تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1951

أصدر "المركز الإسرائيلي لتدعيم المواطن"، مؤخرا، بحثا مفصلا حول تطبيق الحكومة الإسرائيلية للاتفاقيات الائتلافية والقرارات التي جرى الاتفاق عليها بين أحزاب الائتلاف، وذلك بمناسبة مرور ستة أشهر على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الـ34 الحالية.

ويشار إلى أن "المركز الإسرائيلي لتدعيم المواطن" هو جمعية تعمل في مجال الحكم، وتتابع نجاعة القطاع العام والقدرات التنفيذية للسلطة التنفيذية.

ويركز المركز على عملية تنفيذ السياسات، من جوانب مختلفة تتعلق بأداء الحكم وقدرته على تطبيق وقيادة تغييرات لمصلحة الجمهور.

ومعروف أنه لدى تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، جرى التوقيع على أربع اتفاقيات ائتلافية بين كتلة الليكود وبين الكتل الأربع التي انضمت إلى الائتلاف وهي: "كولانو (كلنا)"، "البيت اليهودي"، "يهدوت هتوراة" وشاس.
وجرى توقيع هذه الاتفاقيات بين 29.4.2015 – 7.5.2015، وأدت هذه الحكومة اليمين القانونية في 14.5.2015.

وعلى غرار الاتفاقيات الائتلافية السابقة، فإن اتفاقيات الحكومة الـ34 تناولت سلسلة طويلة من المضامين، التي تعبر عن التزام الحكومة الجديدة بالمواضيع المركزية المطروحة على الأجندة العامة.

وتتميز الاتفاقيات الائتلافية للحكومة الحالية بأنها مفصلة بشكل كبير، وتضمنت تفاهمات سياسية تناولت أدق التفاصيل، وشملت أحيانا تفاصيل دقيقة لطريقة تنفيذ البنود المختلفة في الاتفاقيات.

ويأتي ذلك على خلفية حل الحكومة السابقة بصورة سريعة، ويلاحظ أن العديد من التفاهمات في الاتفاقيات الحالية جاءت بعد استخلاص عبر واستنتاجات وكذلك من خلال تطرق عيني إلى عمل الحكومة السابقة.

وجرى توقيع الاتفاقيات الائتلافية مع الكتل الأربع الشريكة في الائتلاف بصورة متوازية. ولذلك بالإمكان رؤية بنود متكررة في هذه الاتفاقيات بعد أن تم إملاؤها من قبل الحزب الحاكم، أي حزب الليكود.

وتشمل هذه البنود بالأساس جوانب تتعلق بإدارة الائتلاف، زيادة القدرة على الحكم، الخدمة العسكرية في الجيش وكذلك مجال الإعلام الموجود بيدي حزب الليكود.

إلى جانب هذه البنود المتكررة في جميع الاتفاقيات الائتلافية، فإن الاتفاقيات مع كل واحدة من كتل الائتلاف تعبر عن التزام بتطبيق سياسات في المجالات المركزية التي تطرحها كل كتلة.

فحزب "كولانو" ركز على موضوعي الإسكان والإصلاحات الاقتصادية.

وحزب "البيت اليهودي" ركز على الاستيطان والتربية والتعليم وموضوع الهوية اليهودية.

وحزبا شاس و"يهدوت هتوراة"، اللذان كانت الاتفاقيتان معهما متشابهتين، ركزا على موضوع التربية والتعليم، الخدمات الدينية والتجنيد للجيش، والتزما بإلغاء اتفاقيات وقرارات اتخذت خلال ولاية الحكومة السابقة.

الاتفاقيات الائتلافية في إسرائيل

يوجد في إسرائيل استخدام واسع للاتفاقيات الائتلافية، التي تشكل جزءا هاما في عمل المؤسسة السياسية. وكان قسم من هذه الاتفاقيات سري في العقود الأولى بعد تأسيس إسرائيل، لكن منذ العام 1990، وفي أعقاب قرار صادر عن المحكمة العليا، أصبح لزاما نشرها كلها.

وكانت هذه الاتفاقيات تصاغ بنص واحد وتوقع عليه عدة أحزاب، الأمر الذي يمنع حزبا معينا من تحقيق مكاسب لنفسه على حساب شركائه في الائتلاف. وشملت هذه الاتفاقيات بضع عشرات من البنود.

وفي العام 1984 تشكلت الحكومة الأكثر تعقيدا من حيث أنظمتها القانونية، ورغم ذلك شمل الاتفاق الائتلافي 63 بندا. ووقع هذا الاتفاق حزبا الليكود و"المعراخ" (الذي أصبح حزب العمل لاحقا)، وشمل الاتفاق تعليمات بشأن ضم حزبي شاس و"المفدال".

وشملت هذه الاتفاقيات، كما هي الحال اليوم، مواضيع تتعلق بأداء الحكومة، تعيينات، أنظمة حول مواضيع مختلف حولها، تتعلق غالبيتها بحرية التصويت على مشاريع قوانين في الكنيست، ومواضيع تريد أحزاب دفعها قدما وجرى الاتفاق عليها.

