تهدف هذه الورقة إلى تحليل واقع العلاقات الأردنية- الإسرائيلية، في ذكرى مرور 25 عاماً على توقيع اتفاق السلام بين البلدين، وتنطلق من مقولة أن العلاقات الثنائية آخذة في التوتر في الأعوام الأخيرة بعد أن بدأ اليمين الإسرائيلي يُصعد من خطاب ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة، ومن خطاب تهويد القدس وتعزيز السيطرة على المسجد الأقصى من جهة أخرى. علاوة على ذلك تأزمت العلاقات بسبب اتخاذ الحكومة الإسرائيلية خطوات لم تحمل احتراماً للأردن وحكومته وقيادته، كما حدث مثلاً في حادثة اعتقال المواطنيّن الأردنيين إدارياً وما رافق ذلك من حملة احتجاج شعبية عارمة في الأردن تطالب بالإفراج عن الأسرى الأردنيين ومعاقبة إسرائيل على ذلك لدرجة قطع العلاقات بين البلدين.
مقدمة
في خطاب ألقاه الملك الأردني عبد الله الثاني في نيويورك، بيّن بشكل صريح تأزم العلاقات بين البلدين، حيث قال في كلمته إن العلاقات الأردنية- الإسرائيلية وصلت إلى الحضيض في الأعوام الأخيرة (وتحديدا في العامين المنصرمين)، واعتبر أن سبب وصول العلاقات للحضيض بين البلدين يعود إلى الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل، وأعرب عن أمله أن تتشكل حكومة في إسرائيل تضع مسألة السلام في رأس أولوياتها. أمير تيفون، ملك الأردن: منظومة العلاقات بيننا وبين إسرائيل وصلت إلى الحضيض، هآرتس، 23/11/2019، أنظر الرابط: https://www.haaretz.co.il/news/politics/1.8164883 وفي خطاب آخر ألقاه الملك في نفس الزيارة، في معهد واشنطن لدراسة الشرق الأوسط، والمعروف بدعمه لإسرائيل وبعلاقاته مع جهات داعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية، أوضح أن "المشاكل مع إسرائيل هي التبادلية"، وأضاف أنه في العامين المنصرمين لم تستطع الدولتان حل "قضايا بسيطة" بينهما، معلناً أنه يأمل مع إقامة حكومة في إسرائيل "أن نستطيع مناقشة المشاكل التي لم ننجح في نقاشها في العامين المنصرمين". وأضاف الملك أنه يدرك أن هناك مشاكل سياسية في إسرائيل، موضحا "أن ذلك لا يُمكن أن يكون على حساب ما قاتل من أجله والدي ورئيس الحكومة الإسرائيلية المرحوم إسحاق رابين وسعيا إلى تحقيقه"، المصدر السابق مؤكدا في موضع آخر في خطابه أن "حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن [للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني]، وغير ذلك من البدائل سيكون سيئا للجميع". المصدر السابق
وفي مقال كتبه الدبلوماسي الإسرائيلي السابق والباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" عوديد عيران بعنوان "لا تهملوا الأردن"، يؤكد ما جاء على لسان الملك الأردني، حيث أشار إلى أن أي حكومة سوف تؤلف في إسرائيل عليها أن تضع العلاقات مع الأردن في سلم أولوياتها، مشيرا إلى أن هنالك أموراً تحدث في هذه العلاقات، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية الأخيرة لعبت دورا مركزيا في تدهور العلاقات مع الأردن. عوديد عيران، لا تهملوا الأردن، هآرتس، 19/10/2019، أنظر الرابط: https://www.haaretz.co.il/opinions/.premium-1.8008735
