"جمعية حقوق المواطن": سياسة الضحية

على هامش المشهد

توفي يوم 19/6/2007 الصحافي زئيف شيف، المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس"، عن عمر يناهز الـ74 عامًا على أثر نوبة قلبية. واعتبر شيف حتى وفاته أحد كبار المعلقين العسكريين الإسرائيليين وقد رافق غالبية حروب إسرائيل، بدءًا من حرب السويس في 1956 وانتهاء بحرب لبنان الثانية في صيف 2006.

 

 

وكان آخر تعليق نشره شيف في صحيفة "هآرتس" (8/6/2007) قد حمل عنوان "هزيمة سديروت" وقال فيه إنه حتى لو أعلنّا عشرات المرّات أن حركة حماس مضغوطة وترغب في وقف إطلاق النار، فإن ذلك لا يمحو حقيقة أن إسرائيل هزمت عمليًا في المعركة على سديروت. ولا ينبغي بالتصريحات الزائدة بشأن الحرب الممكنة مع سورية أن تصرف الاهتمام عن الهزيمة في سديروت. ما حصل لإسرائيل في هذه المدينة لم يسبق أن حصل لها منذ حرب الاستقلال (1948). وما يحصل لسديروت هو عار وطني.

 

وأضاف: الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا الحالية، لكن أيضًا الحكومة السابقة، منيت بفشل ذريع في جعل سديروت المتعرضة للقصف المدفعي مشروعًا لدفاع وطني. وهذا الأمر يعزّز التقدير بأن هذه الحكومة ليس في وسعها أن تقود الأمة في مواجهة عسكرية كبيرة. وهذه أيضًا هي هزيمة للمؤسسة الأمنية، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي. على مدار أعوام لم تجد هذه المؤسسة جوابًا، حتى ولو جزئيًا، على مشكلة صواريخ القسّام.

 

ومضى يقول: "إنّ العدو الذي هزم سديروت هو منظمة إرهابية ضعيفة من الناحية العسكرية، لكنها رغم ذلك نجحت في تحقيق ردع متبادل في مقابل إسرائيل، تمامًا مثلما نجح حزب الله في ذلك. وإنّ ما يقرّر في هذا الشأن هو النتيجة النهائية لا التفسيرات الإسرائيلية المختلفة. والنتيجة النهائية تفيد بأن هناك ردعًا متبادلاً بين إسرائيل وقطاع غزة الخاضع لسيطرة حماس. وهذا يعتبر فشلاً ذريعًا على مستوى الوعي الوطني، وهو في نظري أخطر من الفشل في حرب لبنان الثانية.

"علاوة على ذلك أقرّت حقيقتان إستراتيجيتان هامتان لا يجوز التغاضي عنهما. الحقيقة الأولى- أدّت التغييرات في ساحة المعركة وطابع القتال إلى أن يصبح العمق الإستراتيجي الإسرائيلي (لا الجغرافي فقط) عديم الأهمية. وإذا ما واجهت إسرائيل في الضفة الغربية ما تواجهه في قطاع غزة فسنعود إلى وضع مشابه للوضع الذي كان سائدًا هنا قبل حرب الاستقلال. لذا على إسرائيل أن تصرّ على عزل الضفة وأن ترفض أيضًا خطة المنسق الأمني الأميركي، الجنرال كيت دايتون، المسماة "اختبارات التنفيذ" التي من شأنها أن تفضي إلى تسلل حماس إلى الضفة الغربية.

"الحقيقة الثانية هي الإلغاء شبه التام للقاعدة الإستراتيجية التي أرساها دافيد بن غوريون وبموجبها يجب على إسرائيل فور اندلاع مواجهة عسكرية أن تنقل القتال على وجه السرعة إلى أرض العدو. وما يحصل الآن هو أن العدو ينقل فورًا القتال إلى أراضي إسرائيل".