ومنذ سنوات التسعين أصبحت الاتفاقيات الائتلافية مبنية كوحدات منفصلة وتتعلق بكل واحدة من الكتل التي تنضم إلى الائتلاف. وهذا المبنى الجديد للاتفاقيات يتلاءم أكثر مع غايتها كوثائق تضمن تطبيق البرنامج السياسي للحزب.

وتحول الاتفاق الائتلافي الواحد إلى عدة اتفاقيات ائتلافية أنشأ مجموعة كبيرة من الالتزامات وتشمل عددا كبيرا من البنود، ويستدعي تطبيقها كلها أداء سياسيا معقدا وصيانة الحكومة على مدار ولايتها.

وفي غالب الأحيان لا تشمل الاتفاقيات الائتلافية بيانات سياسية شاملة على المستوى القومي أو الرسمي، فهذه يفترض أن تتضمنها الخطوط العريضة للحكومة.

برغم ذلك، تضمنت الاتفاقيات لدى تشكيل الحكومة الحالية بنودا كهذه، لاعتبارات شخصية، مثل البند المتعلق بأهمية التعاليم اليهودية بين اليهود في العالم والذي نص عليه الاتفاق مع "البيت اليهودي"، أو الالتزام بمحاربة الفقر في إطار الاتفاق مع "كولانو".

توزيع فئوي لبنود الاتفاقيات

شمل تصنيف البنود الثانوية توزيعة فئوية، وذلك بحسب ملاءمتها لمجموعة أو فئة معينة في المجتمع الإسرائيلي. وشكلت هذه البنود الثانوية الفئوية نسبة 35% من مجمل البنود الثانوية في الاتفاقيات الائتلافية للحكومة الحالية. وتطرقت 21% من البنود الثانوية للجمهور الحريدي، و10% لجمهور الصهيونية الدينية، و4% للجمهورين الحريدي والصهيوني الديني.

ويسمح تصنيف البنود الثانوية بصورة فئوية بالحصول على صورة أوسع حول "جمهور الهدف" لتطبيق الاتفاقيات، ويسمح أيضا برؤية الوزن الكبير نسبيا لهذه البنود في مواضيع التعليم، الاستيطان، العلاقة بين الدين والدولة، وكذلك مواضيع متعلقة بالتجنيد للجيش.

ويتبين أن الموضوع الأكثر تطبيقا هو "إدارة الائتلاف"، وتم تطبيق 93% من البنود الثانوية المتعلقة به. وهذه النسبة المرتفعة ليست مفاجئة، لأن جلّ هذه البنود يشمل تعيينات في المناصب الحكومية، وبضمنها تعيينات الوزراء ونوابهم، وكذلك ترتيبات مختلفة يتم تنفيذها من أجل تمكين الحكومة من مزاولة مهامها.

ولذلك فإن نسبة مرتفعة من هذا الجزء من الاتفاقيات الائتلافية تم تنفيذه في الأشهر الستة الأولى لولاية الحكومة.

والموضوع الثاني الأكثر تطبيقا، بعد "إدارة الائتلاف"، هو موضوع "الاستيعاب والشتات" والذي تم تنفيذ 62% من بنوده. وهذه النسبة المرتفعة نابعة بالأساس من أن الاتفاقيات الائتلافية تشمل مجموعة بنود ثانوية تتعلق بتنظيم مكانة وزارة الشتات وصلاحياتها، بموجب تفاهمات مع كتلة "البيت اليهودي".

وهذه البنود هي بالأساس بنود إجرائية وتتعلق بتنظيم بنية الوزارة وانطلاق عمل الحكومة وبلورة الائتلاف، ولهذا السبب فإن نسبة تطبيق بنودها تكون مرتفعة.

والمجال الثالث من حيث تنفيذ بنوده بنسبة مرتفعة هو مجال الإسكان، وتبلغ النسبة هنا 51%. وتعود أسباب ذلك، على ما يبدو، إلى كثرة البنود السابقة لبدء تنفيذ أعمال بناء، والتي وضعتها كتلة "كولانو"، من أجل إعداد "صندوق أدوات" من الصلاحيات وتعريف المسؤوليات التي تسمح بدفع سياسة الإسكان.

ومن بين هذه البنود، تلك المتعلقة بنقل مجالات المسؤولية إلى وزارة المالية، تعديل قوانين من أجل تنظيم هذه الصلاحيات، تشكيل مسارات سن قوانين سريعة في الكنيست.

وتم تنفيذ هذه التغييرات بشكل سريع، ولذلك تظهر نسبة مرتفعة في تطبيق بنود هذا المجال.

ويظهر جليا من المعطيات ضعف تطبيق البنود المتعلقة بالمجالات الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم والتشغيل والمواصلات، التي تظهر نسب تطبيق بنود منخفضة، بسبب كثرة البنود الثانوية في هذا المجال وأيضا بسبب عدم تنفيذ هذه البنود بشكل كامل.

