أولمرت يصدر تعليمات باستكمال بناء الجدار العازل حول القدس الشرقية

ارشيف الاخبار

ذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 18.10.2009، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تلقى رسائل من قادة أوروبيين، خلال نهاية الأسبوع الماضي، دعته بشكل مبطن إلى تليين مواقفه السياسية في المسار الفلسطيني للخروج من أزمة إسرائيل الناجمة عن تبني مجلس حقوق الإنسان في جنيف لتقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الحرب على غزة، برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون.

 

وقالت الصحيفة إن دبلوماسيين رفيعي المستوى في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يقدرون أن الولايات المتحدة تفضل دعم تقرير غولدستون بصيغة أكثر اعتدالا لدى طرحه على مجلس الأمن الدولي من استخدام حق النقض "الفيتو" لإحباط احتمال تبنيه بصيغته الحالية. كذلك قدر الدبلوماسيون ذاتهم أنه في حال وصول تقرير غولدستون إلى مجلس الأمن الدولي فإن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تسعى إلى تحسين علاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي، ستفعل كل ما بوسعها من أجل الامتناع عن استخدام الفيتو وستفضل إجراء مفاوضات مع الدول الأعضاء في المجلس من أجل التوصل إلى صيغة متفق عليها لمشروع القرار.

ونقلت هآرتس عن مصادر وصفتها ب"الموثوقة" في مقر الأمم المتحدة قولها، إنه ليست الولايات المتحدة فقط تعارض إجراء بحث رسمي بخصوص تقرير غولدستون في مجلس الأمن الدولي وإنما تتحفظ بريطانيا وفرنسا من ذلك أيضا. ووفقا للمصادر ذاتها فإن روسيا أوضحت بصورة هادئة أنه لا مصلحة لها ببحث التقرير في مجلس الأمن.

ولفتت الصحيفة إلى أن مجلس حقوق الإنسان في جنيف ليس مخولا بالدعوة إلى انعقاد مجلس الأمن الدولي لكن توصيته بانعقاد المجلس منحت الشرعية مسبقا لمبادر عقده لبحث تقرير غولدستون. ويذكر أن مجلس حقوق الإنسان في جنيف صادق، يوم الجمعة الماضي، على تبني توصيات التقرير الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب على غزة ودعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى بحثه كما أوصت بأن يطلع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن بالخطوات التي نفذتها إسرائيل فيما يتعلق بتطبيق توصيات التقرير، لكن إسرائيل رفضت القرار واعتبرته بأنه "غير عادل ويشجع الإرهاب". وأيدت قرار مجلس حقوق الإنسان بتبني تقرير غولدستون 25 دولة وعارضته 6 دول فيما امتنعت 11 دولة عن التصويت وتغيبت عنه 5 دول بينها بريطانيا وفرنسا.

وفي غضون ذلك تلقى نتنياهو رسالتين من رئيس الحكومة البريطانية، غوردون براون، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، عبرا فيهما عن دعمهما "لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس" لكنهما دعيا إسرائيل إلى إجراء تحقيق بنفسها في نتائج تقرير غولدستون. كذلك دعا براون وساركوزي إسرائيل إلى وقف أعمال البناء في المستوطنات واستئناف عملية السلام مع الفلسطينيين وفتح معابر قطاع غزة.

وقالت هآرتس إن مقربين من نتنياهو ادعوا، أمس، أن القرار بخصوص تقرير غولدستون لن يعرقل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لكنه سيضع صعوبات أمام التقدم نحو اتفاق أو "تنازلات إقليمية"، في إشارة إلى انسحاب إسرائيل من أجزاء من الضفة الغربية.

ورأى المحلل السياسي في هآرتس، ألوف بن، أن نتائج التصويت في مجلس حقوق الإنسان عبرت عن فشل سياسة "الوجهة نحو روسيا والعالم الثالث" التي يقودها وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان. وأضاف الكاتب أن "أصدقاء ليبرمان الجدد من روسيا والأرجنتين والبرازيل صوتوا كالمعتاد ضد إسرائيل، مثلما فعلوا دائما في فترات أسلافه، الذين اتهمهم ليبرمان بإهمال هذه الدول".