ومع ذلك تشير التقارير إلى أن التعاون الأمني بين البلدين لا يزال قائماً، وفيما غير ذلك من مجالات فإن العلاقات في تدهور كامل مع تأكيدها على الموقف المعادي للرأي العام الأردني لإسرائيل. نوعا لنداو، 25 عاما من البرودة: السلام مع الأردن يزدهر بين الأجسام الأمنية، ولكن أقل بين الشعوب، هآرتس، 13/10/2019، أنظر الرابط: https://www.haaretz.co.il/news/politics/.premium-MAGAZINE-1.7969816
في المقابل يعتبر أرييل كهانا، المُحلل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن هنالك مبالغة في مسألة الكلام عن تدهور العلاقات مع الأردن، حيث يساهم أصحاب مناصب سابقة في إسرائيل من الجهازين الأمني والدبلوماسي في التركيز على نصف الكأس الفارغة في العلاقات مع الأردن، ولا يتحدثون عن النصف الآخر من الكأس الممتلئة، والذي يتعلق بوجود مصالح استراتيجية مشتركة بين البلدين لا يمكن مع وجودها زعزعة العلاقات بينهما. أرييل كهانا، 25 عاما للسلام مع الأردن: هناك إيجابيات للسلام البارد، يسرائيل هيوم، 25/10/2019، أنظر الرابط: https://www.israelhayom.co.il/article/701451
ويضيف كهانا:
"على الرغم مما يقال في الخارج، فإن المصالح الثنائية هي ما تُحدّد التوجهات. إسرائيل تمنح الأردن ظهيراً استراتيجياً يمكّنه من مواجهة التحديات. وإسرائيل تدعم بقاء الأردن كمملكة هاشمية وتعارض فكرة "الأردن هو فلسطين". وإسرائيل تمنح الأردن مكانة قويّة في الأقصى (هار هبايت بتعبيره)، وتبيع له الغاز بسعر منخفض جدا، وتزوده بعشرة بالمائة من استهلاك الماء العام [في المملكة] بسعر التكلفة، وتسمح بتزويد المنتوجات الأوروبية للأردن من خلال ميناء حيفا ونقاط الحدود. والمقابل الأردني لذلك ليس المال فقط، وإنما شراكة حقيقية مع إسرائيل في تهدئة الفلسطينيين في الأقصى والمنطقة عموما. وفوق كل ذلك يشكل الأردن عمقا استراتيجيا أمنيا لإسرائيل- المصلحة الوحيدة تقريبا التي تعنينا". المصدر السابق
ملامح التوتر في العامين المنصرمين
تميزت العلاقات الأمنية بين الأردن وإسرائيل بالثبات والتعاون، لا سيما بعد اندلاع الثورات العربية وسيادة حالة عدم الاستقرار في المنطقة وصعود تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق، حيث تعزز التعاون في مواجهة هذه التحديات. فقد أشارت وكالات الأنباء إلى أن إسرائيل زوّدت الأردن بست عشرة طائرة "كوبرا"، خرجت من الخدمة العسكرية الإسرائيلية وذلك ليستعملها الأردن في الحفاظ على حدوده ضمن جهوده لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. كما أجرى الأردن وإسرائيل والولايات المتحدة وسنغافورة تدريبا جويا مشتركا في صحراء نيفادا وذلك لمحاكاة ضربة جوية أو قتال جوي تشترك فيه دول عديدة. وقد غادرت الطائرات الحربية الأردنية والإسرائيلية قواعدها إلى صحراء نيفادا حيث زودت إسرائيل الطائرات الأردنية بالوقود خلال السفر عبر الجو، والذي اعتبر تعزيزا للتعاون العسكري بين البلدين. وقد صرح رئيس قسم التدريبات في الجيش الإسرائيلي بأن هذا التدريب يُعتبر التدريب الافتراضي الأفضل والأوسع في العالم. غيلي كوهن، سلاح الجو أجرى تدريبا قتاليا مع الولايات المتحدة والأردن في نيفادا، هآرتس، 6/9/2015، ص: 6.
