تهدف هذه الورقة إلى تحليل الانعكاسات السياسية لتوصيات الشرطة حول تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وفتح التحقيق معه في ملف جديد. إلى جانب ذلك تهدف الورقة إلى تحليل السيناريوهات المتوقعة للمشهد الإسرائيلي في المرحلة المقبلة.
تنطلق الورقة من القول إن مستقبل الحكومة الحالية عموما ونتنياهو خصوصا لن يتحدد من خلال سير التحقيقات ونتائجها، بل من خلال مواقف الأحزاب والقوائم التي تشكل الائتلاف الحكومي الحالي. ووفق هذا فإن نتنياهو يهيئ الرأي العام الإسرائيلي عموما وقواعده الانتخابية خصوصا إلى أنه لن يتنحى عن منصبه كرئيس للحكومة بحسب العُرف الإسرائيلي الذي تمثل سابقا في استقالة رئيس الحكومة بمجرّد رفع توصية بتقديم لائحة اتهام ضده (مثل حالة استقالة إسحاق رابين في السبعينيات واستقالة إيهود أولمرت عام 2009)، لا بل إنه ينوي بلورة رأي عام إلى ناحية تأييد أنه سيخرق هذا العرف حتى النهاية، ويلتصق بنص القانون في هذا السياق الذي يشير إلى أن رئيس حكومة مُشتبه به يستطيع ممارسة صلاحياته حتى اتخاذ قرار قضائي نهائي بشأنه. وبناء على ذلك فإن مواقف الأحزاب والقوائم التي تُشكل الحكومة سيكون لها التأثير الحاسم في هذا الشأن.
مقدمة
قدمت الشرطة الإسرائيلية توصياتها في ملفي 1000 و2000 بتقديم لائحة اتهام ضد بنيامين نتنياهو تتعلق بقضايا فساد مالي، وخيانة الأمانة، واستغلال المنصب، وتلقي رشوة. كما تفجرت من جديد القضية 4000 والتي أدت إلى اعتقال أحد أهم المقربين من نتنياهو، نير حيفتس، وبداية التحقيق مع نتنياهو في هذا الملف. كما يُشاع بأن الشرطة تنوي رفع توصية بتقديم لائحة اتهام ضد مقربين آخرين من نتنياهو، المحاميان ديفيد شيمرون وإسحاق مولخو، في قضية الغواصات، الملف 3000، ودعوة نتنياهو للتحقيق في هذا الملف برغم التأكيد أنه غير متهم في هذا الملف حتى الآن.
وجاء رد فعل نتنياهو على التوصيات متوقعا، وهو رفضها ونزع الشرعية عن الجهات التي وقفت وراء هذه التوصيات. وقبل تقديم التوصيات وبعدها استعمل نتنياهو استراتيجية واضحة لتهيئة الرأي العام الإسرائيلي عموما وقواعده الاجتماعية والانتخابية خصوصا لاستقبال هذه التوصيات.
تكونت هذه الاستراتيجية من عدة مركبات منها:
أولا: مهاجمة نخب الدولة وخاصة في الشرطة وجهاز فرض القانون بزعم كونها تحيك ملفا ضده لا يستحق أن يكون ملفا جنائيا. وقد كان نتنياهو مثابرا في ذلك خلال سنوات حكمه منذ التسعينيات، إلا إنه كثف هجومه على هذه النخب في العام الأخير بشكل لم يسبق له مثيل، حيث وصف توصيات الشرطة بأن مكانها هو سلة النفايات.
ثانيا: مهاجمة وسائل الإعلام التي تنشر أخبارا عن التحقيق بشكل مثابر ودائم، معتبرا أن الإعلام الإسرائيلي يسعى منذ عقود إلى إسقاطه عن سدّة الحكم، وذلك من خلال تحالفه مع اليسار الإسرائيلي ومع النخب المذكورة، ومشددا على أن الإعلام الإسرائيلي كاذب وتحريضي.
