تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

صعّد قادة جهاز الأمن الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، تهديداتهم ضد سورية. وجاءت هذه التهديدات في أعقاب إطلاق النار من موقع للجيش السوري باتجاه دورية للجيش الإسرائيلي عند خط وقف إطلاق النار وفصل القوات في هضبة الجولان. ورد الجيش الإسرائيلي على ذلك بإطلاق صاروخين من طراز "تموز" (الأول أخطأ الهدف) باتجاه الموقع السوري ما أدى إلى تدميره. وأعلنت دمشق أن قواتها استهدفت سيارة عسكرية إسرائيلية ودمرتها، فيما نفت إسرائيل ذلك وقالت إن السيارة تضررت بشكل طفيف بعد أن أصابتها عدة عيارات نارية.


وكانت إسرائيل قد شنت ثلاث غارات جوية ضد مواقع في عمق الأراضي السورية، الغارة الأولى شنتها في كانون الثاني الماضي، والغارتان الأخريان شنتهما في نهاية نيسان الفائت، بادعاء تدمير أسلحة متطورة كان يتم نقلها إلى حزب الله.

وسقطت عدة قذائف هاون كما تم إطلاق أعيرة نارية من الأراضي السورية باتجاه الجولان المحتل، إلا أن إسرائيل أعلنت دائما أنها لم تكن متعمدة وأنها سقطت عن طريق الخطأ خلال اشتباكات مسلحة بين قوات الجيش والمتمردين في سورية. لكن دمشق أعلنت، يوم الثلاثاء الماضي، أن قواتها تعمدت إطلاق النار على دورية إسرائيلية، ردا على الغارات الجوية التي تعرضت لها.

وبعد ساعات قليلة من ذلك، هدد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، الرئيس السوري، بشار الأسد، بـ "دفع الثمن". ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن غانتس قوله خلال ندوة عقدها "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إنه "إذا قام الأسد بتقويض [الأمن] في هضبة الجولان فإنه سيدفع الثمن". وأضاف أن "الأسد يشجع العمليات ضد إسرائيل عبر هضبة الجولان، ولن نسمح بأن يتحول مجال هضبة الجولان إلى مجال مريح للأسد".

ونفى غانتس الأنباء التي تحدثت عن أن المتمردين في سورية يستخدمون سيارات عسكرية إسرائيلية في قتالهم ضد الجيش السوري وقوات حزب الله في بلدة القصير، واعتبر أن هذه الانباء "سخيفة للغاية".

وقال غانتس إن "احتمال نشوب حرب شاملة هو احتمال ضئيل. ولدى السوريين جيش في الجولان وقسم منه منشغل في محاربة المتمردين. ولا أعتقد أن لدى لبنان قدرة على المناورة أمام دولة إسرائيل، وتوجد لدى حزب الله وسائل لأحداث محدودة النطاق".

لكن غانتس لم يستبعد نشوب "أحداث متفجرة بقوة محدودة ويكون تأثيرها شبيها بتأثير حرب"، موضحا أن "حرب لبنان الثانية وعمليتي الرصاص المصبوب وعمود السحاب [ضد قطاع غزة] هي أحداث متفجرة ومدتها محدودة". وأردف أن "مهمتنا هي الاهتمام بأن تكون أحداث من هذا القبيل قصيرة الأمد بقدر الإمكان. ومن أجل الوصول إلى ذلك يجب أن تكون العملية العسكرية بالغة القوة، وأن يتم خلالها استخدام كافة الوسائل، القتال البحري والبري والجوي والسايبر وأيضا القتال تحت سطح الأرض والذي بدأ يتطور".

وأضاف غانتس أنه "ليس جميع التطورات الإقليمية تلحق مخاطر، وهناك آمال أيضا" مشيرا إلى مصلحة إسرائيلية محتملة بالتعاون مع الدول المجاورة لسورية وأن "الوضع في سيناء لا يخدم المصالح المصرية".

