تدلّ معطيات محدّثة على أن 58% من المتقاعدين في إسرائيل، هم حوالي 481 ألف مواطن، لا يحصلون على معاش تقاعدي على الإطلاق. وهذا الرقم الذي تختفي من ورائه معاناة هائلة لشرائح فقيرة ومستضعفة، كان أبرز ما تضمنته بيانات مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، التي تم تقديمها في مطلع الشهر الجاري إلى لجنة العمل والرفاه البرلمانية.
تبيّن بين التفاصيل أن معظم المتقاعدين الذين لا يحصلون على معاش تقاعدي هم مهاجرون من دول الاتحاد السوفييتي السابق، ممن لم تتراكم لديهم سنوات أقدمية كافية من العمل في إسرائيل. وفقاً للنائب ألينا برداتش - يالوف ("إسرائيل بيتنا")، رئيسة اللجنة الفرعية لتعزيز التوظيف ومساعدة كبار السن الذين ليس لديهم شبكة أمان تقاعدية، فإن المهاجرين الجدد الذين كانوا قد بلغوا سن الأربعين حين وصولهم الى إسرائيل، لم يراكموا سنوات كافية من العمل. ولا يتلقى كل كبار السن اليوم بالضرورة معاشاً شهرياً يتجاوز مخصصات مؤسسة التأمين الوطني، لأنه لم يكن هناك أي التزام بالادخار لغرض التقاعد قبل العام 2017، أي في السنوات التي كانوا فيها جزءاً من القوى العاملة.
وفقا للمنشورات الرسمية فإنه ابتداء من كانون الثاني 2017، تبلغ نسبة المقتطعات لغرض مخصصات التقاعد المستقبلي 18.5%، منها 6% على حساب العامل والبقية (12.5%) يجب أن يدفعها المشغّل (6.5% من مقتطعات المشغّل لعنصر المكافآت و6% للتعويضات). ويحق للعاملين في خدمة الدولة الحصول على نسبة مُقتطعات أعلى ابتداء من تموز 2015. يحقّ للعامل أن يقوم باختيار صندوق التقاعد الذي يريد الحصول على تأمين من خلاله، وأن يختار في أي هيئة تقاعد تُدار أموال التأمين التقاعدي بها. يتم حساب المقتطعات الإلزامية وفقاً لمجمل الأجر الأساس للعامل (قبل مختلف حالات الخصم من المعاش) أو بحسب الأجر المتوسّط في سوق العمل، بحسب الأدنى من بينهما إلا إذا اتفق الطرفان في اتفاقية العمل على احتساب المقتطعات من الأجر الأعلى، على سبيل المثال أن يكون من الأجر الكامل. ويؤكد القانون على أنه لا يستطيع العامل التنازل عن حقه في الحصول على التأمين التقاعدي ولا يستطيع أن يمنع خصم حصته من الأجر للمقتطعات. في أماكن العمل التي تسري فيها التسوية المُحسِّنة في التأمين التقاعدي، يجب على المُشغّل اقتطاع المبالغ حسب هذا النظام، إذا كانت شروطه أفضل من الشروط المحدّدة في مرسوم التوسيع.
وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، صرّح في ذلك الاجتماع بأنه "في الميزانية الجديدة خصصنا 1.5 مليار شيكل لتحسين وضع المتقاعدين الذين ليس لديهم معاشات تقاعدية كافية، كما قمنا برفع مخصصات الناجين من الهولوكوست من 4000 شيكل إلى 6500 شيكل"، أما بخصوص القضية ببعدها الشامل فاعترف بأنه "ليست لدينا حلول مباشرة وفورية لمساعدة المتقاعدين الذين يحصلون على دخل غير كافٍ، وهذا تحدّ لنا"!
وفقاً لمئير شبيغلر، المدير عام لمؤسسة التأمين الوطني، تمّ لأول مرة في الميزانية الأخيرة اتخاذ إجراءات مهمة لكبار السن، وأعرب عن أمله في أن يكتمل في الميزانية القادمة دفع مخصصات إعاقة إضافية لكبار السن بنسبة 100%. أما نتان شيفع، الخبير الاقتصادي في مركز المعلومات والأبحاث في الكنيست، فقال إن الميزانية الأخيرة شهدت زيادة بنسبة 17% في الدخل الإضافي لكبار السن الذين ليس لديهم معاشات تقاعدية كافية. وتبلغ نسبة الرجال الذين يتلقون معاشات تقاعدية من مصادر مختلفة 49.7% (37.7% لدى النساء). ومتوسط دخل الرجل من المعاشات هو 8125 شيكلاً مقابل 5203 شواكل للنساء.