وأشار بن إلى أن "الرواية التي تبناها نتنياهو ردا على تقرير غولدستون يدحرج المسؤولية عن الأزمة التي تورطت بها إسرائيل إلى حكومة حزب كديما السابقة وإلى رئيسة المعارضة (ووزيرة الخارجية السابقة)، تسيبي ليفني. ووفقا لرواية نتنياهو فإن وزير الخارجية السابقة، ليفني، أطلقت تصريحات منفلتة ودفعت باتجاه عملية عسكرية بالغة القوة في غزة، والآن يتعين عليه أن ينظف وراءها. وأشار نتنياهو إلى أقوال ليفني خلال عملية ’الرصاص المصبوب’ن التي تم اقتباسها في تقرير غولدستون، بأن ’إسرائيل ليس دولة لا ترد في حال إطلاق صواريخ عليها. هذه دولة ترد بوحشية إذا تم إطلاق النيران باتجاه مواطنيها، وهذا أمر جيد’".

وكتب بن أن نتنياهو محق بقوله إن الحكومة الإسرائيلية السابقة، برئاسة ايهود أولمرت، ورطت إسرائيل خلال "الرصاص المصبوب"، وعندما كان هو في صفوف المعارضة. وأضاف بن "لكن الثمن السياسي الذي تدفعه إسرائيل الآن نابع بقدر كبير من سياسته أيضا، وليس من أفعال سلفه فقط. وإذا كان هناك شك بذلك فإن زعيمي بريطانيا وفرنسا أزالاه من خلال رسالتيهما إلى نتنياهو، بعدما تغيبا عن التصويت (في مجلس حقوق الإنسان) ورفضا طلبه بالتصويت ضد (تبني تقرير غولدستون)".

وأضاف بن أنه بعد أن أيد براون وساركوزي "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، أوضحا لنتنياهو كيف بإمكانه الخروج من الورطة. "قبل كل شيء ينبغي التحقيق في الادعاءات بخصوص جرائم حرب وفتح معابر غزة. لكنهما طلبا منه تجميد الاستيطان أيضا والعودة إلى المفاوضات مع (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس، وفقا للمبادئ التي وضعها رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، والقاضية بإقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال. وهذا الأمر ليس مرتبطا بما فعله أولمرت وليفني في العام الماضي وإنما بما سيفعله نتنياهو الآن".

وتابع بن "إذا ترجمنا ذلك عن اللغة الدبلوماسية، فإن زعماء أوروبا يقولون لنتنياهو: إذا جمدت الاستيطان ووافقت على الانسحاب من الضفة الغربية، سنضع تقرير غولدستون واتهاماته الشديدة ضد إسرائيل جانبا. ويدعمهم في ذلك أوباما، الذي يملك القرار الأخير. وبإمكان أوباما أن يضع الفيتو في مجلس الأمن ويكبح تقرير غولدستون هناك، والثمن سيكون تقويض مصداقيته بنظر العرب والمسلمين، وتراجع تعهده بتشجيع الأمم المتحدة عن التعاون مع المجتمع الدولي. وعندما يطلب نتنياهو من أوباما استخدام الفيتو، فإن أوباما سيذكّره بالجولة السابقة بينهما، التي ’انتصر’ فيها نتنياهو برفضه تجميد الاستيطان".

نتنياهو يهدد ويتوعد

لكن نتنياهو توعد "بنزع الشرعية" عن كل من أيد تبني مجلس حقوق الإنسان في جنيف لتقرير غولدستون. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس السبت، عن نتنياهو قوله خلال مداولات عقدها في أعقاب تبني تقرير غولدستون أمس إنه "سنعمل على نزع الشرعية عن كل من نزع الشرعية عن دولة إسرائيل، ولن نتساهل وسنعمل ضد كل حالة وحالة" في إشارة إلى الدول والهيئات التي أيدت تبني التقرير. وقدر نتنياهو أن "الحديث يدور عن صراع مرير سيستمر لأمد طويل". وطالب المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية بالاستعداد لخوض هذا الصراع.

وذكر موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني أن النشاط المركزي الإسرائيلي "لنزع الشرعية" عن مؤيدي تقرير غولدستون سيكون في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وتدعي إسرائيل أن شنها الحرب على غزة كان "دفاعا عن النفس" بسبب إطلاق المنظمات الفلسطينية وخصوصا حماس صواريخ القسام باتجاه جنوب إسرائيل في السنوات الماضية.

وتعتزم إسرائيل الشروع بحملة دعائية دولية هدفها شرح موقفها الداعي إلى "الحق في الدفاع عن النفس أمام الإرهاب" والعمل في المستوى السياسي والدبلوماسي لصد دعاوى قانونية ضد مسؤوليها على خلفية تبني تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وهو ما تصفه إسرائيل بمحاولات نزع الشرعية عنها.