ثالثا: الادعاء بشكل مثابر أن هدف التحقيقات هو إسقاطه شخصيا وإسقاط حكم اليمين والليكود، وذلك بعد أن فشلت المعارضة وحلفاؤها في وسائل الإعلام والنخب في إسقاطه عبر صناديق الاقتراع. وتهدف هذه النقطة إلى ربط التحقيقات مع "مشروع سياسي كبير" يهدف إلى إسقاط مشروع الليكود واليمين لا سيما في ظل الإنجازات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يحققها نتنياهو في سنوات حكمه الأخيرة.
رابعا: عرض نفسه كقائد دولي يطرق أبوابه كل زعماء العالم، فضلا عن "الفتوحات" الدولية الجديدة التي يقوم بها على الساحة الدولية وكان من آخر نتائجها اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، ونقل السفارة إلى القدس في أيار القادم، في ذكرى استقلال إسرائيل (النكبة). ويهدف نتنياهو من ذلك إلى القول إن إسرائيل ستخسر كثيرا من جراء إسقاط قائد كبير يحمل إنجازات دولية هائلة بسبب ملفات هزيلة وقضايا صغيرة لا تستحق أن تصل إلى مستوى إسقاطه وتنحيته عن الحلبة الدولية في ظل هذا الظرف الحساس الذي تمر به إسرائيل، حيث أن نتنياهو هو الشخصية الأفضل في قيادة إسرائيل دوليا، وذلك بغية الربط بين خسارة دولة إسرائيل وبين إسقاطه عن سدّة الحكم.
خامسا: حاول أعضاء الليكود تشريع مجموعة من القوانين تساعد نتنياهو على تجاوز هذه الفترة، مع التأكيد أن هذه الجهود قد باءت بالفشل فقط بسبب موقف الشركاء في الائتلاف الحكومي الذين عارضوا مثل هذا القوانين. ومن هذه القوانين يمكن الإشارة بالأساس إلى قانونين مركزيين: الأول، قانون التوصيات الذي كان يهدف إلى منع الشرطة من نشر توصياتها للعلن حول ملفات تحقيق، وذلك لتجنيب نتنياهو مواجهة الضغط الذي قد ينتج عن نشر توصيات الشرطة. أما القانون الثاني فكان اقتراحا يمنع التحقيق مع رئيس حكومة يشغل منصبه في قضايا تتعلق بملفات حدثت قبل توليته رئاسة الحكومة، وهو القانون الذي سُمي بالقانون الفرنسي، لأنه قانون معتمد في النظام السياسي الفرنسي. ومرة أخرى، تم إفشال مثل هذه القوانين بسبب موقف أعضاء الائتلاف الحكومي.
نتنياهو وصراع البقاء
في مقال كتبه نحميا شطرسلر، المحلل الاقتصادي لصحيفة "هآرتس"، أشار إلى أن التحقيقات وتوصية الشرطة بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في ملفي 1000 و2000، أدت إلى إضعاف نتنياهو، فالكل أمسى يستغله ويستهتر به.
ويعدد شطرسلر عددا من الوقائع تؤكد ذلك: أولا، الموقف الروسي من دور إسرائيل في سورية، حيث ترفض روسيا غالبية مطالب نتنياهو حول النفوذ الإيراني في سورية. ثانيا، موقف المتدينين الحريديم في الائتلاف الحكومي الذين يفتعلون أزمة في كل فترة وأخرى للحصول على مكاسب اقتصادية جديدة، وكذلك بقية أعضاء الائتلاف الذين يدركون أن نتنياهو ضعيف أكثر من أي وقت مضى ويستغلون ذلك أحسن استغلال، للدفع قدماً بأمور من بينها قرارات اقتصادية اتخذها وزير المالية موشيه كحلون دون إشراك نتنياهو في ذلك، وهو "السياسي الأكثر خبرة واهتماما بالملف الاقتصادي العام". نحميا شطرسلر، نتنياهو يركز على البقاء، باقي الأمور تافهة، هآرتس، 20/2/2018، ص:2.
ويتفق مع هذا التوجه رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" ألوف بن، الذي اعتبر أن نتنياهو يعيش أيامه الأخيرة من الناحية السياسية، حيث أن قوة نتنياهو حسب بن لا تنبع فقط من نتائج الانتخابات فحسب، وإنما أيضاً من الاحترام الذي يحظى به من الجهاز الإداري والبيروقراطي والمقربين وغيرهم، وعندما يصيب هذا الاحترام التصدع فإن ذلك يُعدّ مؤشراً إلى بداية نهاية نتنياهو؟. ألوف بن، الأيام الأخيرة، هآرتس، 21/2/2018، ص:1+3.
