* الخبير الجامعي الإسرائيلي في القضايا الاجتماعية والاقتصادية، د. داني غوتفاين، لـ"المشهد": لن يتغير شيء في أوضاع إسرائيل الاقتصادية- الاجتماعية!* انضمام إسرائيل إلى هذه المنظمة العالمية يدلّ عمليا على أنها تأقلمت في السنوات الفائتة مع مطالب الهيئات والمؤسسات الاقتصادية النيو- ليبرالية *
كتب بلال ضاهر:
صادق مجلس وزراء "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي"(OECD) ، في أواسط شهر أيار 2007، على قرار البدء بعملية ضم خمس دول جديدة إلى هذه المنظمة، وبضمنها إسرائيل.
ولا تزال إسرائيل عضوا مرشحا في المنظمة، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين اعتبروا مصادقة مجلس وزراء هذه المنظمة على البدء بعملية ضمها "بمثابة إنجاز سياسي ودبلوماسي مهم للغاية، إذ أنها تفتح أمام إسرائيل المجال لتكون شريكة في المنظمة التي تلعب دورا رائدا في بلورة السياسة الاقتصادية في العالم".
وتستمر عملية الانضمام كعضو ثابت في "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي" ما بين سنة وسنتين وتكون متعلقة بتعديلات تشريعية وإصلاح وانسجام مع معايير المنظمة. وهذه خطوات من شأنها أن تساعد على اجتذاب استثمارات إلى إسرائيل.
وقد أولى وزراء الخارجية ووزراء المالية ومحافظو بنك إسرائيل خلال العقد الأخير أهمية كبيرة لانضمام إسرائيل إلى هذه المنظمة العالمية وعملوا من أجل دفع عجلة دمجها فيها قدمًا. وقد سبق قرار مجلس وزراء المنظمة عمل تحضيري معقد ومتواصل في إسرائيل شاركت فيه كل من وزارة المالية وبنك إسرائيل ووزارة الخارجية ووزارة الصناعة والتجارة والعمل ووزارة العدل ووزارات ودوائر حكومية أخرى.
وتضم "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي" 30 دولة، معظمها من أكثر الدول تطورا وثراء في العالم. وتنتج الدول الأعضاء في المنظمة نحو ثلثي الإنتاج العالمي.
تأسست هذه المنظمة العام 1961 استمرارًا لمنظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي، التي أقيمت من أجل إدارة "خطة مارشال" لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وقد ضمت المنظمة في البداية دول أوروبا الغربية وأميركا الشمالية فقط. ثم انضمت إليها تدريجيا دول أخرى من أوروبا ومن قارات أخرى منها اليابان وأستراليا والمكسيك وكوريا الجنوبية وغيرها.
وتشكل "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي" منتدى لمناقشة وتنسيق السياسات في مواضيع اقتصادية واجتماعية وفي غالب الأحيان لا يتجاوز نشاط المنظمة تبادل المعلومات. إلا أن هناك حالات تتمخض فيها المناقشات عن اتخاذ قرارات فعلية، مثل تحديد معيار سلوكي في مجال الاستثمارات الأجنبية وتحركات رؤوس الأموال والالتزام بميثاق محاربة الرشوة.
ومن أهداف المنظمة المركزية تحقيق نمو اقتصادي وتوفير أماكن عمل دائمة والمساهمة في رفع مستوى الرفاه الاقتصادي والاجتماعي في دول المنظمة، وتحسين التنسيق بين أعضاء المنظمة في جهودها لمساعدة الدول النامية، وتشجيع التبادل التجاري الدولي على أساس متعدد الجوانب وبعيد عن التمييز.
يدير "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي" مجلس يضم ممثلا واحدا من كل دولة عضو فيها وممثلا إضافيا عن الاتحاد الأوروبي. أما النشاطات في المنظمة فتقام في معظم الأحيان من قبل تشكيلة من اللجان المهنية ومجموعات العمل والخبراء الذين يعملون في إطار هذه اللجان والمجموعات.
وقال الأستاذ في جامعة حيفا والخبير في القضايا الاجتماعية والاقتصادية، الدكتور داني غوتفاين، لـ"المشهد الإسرائيلي"، حول الاعتبارات التي ساعدت في ضم إسرائيل للمنظمة، إن "الاعتبار المركزي هو أن ضم إسرائيل وغيرها من الدول، هو جزء من عملية العولمة الاقتصادية. ويدل ضم دولة ما إلى منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي على مستوى الأداء الاقتصادي فيها، وحتى أنه يدل على وجود نظام اقتصادي في تلك الدولة يستدعي الجهات الاقتصادية الكبرى في العالم إلى التعاون مع هذه الدولة، أو على الأقل يشير إلى أن هذه الدولة بإمكانها أن تكون شريكا شرعيا في الاقتصاد العالمي. أي أن ضم دولة ما إلى هذه المنظمة يمنحها شرعية ومواصفات بأنها دولة تدير اقتصادا قادرا على العمل بموجب شروط الاقتصاد الليبرالي الجديد".
