إجراءات تقشفية وتكاثر مؤشرات التباطؤ الاقتصادي

على هامش المشهد

"أجد صعوبة بالغة في الإشارة إلى شيء ما إيجابي... أرى عوضاً عن ذلك مزيدًا من المراوغات والكذب والتهرب من المسؤولية والضعف والانتهازية"

 

في توقعات له بمناسبة حلول السنة العبرية الجديدة، التي صادفت يوم الخميس الفائت، رسم زعيم اليسار الصهيوني السابق يوسي سريد صورة قاتمة لأوضاع إسرائيل على صعد ومجالات عدة.

 

 

وأعرب سريد، الذي كان يتحدث في مقابلة صحافية نشرت على موقع "أوميديا" الإلكتروني القريب من محافل اليمين الإسرائيلي، عن ميول تشاؤمية، خاصة في كل ما يتعلق بإمكانات إحراز تقدم وانفراج حقيقي على صعيد العملية السياسية سواء على المسار الإسرائيلي- الفلسطيني أو المسار الإسرائيلي- السوري.

 

وأكد سريد في معرض حديثه عن مجال التعليم في إسرائيل (كان سريد قد أشغل لعدة سنوات منصب وزير التربية والتعليم في حكومات العمل- ميرتس) أنه لم يكن هناك في السنوات القليلة الماضية أي إصلاح حقيقي في جهاز التعليم وقال "ما أن تمضي سنة حتى تتبدد كل الإصلاحات" مضيفاً في لهجة انتقادية ساخرة "يمكن الاعتماد على موظفي وزارة المالية في أن تشهد السنة القادمة واقعاً جديداً.."، وتابع موضحاً أن التقليصات في ميزانية التعليم مستمرة، في الوقت الذي لم يعيدوا فيه للتعليم ما أسماه بـ "النهب الكبير" الذي تم منذ العام 2001، حيث قلصت ميزانية التعليم وقتئذٍ بمبلغ 4 مليارات شيكل.

 

واعتبر سريد أن التغيير المطلوب في جهاز التعليم معروف للجميع وهو "إعطاء كل طفل وطفلة أكثر" ولكنهم أعطوا لهم أقل في السنوات الأخيرة وبالتالي "كيف يمكن أن يَنتُج الكثير من القليل؟" على حد قوله. وأوضح أنه "تم في السنوات الأخيرة شطب 7 ساعات من جدول الحصص-الدروس- الأسبوعي.. أي أن يوماً دراسياً كاملاً شطب من برنامج الدروس الأسبوعي".

 

وتطرق سريد إلى وضع العاملين في التعليم مؤكداً أنه: لا يتوقع من مدرسين يتقاضون أجراً زهيداً- 3000 شيكل شهرياً- أن يكونوا المدرسين الذين نرغب في أن يُعلّموا أبناءنا.. وأضاف "طالما لا يصبح التعليم مهنة ذات قابلية منافسة في الاقتصاد، فإنه لا يمكن الحديث عن إصلاح". وحذر سريد من أن الوضع في جهاز التعليم سيزداد تفاقماً على هذا الصعيد، نظراً لأنه لم يجر في السنوات الأخيرة سوى بناء عدد قليل جداً من الصفوف الدراسية الجديدة (بضع مئات فقط في السنة)، مشيراً إلى أن الميزانيات اللازمة لبناء الصفوف الجديدة مجمدة بينما النمو الطبيعي مستمر، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الاكتظاظ في الصفوف الدراسية في السنوات المقبلة.

 

ودعا سريد الجمهور الإسرائيلي (خاصة في ضوء حرب لبنان الثانية) إلى إدراك أن وزير التعليم هو "وزير الأمن الحقيقي في إسرائيل"، على حد قوله. ومضى الزعيم السابق لحزب "ميرتس" اليساري الليبرالي في توقعاته المتشائمة مشيراً إلى أن مجالات الحياة في إسرائيل اليوم مرتبطة ببعضها البعض إذ لا يمكن مثلاً الفصل بين التعليم والصحة والرفاه والأمن.. الخ. وأضاف موضحاً "هل يمكن لأحد أن يتصور بأن دولة ثلث سكانها يعيشون تحت الفقر ستنعم بالأمن؟!".

 

 

وحول "الإصلاح" الذي يقوده وزير العدل دانيئيل فريدمان في جهاز القضاء قال سريد إنه يقيس الأمور بالنوايا القابعة خلفها، وأضاف أنه وحسب رؤيته، وبناء على الشخص (الوزير) المُعيَّن (أي فريدمان) ومن عينه (رئيس الحكومة إيهود أولمرت) والجهات التي تُهاجم، في إشارة إلى المحكمة الإسرائيلية العليا (التي شن فريدمان هجوماً عنيفاً عليها وهو يسعى صراحة، تحت غطاء "الإصلاح" إلى الحد من صلاحياتها) وكذلك جهاز القضاء بشكل عام ومراقب الدولة ولجنة "فينوغراد" (التي حققت في إخفاقات حرب لبنان الثانية) والمستشار القانوني للحكومة ميني مزروز، فإنه يلاحظ هجوماً كاسحاً على الجهات المؤتمنة على تطبيق القانون والرقابة والمحافظة على القانون. وأكد سريد أن هذه "الهجمة" تتم لحساب "من يخشى، مما ستقوله هذه المنظومة على إختلاف مكوناتها، على مصيره" في إشارة إلى رئيس الوزراء إيهود أولمرت. وأردف سريد "هناك قاسم مشترك واحد لكل الاقتراحات.. يريدون تعزيز نفوذ السياسيين وإضعاف قوة القضاة والمدعين والمحققين".

 

وفيما يتعلق بالعملية السياسية والعلاقات مع الفلسطينيين أو السوريين قال سريد بتشاؤم "الطرفان إما لا يرغبان كفاية أو لا يستطيعان". وناشد سريد الجانب الإسرائيلي أن يحاول فتح حوار مع الجانب الآخر، وبضمن ذلك أيضاً مع الرئيس السوري بشار الأسد، رافضاً ما أشيع عن محاولات إسرائيلية للتحدث مع الرئيس السوري لم تجد نفعاً. وأضاف "واضح ما يريده بشار الأسد: تنازل عن كامل هضبة الجولان وأنه من دون ذلك لن يكون هناك سلام.. أما نحن فنريد تطبيعاً كاملاً وترتيبات أمنية ملائمة". وأردف سريد مؤكداً "هذه هي صيغة السلام والجميع يعرفون ذلك". وأضاف أنه يأسف لكون البعض "ما زال يحتاج لخوض حرب أخرى ولسنوات أخرى حتى يدرك أن هذه هي الشروط لتحقيق السلام".

 

وأجمل سريد في نهاية حديثه توقعاته للسنة العبرية الجديدة بقوله "أجد صعوبة بالغة في الإشارة إلى شيء ما إيجابي.. فأنا أرى عوضاً عن ذلك مزيداً من الألاعيب والمراوغات والكذب والتهرب من المسؤولية والضعف والانتهازية". وختم "مثل هذه الأمور من الصعب أن ينتج عنها أشياء إيجابية".