مع ذلك، أشارت استطلاعات الرأي العام الأخيرة إلى أن مكانة نتنياهو لم تتأثر من التوصيات التي قدمتها الشرطة ضده، كما أن فتح ملف جديد ضده (الملف 4000)، لم يؤد إلى زعزعة مكانته الجماهيرية. وقد أشار الكثير من الكتاب إلى أن ذلك يعود إلى الحالة غير العقلانية التي تميز القواعد الاجتماعية لحزب الليكود، التي يتصرف أفرادها بنزعات عاطفية وتمجيدية للقائد تشبه النزعة القبلية غير الحديثة. غير أن الباحث الإسرائيلي آفي شيلون آفي شيلون، اليمين هو العقلاني بالذات، هآرتس، 4/3/2018، ص:2. خرج ضد هذا الادعاء، معتبرا أن مثل هذه التحليلات تخطئ قراءة الواقع السياسي، فضلا عن حملها توجهات استعلائية تجاه مؤيدي الليكود، حيث يشير إلى أن ما يوجه موقف قواعد الليكود توجهات عقلانية صرفة تتمثل في نقطتين: الأولى، أن هذه القواعد لا ترى في القضايا التي تورط فيها نتنياهو مسّا بمكانتها أو امتيازاتها الاقتصادية والسياسية التي حصلت وتحصل عليها، فقضايا الفساد لا تمس هذه القواعد ولا تضر بها، لذلك لا تعتبرها قضايا تستحق إسقاط رئيس الحكومة كونها لم تؤثر عليها بشكل مباشر. والنقطة الثانية تتمثل في إدراك هذه القواعد أن إسقاط نتنياهو سيؤدي بالضرورة إلى إعطاء دفة الحكم للمعارضة الإسرائيلية، وتحويل الليكود إلى حزب معارضة بعد عشر سنوات متتالية من الحكم، وهو ثمن هذه القواعد غير مستعدة لدفعه في مقابل الوقوف ضد الفساد الذي تورط به نتنياهو لأسباب أخلاقية وطهارة اليدين، لا سيما على ضوء ما جاء في النقطة الأولى. ويمكن في هذا السياق إضافة نقطة ثالثة تتمثل في أن جزءاً من هذه القواعد مقتنع بخطاب نتنياهو الذاهب إلى أن النخب القائمة تلاحقه، وأن هناك ازدواجية في التعامل القانوني مع نتنياهو مقابل شخصيات أخرى، وأن هذه النخب تهدف في النهاية بالتعاون مع اليسار إلى اسقاط حكم الليكود واليمين، كما يروج نتنياهو منذ سنوات.
وتركز المقالات، التي ينشرها اليمين في وسائل إعلامه، على أن نتنياهو قادر على تجاوز هذه الفترة بنجاح، لا سيما وأن الاستطلاعات التي تصدر تباعا في الفترة الأخيرة تشير إلى تعزيز قوته وقوة الليكود أكثر من أي فترة سابقة، وهذا يعطي قوة لنتنياهو في صفوف اليمين، حيث أنه لا يزال قادرا على جذب قواعد إليه أو الحفاظ على قواعده بعد كل أزمة يمر فيها.
حتى هذه اللحظة لم يتبرأ اليمين، سواء داخل الليكود أو اليمين الديني، من نتنياهو، فهو لا يزال يعطيه الدعم والمساندة، لا سيما على ضوء إمكانية اسقاط حكم اليمين إذا ما سقط نتنياهو.
سيناريوهات المشهد السياسي الإسرائيلي بعد توصيات الشرطة
يطرح الواقع السياسي في إسرائيل عدة سيناريوهات متوقعة، وتم تحديدها من خلال المعايير التالية:
أولا: موقف المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية من توصيات الشرطة بشأن تقديم لائحة الاتهام، والذي قد يتمثل سلوكه في ثلاثة خيارات: قبول التوصيات، رفض التوصيات والمماطلة في اتخاذ قرار بشأنها.