تراجع في مشاركة كبار السن في العمل في السنوات الأخيرة
يشتمل تقرير مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست على بيانات عن تكملة الدخل لكبار السن، عدد المسنين الذين يحصلون على معاش مواطن كبير السن ومخصص دخل إضافي، نسبة المعطلين عن العمل الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر، ومعلومات عامة عن دعم مؤسسات الدولة وجهات التوظيف الأخرى.
تُدفع المخصصات للمواطنين الذين بلغوا سن التقاعد وليس لديهم دخل آخر غير مخصصات كبار السن أو الذين لديهم دخل منخفض آخر، وفقاً لاختبارات الدخل التي يحددها القانون. تهدف هذه العلاوة إلى ضمان حصول كبار السن على بدل دخل يسمح لهم بحياة معقولة. تُدفع علاوة استكمال الدخل أيضاً لمن يستحقون مخصصات خاصة لكبار السن، مثل حالات مرضية معينة. يتم تحديث حجم المعاش التقاعدي كل عام، وفقا لجدول الغلاء. علاوة الدخل بالنسبة للمبلغ الأساس تختلف حسب الحالة الاجتماعية وعمر المستحقين، كما هو محدد في قانون ضمان الدخل. مبلغ مخصصات المعاش التقاعدي الأساس لكبار السن حتى سن 80 هو 1596 شيكلاً شهرياً، و1686 شيكلاً للفرد فوق سن 80. تتم إضافة مخصصات تقاعد كبار السن بمقدار 2% لكل سنة تأمين. علاوة الدخل للفرد تبلغ 3799 شيكلاً حتى سن 70 و3873 شيكلاً لمن فوق سن 80. تتراوح المخصصات للزوجين بين 6000 شيكل حتى سن 70 إلى 6120 شيكلاً للذين تزيد أعمارهم عن 80.
في إطار إقرار الميزانية للعامين 2021 و2022، تقرر زيادة معدلات استكمال الدخل لمعاشات كبار السن. بالإضافة إلى ذلك، تمت زيادة معدل الدخل من العمل الذي لا يؤخذ في الاعتبار عند التحقق من الأهلية للحصول على تكملة الدخل للمعاش التقاعدي. تمت زيادة المعدل للفرد من 21.5% الى 23.5%، ومن 25.5% إلى 27.5% للزوجين.
يبين البحث أنه قد طرأ تراجع في مشاركة كبار السن في العمل في السنوات الأخيرة. وفقا للمعطيات فإنه كان هناك بين الرجال انخفاض في معدل المشاركة بين السنوات 2019-2021 بين الأعمار 60-64 و69-65 (1.6% و4.3%). أما في سن 70 وما فوق فقد ارتفع معدل المشاركة بمقدار حوالي 2% في العام 2021. عموما، انخفض معدل المشاركة في سوق العمل بين الرجال بمقدار 2.5% خلال نفس الفترة. أما بين النساء، فقد كان هناك انخفاض في معدل المشاركة في العمل بين السنوات 2019-2021 بين سن 65-69 و70 وما فوق (0.1 و1.2%). في سن 60-64، ارتفع معدل المشاركة بنسبة 2.2 نقطة مئوية إلى 57.8% في العام 2021. عموما، انخفض معدل المشاركة في سوق العمل بين النساء بمقدار نقطة مئوية واحدة خلال تلك الفترة.
ولقد أشار تقرير نشرته في أواخر 2019 منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD إلى أنه على الرغم من تحسّن في التقاعد في إسرائيل بفضل التقاعد الإلزامي، لا يزال كبار السن فقراء. تغطية المعاشات التقاعدية في إسرائيل في تحسن، لكن حجم مستوى المعاشات التقاعدية لا يزال منخفضاً نسبياً. وفقاً للتقرير، فإن قانون المعاشات التقاعدية الإلزامي، الذي تم تطبيقه في إسرائيل في العام 2008، زاد بشكل كبير من متوسط المعاشات التقاعدية في إسرائيل، حيث بدأ العمال الذين لم يوفروا في السابق للمعاشات التقاعدية بالتوفير. والقانون أدى إلى زيادة بنسبة 31% في متوسط معدل الاستبدال لأولئك الذين ولدوا في 1940-1996.
ومع ذلك، لا يزال معدل بدَل المعاش نفسه أقل بعض الشيء من دول الـ OECD الأخرى. يظهر التقرير أن معدل بدَل المعاش الأساس الإلزامي للعامل الموجود في سوق العمل بدوام كامل هو حوالي 58% من الأجر الأصلي لذلك العامل – أقل بقليل من متوسط الـ OECD البالغ 58.6% من الأجر الأصلي لذلك العامل، وهناك دول أخرى في المنظمة مثل تركيا وإيطاليا ولوكسمبورغ على سبيل المثال، معدل بدل المعاش فيها قريب من 100%.
