العدد 79 من فصلية "قضايا إسرائيلية"، ويتضمن محوراً تحت عنوان "المجتمع الحريدي والدولة في إسرائيل"، يرصد العلاقة بين الحريديم والحركة الصهيونية من البدايات، وما شاب العلاقة بينهما من توتر وما شهدته من تسويات، وصولاً إلى الإضاءة على تغيرات عميقة طرأت على المجتمع الحريدي بعد انفتاحه على العلاقات مع المجتمع العلماني، وانخراطه في اللعبة السياسية، وتلامسه مع مؤسسات الدولة ذات الصبغة العلمانية، وتوسع تواجده في الجيش، وتوظيف أزمته الإسكانية لدمجه في مشروع الاستيطان.
وتحت عنوان "الحريديم" يكتب الباحث تومر فرسيكو أن الحريدية ليست يهودية متزمتة جداً فقط، كما أنها ليست ببساطة رداً على الحداثة، بل ينبغي فهمها واعتبارها يهودية حداثية بالتأكيد، شمولية وانعزالية، كواحدة من عديد التيارات التي تبلورت في القرن التاسع عشر، وأن للهوية الحريدية سمات خاصة بها، وهي مختلفة عن الهويات اليهودية الأخرى.
يسعى الكاتب في مقاله التعريفيّ إلى رسم الخطوط العريضة للهوية اليهودية الحريدية، ثم يستعرض بإيجاز التيارات المختلفة التي تنضوي في إطارها، ومكانة هذه التيارات في المجتمع اليهودي بإسرائيل، وشكل انخراطها في السياسة الإسرائيلية.
وتستعرض دراسة تطور حيّز الحريديم في إسرائيل للكاتبين: لي كهنر، ويوسف شلهاب، انتشار السكان الحريديم في إسرائيل وأنماط استيطانهم، وتفحص التطورات التدريجية والتغيرات في المفاهيم الاستيطانية التي أدت إلى صورة الاستيطان لدى الحريديم، كما هي عليه اليوم.
ويبين الكاتب أن السكان الحريديم بألوانهم المختلفة يمرون بتغيرات اجتماعية وتغيرات في نسب الزيادة الطبيعية العالية، وهي تغيرات تشكّل صورة جديدة لخارطة تركيز الحريديم وتحديد مواقعهم في الحيز الإسرائيلي.
وفي ورقة تحت عنوان "الحريديم والجيش في سياق سؤال الدين والدولة في إسرائيل"، للباحث مهند مصطفى، نقاش لمسألة دمج الحريديم في الجيش الإسرائيلي. إذ تندرج هذه المسألة في إسرائيل في سياق عودة وتصعيد الصراع حول سؤال الدين والدولة. وتنطلق الورقة من مقولة: إن الدعوات لدمج الحريديم في الجيش لا تحدث في سياق تعاظم التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجهها إسرائيل، مما يستوجب تجنيد المزيد من المقاتلين لمواجهة هذه التحديات، بل ضمن صراع يحتدم في السنوات الأخيرة حول الدين والدولة، والجيش هو مجرد ساحة من ساحات الصراع حول هذه المسألة. لذلك، فإن مسألة تجنيد الحريديم للجيش ليست مسألة عسكرية، بل سياسية واجتماعية.
ويسعى حاييم زيخرمان، في مقال تحت عنوان "المجتمع الحريديّ والجهاز القضائيّ في إسرائيل"، إلى فحص العلاقة المتوترة بين السكّان الحريديم ومحكمة العدل العليا في إسرائيل، والتي يعود مصدرها إلى المواجهة الثقافيّة مع هذه المحكمة، النابعة من تأويل الحريديم لقراراتها في قضايا الدين والدولة بأنّها تسعى لأن تعيق تقدّمهم.
ويستعرض المقال التظاهرات الوحيدة التي نظّمتها القيادة الحريديّة في العقود الأخيرة، وشارك في كل واحدة منها مئات الآلاف، وهي تظاهرات ضد الجهاز القضائيّ وقراراته.