وقال غانتس إنه "لا يمر يوم لا نكون فيه أمام عملية اتخاذ قرارات من شأنها أن تقودنا إلى تدهور فجائي لا يمكن السيطرة عليه. وهذا أمر سيرافقنا في الفترة القريبة المقبلة التي يتعين علينا خلالها أن نكون أكثر يقظة". وأضاف أنه "في كل واحدة من الجبهات التي نتواجد فيها، نتعرض لتأثير متعدد الجبهات بشكل واضح. وهذا لا يعني أنه إذا قمنا بعمل ما في هضبة الجولان فإن حدثا عسكريا سيحدث فورا في سيناء، لكن هذا قد يحدث". وتابع أنه "توجد عوامل مؤثرة أخرى، وتكون أحيانا متدنية من حيث حجم قوتها، ونحن نرى العلاقة بين غزة وسيناء، وبين غزة ويهودا والسامرة [أي الضفة الغربية]، وبين سورية ولبنان".



قائد سلاح الجو: الاستعداد لحرب فجائية بات أكثر واقعية

ولوح وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، خلال مؤتمر عقده "معهد فيشر للأبحاث الاستراتيجية" في مدينة هرتسيليا، بمناسبة مرور أربعين عاما على حرب تشرين العام 1973، بأن الحرب ربما تكون قريبة. وقال إن "الواقع قد ينقلب فجأة، ويجب أن نكون مستعدين. وحتى لو أن الأسد يظهر ثقة بالنفس، مؤخرا، فإنه ليس ثمة ما يؤكد ذلك على أرض الواقع. وفي هذا الواقع، نحن لا نتدخل في الحرب الأهلية، ولكن عندما يشكلون خطرا على مصالحنا، مثلما حدث في حالات نقل أسلحة نوعية إلى جهات معادية مثل حزب الله أو نقل سلاح كيميائي، فإننا ننظر إلى ذلك على أنه خط أحمر. كذلك فإنه مهم بالنسبة لنا الحفاظ على الهدوء في الجولان وعلى سيادتنا هناك. وينبغي أن نكون جاهزين لمواجهة أي تطور، لكني لا أرى أن أحدا في الجانب الآخر يبتهج للقتال، فهو يدرك الثمن الباهظ الذي سيدفعه في حال فتح جبهة ضدنا".

من جانبه اعتبر قائد سلاح الجو الإسرائيلي، اللواء أمير إيشل، في المؤتمر نفسه، أن "الاستعداد لحرب فجائية بات اليوم أكثر واقعية". وأضاف أنه "يمكن أن تندلع حرب اليوم بشكل مفاجئ وبعدة أشكال، بما في ذلك أحداث فردية تستوجب أن نستخدم كافة أطياف سلاح الجو في غضون ساعات". وأردف أنه "في العام 2013 يمكن الانتصار في الحرب بشكل كبير لكن لم يعد هناك انتصار بالضربة القاضية. والزخات الصاروخية الأخيرة سيطلقونها هم، فالجانب الآخر يركز جهوده من أجل تشويش قدراتنا".

وتابع إيشل، مشيرا إلى طبيعة الحرب المقبلة، أنه "نحن اليوم موجودون في وضع آخر قياسا بحرب يوم الغفران (تشرين العام 1973). وسنضطر إلى ممارسة ليونة أوسع وبشكل مكثف وخلال فترات زمنية قصيرة، وبالإمكان الانتصار خلال فترة قصيرة وهذا يحتم تفعيل نيران مكثفة".

وقال إيشل إن "التفوق الجوي هو شرط للانتصار وبسرعة وهذا أمر ينطوي على أهمية استراتيجية عليا، والجانب الآخر يدرك هذا، ولذلك فإن الأسد يستثمر المليارات من ميزانيته الضئيلة في شراء صواريخ متطورة مضادة للطائرات، مثل ’اس ايه-17’ و’اس ايه-22’ و’اس ايه-24، وأيضا ’اس-300’ التي هي في طريقها إليه".

وأضاف إيشل في إشارة إلى الغارات الجوية الإسرائيلية في سورية، أن "الجميع يحاول وضع يده على هذه القدرات وهناك إدراك واضح جدا بأن التزود بهذه القدرات في الجانب الآخر سيؤدي إلى نشوء ثقة بالنفس لدى أعدائنا وإلى سلوك عدواني تحت هذه المظلة الدفاعية. وهذه ليست مشكلتنا وحدنا، فالتحدي الآخذ في التطور في الشمال لم يبدأ بالأمس ولا يوجد تحد لا حل له". واستطرد أن سورية قد تنهار في الفترة القريبة المقبلة وأن هناك جهات عديدة قد تستولي على أسلحتها "وهذا لا يعني أننا سنعمل وإنما يعني أن علينا أن نكون مستعدين مع الطائرات والبطاريات الدفاعية". وقال إن "علينا أن نكون مستعدين لمواجهات في غزة ولبنان وفي آماد أبعد أيضا، وإذا لم نستعد فإن هذا يعني أننا لم نستوعب درس حرب يوم الغفران".



