بدء عملية الإطاحة بشارون عن زعامة الليكود

على هامش المشهد

* تراجع كبير في شعور الانتماء إلى إسرائيل وأهميته في حياة الفرد اليهودي * الكاتبة الأميركية اليهودية سارة روي تؤكد ان أحد أسباب هذا التراجع هو سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين وتبعيتها لسياسة الإدارة الأميركية *

 

 

 

دلت نتائج بحث علمي أعدّ في الولايات المتحدة الأميركية ونشرت معطياته في الأيام الأخيرة على تراجع الشعور بالانتماء إلى إسرائيل "ورؤية أهمية وجود إسرائيل"، بين صفوف الشبان الأميركان اليهود حتى سنّ 35 عاما.

ومسألة الانتماء تعتبر من أهم جوانب عمل الحركة الصهيونية بين أبناء الديانة اليهودية في العالم، لتحفيزهم على الهجرة إلى إسرائيل، في المرتبة الأولى، أو لتقديم الدعم المادي والمعنوي لإسرائيل في أوطانهم الأصلية، في حال لم يقرروا الهجرة "المنشودة".

 

وقد أعد هذا البحث أكاديميون من معهد "هيبرو يونيون كوليج" وجامعة "كاليفورنيا ديفيس"، في الولايات المتحدة، وشمل استطلاع آراء 1700 شخص من الأميركان الشبان أبناء الديانة اليهودية.

وتبين من البحث أنه كلما قلّ سنّ الشاب من هؤلاء تراجعت نسبة الشعور بالانتماء لإسرائيل و"رؤية أهميتها بالنسبة له"، إذ لم يعر 52% من المستطلعين أهمية لإمكانية إبادة إسرائيل، فيما اعتبر 48% منهم أن إبادة إسرائيل هو كارثة شخصية بالنسبة لهم، بينما ارتفعت نسبة هذا الشعور بالكارثة بين أبناء سنّ 65 عاما وما فوق من الأميركان اليهود إلى 78%.

وقال 54% من الشبان أنفسهم إنهم يشعرون بارتياح لوجود إسرائيل، بينما هذه النسبة ترتفع إلى 81% بين أبناء سنّ 65 عاما وما فوق، وقال 60% من المستطلعين الشباب إن الاهتمام بمصير إسرائيل هو "عنصر هام في كونك يهوديا"، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 80% بين المسنين.

ويقول المشرفان على البحث، البروفيسور ستيفان كوهين والبروفيسور آري كالمان، إن الهبوط الدائم في نسبة الشعور بالانتماء إلى إسرائيل لدى الأجيال الناشئة يدل على أن الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة يتجّه نحو الاضمحلال.

ويضيف الأكاديميان، في تعليقهما على البحث، وعبر حديث لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن في هذه الظاهرة عاملا ايجابيا وهو الاندماج الناجح في المجتمع الأميركي، لكن من جهة أخرى فإن "حجم الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة يتقلص"، وهذا بسبب الزواج المختلط، وقال أحد التقارير إن نسبة الزواج المختلط مع ديانات أخرى يصل إلى 50% وحتى أكثر.

لكن من جهة أخرى فإن معطيات الوكالة الصهيونية قالت إنه في العام الماضي شارك 60 ألف شاب من أبناء الديانة اليهودية في الولايات المتحدة في نشاطات تأييد لإسرائيل، علما أن عدد اليهود في الولايات المتحدة يبلغ قرابة 2ر5 مليون نسمة، وتتوقع الوكالة ازديادا ملحوظا في هذه المشاركة في العام المقبل مع حلول "الذكرى الستين لقيام إسرائيل".

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالا إلى جانب التقرير حول البحث بقلم الكاتبة الأميركية اليهودية سارة روي، من بوسطن، أكدت فيه على أن ابتعاد الأميركان اليهود عن شعور الانتماء إلى إسرائيل نابع من تصرفات إسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة وأماكن أخرى في العالم.

وجاء في المقال: "يجب أن نذكر أن اليهود في الولايات المتحدة ليسوا جميعا كيانا واحدا، فهناك معارضون لإسرائيل وهناك مناهضون للصهيونية، ولكن هناك أيضا صهاينة بينهم، إن المنتقدين الأساسيين لإسرائيل من بين اليهود هم القلقون من نشاط إسرائيل في المناطق (الفلسطينية المحتلة منذ العام 67) وفي أماكن أخرى في العالم، إن يهود الولايات المتحدة معنيون بأن تتصرف الدولة اليهودية (إسرائيل) بموجب معايير أخلاقية وإنسانية...".

وتضيف الكاتبة روي "إننا قلقون من تدخل إسرائيل في العراق وأفريقيا ودعم إسرائيل لأنظمة ظلامية وديكتاتورية في أنحاء العالم، ونرى أن إسرائيل تنفذ سياسة الولايات المتحدة، وبشكل خاص سياسة الرئيس (جورج) بوش".