غير أنه في العامين المنصرمين، وكما ذكر الملك الأردني أعلاه، شهدت العلاقات توتراً كبيراً، يمكن إيجاز أسبابه بما يلي:
أولاً، الموقف الأميركي الذي أعطى دفعا لمخططات اليمين في الضم ومحاولة إنهاء حل الدولتين، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، والتجاهل الأميركي لموقف الأردن في الملف الفلسطيني ومصالحه، حيث يُشكل حل الدولتين مصلحة إستراتيجية أردنية.
في هذا السياق، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا والمتخصص في الشؤون الأميركية، آفي بن تسفي، إلى أن زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بينس تمثل مرحلة جديدة في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية نحو تعزيز الشراكة بين الدولتين، وذلك على الرغم من أن بينس ليس ضمن الطاقم الرئاسي الذي يتابع قضايا الشرق الأوسط، ولكنه، برأي بن تسفي، يعبر بشكل كبير عن التوجهات التي يمثلها الرئيس دونالد ترامب، ويظهر ذلك جليا في الطريقة التي عرض فيها بينس موقف الإدارة الأميركية من قضايا القدس والمفاوضات أمام الملك الأردني، وذلك دون محاولة منه لأن يصالح أو أن يقترب من موقف الملك الأردني، أو التحدث بصورة دبلوماسية معه حول موقف الإدارة الأميركية من القدس، بل أوضح للملك الأردني بشكل مباشر الموقف الأميركي من قضية القدس ونقل السفارة إليها. آفي بن تسفي، التزام حقيقي غير متعلق بشيء، يسرائيل هيوم، 23/1/2018، ص: 13.
ثانياً، التوتر في المسجد الأقصى ومحاولات إسرائيل تعزيز سيطرتها على الحرم الشريف وتقليص الدور الأردني المتمثل في حماية الأوقاف الإسلامية في الحرم، ووصلت ذروة هذا التوتر في أحداث البوابات الإلكترونية، حيث يرى الأردن أن مكانته في الحرم القدسي الشريف هي جزء من شرعية النظام الملكي.
ثالثاً، الحديث الإسرائيلي الدائم عن ضم مناطق في الضفة الغربية وكان آخرها حديث نتنياهو عن ضم منطقة غور الأردن.
رابعاً، إهانة مواطنين أردنيين واعتقالهم، وكان آخر ذلك عملية اعتقال الناشطة الأردنية هبة اللبدي ومواطن أردني آخر، والتي وقف فيها الأردن موقفا حازما، حيث استدعى السفير الأردني في تل أبيب احتجاجا على اعتقالهما، وتم ارجاع السفير بعد الإفراج عنهما.
كما برز في العام المنصرم التوتر الكبير في العلاقات الأردنية- الإسرائيلية، في أعقاب أحداث المسجد الأقصى ووضع البوابات الإلكترونية، وبعد أحداث السفارة وقيام حارس في السفارة الإسرائيلية بقتل مواطنين أردنيين، وقد زاد التوتر بعد الاستقبال الاحتفالي المتلفز الذي قام به نتنياهو للسفيرة والقاتل. وساهم هذان الحدثان في توتير العلاقات بين البلدين بشكل كبير، ولكن أثبت الأردن أن وقوف الدولة على مطالبها يؤدي إلى قطف ثمار ذلك لاحقا. فإسرائيل برغم قوتها تحتاج إلى العلاقات مع الدول العربية أكثر من علاقة الدول العربية معها. والتوتر مع الأردن في السنة الماضية أثبت ذلك بشكل كبير.