تبرير التهديدات

أثارت هذه التهديدات استغرابا واستهجانا في إسرائيل، وقد عبر عن ذلك المحللون العسكريون، لكن في الوقت نفسه أخذ بعضهم يبررها.

ورأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن أقوال إيشل تعني أنه "توجد خطة عسكرية، مصادق عليه، والجيش يتدرب عليها". وأنه إذا كان الحديث عن منع وصول الأسلحة السورية إلى جهات أخرى فإن إسرائيل أعدت خطة واسعة "والحديث لا يدور على عملية عسكرية ضد هدف معين وإنما هذا سيكون هجوما ضد عشرات الأهداف على طول سورية وعرضها".

لكن فيشمان أشار إلى أن "هذه الرسائل تلقتها سورية من خلال كافة القنوات. والآن نحن، عمليا، إنما نسخن أنفسنا وحسب".

من جانبها، دعت صحيفة "هآرتس" القيادة الإسرائيلية إلى التوقف عن "استفزاز" الأسد ومنع حدوث تدهور في المنطقة قد يؤدي إلى حرب إقليمية. وقالت الصحيفة في افتتاحية عددها الصادر يوم الخميس الماضي، إن "التوتر بين إسرائيل وسورية تصاعد في الأسابيع الأخيرة لكنه لم يصل بعد إلى حد الانفجار، وحاكم سورية بشار الأسد منهمك في حرب على بقائه وليس مهتما بفتح جبهة جديدة".



وأضافت الصحيفة "كأنه من أجل إشعال الأجواء وجر المنطقة إلى مواجهة، فإنه ترافق الآن العمليات العدوانية المنسوبة لإسرائيل، وفقا لتقارير أجنبية، أقوال زائدة. فالأسد ليس مهتما بإشعال المنطقة، وهو يدرك أن إسرائيل أقوى من سورية، في الجو والمدرعات وغيرهما من مركبات الجيش، ولذلك ضبط نفسه بعد غارات سلاح الجو في أراضيه وحتى عند مشارف العاصمة دمشق".



ورأت الصحيفة أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين في الصحافة الأجنبية، والتهديد بإسقاط الأسد في حال رد على الغارات، "مسّت بكرامته ودفعته إلى التهديد بالرد على مهاجمة قوافل الصواريخ إلى حزب الله". وأكدت أن "الأسد يحاذر ألا يهاجم الجبهة الداخلية الإسرائيلية بصواريخ أرض – أرض، وأنه حتى الآن كان رده بإطلاق النار باتجاه دورية للجيش الإسرائيلي على طول خط فصل القوات في الجولان" مشيرة إلى "إسرائيل ضمت الجولان في العام 1981 لكن لا أحد في العالم يعترف بهذا الضم"، وأن الأسد "ينظر إلى الجولان على أنه منطقة تم ضمها بالقوة من جانب إسرائيل ومهاجمة دورية الجيش الإسرائيلي في الجولان هو رد فعل تناسبي على القصف في عمق سورية".



ورأت الصحيفة في تهديدات غانتس أنها "لا تساهم بشيء وربما حتى أنها تتجاوز صلاحيات رئيس أركان الجيش. وغانتس ومثله القيادة الإسرائيلية كلها، يتجاهل إسهام إسرائيل الكبير في دهورة الوضع". وأكدت الصحيفة أن "إسرائيل لا يمكنها مهاجمة أراضي دولة أخرى ذات سيادة، من جهة، ومن الجهة الأخرى أن تتهم الدولة التي تعرضت للهجوم بالتسبب في تدهور الوضع عندما ترد".



وخلصت الصحيفة إلى أنه "لا مصلحة لإسرائيل بالتورط في الحرب الأهلية السورية، وربما في حرب مع إيران وحزب الله أيضا. والاستفزازات الكلامية إنما تغذي التوتر وحسب. وهجوم آخر في سورية قد يؤدي إلى حرب لا حاجة لها، وجدير بالحكومة أن تمارس ترجيح الرأي بحكمة وتمتنع عن استفزازات زائدة".