وتتابع روي كاتبة "إنني أعتقد أنّ سياسة إسرائيل في المناطق (الفلسطينية المحتلة منذ العام 67) أدت إلى تراجع تأييد اليهود في الولايات المتحدة لها، فقبل 20 عاما كانت مجموعة صغيرة من اليهود التي عارضت ممارسات إسرائيل في المناطق الفلسطينية، لكن الأبحاث تدل الآن على ارتفاع كبير جدا في هذه المعارضة، إن سياسة إسرائيل في المناطق الفلسطينية لا تسبب ضررا للفلسطينيين فحسب بل أيضا للإسرائيليين واليهود في كل العالم".

 

وتختتم روي مقالها بالقول: "إنني كابنة لناجية من المحرقة (في الفترة النازية)، أشعر بسوء حين تتهم إسرائيل كل منتقديها باللاسامية، إن الانتقادات تجاه كل دولة في العالم هو أمر متبع، وليس بإمكان إسرائيل أن ترفض الانتقادات نحوها بذريعة معاناة اليهود في المحرقة، فهذا يمس ويضر بذكرى ستة ملايين ضحية، وهذا بالتأكيد يجعل المعارضة لإسرائيل بين اليهود تتسع".

 

البحث يدعم أبحاثا سابقة

 

 

يأتي هذا البحث بعد عدة أشهر من ظهور بحث كبير جدا ظهر في كتاب في إسرائيل يؤكد أن الغالبية الساحقة من اليهود في العالم باتت لا تشعر بأي انتماء لإسرائيل، وهي ترى موطنها الأصلي والطبيعي حيث تعيش الآن.

ويأتي أيضا في ظل تنامي قلق الحركة الصهيونية من التراجع الكبير في الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، على الرغم من أنّ إسرائيل، بحسب معطيات الوكالة اليهودية، أصبحت أكبر تجمع لليهود في العالم.

 

وحسب تلك المعطيات، فإنه يوجد في العالم اليوم 1ر13 مليون يهودي، يزدادون بأعداد بسيطة سنويا نسبيا، ويعيش في إسرائيل أكبر تجمع لليهود، حوالي 35ر5 مليون يهودي، مقابل 2ر5 مليون في الولايات المتحدة.

وفي حين كان معدل الهجرة إلى إسرائيل في سنوات التسعين من القرن الماضي 100 ألف مهاجر وأكثر سنويا (مليون مهاجر خلال عشر سنوات)، فإن معدل الهجرة الصافية لإسرائيل في السنوات الست الأخيرة هو في حدود 14 ألف مهاجر، وذلك لأن معدل الهجرة يتراوح ما بين 20 ألفا إلى 21 ألفا، لكن في مقابلها هناك هجرة عكسية تتراوح ما بين 7 آلاف إلى ثمانية آلاف، وفق الإحصائيات الرسمية في إسرائيل وإحصائيات الوكالة الصهيونية.

وهذا ناجم عن أن 90% من اليهود في العالم يعيشون في بلاد مستواهم المعيشي فيها أعلى من المستوى المعيشي في إسرائيل، مثل الولايات المتحدة ومن ثم فرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.

وتعطي الحركة الصهيونية ومراكز الأبحاث والجمعيات التي تدور في فلكها حيزا كبيرا جدا للنشاط بين أبناء الديانة اليهودية في أوطانهم في مختلف أنحاء العالم، وبشكل خاص بين الأجيال الناشئة.

ويقول التقرير الأخير الصادر عن "معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي"، الذي يرأسه مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق دينيس روس، إن على إسرائيل ان تنشط بين الأجيال الشابة لتنمي وتعمق لديهم شعور الانتماء لإسرائيل.

فتحت بند "جدول أعمال سياسي إستراتيجي"، يركز المعهد السياسة التي يجب أن تتبعها إسرائيل بهدف توثيق علاقتها مع ما يسمى بـ "يهود المهجر"، وأيضا زيادة علاقة وارتباط هؤلاء اليهود بإسرائيل.

وجاء في التقرير: "إن الأمر يتطلب وسائل وأساليب جديدة من أجل رفع مستوى الاندماج والعلاقة بين إسرائيل واليهود في المهجر، من أجل ضمان وحدة يهود العالم على المدى البعيد".

 

ويوصي المعهد بعدة إجراءات من بينها: 1- إقامة أكاديمية لقيادة الشعب اليهودي، تعالج الأسئلة المصيرية التي يواجهها اليهود في العالم وكيفية معالجتها على المدى البعيد، 2- أن تشدد إسرائيل على عدم زج "الجاليات اليهودية" وقادتها في العالم في أوضاع ينجم عنها "تضارب المصالح"، 3- استقدام شبان يهود إلى إسرائيل ليقيموا فيها سنة واحدة على الأقل، وفي المقابل إرسال شبان يهود من إسرائيل ليعيشوا بين "الجاليات اليهودية"، وعلى ما يبدو فإن القصد هو التغلغل لتحفيز اليهود على الهجرة إلى إسرائيل، خاصة وان بندا آخر يدعو إلى إعداد برامج جديدة وسريعة تشجع على الهجرة إلى إسرائيل.