حركة اجتماعية فكرية يهودية نشأت في اواخر القرن الثامن عشر في المانيا، ومن بين ابرز أهدافها: تحسين حياة الشعب اليهودي،
ورفع قيمة حضارته ونشر ثقافته مع التشديد على الثقافة العلمانية دون الثقافة الدينية. ويتم تحقيق هذه الأهداف بعد الدخول في صراع مع القيادات التقليدية ـ المحافظة ولمتزمتة التي حالت دون تطبيق أي شكل من أشكال التطور والتقدم في الأجهزة الحياتية المختلفة للشعب اليهودي، كالاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم.
وانتشرت هذه الحركة في دول الغرب الاوروبي وأُقيمت مؤسسات لرعاية تطوير الأدب العبري العلماني والأدب اليهودي الايديشي(أي باللغة الايديشية). وتمكنت هذه الحركة من إصدار مجلات وجرائد أولت هذا الجانب رعاية واسعة وكبيرة، من أبرزها: "همأسيف" و "همجيد" و "هتسفيرا"...
ولقد أثارت هذه الحركة معارضة التيارات الدينية المتزمتة والمتشددة، وازدادت حدتها إثر الدعوة للاندماج بالمجتمع المحيط بها(أي المجتمع الاوروبي)، وقيام مجموعات من اليهود بالتنازل عن معتقداتهم الدينية استجابة لدعوات هذه الحركة وتأثرا بالجو العام العلماني الذي أخذ يسود اوروبا في ذلك الوقت.
ولكن الأمور انقلبت رأسا على عقب إثر حوادث عام 1881 في روسيا، حيث أخذ أعضاء هذه الحركة بالامتناع عن الاندماج في المجتمع الروسي، ووصلوا على قناعة أنه ليس بالأمر السهل إحداث تغيير في مبنى الثقافة اليهودية إزاء ما يجري من ملاحقات ومضايقات ضد اليهود. وحدثت أزمة بين تيارين داخل الحركة، الأول بدأ يتمسك بالعودة إلى أصول الثقافة اليهودية والاستقاء منها والحفاظ عليها نقية من أي تأثير غربي اوروبي، وتمثل هذا التيار بظهور حركة "محبي صهيون" التي رأت في الحركة الصهيونية منفذا جيدا لها ولطروحاتها وبالتالي الدعوة إلى الهجرة اليهودية إلى فلسطين. أما التيار الثاني فتمسك بضرورة تبني الثقافة الغربية بكل مركباتها.