أميركا أطلقت العنان "للكلب الإسرائيلي الشرس"

اعتبر المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، رون بن يشاي، أن السبب المباشر للتهديدات الإسرائيلية هي أن "الأسد لا يقرأ الوضع بشكل صحيح وأخطأ في تقدير نوايا إسرائيل... والمسؤولون المقربون من الأسد لا يقولون له الحقيقة كلها ولا يطلعونه على كافة الحقائق حول ما يجري في بلاده، ويجعلونه بذلك يصدق أن لديه حرية في العمل وقدرة على البقاء أكبر مما هي في الواقع. ونتيجة لذلك اكتسب الأسد ثقة بالنفس وهو مستعد لشد الحبل مع إسرائيل أكثر من الماضي".

وأضاف بن يشاي أن "إسرائيل قررت التدخل في الحرب الأهلية لأن الولايات المتحدة طلبت منها ذلك. [الرئيس الأميركي] باراك أوباما لا يستطيع العمل في سورية لأسباب سياسية داخلية، ولذلك فإنه أطلق العنان للكلب الشرس الإسرائيلي ضد الأسد. وستحصل إسرائيل على المقابل في السياق الإيراني".

ووفقا لبن يشاي فإن إسرائيل مررت بواسطة روسيا رسائل إلى الأسد، تحذره من مغبة نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله، مثل صواريخ متطورة مضادة للطائرات من صنع روسي، ولكن روسيا لم تنقل هذه الرسائل الإسرائيلية بشكل صادق وأنها حرفتها، ولذلك قررت إسرائيل تهديد الأسد بشكل مباشر على لسان المسؤولين الأمنيين الثلاثة.

لكن المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، عمير ربابورت، وصف التهديدات الإسرائيلية بأنها "نوبة هلع" وأنها توجه رسالة إلى سورية مفادها أنه توجد حالة "ارتباك" في إسرائيل. وكتب المحلل أن "الجيش الإسرائيلي غذّى مجددا الوضع المتوتر أصلا مقابل سورية، لكن سلسلة التصريحات الهجومية لا تدل على تغير استراتيجي أو على وضع جديد. وأقوال قائد سلاح الجو حول احتمال نشوب حرب فجائية، تم تفسيرها بشكل مبالغ قياسا بالتهديدات المعتدلة، التي تعمدت هيئة الأركان العامة توجيهها".

ووفقا لربابورت فإنه على الرغم من هذه التهديدات، إلا أن "احتمال أن تنجر إسرائيل إلى حرب ضد سورية لم يولد خلال الأسبوع الماضي، إذ لم يحدث تغير دراماتيكي في الجولان خلال الأيام الأخيرة. والسياسة الإسرائيلية، التي بموجبها ينبغي منع، بكل الطرق، وصول أسلحة استراتيجية جديدة إلى سورية خوفا من انتقالها إلى أيدي حزب الله، بدأت منذ عدة شهور".

واعتبر المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن التهديدات تدل على أن "إسرائيل قلقة". فمن جهة، إسرائيل تهدد بضرب شحنات أسلحة بادعاء نقلها إلى حزب الله. ومن الجهة الأخرى، تهدد سورية بالرد على غارات جوية إسرائيلية مقبلة في أراضيها. ولذلك، رأى المحلل أن "حيز المناورة أخذ يتقلص". وأضاف أن "سورية لا تريد مواجهة مع إسرائيل، لكنها ستواجه صعوبة في عدم الرد على ما تعتبره إهانة أخرى".

وفي هذه الأثناء يتوقع أن تحصل سورية من روسيا على صواريخ "اس-300" المضادة للطائرات والأكثر تطورا من نوعها. وهذا الأمر سيزيد من تعقيدات الوضع بالنسبة لإسرائيل. وكتب هارئيل أن روسيا قررت، على ما يبدو، تزويد سورية بهذه الصواريخ في أعقاب الغارات الإسرائيلية. كما أن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، فشل في إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال لقائهما قبل أسبوعين، بعدم تزويد هذه الصواريخ لسورية. وأضاف المحلل أنه "في حال وصول صواريخ ’اس-300’ إلى سورية فإن الجيش الإسرائيلي سيواجه صعوبة في مهاجمة هذه الصواريخ [الدفاعية]، لأن روسيا سترى بذلك استفزازا مباشرا".



