بعد واشنطن، تواصلت في اسرائيل الحملة السياسية على سورية، في أعقاب الاتهامات الأمريكية لها بنقل عتاد ومتطوعين الى العراق.
وبينما تتمسك واشنطن بموقفها القائل إن سورية تقدم الدعم العسكري والمادي للعراق، وان بلاده "ستحاسبها" على ذلك، نفت سورية هذه الاتهامات، وخرج الرئيس بشار الاسد بتصريحات صحفية جديدة أنكرت هذه التهم الاسرائيلية – الامريكية المشتركة، وأكد مجدداً في حديث لصحيفة نمساوية (الثلاثاء 1/4) ان الولايات المتحدة لا تولي اي اهمية لعملية السلام في الشرق الاوسط.
وقال الاسد في الحديث الذي نشرته صحيفة "دير شتاندارد" ردًا على سؤال عن نوايا واشنطن المعلنة لتحريك عملية السلام العربية الاسرائيلية بعد الحرب في العراق، ان "الحكومة الاميركية الحالية لا تولي اي اهمية لعملية السلام".
واضاف "انهم يقدمون في بعض الاحيان مقترحات (...) لكن اسرائيل ترفضها واسرائيل لا تريد السلام (...) والاميركيون ليست لديهم اي رؤية". وتابع ان "القوة العظمى الوحيدة فقدت الاتصال مع العالم. اكبر قوة عسكرية لا تساعد العالم وبدلا من ذلك تشن الحرب وهنا المشكلة"، معتبرًا انه "عندما ترتكب قوة عظمى اخطاء فان العالم بأسره يعاني منها".
موفاز: استعرض قوة امام سورية
وحذَّر وزير الدفاع الاسرائيلي شاوول موفاز (الثلاثاء 1/4) الرئيس السوري بشار الاسد مذكرًا بـ "القدرات العسكرية" لاسرائيل. ونقلت الاذاعة العسكرية الاسرائيلية عن موفاز قوله ان "الرئيس بشار الاسد يعرف تمامًا قوة وقدرات اسرائيل في جميع المجالات، بما في ذلك المجال العسكري".
وكان موفاز يرد على تصريحات الرئيس الاسد الذي اعلن الاسبوع الماضي في مقابلة مع صحيفة "السفير" اللبنانية انه "طالما اسرائيل موجودة فان التهديد (على سوريا) سيبقى قائما".
واضاف موفاز ان "هذه التصريحات خطيرة جدًا خصوصًا وانها تأتي في وقت يبدو فيه ان سورية تساعد العراق كما كشف مسؤولون اميركيون".
وصدرت عن الجنرال يوسي كوبرفاسر، احد مسؤولي الاستخبارات الاسرائيلية، تصريحات نقلتها الاذاعة العامة الاسرائيلية مفادها ان العراق ربما يكون نقل كمية من اسلحة الدمار الشامل الى سورية.
وعاد التوتر بين سورية والولايات المتحدة الى الواجهة عندما اتهم وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد الاسبوع الماضي دمشق بإمداد العراق بأسلحة ووصفه بأنه عمل "عدواني". ونفت سورية على الفور تصريحاته الا ان الرئيس الاسد أعرب عن الأمل في فشل الولايات المتحدة في حربها على العراق أمام "المقاومة الشعبية العربية".
وفي 24 كانون الاول 2002 اكد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون انه يملك معلومات مفادها ان العراق نقل اسلحة غير تقليدية الى سورية. وقال شارون "هناك معلومات نتحقق منها لكننا واثقون من ان العراق نقل اخيرا اسلحة كيميائية او جرثومية الى سورية".
الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: "احتمال اخفاء صواريخ عراقية في سورية"
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (الثلاثاء 1/4)، أن رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، يوسي كوبراوسر، قال خلال جلسة عقدتها لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي، إنه "من المحتمل أن يكون العراق قد خبأ صواريخ أرض- أرض أو أسلحة كيماوية وبيولوجية في سورية". وأضاف كوبراوسر خلال الجلسة أن القوات الأمريكية - البريطانية وصلت إلى معظم المواقع في غرب العراق التي اشتبه بوجود قاذفات صواريخ وأسلحة غير تقليدية فيها.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون، خلال الجلسة، إن "القوات الأمريكية والبريطانية تبذل جهودًا جمة للحيلولة دون إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل"، مضيفاً أنه "تم تنفيذ جميع التعهدات التي تلقتها إسرائيل في هذا الخصوص".