وفي إطار التسوية التي توصل لها الطرفان لحل الأزمة بينهما، قدمت إسرائيل اعتذارها للحكومة الأردنية وقامت بدفع تعويضات على قتل المواطنين الأردنيين. وكما تشير مصادر صحافية فإن قيمة التعويض تصل إلى خمسة ملايين دولار دفعت لثلاث عائلات أردنية، هي عائلتا القتيلين في حادثة السفارة، وعائلة القاضي الأردني الذي قتل على معبر اللنبي عام 2014. وقال نتنياهو إن الحكومة الإسرائيلية نقلت أموال التعويضات للحكومة الأردنية وليس لعائلات الضحايا، وعندما سئل نتنياهو حول سلوكه باستقبال حارس السفارة بحفاوة، أجاب "أنا واثق أن الطرفين يستخلصان النتائج. أنا أقوم بذلك من طرفي وأعتقد أن الأردن يقوم بذلك من طرفه، لدينا مصالح مشتركة وقد عبر ذلك عن نفسه في [التوصل] لهذا الحل". جاكي خوري ونوعا لنداو، إسرائيل عبرت عن أسفها على قتل المواطنين من قبل حارس السفارة في الأردن ودفعت تعويضات لعائلات القتلى، هآرتس، 21/1/2018، ص: 4. علاوة على ذلك، فقد خضعت إسرائيل لمطلب الأردن بعدم ارجاع السفيرة الإسرائيلية، عينات شلاين، إلى منصبها كسفيرة في عمان، كما تم الاتفاق على استمرار التحقيق في حادثة السفارة.
أراضي الباقورة والغمر: رد فعل أردني على السياسات الإسرائيلية
أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في سياق خطاب العرش الذي ألقاه في مناسبة افتتاح أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة الأردني يوم 10/11/2019، فرض سيادة الأردن الكاملة على أراضي الباقورة والغمر التي استأجرتها إسرائيل على طول الحدود المشتركة بين الدولتين، وكان لها حقّ التصرّف بها لمدة 25 عاماً بموجب ملحقات معاهدة السلام الموقّعة بين الجانبين العام 1994، على أن يتجدّد ذلك تلقائياً في حال لم تبلغ الحكومة الأردنية إسرائيل برغبتها في استعادة هذه الأراضي قبل عام من انتهاء المدة، وهو ما فعلته في تشرين الأول 2018. مركز مدار، مسألة الباقورة والغمر.. هل تؤثر على العلاقات الإسرائيلية- الأردنية؟ تقارير خاصة، 11/11/2019، أنظر الرابط: https://www.madarcenter.org/تقارير/تقارير-خاصة/8342-مسألة-الباقورة-والغمر-هل-تؤثر-على-العلاقات-الإسرائيلية-الأردنية؟ وحسب تفاهمات إسرائيلية- أردنية سيحظر على الإسرائيليين الدخول إلى الباقورة، وسيُسمح لـ31 مزارعاً إسرائيلياً بمواصلة العمل في أراضي الغمر حتى أيار 2020.
وكتب محلل الشؤون العربية في "هآرتس" تسفي برئيل آنذاك قائلاً: لقد اتضح أن لدى الأردن كثيراً من الشكاوى على سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة وفي القدس. فقد جرى إقصاؤه عن الاهتمام بالحرم القدسي الشريف، على الرغم من التعهدات الواضحة في اتفاق السلام التي تمنحه مكانة خاصة في موضوع القدس والحرم. كما استُبعد الأردن أيضاً عن المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
وبرأي هذا المحلل فإن الأردن غاضب على واشنطن بسبب الاقتراح الذي طرحه مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير على الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقامة كونفدرالية مع الأردن، من دون أن يسأل الملك عن رأيه. وأعلنت جمانة غنيمات الناطقة بلسان الحكومة الأردنية في أيلول 2018 بأن "الاقتراح لا يستحق النقاش"، وكان رداً لا يذكر أحد مثيلاً له في حدته حيال الاقتراح الأميركي. ولقد رأى الأردن في هذا الاقتراح خطوة خطرة تهدف إلى تحويل المملكة إلى "وطن بديل" للفلسطينيين، أو قناة أخرى للهروب من فكرة حل الدولتين.