الأسد ليس "جيدا لليهود"

ويدور في إسرائيل نقاش حول ما إذا كان بقاء الأسد في الحكم "جيدا لليهود"، أي يصب في مصلحة إسرائيل، أم أن مصلحتها تقضي بسقوطه، وليس مهما الحكم الذي سيخلفه، وحتى لو استولت التنظيمات الجهادية، التي تدور في فلك تنظيم القاعدة، على أجزاء من سورية وخاصة في المناطق الحدودية. ولاستيضاح المواقف حيال هذا النقاش، استمزجت "يديعوت أحرونوت"، يوم الجمعة الماضي، مواقف أربع شخصيات أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى.

وقال اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند، الذي تولى منصب رئيس مجلس الأمن القومي بين الأعوام 2003 و2005، إن السؤال حول كيفية التعامل مع الأسد ليس جديدا ولم يولد في أعقاب بدء الأزمة السورية قبل عامين. وأوضح أنه تم البحث في هذا السؤال خلال ولاية حكومة أريئيل شارون، وأن الأخير اعتبر أن "الأسد الذي يحارب من أجل شرعيته في الخارج ومن أجل بقائه في الداخل هو على ما يبدو أفضل شيء بالنسبة لإسرائيل".

لكن آيلاند رأى أن الوضع تغير الآن، وأنه ثمة ثلاثة أسباب لتأييد سقوط الأسد. وأضاف أن "السبب الأول يتعلق بالتهديد الإيراني. فسقوط الأسد، من دون علاقة بالسؤال حول من سيحل مكانه، سيفكك الحلف بين دمشق وطهران. والسبب الثاني يتعلق بالموقف الأخلاقي الذي يتعين على دولة إسرائيل أن تعبر عنه. إذ لا يمكننا السماح لأنفسنا بأن نشاهد من دون مبالاة ذبح 100 ألف مواطن سوري، وقسمهم الأكبر أبرياء، حتى لو لم نكن قادرين على التدخل بشكل فعلي. والسبب الثالث هو أني أرفض الانضمام للتخوف مما سيكون في سورية بعد سقوط الأسد".

واتفق رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب حاليا، اللواء في الاحتياط عاموس يادلين، مع موقف آيلاند. وقال يادلين إن "الأسد هو لاعب مركزي في محور إيران – حزب الله. والسلاح الذي قتل جنودنا في حرب لبنان الثانية وصل إلى حزب الله عن طريق الأسد. وقد تم صنع بعضه في سورية وبعضه الآخر وصل عن طريق سورية، وهذا من دون أن نتحدث بعد عن ترسانة أسلحته، التي تشمل منظومة صاروخية تغطي دولة إسرائيل كلها، ولذلك فإن كسر هذا الحلف هو مصلحة إسرائيلية".

وأضاف يادلين أن "الأسد صامد في الحكم لأن الجيش السوري مخلص له لعدة أسباب، وبالأساس لأن أفراد الجيش يعرفون أنه إذا سقط الأسد فإنهم سيدفعون الثمن. وهو باق في الحكم لأنه محمي، فسورية ليست مثل ليبيا والدول العظمى لن تتدخل في ما يحدث هناك".

ورأى يادلين أنه بنظرة إلى المستقبل البعيد، فإن بقاء محور إيران – سورية – حزب الله "يهدد سلامة إسرائيل". وقال "أنا أيضا لست واثقا من أن الأسد سيسقط، لكن السؤال الذي أطرحه هو ما هو صحيح بالنسبة لإسرائيل؟. وأنا لا أهلع كثيرا من تهديد القاعدة أو سيطرة المتطرفين على سورية. فنحن نعرف كيف نواجه الإرهاب القادم من جهة الحدود، وهو بكل تأكيد يهددنا بشكل أقل من الجيش السوري، بقيادة الأسد، ومع ترسانة أسلحته".

