إسرائيليون يشكلون تنظيما لملاحقة وقتل أسرى فلسطينيين قد يحررون في صفقة التبادل

ارشيف الاخبار

يتوقع أن تبحث الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، خلال اجتماعها ظهر اليوم، الثلاثاء – 20.10.2009، في تشكيل "لجنة تدقيق" في نتائج تقرير لجنة تقصي الحقائق الأممية حول الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون. ووفقا للصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، فإن هناك خلافات داخل الكابينيت حول تشكيل "لجنة تدقيق" كهذه وأن وزير الدفاع، ايهود باراكن والجيش الإسرائيلي يعارضان تشكيل اللجنة، فيما يؤيد ذلك المستشار القانوني للحكومة، مناحيم مزوز. ونقلت الصحف عن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، قوله في اجتماعات مغلقة إنه لن يكون أمام إسرائيل أي خيار سوى تشكيل لجنة كهذه، لمواجهة استمرار طرح تقرير غولدستون في هيئات الأمم المتحدة، رغم أنه لا يزال يعارض ذلك علنا في هذه المرحلة.

 

وذكرت صحيفة معاريف أن وزير العدل، يعقوب نئمان، يرى أن تشكيل "لجنة تدقيق" هو أمر حتمي وأن الوزير لشؤون المخابرات، دان مريدور، يؤيد تشكيل اللجنة، وأن القرار بهذا الخصوص هو بأيدي رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. لكن جهاز الأمن الإسرائيلي، الذي يشمل وزارة الدفاع والجيش وأجهزة الاستخبارات، يعارض "لجنة تدقيق" ويعتبر أن المصادقة على تشكيلها والتحقيق في انتهاكات القوات الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، التي وصفها تقرير غولدستون بأنها ترتقي إلى جرائم حرب، ستكون بمثابة "صفعة على وجنة الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع".

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مساعدي باراك مارسوا ضغوطا، خلال الأيام الأخيرة، على مكتب رئيس الحكومة، وعلى نتنياهو نفسه، من أجل إقناعه بمنع تشكيل "لجنة تدقيق". ويأمل باراك بأن ينجح في إقناع نتنياهو بذلك قبل انعقاد اجتماع الكابينيت، ظهر اليوم.

والجدير بالذكر أنه في حال تقرر تشكيل "لجنة تدقيق" فإن المرشح لترأسها هو رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية السابق، القاضي أهرون باراك، الذي يعتبر أهم شخصية قانونية في إسرائيل ويحظى باحترام دولي.

وأشارت معاريف إلى أن مواقف الوزراء من تشكيل اللجنة نابع من اعتبارات سياسية وأمنية وحزبية، وأن ليبرمان، على سبيل المثال، لديه مصلحة بنيل إعجاب المؤسسة القضائية، التي تدفع باتجاه تشكيل اللجنة، وذلك على ضوء ملف التحقيق الجنائي ضده والاشتباه بتلقيه أموال بصورة غير قانونية. وقال الوزير عوزي لانداو، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة والعضو في حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يتزعمه ليبرمان، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم، إنه "يوجد مكان لتشكيل لجنة تدقيق"، وأنه "لا مناص سوى بتنفيذ ذلك".

ولفتت معاريف إلى أن لنتنياهو مصلحة سياسية – حزبية في تشكيل لجنة كهذه، لأنه لن يتضرر منها بسبب عدم توليه مناصب رسمية حكومية خلال الحرب على غزة من جهة، وأن بإمكان لجنة كهذه أن تضع خصومه السياسيين، وخصوصا رئيس الحكومة السابق، ايهود أولمرت، ووزيرة الخارجية السابقة ورئيسة المعارضة الحالية، تسيبي ليفني، في وضع محرج وإضعاف مكانة رئيس حزب العمل ووزير الدفاع السابق – الحالي، باراك، من الجهة الثانية.

ونقلت معاريف عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله إنه "لن يكون أمامنا خيار سوى بتشكيل لجنة تدقيق في نهاية المطاف". لكنه أضاف أن "المشكلة في لجنة التدقيق هي أنها تبدأ صغيرة وهادئة مثل اللجنة التي حاول (وزير الدفاع السابق) عمير بيرتس تشكيلها، بعد حرب لبنان الثانية، وانتهت مع القاضي فينوغراد" في إشارة إلى لجنة التحقيق برئاسة إلياهو فينوغراد التي أدانت القيادة العسكرية والسياسية بالفشل. وخلص المسؤول الإسرائيلي فيما يتعلق بتشكيل لجنة تدقيق إلى القول "إنك تعرف كيف تدخل هذا الموضوع لكنك لا تعرف كيف تخرج منه".

وتجدر الإشارة إلى أن حكومات إسرائيل قررت تشكيل لجان تحقيق في أعقاب الحروب الثلاثة التي سبقت الحرب على غزة، وهي حرب العام 1973 وحرب لبنان الأولى، بعد مجزرة مخيمي اللاجئين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا، وحرب لبنان الثانية وأدت جميع هذه اللجان إلى استقالة مسؤولين كبار في الحكومة والجيش. فقد أدت "لجنة أغرانات" التي حققت في حرب 1973 إلى استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وقتئذ، دافيد إلعزار، وبعد ذلك استقالت رئيسة الحكومة، غولدا مائير. وأرغمت "لجنة كاهان"، التي تشكلت بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، وزير الدفاع في حينه، أرييل شارون، على الاستقالة من منصبه وعدم توليه وزارة الدفاع. وأدت "لجنة فينوغراد" إلى استقالة رئيس أركان الجيش خلال حرب لبنان الثانية، دان حالوتس، وبيرتس وإلى مطالبة واسعة باستقالة رئيس الحكومة السابق، ايهود أولمرت، كما أطاحت بعدد من جنرالات الجيش.

وقالت صحيفة هآرتس إن اجتماع الكابينيت، اليوم، سيبحث في الوضع السياسي المعقد الذي تواجهه إسرائيل في الحلبة الدولية على أثر تقرير غولدستون وتبنيه في مجلس حقوق الإنسان في جنيف واحتمال بحثه في مجلس الأمن الدولي.

ونقلت الصحيفة عن نتنياهو قوله خلال اجتماع كتلة حزب الليكود في الكنيست، أمس، إنه "في حال وصول التقرير إلى مجلس الأمن فإننا سنهتم بأن يكون هناك فيتو". لكن نتنياهو أشار إلى أن تبني مجلس حقوق الإنسان لتقرير غولدستون وإمكانية وصوله إلى مجلس الأمن "يخلق غلافا من الشرعية الدولية التي من شأنها أن تؤدي إلى توجيه المدعي العام في المحكمة الدولية في لاهاي إلى محاكمة مسؤولين إسرائيليين".

واضافت هآرتس أن دولا عديدة في العالم مررت رسائل إلى حكومة إسرائيل مفادها أنه في حال بدأت إسرائيل بإجراء تحقيق مستقل فيما يتعلق بمقتل المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب على غزة سيؤدي إلى كبح إمكانية انتقال تقرير غولدستون إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.