ويسعى المقال للادعاء بأنّ دخول الشباب الحريديم إلى عالم القضاء الإسرائيليّ سيُحدث تغييراً حقيقياً في الموقف الحريديّ العامّ من الجهاز القضائيّ. في إطار هذا التغيير، يمكن الإشارة إلى التعاون المتزايد بين السكّان الحريديم والجهاز القضائيّ، وفي المدى المنظور يمكن توقّع ازدياد الثقة الحريديّة بالجهاز القضائيّ الإسرائيليّ.
وفي هذا العدد من "قضايا إسرائيلية" زاوية جديدة تحت عنوان "من الأدب العبري الحديث: قصيدة وتعليق"، تتضمن قصيدة "باب الواد" لحاييم غوري، يعقّب عليها مالك سمارة تحت عنوان المجاز "الصهيوني" وإعادة إنتاج المكان.
وفي العدد ورقة تحت عنوان "إعادة النظر في الحاضر الاستعماري- استمرار المشروع الاستيطاني الاستعماري من خلال الدولة الاستيطانية الاستعمارية: حالة إسرائيل"، للأكاديمي وليد سالم، تجادل بأن الحاضر الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي يتجسد في دولة استيطانية استعمارية، وتحدد الورقة الخصائص السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية لهذه الدولة، والأدوات المختلفة التي تستخدمها في طريقها إلى الاكتمال، مثل مزج الاستعمار الاستيطاني والاستعمار الداخلي في التعامل مع الفلسطينيين داخل إسرائيل، واستخدام أدوات الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري والاحتلال الحربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ويخلص الباحث نبيه بشير، في مقاله "صهيونية التيار الديني الاستيطاني: السياق التاريخي، الأيديولوجيا، والمؤسّسات الرسمية في إسرائيل"، إلى أن المجتمع الإسرائيلي يمر برمته، في العقود القليلة الأخيرة، بسيرورة تديّن عميق على جميع الأصعدة التربوية منها والثقافية والعسكرية والإعلامية، إضافة إلى الخطاب السياسي.
ويقول الكاتب: إنَّ تعاظم حضور المتدينين بمناصب عليا في مؤسّسات ودوائر حكومية مختلفة وأخرى غير حكومية، لا سيما الجيش والإعلام والثقافة ومؤسّسات التعليم العالي وعلم الآثار، وكذلك توجّههم إلى دور القضاء الإسرائيلي وتطوّعهم للخدمة المدنية، كل ذلك يعتبر أكبر مؤشّر على تعاظم مكانة الدين في الحيّز العام وتأثيره في الخطاب العام، إضافة إلى تعزيز انخراط التيارات والفئات اليهودية المتزمتة دينياً، التي ناهضت فيما مضى الصهيونية، في المجتمع الإسرائيلي بكافة مؤسّساته وثقافاته.
وفي العدد مقال تحت عنوان "الاحتلال الذي طال أمده، وتقرير المصير والحق في الانتخاب" لياعيل بيردا وإيتمار مان، وآخر لإيتمار ريكوفر تحت عنوان "بين عرق العامل ودم المحارب - جذور الثقافة الإستراتيجية في إسرائيل"، يتعقّب تطور الثقافة الإستراتيجية الإسرائيلية ضمن مسار تدريجي إلى ثقافة إستراتيجية حربية قتالية.
وتحت عنوان "إسرائيل وأذربيجان: البدايات، وآفاق الشراكة الإستراتيجية"، يقرأ الباحثان أيمن طلال يوسف ومحمود الفطافطة علاقة إسرائيل المتنامية مع أذربيجان من المنظورين الإستراتيجي والاقتصادي، في ضوء توسع إسرائيل بعلاقاتها الخارجية بعد نهاية الحرب الباردة، إذ لعبت إسرائيل على وتر خلافات أذربيجان مع دول الجوار، خاصةً أرمينيا وإيران وروسيا؛ بهدف إقامة علاقات معها وصلت إلى درجة الشراكة الإستراتيجية والاقتصادية، وقد ساهمت عوامل الطاقة وأنابيب البترول والخطر الإيراني والاعتبارات الجيوبوليتيكية في تعزيز هذه الشراكة.
وفي زاوية قراءات نقديّة ومراجعات مساهمة لإيهاب محارمة حول كتاب إيلان بابيه "عشر خرافات عن إسرائيل"، إلى جانب زاوية المكتبة.