وفيما يتعلق باحتمال سقوط أسلحة الجيش السوري بأيدي منظمات إسلامية متطرفة في سورية، قال يادلين أن هذا ليس بالأمر السهل، كما أن تشغيل هذه الأسلحة ليس سهلا "فهذا يستوجب تأهيلا متواصلا ودعما لوجيستيا ينبغي أن يأتي من روسيا أو إيران، وهما لن تمنحا هذا الدعم، طبعا، لجهات إسلامية سنية تعتبر عدوة لهما. وفي جميع الأحوال، فإن أي منظمة ستبقى هناك ستكون منشغلة في ترميم الوضع والحفاظ على قوتها وتعزيز مكانتها داخل سورية".



الأسد "جيد لليهود"

وعبر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق، اللواء في الاحتياط أوري ساغي، عن موقف مناقض لموقف آيلاند ويادلين. وقال إنه في بداية الأزمة السورية اعتبر ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، وبينهم يادلين، أن الأسد سيسقط لا محالة. وأضاف "قلت في حينها أن هذه توقعات متسرعة. لأنه طالما أن الأسد يسيطر على الجيش وأجهزة الاستخبارات ومعاقل الحكم، وطالما أن النخب السنية لا تعارضه فإنه سيبقى. وادعيت أيضا أن حقيقة أنه يتمتع بدعم روسي وصيني وإيراني ستصعب كثيرا على المتمردين أن يسقطوه، وهذا ما يحدث اليوم فعلا".

واعتبر ساغي أن بقاء الأسد في الحكم "يخدم مصلحة إسرائيل". وأضاف أنه "ليست إسرائيل هي التي تثير قلق حاكم سورية. وما هو جيد لإسرائيل هو وجود عنوان واضح في الجانب الآخر. والفوضى خلف الحدود لا تخدم المصلحة الإسرائيلية".

وانتقد ساغي التهديدات التي أطلقها غانتس وإيشل ووصفها بـ "الثرثرة"، وأشار إلى أنها "تقوي الأسد". وأردف "أنا لا أقول أنه لا ينبغي مهاجمة أسلحة تشكل خطرا على إسرائيل، لكن الوضع ليس على هذا النحو"، مشيرا إلى أنه "لدينا تفوق كبير، لكن لا توجد أية حاجة لتصعيد التوتر والتصريحات المنفلتة. والمعارضة في سورية غير قادرة على تغيير الأسد، وحتى لو كانت قادرة، فإنه ليس واضحا ماذا يعني ذلك بالنسبة لنا".

من جانبه لاحظ رئيس الموساد الأسبق، إفرايم هليفي، حدوث تحسن في وضع الأسد وأنه "تم توجيه ضربات لقوات المتمردين. فالتوتر الداخلي بين المنظمات المختلفة المتمردة ضد الأسد يتزايد، ومن الجهة الأخرى تزايد تدخل حزب الله والدعم الإيراني للرئيس أيضا". وقال إن "انتصار قوات الأسد في المواجهات الشديدة في بلدة القصير تثبت أن وضعه تحسن".

ولفت هليفي إلى الدعم الروسي المتواصل للأسد "وحقيقة أن الولايات المتحدة لم تقرر بعد ما الذي ستفعله. وكل هذا يقوي الحاكم السوري. وحتى إذا كان من السابق لأوانه التقدير إذا كان بإمكان الأسد القضاء نهائيا على المتمردين، فإنه بات واضحا أنه تم كبح النضال من أجل القضاء عليه".

ووفقا لهليفي فإن هذا الوضع يعني بالنسبة لإسرائيل أنه "توجد لدينا حدود مشتركة مع السوريين، والسؤال الأساس هو من يسيطر على الوضع في الجانب الآخر، وهل هو قادر على التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، وهو اتفاق اعتقد خمسة رؤساء حكومات بأنه الحل الصحيح للصراع".

وأضاف هليفي أن "الأسد عند الحدود يعني أن إيران موجودة هناك أيضا، وإذا بقي الأسد رئيسا لسورية فإنه سيكون من الصعب منع وضع كهذا. إذن لا توجد هنا صورة واضحة وكافة مركباتها مرتبة وينتج عنها تجانس واعد، ولذا ثمة أهمية لتفضيل مصالح على أخرى وذلك وفقا للوضع الميداني. وهذا سيكون مرتبطا بمواجهة البرنامج النووي الإيراني، والعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وتطورات إقليمية لا يمكن توقعها دائما".



هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي



"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"