برامج التوجيه المهني ضيّقة النطاق وبعضها ينشط في المركز فقط
تم في العقد الماضي اتخاذ عدد من القرارات الحكومية فيما يتعلق بالاستعداد لتقدّم السكان في العمر ودمج البالغين في العمل، ونشطت لجنة مشتركة بين الوزارات لدمج المواطنين فوق سن الستين في العمل. على سبيل المثال، القرار الحكومي رقم 834: مسنون في العمل، على أساس توصيات اللجنة المشتركة بين الوزارات. كما تضمن القرار مساراً مُخصّصاً لكبار السن كجزء من برنامج تجريبي لاستيعاب المواطنين بعد سنّ التقاعد في الخدمة المدنية. وشمل البرنامج في المرحلة الأولى 60 من كبار السن. بعد نجاح البرنامج التجريبي، تقرر في نهاية العام 2020 توسيع البرنامج بسبعة أضعاف لدمج كبار السن في العمل. بالإضافة إلى دمج كبار السن في الخدمة المدنية، يوجد الآن عدد من البرامج الأخرى التي تهدف إلى مساعدة كبار السن المعنيين بالانضمام إلى دائرة العمل. يتم تنفيذ بعض البرامج بالتعاون بين وزارات حكومية ووحدات حكومية وجمعيات ومنظمات مختلفة.
يدير برنامج "منتصف الطريق" مراكز توجيه مهني لأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و75 عاماً والذين يسعون إلى الاندماج في مجددا في سوق العمل كموظفين أو للعمل مستقلين لحسابهم الخاص. لكن هذا البرنامج ضيّق النطاق الى حد كبير، وينشط فقط في ثلاثة مراكز هي تل أبيب وموديعين وكفار سابا.
برامج في خدمة التوظيف والتشغيل - برامج لتشجيع التوظيف للمطالبين بمخصصات البطالة الذين تبلغ أعمارهم 45 عاماً فأكثر. برنامج "الخمسون الجديد" الذي بدأ في العام 2016، وبرنامج التدريب في كلية أشكلون، الذي بدأ في العام 2017. وتستهدف هذه البرامج في المقام الأول الخريجين أو المهندسين العمليين. وتضمنت ورشات عمل للبحث عن عمل، وجهات اتصال للبحث عن وظائف. في العام 2019، تمت مرافقة 1680 باحثا عن عمل في هذه الأطر و1530 في العام 2020. وفي العام 2021، شارك حوالي 7877مشاركاً في هذا البرنامج، ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن أقل من 10% من المشاركين في هذه البرامج كانوا بعمر 60 وما فوق. في العام 2021 تم نقل هذه الخطط لتكون تحت إشراف وزارة العمل ولكن في هذه المرحلة ليس من الواضح ما إذا كان قد تم تخصيص ميزانية لهذا المجال. اليوم، تساعد خدمة التشغيل والتوظيف، رسمياً، جميع البالغين الباحثين عن عمل (40 عاما فما فوق) من أجل الاندماج في العمل من خلال نوعين رئيسين من الخدمات: المساعدة في كتابة السيرة الذاتية وورشات عمل للبحث عن عمل، تشمل التقدم والعرض الذاتي أمام صاحب العمل. في العام 2021، شارك حوالي 20 ألف شخص في ورش العمل هذه في خدمة التشغيل والتوظيف.
بين مقاييس الرفاه الذي يحظى به المواطنون هناك عدد السنوات التي يقضونها في فترة التقاعد، أي في "استراحة ما بعد سنوات العمل". وقد أظهر تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المشار إليه أعلاه أيضاً أن العمال الإسرائيليين يقضون وقتاً أقل في حياتهم التقاعدية مقارنةً بكبار السن في الدول الأخرى. ووفقاً للتقرير، سيقضي الإسرائيليون المتقاعدون حوالي 30% من حياتهم ككبار سن في تقاعد، مقارنةً بكبار السن في كوريا الجنوبية مثلا الذين يقضون حوالي 37% من حياتهم في التقاعد. ومع ذلك، يشير التقرير إلى ارتفاع طفيف بالنسبة لأولئك الذين يدخلون سوق العمل الحالية. ويتوقع مؤلفو التقرير أن تقضي الأجيال الشابة الحالية في سن العمل اليوم، حوالي 34% من حياتهم البالغة لاحقاً في التقاعد.
