"قضايا إسرائيلية"60: ملف حول المشهد الأدبي الإسرائيلي ودراسة عن النقاش الديني الصهيوني حول المسجد الأقصى
رام الله: صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، حديثا، العدد 60 من فصلية "قضايا إسرائيلية"، ضمت بين دفتيها ملفا خاصا بالمشهد الأدبي الإسرائيلي في بداية الألفية الثالثة تحت عنوان "تيارات جديدة في الأدب الإسرائيلي"، يغطي أبرز ملامح هذه التيارات، وظروف نشأتها المعاصرة، ومرجعياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاثنية، وما تحمله من أسئلة، وما تقدّمه من إجابات، في قضايا الهوية والاثنية والاحتلال والاستيطان.
المقالة المركزيّة في الملف للناقد الأدبيّ الإسرائيلي أريك جلاسنر، تتناول المشهد الأدبي في إسرائيل في السنوات الأخيرة، وتشير إلى ثلاث مميّزات أساسيّة يلحظها في المشهد الأدبي: الأولى، ارتفاع منسوب السيرة الذّاتيّة في الأدب الإسرائيلي، والثانية رواج كتابة الرّواية التاريخيّة، والثالثة الكتابة عن الكتّاب.
تذهب المقالة في تحليل أسباب هذا التّحوّل مشيرةً إلى أسباب داخليّة تتعلّق بصيرورة الأدب ذاته، وأخرى ذات صلة بالسّياق الاجتماعي السياسي العام.
أمّا شاؤول سيتِر- أستاذ الأدب في كلّية سَبير- فيكتب عن الشعر الشرقي، ويتناول ظاهرة ما يسمّى "عرص بوييتِيكا" (الشّاعريّة)، وهي مجموعة من الشّعراء بدأت نشاطها قبل حوالي ثلاث سنوات، وتركّز نشاطها في إقامة أمسيات شعريّة. هؤلاء الشّعراء بغالبيّتهم هم شعراء من أصول يهوديّة - عربيّة (أي من مهاجري الدّول العربيّة) وعلى الغالب أبناء الجيل الثاني أو الجيل الثالث في البلاد، يكتبون شعرا احتجاجيا اجتماعيّا وإثنيّا وطبقيّا. تحلل المقالة الاختيار المتعمّد لاسم "عرص بوييتيكا" ودلالاته الفنّية والاجتماعيّة. كما تحلل الدلالات الاجتماعيّة للمجموعة، وعلاقاتها الحاليّة مع المؤسسة الحاكمة ومع النّخب الأشكنازيّة.
وتحلل مقالة مرزوق الحلبي ذات الظّاهرة، وتضعها فنّيا وسياسيا في سياق تاريخ حركات الاحتجاج التي قام بها الشّرقيّون ضدّ المؤسّسة، ويدعّم المقالة بترجمات لبعض شعراء المجموعة.
أمّا الكاتب والنّاقد أنطوان شلحت، فيقدّم لنا قراءةً في موضوع مثير، ألا وهو أدب النّهايات السّوداويّة، أو ما يسمّى بأدب الدِيسْتوبيا (Dystopia). فإذا كانت اليوتوبيا هي اللامكان أو المكان الأفضل، فإنّ الديستوبيا عكسها، وهي تعبير عن ضرب من الكابوس الذي ينتظرنا في المستقبل. يعرض شلحت في بداية مقالته نظرة تشخيصيّة عامّة لهذا الجانب، ثمّ ينتقل إلى حضوره في السّياق الإسرائيلي محللاً الرّوايات الأساسيّة التي تمثّله.
ويقدّم النّاقد الأدبي حنان حيفر قراءةً نقديّةً للديوان الشّعري الأخير للشاعر حاييم جوري، ويتساءل عن الدّور الذي لعبه، ويمكن أن يلعبه الشّاعر في المشهد الشّعري الإسرائيلي. يرى حيفر أنّ جوري يبدو في سنواته الأخيرة وكأنّه تنازل عن فكرة وإمكانيّة تقويم المسيرة القوميّة للشّعب اليهودي، وعن رؤيته للأدب العبري باعتباره محاولة مستمرّة لتطبيع الوجود اليهودي الحديث، فيما ينزع إلى تناول قضايا أكثر حياتيّة وبساطة في شعره.
وفي العدد، الجزء الثاني من مقالةً الصحافي والناقد السينمائي يوسف الشّايب بعنوان "المُخرجون الجُدد"، يتناول فيه ظاهرة المخرجين الإسرائيليّين الجدد الّذين يقدّمون مقاربة جديدة لتاريخ إسرائيل ولتاريخ الصّراع الإسرائيلي - العربي.
في الأبواب الباقية لفصلية قضايا إسرائيلية ثمة طيف من المواضيع الأخرى، حيث يقدّم الباحث والمحاضر الجامعي مهنّد مصطفى دراسة تاريخيّة تحليليّة وغنيّة حول موقع المسجد الأقصى وموقعه في الفكر الصهيوني. تشكّل المقالة مدخلاً لدراسة طبيعة العلاقات بين الدّين والقوميّة في الفكر الصهيوني والتّداخل بينهما.
يرتكز المقال على النقاش الديني الصهيوني حول المسجد الأقصى، ويؤكد أن الفرق بين النقاش الفلسطيني وبين الصهيوني أولا ثم الصهيوني الديني ثانيا حول المسجد الأقصى المبارك، هو أن الحركة الوطنية الفلسطينية لم تر هذا التوتر بين وطنية ودينية المسجد الأقصى المبارك، فالصراع عليه منذ العشرينيات كان مقولبا في الصراع ضد المشروع الصهيونيّ في فلسطين. بينما رافق المشروع الصهيوني في بدايته وحتى الآن ثلاثة مسارات من التوتر في التعامل مع المسجد الأقصى المبارك.
ويحلل الباحث والمحاضر الجامعي بيني نوريئيل في مقالة أخرى السيرورات التاريخية التي حصلت في مدينة اللد في العقد الأول بعد احتلالها. ففي تلك الفترة، تحددت إحداثيات الحيّز من قبل الأجهزة العسكرية والمدنية في الدولة، والتي ابتغت إنشاء بنية ديمغرافية تقوم على الفصل العنصري، حيث يعيش اليهود معزولين عن الفلسطينيين.
يحوي العدد مقابلةً مع الصّحافيّة العاملة في صحيفة "هآرتس" - عميرة هاس - والتي تقيم منذ سنوات في رام الله، تبين فيها نظرتها للواقع الاسرائيلي على كافة الأصعدة وتحدد مهمتها المهنية الأول المتمثلة بمراقبة الاحتلال من خلال الفلسطينيين.