنه لا توجد بين رؤساء الأحزاب الأخرى شخصيات تملك الخبرة السياسية والأمنية، لا رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش، ولا رئيس حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد، وأن "المؤسسة السياسية صمتت ووقفت كلها خلف نتنياهو، ولن يجرؤ أحد على مهاجمة نتنياهو أو الاحتجاج على رفع أسعار الكهرباء وعلى غلاء المعيشة".
من جانبه أشار رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، إلى أنه "عندما يشعر الحزب الحاكم بأنه مهدد في صندوق الاقتراع فإن أصابعه تصبح خفيفة على الزناد"، فهذا ما حدث عشية انتخابات العام 1981 عندما تم تدمير المفاعل النووي العراقي، وعندما تم شن عملية "عناقيد الغضب" في لبنان عشية انتخابات العام 1996، وعملية "الرصاص المصبوب" عشية انتخابات العام 2009، لكن في الحالتين الأخيرتين خسر الحزب الحاكم مقاليد الحكم.
وأضاف بن أن "العملية العسكرية الحالية ’عمود السحاب’ تنتمي إلى هذه الفئة، إذ أن نتنياهو مهتم في تحييد أي خصم محتمل. وباراك يصارع على تجاوز نسبة الحسم. كما أن حربا ضد حماس ستقضي على ترشيح المتردد إيهود أولمرت الذي توقع مؤيدوه أن يعلن عن خوضه الانتخابات، وستبعد الموضوع الاقتصادي - الاجتماعي عن الأجندة التي تخدم يحيموفيتش".
وأكد بن أنه "عندما تدوّي المدافع، نرى على الشاشة نتنياهو وباراك فقط، وعلى جميع السياسيين الآخرين تحيتهم وحسب". وأضاف أن النتائج السياسية للعملية العسكرية ستتضح في يوم الانتخابات "وانعكاساتها الإستراتيجية ستكون معقدة، إذ يتعين على إسرائيل أن تجد مقاولا ثانويا آخر يحل مكان أحمد الجعبري، كحارس لحدودها في الجنوب، وضمان ألا تؤدي العملية إلى انهيار السلام مع مصر بقيادة حركة الإخوان المسلمين الوصية على حماس".
وكتب المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" شالوم يروشالمي أن "الوضع يغلي وبنك الأهداف سيتسع والاغتيالات ستستمر وفقا لأهداف العملية العسكرية، وفي وضع كهذا يتم إزاحة المواضيع السياسية والاجتماعية جانبا... وربما ستنتظر أربع سنوات أخرى".
وأضاف يروشالمي أن "الأجندة الأمنية سيطرت على صندوق الاقتراع... وفي هذه الأسابيع لا توجد معارضة وإنما الروح الوطنية وحسب، وأي قول يصدر عن اليسار سيعتبر معاديا للروح الوطنية، وقادة أحزاب الوسط - اليسار توجهوا إلى ستوديوهات قنوات التلفاز فقط من أجل التعبير عن مواقف داعمة لخطوات الحكومة العسكرية. ولن يجرؤ أحد على طرح أسئلة كي لا تنخفض شعبيته في الاستطلاعات".
وشدد يروشالمي على أنه "بإمكان نتنياهو وباراك أن يرفعا شارة النصر الآن، وليس النصر الأمني فقط وإنما النصر الانتخابي أيضا". وخلص الكاتب إلى أنه "بالإمكان أن نعتبر أن نتنياهو وباراك لم يحلما بحملة أمنية عسكرية أفضل وبدعم من الجيش الإسرائيلي، ولا شك في أن هذه الأحداث تساوي مقاعد في الكنيست. ويبقى أن نأمل بأن هذه الحملة (العسكرية) التي بدأت بدقة ومسؤولية لن تتجه إلى اتجاهات خطيرة بسبب الانتخابات، لأنه عندها قد يدفع الزعيمان [نتنياهو وباراك] ثمنا باهظًا جراء ذلك".
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي"
المصطلحات المستخدمة:
يديعوت أحرونوت, هآرتس, باراك, الكتلة, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, شيلي يحيموفيتش, يائير لبيد