ثانيا: موقف نتنياهو من هذا الواقع، وهل لديه القدرة على الاستمرار في قيادة الحكومة في ظل وجود توصيات ضده، وبداية التحقيق معه في ملف جديد، ملف 4000، أم أنه سيخضع ويقدم استقالته؟.
ثالثا: موقف الشركاء في الائتلاف الحكومي، هل سيستمرون بالعمل في إطار التحقيقات التي يمر بها نتنياهو وتوصية الشرطة بتقديم لائحة اتهام ضده، وهل ستدار الحكومة بالطريقة التي يريدها نتنياهو في ظل هذا الواقع، وهل ستبقى أحزاب وقوائم الائتلاف الحكومة مستمرة في عضويتها في الحكومة بعد قرار قد يتخذه المستشار القانوني بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو؟.
بناء على هذه المعايير يمكن الإشارة إلى أربعة سيناريوهات متوقعة للمشهد السياسي الإسرائيلي في الفترة المقبلة.
السيناريو الأول: استقالة نتنياهو ونهاية عهده السياسي وحكومته الحالية
ينطلق هذا السيناريو من الصيرورة القانونية للملفين اللذين أوصت الشرطة بتقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو فيهما، وهما ملفا 1000 و2000، وهي صيرورة تتعلق بقرار المستشار القانوني للحكومة بتبني توصيات الشرطة وتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، حيث أن هذا القرار متعلق بالمستشار، والذي قد يخضع نتنياهو فيقوم بتقديم استقالته، وإنهاء عهده السياسي ومواجهة الملفين في القضاء والتي قد تستمر لسنوات، يكون فيها المشهد السياسي قد تأقلم من جديد مع غياب شخصية نتنياهو. ويشير هذا السيناريو إلى أن استقالة نتنياهو ستؤدي إلى تفكيك حكومته وتبكير الانتخابات مع مرشح آخر لليكود لرئاسة الحكومة.
يتعلق تحقّق هذا السيناريو بسرعة عمل المستشار القانوني للحكومة في فحص الملفين، وقرار نتنياهو الخضوع للعُرف السياسي في هذا الشأن.
السيناريو الثاني: استقالة نتنياهو ونهاية عهده واستمرار الحكومة الحالية
عطفا على معلومات السيناريو الأول، فإن استقالة نتنياهو قد لا تؤدي إلى تفكيك الحكومة وتقديم الانتخابات، بل إلى بقاء الحكومة وانتخاب رئيس حكومة جديد من الليكود. وينبع هذا السيناريو من مصلحة أعضاء الائتلاف الحكومي بالحفاظ على الحكومة الحالية وإنهاء مدتها القانونية (في تشرين الثاني 2019) بدون وجود نتنياهو، على اعتبار أن انتخابات بديلة من دون نتنياهو لن تضمن بقاء حكومة يمينية منسجمة كتلك القائمة الآن، خوفا من نتائج انتخابات قد تؤدي إلى إضعاف كتلة اليمين القائمة بدون نتنياهو وإضعاف الليكود، الذي حصل على 30 مقعدا بفضل أحابيل نتنياهو وشخصيته. ضعف هذا السيناريو وتحقيقه ينبع بالأساس من ندرة الحالات التي أكملت فيها حكومة مدتها القانونية مع استقالة أو تنحي رئيس حكومة، فضلا عن الصراع الذي قد يظهر في حزب الليكود حول المرشح ليكون رئيس الحكومة بعد نتنياهو في ظل الحكومة القائمة، إلا إذا تم اخضاع ذلك لانتخابات داخلية في الليكود تحدد الشخصية التي عليها رئاسة الحكومة الحالية.