وقدر رئيس قسم الأبحاث أن احتمالات تعرض إسرائيل لصواريخ عراقية ما زالت ضئيلة. مع ذلك حذر كوبراوسر من أن "الوضع قد يتغير في غضون وقت قصير إذا تبين أن العراق يمتلك فعلاً أسلحة دمار شامل، أو إذا شعر أحد المسؤولين العراقيين أو الرئيس العراقي نفسه بأن نهايته قريبة".
لكن، على الرغم من التقديرات الإيجابية بخصوص إسرائيل، إلا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية قررت عدم خفض درجة التأهب في الوقت الحالي. وتطرق مصدر أمني رفيع المستوى إلى هذه النقطة قائلاً: "لا نعرف بعد مكان وجود الصواريخ العراقية وإلى أي مدى تسيطر قوات التحالف على غرب العراق... من السابق لأوانه اعتبار الخطر زائلاً، وعليه فإن الخطر ما زال قائمًا إلى أن نتأكد تمامًا بأنهم وصلوا إلى جميع قاذفات الصواريخ التي تهدد إسرائيل".
شارون وموفاز: "اتصالات لا مفاوضات مع الفلسطينيين"
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون لأعضاء اللجنة إن إسرائيل تجري اتصالات "غير مباشرة" مع مسؤولين فلسطينيين بخصوص خطة "خريطة الطريق" الأمريكية. وأكد شارون أن "إسرائيل لن تضحي بمصالحها الأمنية في سبيل الحرب على العراق".
وفيما يتعلق برئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، محمود عباس (أبو مازن)، قال شارون إن "نجاحه في منصبه منوط بإبعاد رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، عن جميع المناصب المؤثرة، وكلما أسرع في ذلك، كان أحسن".
أما الممثلون عن حزب العمل في اللجنة، فقد طالبوا بمبادرة إسرائيل إلى "بادرة حسن نية"، وقال عضو الكنيست بنيامين بن اليعيزر في هذا الشأن: "أبو مازن ليس قائد فرقة في وحدة "غولاني" العسكرية، يجب تقديم شيء له وعدم الانتظار حتى يعود الأمريكيون من العراق".
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، إنه يطمح إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، مباشرة مع رئيس حكومتهم، محمود عباس (أبو مازن)، خلال العام الجاري: "سنتحدث في المفاوضات عن كل شيء – قال - عن سلسلة طويلة من القضايا كي تلتقي رغبات الجانبين، لكننا سنمتنع عن التطرق مباشرة إلى قضايا إخلاء المستوطنات والنقاط الاستيطانية غير القانونية".
وبموجب موفاز، "يمكن لرئيس الحكومة الفلسطيني أن يكون شريكاً للحوار. يجب رؤية نواياه وما إذا كان سينفذ الخطوات المطلوبة: إجراء الإصلاحات وإزالة التفكير بالعمليات من وعي الفلسطينيين ووقف التحريض والعمليات المسلحة".
وأضاف وزير الدفاع الاسرائيلي أن حكومته ستفحص أداء رئيس الحكومة الفلسطينية لمهامه، خلال الفترة القريبة، بناء على ثلاثة معايير قابلة للقياس. وأن هذه المعايير معروفة للجمهور من خلال محادثات التنسيق الأمني التي جرت خلال فترة وزير الدفاع السابق، بنيامين بن اليعزر، وهذه المعايير هي: "النوايا والجهود والنتائج". ولم يفصل موفاز "العلامة" التي يتحتم على الفلسطينيين تحصيلها كي يجتازوا هذه المعايير، لكنه قال إنه "سيتحتم على الفلسطينيين، قبل بدء المفاوضات، وقف العمليات المسلحة ووقف التحريض الذي يسمم القلوب ومحاربة حماس والجهاد".
ويرى موفاز أن "علينا ألا نعيش في وهم. (الرئيس ياسر) عرفات سيحاول مراكمة العوائق على طريق أبو مازن. يجب أن نرى عدم قيام قيادة مزدوجة، بحيث يسيطر أبو مازن وعرفات، كل على حدة، على جانب من المجالات والصلاحيات. يمكن لأبو مازن تحقيق التغييرات كلما تعززت قوته. آمل أن ينجح الجهاز الفلسطيني بلفظ عرفات خارجه، فهو زعيم "ارهابي".
ووصف موفاز المحادثات الجارية هذه الأيام مع الفلسطينيين بأنها لا تشكل مفاوضات وانما "مجرد حوار للتعرف على وجهة الفلسطينيين". لكنه أضاف بأنه يمكن للفلسطينيين، قبل بدء المفاوضات، تحسين ظروف حياتهم كلما تقدمت الاصلاحات وتقلصت العمليات المسلحة".
المصطلحات المستخدمة:
اريئيل, يديعوت أحرونوت, لجنة الخارجية والأمن, الكنيست, رئيس الحكومة