وقال نتنياهو خلال المداولات أمس الأول إن إسرائيل لن تكون مستعدة للعمل وفق معادلة "التراجع وامتصاص (الضربات السياسية والقضائية) ومن ثم تضبط نفسها، وإنما ستضطر إلى التوضيح بأنه إذا تراجعت وتلقت الضربات فإنها ستوجه بدورها الضربات أيضا".

وطالب نتنياهو المسؤولين في مكتبه ووزارة الخارجية العمل في هذا السياق بالتعاون مع المجتمع الدولي وخصوصا مع "النواة النوعية" فيه، فيما أوضحت مصادر في مكتبه أن القصد هو "الدول التي تدرك حاجة إسرائيل والعالم الغربي كله لمسالة الدفاع عن النفس".

من جانبه قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون خلال ندوة "سبت الثقافة" في مدينة حولون، أمس، إن "إسرائيل خائبة الأمل من دول مثل روسيا والهند والصين التي أيدت التقرير وكان عليها أن تعمل باتزان أكبر". واعتبر أيالون، وهو من حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أن تقرير غولدستون "ليس مهنيا ومشوه يسلب حق الدفاع عن النفس من الدول الديمقراطية وسيمس بهذه الدول أيضا". وأضاف أن إسرائيل تعتزم العمل بطرق ديمقراطية "والاستيضاح أمام هذه الدول موضوع تصويتها في مجلس حقوق الإنسان".

إسرائيل ترفض قرار مجلس حقوق الإنسان

وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان عن رفضها القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان بتبني تقرير غولدستون ووصفته ب"غير العادل". وقال بيان الخارجية الإسرائيلية إن "إسرائيل ترفض القرار غير العادل الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهذا القرار يمنح التشجيع للمنظمات الإرهابية في العالم كله ويضر بالسلام العالمي". وأضاف البيان أن "قرار المجلس يمس بوسائل الحفاظ على حقوق الإنسان وفقا للقانون الدولي وبوسائل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط... وستستمر إسرائيل في تطبيق حق الدفاع عن الذات وستعمل على الحفاظ على أمن سكانها".

واعتبر بيان الخارجية الإسرائيلية أنه "رغم التحسن الهام في نتائج التصويت الحالي مقارنة مع القرار الأصلي بخصوص تشكيل لجنة غولدستون (الذي ايدته 33 دولة وعارضته دولة واحدة وامتنعت 13 دولة) فإن إسرائيل ترفض القرار الأحادي الجانب وتدعو جميع الدولة التي تتمتع بمسؤولية إلى رفضه". وشكرت إسرائيل "الدول التي أيدت إسرائيل وتلك التي عبرت من خلال طبيعة تصويتها عن معارضتها للقرار غير العادل والذي يتجاهل الهجمات الدموية من جانب حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى ضد مواطني إسرائيل، كما أن القرار يتجاهل حقيقة أن الجيش الإسرائيلي نفذ خطوات غير مسبوقة من أجل الامتناع عن المس بمواطنين والاستخدام البشع للمنظمات الإرهابية بالمدنيين كدروع بشرية".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إنه "رغم أن إسرائيل خسرت في هذه المعركة لكن ليس في الحرب". وقال مصدر سياسي إسرائيلي أنه "على الرغم من أن إسرائيل عرفت أنه ليس بالإمكان الانتصار في هذه المعركة إلا أنها خرجت إلى المعركة ونحن نتوقع أن نخرج إلى معركة أخرى سوية مع دول أخرى تتعرض للإرهاب في أفغانستان والعراق".

وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإسرائيلي ورئيس حزب شاس، إلياهو يشاي، في تصريحات صحفية إن "القرار معادي لإسرائيل وينضم لقرارات معادية لإسرائيل وقد تصرف الجيش الغسرائيلي بقفازات من حرير مع الأبرياء".

من جانبها اعتبرت ليفني، التي شاركت في اتخاذ قرار شن الحرب على غزة والقرارات التي اتخذت خلال الحرب كوزيرة للخارجية في حينه، إن "مجلس حقوق الإنسان ومنذ تأسيسه ينظر إلى إسرائيل بصورة مشوهة بماما مثل التقرير نفسه، والتصويت اليوم كان تصويتا سياسيا وسافرا بشكل بارز". وأضافت "لذلك فإنه من دون أية علاقة بالمجلس سوف تواصل إسرائيل وتفعل الأمر الصحيح وهو أنها ستدافع عن مواطنيها أمام الإرهاب وتنفذ كافة العمليات العسكرية المطلوبة".