السيناريو الثالث: قيام نتنياهو بالإعلان عن تقديم موعد الانتخابات
ينطلق هذا السيناريو من قناعة نتنياهو أن وضعه السياسي الحالي لا يسمح له بقيادة الحكومة، نتيجة للضعف الذي أصاب مكانته بعد توصية الشرطة بتقديم لائحة اتهام ضده، وبفضل مماطلة المستشار القانوني بتقديم لائحة اتهام ضده، مما يدفعه لتقديم الانتخابات واستغلال الأزمة الحكومية حول ميزانية الدولة أو أزمة قد تحدث بسبب إصرار الأحزاب الدينية على إقرار قانون التجنيد، وذلك للحصول على شرعية جديدة لقيادته من خلال الانتخابات، لا سيما وأن استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجريت بعد تقديم الشرطة توصياتها لم تؤثر على مكانته الجماهيرية ولم تؤثر على قوة تمثيل الليكود في الكنيست. فهو لا يزال يتصدر قائمة الشخصية الأفضل لرئاسة الحكومة بفارق كبير جدا عن المركز الثاني، الذي يحتله يائير لبيد، رئيس حزب "يوجد مستقبل". وفي تصريح مستجدّ لوزيرة العدل أييلت شاكيد عبر إذاعة الجيش الإسرائيلي أشارت إلى أن نتنياهو لا يقوم بجهود كبيرة لحل الأزمة التي افتعلتها الأحزاب الدينية مؤخرا حول قانون التجنيد وقرار مجلس حاخامي حزب يهدوت هتوراة القاضي بعدم التصويت على قانون الميزانية العامة إذا لم يقر قانون التجنيد، لقاء مع وزيرة العدل أييليت شاكيد في إذاعة الجيش الإسرائيلي ضمن برنامج التاسعة صباحا، 4/3/2018. وهي الأزمة المناوبة التي قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة، حيث أن قانون أساس الكنيست ينص على أن الكنيست تعتبر نفسها ملغية إذا لم تقر ميزانية الدولة.
السيناريو الرابع: رفض المستشار القانوني للحكومة توصيات الشرطة
يشير هذا السيناريو إلى إمكانية أن يتخذ المستشار القانوني للحكومة قرارا برفض توصيات الشرطة، والذي يعني تبرئة نتنياهو من ملفي الفساد أو عدم تضمنهما أدلة تسوغ تقديم لائحة اتهام ضده، مما يؤدي إلى استمرار الحكومة الحالية حتى انتهاء مدتها القانونية. ولا شك في أن مثل هذا السيناريو ستكون له نتائج دراماتيكية على مستقبل نتنياهو السياسي، حيث من المتوقع أن تتعزز قيادته ودوره لسنوات طويلة في المشهد السياسي الإسرائيلي، وسيعطي هذا السيناريو شرعية وتصديقا لكل ادعاءاته حول ملاحقته من أجهزة الدولة والنخب القائمة، مما قد يدفعها إلى التأني في ملاحقته في ملفات أخرى، حيث أن خطاب الضحوية الذي يعيد نتنياهو إنتاجه كل مرة سيحصل على صدقية مع مثل هذا القرار من المستشار القانوني.
خاتمة
ناقشت هذه الورقة مستقبل المشهد السياسي الإسرائيلي ومستقبل نتنياهو الشخصي بعد تقديم الشرطة توصياتها بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة في ملفي 1000 و2000. وعلى ما يبدو فإن اليمين لا يزال متمسكا بنتنياهو في هذه المرحلة ما دام المستشار القانوني لم يقدم لائحة اتهام ضده. وهذا يعود لأسباب سياسية تتمثل بالأساس في قدرة نتنياهو في الحفاظ على شعبيته، لا بل إنها تعززت في أعقاب توصيات الشرطة، وفي الخوف من خسارة حكم اليمين، الذي يرى في السياق التاريخي الحالي فرصة لتحقيق أهدافه الأيديولوجية. في الوقت الحالي فإن مصير حكومة نتنياهو يتعلق بإرادة الشركاء في الائتلاف الحكومي في ما يتعلق بالحفاظ على الحكومة ورغبتهم في ابتزاز الحكومة اقتصاديا وسياسيا. أما مصير مستقبل نتنياهو السياسي فهو مرهون بقرار المستشار القانوني للحكومة. صحيح أن نتنياهو على ما يبدو يريد أن يستمر في المقاومة حتى لو تبنى المستشار توصية الشرطة، إلا إن قدرته على المناورة سوف تتراجع مقارنة مع ما هو الوضع عليه الآن.
المصطلحات المستخدمة:
المستشار القانوني للحكومة, هآرتس, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, يائير لبيد