وفيما بعد احتج الأردن بشدة على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف المساعدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي خطوة من شأنها تأجيج الأجواء وسط نحو مليوني لاجئ فلسطيني يسكنون في المملكة، ويشكلون عبئاً اقتصادياً إضافياً على صندوق الدولة التي تواجه استيعاب نحو مليون ونصف مليون لاجئ من سورية، وعشرات آلاف اللاجئين من العراق، وديناً عاماً يتجاوز 40 مليار دولار. ويلاحظ الأردن جيداً عدم الاكتراث الذي تظهره إسرائيل حيال مشروع قناة البحرين، على الرغم من الاتفاق الموقع في العام 2015، والذي عند الانتهاء منه يمكن أن يساعد الأردن في التغلب على النقص المزمن في المياه.
وأشارت الكاتبة الإسرائيلية اليمينية كارولين غليك، في مقال نشرته أخيراً، إلى أن على إسرائيل أن تقوم بردع الملك الأردني، وخاصة في أعقاب التدريب العسكري الذي قام به الجيش الأردني مؤخرا، معتبرة أن إسرائيل نسيت أن تردع الأردن أيضا. كارولين غليك، السلام كما في السلام، يسرائيل هيوم، 5/12/2019، أنظر الرابط: https://www.israelhayom.co.il/opinion/713163
وتقترح غليك على إسرائيل اتخاذ خطوات لردع الأردن وجيشه "العدائي" كما وصفته، وذلك من خلال الخطوات التالية:
أولاً، على إسرائيل أن تعلن أنها سوف تقوم بفحص جديد لكمية المياه التي بمقدورها أن تزود الأردن بها، غير كمية 50 مليون متر مكعب كما تم التعهد بها في اتفاق السلام.
ثانياً، على إسرائيل أن تعلن عن إجراءات جديدة في المسجد الأقصى نحو تغيير الوضع القائم الذي يضمن مكانة خاصة للأردن في الحرم الشريف.
ثالثاً، على وزارة الدفاع الإسرائيلية أن تفحص إمكانية تعزيز التواجد العسكري على الحدود مع الأردن، وذلك في أعقاب التمرين العسكري "العدائي" للجيش الأردني.
رابعاً، تؤكد الكاتبة أن "السلام مع الأردن، وأيضا بقاء الأسرة الملكية الهامشية، يشكلان مصالح إستراتيجية لإسرائيل. ومع ذلك، نتنياهو على حق، فالسلام مع جيراننا يعتمد في الأساس على قوة ردعنا، ومن وفرة القلق على الملك، نسينا على ما يبدو أنه يجب ردعه أيضاً، وحان الوقت لتصحيح ذلك"!
إجمال
اتسم إحياء ذكرى مرور 25 عاماً على توقيع اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن بالكثير من الإشارات إلى حقيقة أن العلاقات الثنائية بين البلدين آخذة في التوتر أكثر فأكثر، ولا سيما في الأعوام الأخيرة.
ولا بدّ من القول إن أهم أسباب هذا التوتر تعود أولاً إلى قيام اليمين الإسرائيلي بتصعيد خطاب ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي تمثل آخر مظاهره بإعلان نتنياهو نيته ضم غور الأردن، إلى جانب تصعيد خطاب تهويد القدس وتعزيز السيطرة على المسجد الأقصى. علاوة على ذلك تأزمت العلاقات بسبب اتخاذ الحكومة الإسرائيلية خطوات لم تحمل احتراماً للأردن وحكومته وقيادته، كما حدث مثلاً في حادثة اعتقال المواطنيّن الأردنيين إدارياً وما رافق ذلك من حملة احتجاج شعبية عارمة في الأردن تطالب بالإفراج عن الأسرى الأردنيين ومعاقبة إسرائيل على ذلك لدرجة قطع العلاقات بين البلدين.
ومع أن ردود الفعل الصادرة عن المحللين الذين يعبرون عن خطاب اليمين تقرّ بهذا التوتر إلا أنها في الوقت نفسه تؤكد وجود مصالح استراتيجية مشتركة بين البلدين لا يمكن مع وجودها زعزعة العلاقات بينهما.