ويتبين من المعطيات أن البنود الأكثر تطبيقا في الاتفاقيات الائتلافية، في الأشهر الستة الأولى لولاية الحكومة الحالية، هي تلك التي يشملها الاتفاق مع "البيت اليهودي"، وتليها كتلة "كولانو" التي يستند نجاحها بالأساس على موضوع الإسكان.

وفي المقابل، فإن نتائج تطبيق البنود في اتفاقيتي الائتلاف مع كتلتي شاس و"يهدوت هتوراة" جاءت متدنية.

الاتفاقيات تعكس قضايا وليس سياسة مشتركة

أحد الأسباب المحتملة لكثرة البنود وتفصيلها يتعلق بحقيقة أن مبنى الاتفاقيات الائتلافية لا يشير إلى سياسة حكومية مشتركة، وإنما إلى مجموعة قضايا يتعين معالجتها، وتتكون من مجموعة مواضيع تدفعها أولويات كل واحد من الشركاء الائتلافيين.

ومن هذه الناحية، بالإمكان الربط بشكل مباشر بين الكتلة التي دفعت قضايا معينة وبين هذه القضايا والتفاهمات حولها، بينما لا تكون هناك علاقة تقريبا بين هذه القضايا والكتل الأخرى.

وعلى سبيل المثال، فإن المواضيع المركزية التي دفعتها كتلة "كولانو" في مجالي الإسكان والإصلاحات الاقتصادية، تكاد تكون غائبة عن الاتفاقيات الائتلافية للكتل الأخرى.

من الجهة الأخرى، فإن مواضيع مثل التعليم الحريدي والخدمات الدينية هي مواضيع مركزية في الاتفاقيات مع كتلتي شاس و"يهدوت هتوراة"، وهي موجودة بصورة جزئية في الاتفاق مع كتلة "البيت اليهودي"، ولا تظهر أبدا في الاتفاق مع "كولانو". وهذه الميزة هي نتيجة للانتقال إلى اتفاقيات منفصلة مع كل كتلة على حدة.

ووفقا لبحث "المركز الإسرائيلي لتدعيم المواطن"، فإن من الجائز أن التغيير الحاصل من اتفاق ائتلافي واحد مشترك توقع عليه جميع الكتل إلى اتفاقيات ائتلافية عدة، هو نتيجة لرغبة سياسية بعدم وضع سياسة حكومية موحدة ومتفق عليها، لاعتبارات الإدارة الائتلافية، لكي تبقي مجالا لإجراء تغييرات في مبنى الائتلاف، أو لاعتبارات عامة – إعلامية، من خلال التركيز على مجموعة قرارات بدلا من طرح سياسة شاملة تستدعي انتقادات، مثلما كان متبعا في سنوات الستين والسبعين.

تأثير الكتل على تطبيق سياسة في إطار الائتلاف

تختلف القوة السياسية لكل واحدة من كتل الائتلاف وفقا لعدد الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات. ويتوقع من الكتلة الأكبر أن تحقق لنفسها قوة سياسية أكبر داخل الحكومة وخارجها، من أجل تنفيذ اتفاقياتها الائتلافية.

وتشير المعطيات إلى أن كتلة "يهدوت هتوراة" هي الأضعف سياسيا بين كتل الائتلاف، ونسبة تطبيق البنود الثانوية في الاتفاقية الائتلافية المبرمة معها هي الأكثر انخفاضا. وهذا الأمر ينطبق على كتلة شاس التي قوتها أكبر بقليل، ولكنها أضعف من قوة كتلتي "كولانو" و"البيت اليهودي".

لكن هناك عدم ملاءمة فيما يتعلق بتطبيق البنود الثانوية بين "كولانو" و"البيت اليهودي". وكما ذُكر أعلاه، فإن نسبة التطبيق الأعلى لبنود الاتفاقيات الائتلافية هي تلك التي تتضمنها الاتفاقية مع "البيت اليهودي"، علما أن قوة هذه الكتلة أقل بـ20% من قوة "كولانو".

وبين الأسباب التي تفسر نجاح "البيت اليهودي" في هذه الناحية هو كثرة الوزارات والصلاحيات التي حصلت عليها هذه الكتلة في إطار المفاوضات الائتلافية.
فقد حصلت هذه الكتلة على أربع حقائب وزارية، بينما كتلة "كولانو" الأكبر منها حصلت على ثلاث حقائب وزارية فقط.

وهناك سبب آخر هو أن كتلة "البيت اليهودي" تمكنت في إطار المفاوضات الائتلافية من الوصول إلى ملاءمة عالية بين عدد الحقائب الوزارية المرتفع الذي حصلت عليه وبين القضايا التي أرادت الانشغال بها.

كذلك اهتمت كتلة "البيت اليهودي" بالحصول على مناصب تسمح بالحسم، مثل منصب رئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست، بينما كتلة "كولانو" حصلت على مناصب تتعلق بقضيتي الإسكان والإصلاح البنكي ولكن القضايا الباقية بقيت ضمن صلاحيات كتل أخرى.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, الكتلة, الليكود, الكنيست