(*) "المشهد الإسرائيلي": إذن يعتبر ضم إسرائيل لهذه المنظمة أمرا إيجابيا جدا.
- غوتفاين: "هذا أمر ايجابي من ناحية قياس الأداء الاقتصادي في إسرائيل. أو إذا أردت فحص ما إذا كان الاقتصاد الإسرائيلي تأقلم مع مطالب الاقتصاد النيو- ليبرالي. وأفترض أن هذا هو الأمر المركزي، ما يعني أن الاقتصاد الإسرائيلي اندمج في اقتصاد العولمة".
(*) كيف سيؤثر انضمام إسرائيل إلى هذه المنظمة على إسرائيل؟
- غوتفاين: "أعتقد أن السؤال يجب أن يكون معاكسا، أي ليس حول كيف سيؤثر ذلك على إسرائيل، وإنما أنّ الانضمام إلى هذه المنظمة يعبّر عما حصل هنا في الماضي. وهذا يدل عمليا على أن إسرائيل تأقلمت في السنوات الماضية مع مطالب الهيئات والمؤسسات الاقتصادية النيو- ليبرالية. أي أن الانضمام إلى المنظمة هو شيء شبيه بشهادة إنهاء في المدرسة، ويدل على انجازات الماضي. من جهة أخرى فإنه إذا كانت لديك شهادة كهذه فإن هذا يجعل الدولة أكثر جذبا لجهات اقتصادية، مثل صناديق الاستثمار، ترى في الاقتصاد الإسرائيلي مكانا معقولا للاستثمار فيه".
(*) ألا يوجد تأثير لسياسات إسرائيل العامة، مثل كونها دولة محتلة ومتهمة بارتكاب جرائم حرب في تقارير دولية، على اعتبارات ضمها للمنظمة؟
- غوتفاين: "في الحقيقة ليست هناك أهمية لذلك. وأعتقد أنه من هذه الناحية يمكن طرح الكثير من الأسئلة حيال العديد من الدول الغربية الأعضاء في المنظمة. بل إن من بين أهداف هذه المنظمة هو التفريق بين النشاط الاقتصادي لدولة ما ونشاط هذه الدولة في مجالات أخرى".
(*) كيف سيؤثر انضمام إسرائيل إلى "منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي" على جهاز التعليم خصوصا الجامعي فيها؟
- غوتفاين: "أولا، أنا لست منفعلا كثيرا من السياسة الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل خلال السنوات العشرين الأخيرة. وانضمام إسرائيل إلى المنظمة لا يعني أنه سيتغير شيء بل إن الأمور ستبقى على حالها. ولا توجد في انضمام إسرائيل أية خطوة ثورية. ربما ستكون هناك بعض الشفافية في التقارير الإحصائية. وربما إسرائيل ستتجه أكثر وأكثر نحو سياسة اقتصادية نيو- ليبرالية بشكل أكبر، ما يعني أن الأزمة الاجتماعية ستتعمق أكثر هنا، وهذه مسألة لا تهم منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي".
(*) هل سيؤدي خضوع إسرائيل لأنظمة معينة تفرضها المنظمة إلى تغيّر في حال الفساد في إسرائيل؟
- غوتفاين: "بما أن المنظمة ستطالب إسرائيل بإدارة أجهزة حسابية خاضعة لأنظمتها فإنه ستكون هناك شفافية أكثر، إنما من ناحية الأداء الاقتصادي. لكن ما يسمونه في إسرائيل فسادا، بخصوص قضايا معينة، يتم اعتباره في دول أخرى على أنه أمر صائب وليس فسادا ولا ينطوي على تناقض مصالح حتى".
********
من جانبه رأي رئيس اتحاد الصناعيين في إسرائيل، شراغا بروش، أن ضم إسرائيل إلى منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي من شأنه أن يدفع الصناعات الإسرائيلية في اتجاه وتيرة نمو اقتصادي ليست معهودة حتى اليوم. وأضاف في بيان أن "الانضمام إلى المنظمة سيحسن تدريج اعتماد إسرائيل (المالي في المؤسسات الاقتصادية الكبرى في العالم) وسيؤدي إلى ازدياد حجم الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل بمليارات الدولارات. إضافة إلى ذلك فإن العديد من الشركات الإسرائيلية ستحظى منذ الآن باعتماد مالي بشروط سهلة للغاية".